المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠٢١

زلزال أكادير .. فناء وميلاد مدينة

صورة
أكادير، بالأمازيغية "الحصن"، هي عاصمة جهة سوس، والأمازيغ.. المدينة الحديثة التي تعيش زهور عمرها في المغرب، فهي بالكاد تجاوزت نصف قرن، لتشكل الاستثناء في المدن المغربية الكبرى.. إلا أن أكادير ليست أقل شأنًا من عراقة فاس ومكناس، حتى يوم ماتت فيه المدينة التارخية، وبعثت من رمادها مدينة شابة. أكادير التي حبها الله بموقع جغرافي متميز، وهي جوهرة عقد المدن المغربية على ضفاف الأطلسي، وتحتكر لنفسها مناخ معتدل طيلة السنة، الذي لا يتجاوز 18 درجة في المعدل، ووُصفت بميامي شمال أفريقيا، بشواطئها الذهبية التي تمتد على طول محاذاة المدينة.. وفي الجهة المقابلة تطل غابات أشجار الصنوبر والأوكالباتوس والطرفاء، تبث ربيعًا دائمًا لأكادير.. في الأربعينات والخمسينات، كانت أكادير تعيش في أوج التمدن، وهي مجمع الثقافات، الأمازيغية الأم، ثم العربية، مسلمين ويهود مغاربة، وأقليّة نصرانية.. المدينة تنضم مهرجانات كثيرة على طول العام، مثل مسابقة اختيار ملكة جمال البرتقال، وعيد البحر التي تقام فيه مسابقات مائية، وعيد سمك السردين الذي يختم موسم الصيد، وعند ذكر سمك السردين؛ فإن أكادير تحتضن ثاني أكبر ميناء لصيد

أغرب القصص في الإنترنت المظلم -1-

صورة
أغلبنا سمع بالإنترنت المظلم، والذي لم يسمع به بعد، فاسمح لي أن أُعرفك به في نبذة قصيرة.. ببساطة يا جميل،  هو محتوى مخفي من الشبكة العنكبوتية، هذا كل شيء..  وعندما أقول "مخفي"؛ تلقائيًا ستّصل إلى استّنتاج واحد: أنّ هذا المحتوى، ليس عاديًا، ومعك كل الحق، فهو كل ما يخطر على بالك مما هو قبيح، مرعب، دنيء، فاحش، وأكمل من عندك. حسنٌ سأعطيك مثال مما يمكن أن تُصادفه إذا قررت أن تلّج إلى عالم النت المظلم؛ قد تجد تجار الأعضاء البشرية والمخدرات، ومن يقترح عليك دفع المال لمشاهدة طفل يتّم اغتصابه، أو عروض أخرى مثل الاستمتاع بمشاهدة شاب يُفرض عليه تحت التهديد أكل لحم عائلته التي قُتّلت للتو.. وشخص آخر يعرض خدماته المدفوعة في قتل البشر.. وصور ومقاطع فيديو لجثث بشرية أو حيوانية مشوهة أو مبتورة الأطراف، وأشياء أخرى لا تقل بشاعة وغموض.  وإذا كنت مغربيًا؛ ستّجد مخدر الحشيش المغربي يُباع هناك، ولا أحتاج ان أقول لك من يبيعه؟.. أجل، أحسنت، مغاربة مثلي ومثلك، فهم كذلك موجودين بقوّة (ويشرفوننا) في النت المظلم!.. كل هذا وغيره لا يخضع للقوانين النّت العادية،  ولا تقدر على عرضه المتصفحات العادية والمشهو

