المشاركات

عرض المشاركات من 2018

محمد أوفقير .. جنرال الدم !

صورة
سلسلة، مغرب القرن العشرين -1 - "إذا نجحتم أنا معكم، وإذا فشلتم فسأذبحكم ". هكذا كان رد الجنرال محمد أوفقير ، عندما عرض عليه ضباط مدرسة اهرمومو العسكرية المشاركة معهم في محاولة الإنقلاب على ملك المغربي الحسن الثاني عام 1971.. وفي الأخير فشل الإنقلاب ، ووفى أوفقير بوعده .. فمن يكون جنرال الدم محمد أوفقير؟. ولد في عام 1920 في قرية صغيرة تدعى عين الشعير نواحي بوعرفة شرق المغرب، لأسرة كبيرة تضم ستة عشر أخ وأخت . كان والده قاطع طريق، ويقال أن ذاك الوالد هو من علمه وسائل التعذيب وزرع فيه السادية التي طغت على شخصيته فيما تبقى من حياته .  لم يلج إلى التمدرس إلى في سن متأخرة، قبل أن يغادر صوب مدينة الدار البيضاء وهناك إلتحق بالمدرسة العسكرية التي كانت تحت يد الفرنسيين . عند تخرجه  إلتحق بالجيش الفرنسي وصار قناصا عندهم ، ليشارك في الحرب العالمية الثانية . أذهل أوفقير الضباط الفرنسيين لإستبساله وصرامته، ما جعله يرتقي دراجات ، حتى تلقى وسام صليب الحرب بعدما قضى سنتين  في إيطاليا ، ثم انتقل مع الجيش الفرنسي إلى الهند الصينية ، ليعود إلى المغرب ليغدوا مقربا من الجنرال "دوفان

وكل عام وأنت...

صورة
وها هي عقارب الزمن تركض لمعانقة الرقم التاسع عشر بعد الألفين، منذ ميلاد المسيح.. سنة بأفراحها وأتراحها، وصلت عند صدع الباب تهم برحيل، إلى هناك في خانة الذكريات، أو - لربما - إلى قفص النسيان ؛ فما أسرع انقضاء الزمن..  أحلام وتحققت، وأخرى أبت إلا أن تكون عدما في الخيال.. كانوا أحبة ورحلوا عن غير رجعة ، وآخرون ما كنا نعرفهم فصاروا أحبابا ، هكذا أدلى العام بدلوه.. فهل تدري أيها الإنسان الموصوف بالحكمة ؛ ماذا يعني هذا؟ ليس أن تشرب نخب العام الجديد، وتستمتع بمشاهدة الألعاب النارية تضيء سماء عواصم العالم ؛ أبدا لا .. هذا يدل على أنك ابتعدت بـ عام آخر عن الدنيا، واقتربت من الآخرة ، وكل عام وأنت تقترب من حافة قبرك !. محمد

تحت قناديل الشارع - 3 - (الجزء الأخير)

صورة
لقراءة الجزء الثاني : من هنا . لطالما ﺗﺴاءﻟﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ؛ ﺃﻱ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭﻱ؟ ﺳﺆﺍﻝ ﻣﻠﺢ، ﺃﺧﺸﻰ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺏ. ﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻷ‌ﻧﺎﺷﺪﻫﺎ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻓﻲ ﻟﻴﻞ ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺷﻜﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻆ ﻭ ﺟﻨﻮﻥ ﺍﻟﺼﻘﻴﻊ. ﻻ‌ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﺒﺼﻴﺺ ﺃﻣﻞ ﻭﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻣﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﺗﻠﻚ ﻋﻠﻲ  ﻣﻦ ﻣﺤﺮﻣﺎﺕ. ﺃﻧﺼﺮﻑ ﺇﻟﻰ ﻭﺣﺪﺗﻲ، ﻷ‌ﺷﻚ ﻟﻬﺎ ﺣﺎﻟﻲ ﻭﺃﺳﺘﻐﻴﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ. ﻣﻨﺪﺍﺗﻲ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﺠﺮ، ﻭﺗﺄﺑﻰ ﺃﻥ ﺗﻄﺮﻕ ﺃﺫﻥ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ. ﻧﺪﻭﺑﺎ ﻻ‌ يلئمها القلم، ﻭﻟﻮ ﻗﻀﻴﺖ ﻋﻤﺮﻱ ﺃﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﻗﺎﻉ ﻣﻌﻴﺸﺘﻲ ﻳﻮﻣﺎ، ﻋﻦ ﺑﻄﻮﻥ ﺍﻟﺠﺎﺋﻌﻴﻦ، ﻋﻦ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﺍﻷ‌ﺣﻴﺎﺀ، ﺍﻟﻬﺎﺋﻤﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻭﻗﻤﺮ ﺃﺧﺮ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺗﺤﺖ ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ. *** ﻛﻨﺖ ﺃﺳﺘﻌﻴﺪ ﺫﻛﺮﻳﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ﺍﻷ‌ﻭﻟﻰ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﻫﺘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻠﻮ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻣﻼ‌ﻣﺤﻬﺎ، ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ، ﺍﻟﻘﺘﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺰﺍﺑﻞ، ﺑﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻳﻞ ﻭﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺲ. ﻓﻜﺮﺕ : ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﻭﺍﻷ‌ﻟﻢ ﻫﻨﺎﻙ؛ ﺇﻻ‌ ﺃﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﻧﺰﻝ ﻳﻮﻣﺎ ﺿﻴﻔﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﻔﺮ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ. ﺣﻨﺎﻥ ﻻ‌ ﺗﺘﻔﻮﻩ ﺑﺸﻲﺀ، ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺮﻛﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺰﺍﻧﻬﺎ، ﺇﻟﻰ ﺩﻧﻴﺎﻫﺎ ﻭﻗﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﺠﻼ‌ﺩ. ﺗﺠﻠﺲ ﻭﺗﺴﻨﺪ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻓﻮﻕ ﺭﻛﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻳﺄﺱ. ﻛﺎﻥ ﻟﻴﻼ‌ ﺑﻬﻴﻤﺎ ﻣﺪﻳﺪﺍ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻟﻦ ﺗﻄﻠﻊ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. ﺍﻟﺒﺮﺩ ﻳﺪﻣﺮ ﺃﺟﺴﺎﺩﻧﺎ، ﺃﺳﻨﺎﻧﻲ تصطك ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ، ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ، ﻓﻠﻢ ﺃﻛﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ.  ﺗﺴا

تحت قناديل الشارع - 2 -

صورة
لقراءة الجزء الأول، من هنا ياسكر. حين تلوذ مدينتي في الصمت ، إلا من عواء كلب يعلن عن استمرار الحياة ، يتحول العراء إلى ملاذ ، تصير كل الطرق تؤدي إلى نفسه طريق ، حيث عبير البائسين المنسيين، أقصد المسحوقبن.. أجد نفسي مطروحا في عراء شارع يشق الظلام في ليالي مدينتي المتوجسة ، الليل هنا مديد يبدو كأنه الأبد..  أتحول إلى وطواط ليلي جائع ، أتوخى حذر العتمة ، أتأمل قناديل ربي في السماء، أبحث عن أيتها سبيل.. الجوع رفيقي، الجوع خليلي ، وفي جوفي المقعر عاكف لا يغادره إلا هنيهة ليعود لاهثا.. هأنذا هنا ، هنا وإلى هنا لنا عودة ، بين الأزقة والدروب، نبحث عن الحياة التي قالوا عنها.. أين أنا من الحياة؟ أين هي الحياة مني؟. ** رحلت زينب في مقبض الشرطة ، كانت أخر صورة لها وهي منحنية الرأس مكلبة الأيادي .. « لا داعي لتكبيل أيها الأمنيون ! لا خوف من فتاة بائيسة تاهت في مجاهيل الحياة » في الليلة الأولى بعد خروجي من عالم الحاج وزينب؛ عدت إلى ملاذي عند الأموات ، إنها المقبرة التي أعشق صمتها الأبدي ، وفيها أركن إلى حزني وألامي .. على آخر الليل أرى نفسي غير أنا ؛ أحلم وأحلم، وكل ملذات الدنيا أكتفي

ما أفسده الدهر

صورة
قصة قصيرة : محمد بنصالح                                 يتقاذفني الليل وأنا وحيد في المشوار.. لم يبق لي سوى الذكريات المهزومة ، الماضي الخداع ، الذي أكذبه الأمس غدوت اليوم أصدقه.  شبابي انذثر فجاة وطال المشيب وجهي. أزمنت. أجتر شيخوختي إلى اللامكان. فقد ليل المدينة جماله، سكره المجنون ،  لم يعد سوى أشباه الليليون ، حتى النهار ما عاد يعرفني. أجلس أمام المحيط وعباب البحر يلسع سيقاني ، أفكر أن أستعيد أيام شبابي ؛ يوم كنت أنا هو أنا ، أما  هذا هنا فليس أنا .. تلك السجارة، مشتهاة في الزنزانة ، حلم المقيد يتجلى في الحرية ، الضرير يشتهي بصيص نور ، حلمي أنا : أن تعود الدنيا كما أعرفها، او ربما أعود أنا كما تعرفني. ثم سخرت من نفسي ، كيف بي أجد السبيل لأعود إلى عبير الأيام ؟! . إنها أحلام أردل العمر، أو بئس المصير. جلست في مقهى تواجه البحر ، أدخن وأنظر إلى ذاك الوحش الأزق الناشر نفسه هناك، وبينما أتجول بنظري، قطعت وحدتي عجوز ترمي بسماتها إلي ، تضع  مسحوقا رديئا على وجهها ، إنها تعيش على ذكريات شبابها . تجاهلت نداءات عيونها ؛ ولعنتها في قراراة نفسي. رجلان أمامي يتجادلان في بينهما؛ ثم أخرج أح

عازب إلى الأبد

صورة
كانت تقول لي حبيبتي إنها تخشى الصراصير ، تذكرت يوم كنت صغيرا أضع صرصارا وسط خبزة وألتهمها.. الجوع كافر يا حبيبتي.. لكني لم أقل  لها ذلك جهرا، إلى أن نفرت بعودها وهاجرتني، ومن ثم كرهت النساء وأحببت الصراصير.   أمي تطلب مني الإسراع بزواج : - يا ولدي الوحيد ، ها أنت ذا قد فاق سنك الثلاثين ، ومازلت عازبا ! إلى متى تظل على أحوالك؟ لا أعرف لها جوابا يكون شافي لمرادها . لماذا لم تتزوج بعد؟ لماذا لم تتزوج بعد؟ سؤال ملت أذناي من سماعه. - يا أمي ؛ إن الزواج اليوم أشبه بفريضة الحج ، إنه لمن استطاع إليه سبيلا؟ وأنا لا سبيل يهديني إليه. في أحد الليالي الباردة ، فكرت بالزواج بعدما هزمني الزمهرير؛ سألت حالي إلى متى أنام وحدي مثل عجوز ضرير؟ لماذا لا أرضي أمي أخيرا.. تذكرت قول أحد أصدقائي : إن المتزوجون لا يشعرون بالبرد في ليالي الشتاء .. فكرت. إذن سأتزوج حتى أشعر بالدفئ مثلهم . « إذ يكون لك شريكة في الفراش فهذه هي  الحياة ، إن العالم كله يجري من أجل الجنس، ولا شيء غير الجنس » . هذا الكلام قاله حشاش في أحد المقاهي البائسة.. فكرت. إذا كان الجنس هو الزواج : سأجمع في فراشي إحدى عشر عاهرة، ونعي

ايسلي و تسليت .. أسطورة العشق الأمازيغية

صورة
إذا كان حب قيس و ليلى أسطورة في الشرق ,  فعند أمازيغ المغرب قصة عشق عابرة للأزمان، تعرف بـ ايسلي وتسليت ، وتعني بالأمازيغية ( العروس والعريس ) هذا الإسمان تعرف بهما بحيرتان في احدى مناطق املشيل الأمازيغية وسط المغرب.. فما قصة هذا العشق المزمن الذي لم يجد له الزمان سبيلا لطمسه؛ حتى أضحى ذكرى سنوية تحتفل بها  المنطقة، ويعقد فيه العشاق القيران على ضفاف البحيرتان، تخليدا لحب مهيب كانت اخر فصوله تحت الماء. الشاب موحى سليل قبيلة أيت ابراهيم، وقع فريسة حب لفتاة تدعى حادة، تنتمي إلى قبيلة أيت اعزة، قبيلتا العاشقين تعيشان على عداء دائم ، فهما جارتان تنتميان إلى قبائل أيت حديدو نواحي إملشيل.. الصراع بينهما لم يخط شيئا، الحدود ومنابع الماء والأراضي الزراعية وكل ما يستحق ولايستحق ؛ ووسط هذه الأشواك من الكراهية فقد نمت وردة العشق بين موحى وحادة، كان العاشقين يلتقيان خفية من أهل قريتيهما ، وتحت ظلال أشجار الخروب المنتشرة في المنطقة ، خطط موحى و حادة لزواج وتتويج حبهما تحت سقف واحد، إلا أن القبيلتان معا رفضتا هذا الزواج، حتى منعهما من لقاء بعض، لتتهدم أركان الحب في محراب العداء .. حبست حادة نف

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

صورة
      كبر أطفال الأمازيغ على حكاية حمو أونامير.. قصة تأخذ خيالهم بعيدا بعيد إلى أن يرمي النعاس بجلبابه الثقيل , لتتوهج الأحلام ويستحال القبض عليها , لأن حكايتنا اليوم تلامس الخيال وتعيش في أرض لم يرمقها بشر بعد. كان حمو شابا أتى من الحسن والنبوغ ما يحسد عليه , مات أبيه قبل أن يبصر النور ,  ليتلقى تربية حسنة من أمه . طالب في الكتاب أو ما يعرف عند عامة الناس بـ الجامع , أي التعليم العتيق - حفظ القرآن وقواعد النحو - في ذات صباح استيقظ حمو من منامه ليجد يداه مزخرفة بالحناء , أمر الحناء هذا مكروه إن تزين به الرجال عند قبائل الأمازيغ , ولهذا انفعل حمو ظنا منه أن أمه من زخرفت يده بالحناء , إلا أن أمه نكرت الأمر مستغربة حصول ذلك , حاول حمو اخفاء مصابه عن أقرانه في الكتاب وكذلك المعلم - الفقيه - خوفا من الفضيحة , إلا أن المصائب حلت بـ حمو بعد اكتشاف الجميع أمر الحناء ,  وبذلك تعرض أونامير لسخرية من أقرانه وتوبيخ المعلم , ما أذى به إلى هجر الكتاب قسرا. قرر حمو أن لا ينام ليعرف من فعل به تلك الفعلة , و في إحدى الليالي تراءى ﻟـ حمو سرب من الحوريات بجمال آخاذ يدخلن من نافذة غرفته , ثم شرعوا

أنا و الهرة

صورة
قصة قصيرة جدا : محمد بن صالح المنبه يصرخ معلنا قدوم الصباح، ثم يتلقى مني شتيمة اعتاد سماعها كلما أد واجبه ، ما عادت تمس مشاعرها في شيء، بعدما قضى جنب رأسي الثلاث سنوات.. صباح صقيع، والفراش يغري العظام ، النوم لذيذ .. لكأني لم أسمع المنبه فعدت للغرق في أعماق النعاس.. ما أجمل نوم الصباح ؛ حينما يجن الزمهرير أفاقت من النوم أخيرا وألقيت أنظاري إلى وجه المنبه، لأجد عقارب الساعة تواصل المسير نحوى منتصف اليوم ، ومن شقوق نافذتي، تسلل وهج الشمس ليزكي ما يدعيه المنبه ، فتحت فاهي أتثاءب كتمساح أطل برأسه من بركة وحل ثم شهر بأضراسه.. أليت على نفسي فراق الفراش.. ولجت إلى دورة المياه ، وقفت لهنيهة أنظر إلى وجهي المطل على المرآة ؛ أحدق فيه، وكذلك يبادرني ، إنه أنا . امياو.. امياو.. قطتي  تموء بملل ، ثم جلست جامعة ديلها وهي تنظر إلى صاحبها الأعزب التعيس، يرتدي جواربه الممزقة..  "لا بأس يا قطتي؛ فالحذاء سيستر العيوب" امياو.. امياو.. "أعرف أنك جائعة يا قطتي، أعرف ؛ لكني أنا أيضا جائع.. أعدك أني سأعود لك في المساء بسمكة جميلة ؛ ستملأ فراغات بطنك " امياو.. امياو.. "لا دا

فوق رماد الرجال

صورة
قصة  قصيرة : محمد بنصالح - عيونها واسعة، شفتيها حمراء، قوامها رشيق، أنيق، إنها تحبني، تحبني أشعلت سجارتي بأخرى فانية - أنت تكذب يا أسامة، تكذب مسكين ، جننته إحداهن .. كان يقول لي : أنا مع المرأة أتحول إلى شيطان. فتحت أول زجاجة - هاك.. اشرب يا أسامة ، واترك عنك أجساد النساء ، دع خيالك المجنون يستريح - أنا لم أكن أكذب ، أنت الكذاب الوحيد هنا - اشرب، واصمت - إنها من عائلة غنية و عريقة، لم لا تصدقني؟ - تقصد نفرتتي ! - اللعنة عجوز ألقى التحية على أسامة وجلس في طاولتنا ؛ بدأ يدخن ويسعل، يسعل ويدخن : - من يكون هذا يا أسامة ؟ كح كح كح... - إنه صديقي عدنان - كح كح... - إنه كاتب - لم أرى في حياتي أديبا يرتد الخمارات كح كح..! أكملت كأسي بخفة : - ويستلهم فيها أيضا - إذن تكتب عن شعر العاهرات - لا، بل سيقان الغوريلات - كتاب أخر الزمان لقد انتهى ليل هذه المدينة مع نهاية الستينات. هكذا يقول العجوز كل حين.. بدأ يتحسر على أمجاد ماضيه ، على الذكريات المهزومة - ليلنا ليس مثل ليلكم يا شباب اليوم، أنتم لا تعرفون شيئا عن الليل - إنه عندي مديد، يعظم  على من يجتر شيخوخته جاهل

عند الوداع...

صورة
من بين أكثر لحظات الحياة تأثيرا  على عن نفسية الإنسان ، هي مراسيم الوداع ، تلك اللحظة التي يدق فيه الرحيل الأبواب ، منتظرا إياك أن أن تتوادع مع الأحباب..  تلك الكلمة التي تصيبك بالقشعريرة ( وداعا ) حين تسمعها من قريبك أو شخصا عشرته أو صدقته أو جمع بينكم عمل أو الدراسة ، او أي ظرف كان ، تسأل نفسك هل كنت جيدا معه ، هل أخطأت في شيء بحقه ، هل سيجمع بينكما القدر من جديد.. ما هو شعوره اتجاهك ؟  و  و  و ؟ .. ثم تنظر إليه بالحزن على الفراق، والإمتنان لما قضيتما معا ، ولو تشجرتما أمس القريب ..  يقال أن الإنسان لا يعرف مقادر الشيء إلا بعد فقدانه ،  و مثل مغربي - شعبي - يحوم حول ذلك يقول : " جرب غيري وستعرف خيري "  ..  لتبقى لحظات الوداع هي محراب المشاعر المختلطة ، ولا يعادلها في النقيض ، سوى اللقاء بعد غياب ، حينما  تعانق شخصا افتقدت وجوده  ، وتعرف حينئذ كم هو عزيز . بن صالح

مجد الذكريات

صورة
في يوم سعيد كنا هنا ، ثم افترقنا ، ورأينا زماننا مغادرا ولم يعد ، لا ، بل نحن لم نعد ، الأمر سيان .. منزلنا الآن صار مثل غريب ترك في قارعة الطريق ، بعدما كان الأمس القريب شعاع نور ، شرارة الحياة . وكر هاجرته الطيور ، جدولا  لا ماء فيه ، هكذا أمسى منزلنا وحيدا مشتاق ﻟـ نسمة الوجود ، ﻟـ شجرة عائلة تساقطت أوراقها تعاقبا ، فما أتى الربيع ليعيد الخضر إلى أغصانها  .. آه من الطفولة ، آه من المدرسة الإبتدائية وأبجديات التعليم.. آه من الوجوه البشوشة ذات صباح بارد تتقدم نحوى المدرسة.. آه من قهوة أمي ،  من انتظار عودة أبي ، من حنان أختي ، فيا يا زماني.... محمد

التراب و العقيان

صورة
قصة قصيرة : لـ    محمد بنصالح  ابتسمت الدنيا فبكت ثم  عادت نعرفها، فما عاد البلسم شافي ، ولا أريج الحسناء يسكر الأرواح ، ولا شعر إمرأة تغير ملابسها، يغري الأنظار . إلى هنا أجوس سائرا بين دروب الوحل نحوى معاد لم يكتب له التمام ، فما كان بيدي شيء سوى قدر قادر ، وتبقى الأشواق في الصمت المر ، ويبقى الصمت في التأنيه و تمرده، عدوا ، لازجا ، يكاد يلمس، ثم يستحيل شفافا ، أتى على صهوة جواد أغبر ، فختم دنياي على غرة ، لتبقى عبير الأماسي آتية هاربة، وتجعل مني عبدا لذكريات، إنما ، ومضات ،  ترهات .. ثم ما عاد يذهلني شيء ، فـ مساء التعاسة يا مدينتي . *** - ﻫﻞ ﺳﺄﻣﻮﺕ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ؟ - ﻛﻼ.. ﺃﻧﺖ ﺟﺎﺋﻊ ﻓﻘﻂ ، ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺘﻚ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺒﻜﻲ ، ﻣﺎ ﺑﻚ ﺃﻧﺖ ؟ ﺃﻛﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﺤﻨﺔ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺸﺎحبة، وعظام صدرها المقعر ،ﺃﺳﺄﻝ ﻧﻔﺴﻲ ﻫﻞ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺣﻴﺔ ؟ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺪ ﻣﺎﺗﺖ ، ﻗﺘﻠﻬﺎ ﺍﻟﺠﻮﻉ . ﺃﻣﻲ ﺗﻨﺘﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ، ﻏﺎﺩﺭﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ ، ﺧﻴﻂ ﻟﻌﺎﺏ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻓﻤﻬﺎ ، ﺇﺻﻔﺮ ﻭﺟﻬﻬﺎ ، ﻣﺨﻴﻔﺔ ﻫﻲ . ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﺇﺫﻥ.. ﺃﻣﻲ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ، ﺃﻧﺎ ﻻﺋﺬ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻤﺖ.. ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺗﻮﺟﻬﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ، ﺃﻣﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﺧﺘﻲ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ ﻭﺧﻠﻔﻬﺎ ﺭﻫﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭ

تفنى الأمم ويبقى ما كتبوا...

صورة
لو سألني أحدهم هل أنا نادم على شيء كتبته ، لكان جوابي ، نعم . في عام 2012 انتهيت من كتابة قصة طويلة متسلسلة ، فعزمت على أن أصنع منها كتاب إلكتروني pdf .. فقمت - متحمسا - بعرضها على أحد أساتذتي في مستوى الإعدادي، و الذي مازال يجمعني معه صداقة.. انتظرت رأيه في عملي.. فكان رده في رسالة عبر (الفيس بوك) حيث كتب لي : " ابني وتلميذي  محمد ، كنت سأكتب لك الكثير عن ما قرأته لك ، إلا أني تغاضيت عن ذلك وسأكتفي بهذه العبارة ( تفنى الأمم ويبقى ما كتبوا ) هدانا وهداك الله ، وكف عنك شر الكتابة . أستاذك ....  " صدمني الرجل بهذا الرد ، كيف لا ، وهذا العبد المذنب الضعيف كان ينتظر استحسان وتصفيق من لدن أستاذه، والذي في حضوره يستحيي .. كلام الأستاذ جعلني أعيد رأيي فيما كتبت ؛ وفي الأخير  لم أنشر القصة ، وبقيت مسودة في ذكريات قلمي البئيس ، حتى اقتبست منها القصة القصيرة ( تحت قناديل الشارع  ) .. لكني لم أستوعب كلام أستاذي إلا مؤخرا، أي بعد أن لم أترك أي موقع أو منتدى وإلا تصعلكت فيه ، وتركت في صفحاته أثر قلمي المتمرد..  واليوم أعدت حساباتي ووجدت أني أخطأت أكثر ما أصبت ، وعزائي الوحيد - المي

لا تحزن !

صورة
حينما ترسم الواقع من متمنيات الخيال , فأي نهاية لك في البال ؟ ..تلك عروس حسناء تدق مسمعاك طربا , وعلى حافة فراشك تقول هيت لك.. جاه ومال ورفعت مقام على قومك أنت , كذا وتقتات على الأحلام , إنما للأحلام بحر مداد ، وأشجار الدنيا أقلام , والسماء فوقك أوراق ,  ويوم يفيق بك الواقع , تدوب تلك الأحلام كما تدوب الشموع في الغيبوبات الوحشية.. فأيها الناظر إلى الأزهار , افرك عيناك الأوان , لربما تنظر إلى الأشواك , ولا تحزن , فإن أسوء أيامك لم تأتي بعد إليك . بنصالح