توناروز

صورة
ملاحظة : من أجل فهم شخصيات هذه القصة أكثر، يُفضل قراءة قصة " أسافو " -لمن لم يقرأها بعد-، فهي بمثابة امتّداد للقصة التالية. الجمال في الأعلى تُدعى "توناروز"، بريحة المحيا التي استّحوذت على جمال قبيلتها، فما كان كافيًا لها، حتى نالت جمال قبائل الأجوار، وتركت ما دونها من النساء ناقصات الأنوثة في حضورها، فصارت خليفة القمر في الأرض. ككُل مساء عند وداع النهار، تلتّقطها الأبصار هناك على قمة الجبل، تجلس وحيدة كأنها تُحدث الشمس عند نزولها، أو تُفصّح لها بأسرار ما.. ففُتِّن الرجال بها، العُزاب منهم وحتى من لهم زوجات، وغدّت أنظارهم تتّربص بالجبل حيث مستقر "توناروز"، فشاءت الأقدر أن يصير الجبل فاتنًا مُغريًا للأنظار حين تعلوه "توناروز".. كحمامة بيضاء تنظر إليهم من الأعلى، كأنّ بها تقول، إني بعيدة عن الذي له المبتغى بأن يحظى بي، مبتغاه يقبع على رأس الجبل كما ترَون. سليلة عزّة القوم وأشراف القبيلة، ووحيدة والديها وبريق أبصارهما.. أبوها قاضي القبيلة وضامن عدلها، وعمها هو الحاكم حامي حماها، وله ابن واحد وخليفة السّدة، يدعى "أناروز"، ولعلم أهل القبي

اليوم و غدًا

صورة
مَضيْنا بعيدًا، ثم تساءلنا أين بلغنا؟. لنجلس ونعد فلاحنا وخيباتنا، ونتذكر من رافقنا ثم ما عاد، منهم من سرقه الموت وانتهى في حياتنا، ليُدّونه المستحيل إلى الأبد. فيهم من مات وهو حي، وأتت لعبة الزمن فعلتها وغيرت النفوس، وتراءت لنا الخيانة في عيون الوفاء.. نستحضر ما مر على مسامعنا من زغاريد الأعراس، وعويل اليتامى،  لنفهم أن كيفما كان الماضي، فلا يحمل ما عدى الوجع والحسرة لمن ظلّ أسير أماسيه، حتى إن كان جميلاً، فيلزمه حاضر يعادله؛ وإلا الجمال سيغدو حسرةً على ما كان فما عاد هنا. في المشوار قد تتلبّد السماء، لنجد أنفسنا أمام خيارين، إما الاحتماء في أقرب ميناء، أو مواصلة الابحار مع تلافي الصخور.. في الحالين لا ندري كيف تكون النتيجة، إنما الفشل بعد المجابهة خير من الفشل بعد الانسحاب.. وإن حدث ولم نصل؛ فربما تكون النهاية، أجمل بداية.  محمد

حرب الصحراء .. قتال على الرمال

صورة
سلسة مغرب القرن العشرين -8- الصحراء المغربية، أو باسمها الجغرافي، "الصحراء الغربية"، القضية التي أنهكت الدبلوماسية المغربية لسنوات طويلة، وبسببها اتخذ المغرب قرارات صعبة، مثل مغادرة الاتحاد الإفريقي منتصف الثمانينات، ووجد البلد نفسه في مواقف ضعف في فترات عديدة. المسيرة الخضراء .. وبعد؟ نونبر عام 1975، نجح الحسن الثاني في تنظيم المسيرة الخضراء، الذي أخضع بها اسبانيا - المحتلة للصحراء - للأمر الواقع، وجعلها تدخل معه في مفاوضات تخص رمال الصحراء، أفضت إلى خروج المتادور، بشروط ظلت رهينة عند طاولاتها. إن تنازل إسبانيا بسهولة على الصحراء لطالما شكل استفهام كبير، خصوصًا عندما نعرف أنها كانت متمسكة بتلك الرمال بأسنانها، فماذا تغير إذن بعد المسيرة الخضراء؟، أو بالأحرى، ماذا دار في مفوضات مدريد؟. الذي يُعرف عن اتفاقية مدريد، هو أن يأخذ المغرب ثلثين من الصحراء، ويترك ثلث لموريتانيا، وكذا بقاء بعض المصالح الإسبانية هناك في التجارة تحديدًا، وصيد السمك.. لكن تلك القسمة لم تدم طويلا، ما أوحى للبعض المراقبين والمحللين السياسيين أنها مجرد مناورة لتفادي إحراج اسبانيا قبل مغادرتها نهائيا للص

شذرات في الأطلس

صورة
أطفال يحملون حقائبهم يقصدون المدرسة، في نظراتهم براءة وفضول، والعجائز للوهلة الأولى يظهر أن طول مقامهم بين هذه الجبال قد أنهكهم، حيث تستلقي الحياة مُتعبة في عيون البعض منهم.. فتراني أسرح في ملامحهم التي تنضح ببساطة العيش وتوحي بالراحة واطمئنان، أرى فيها جمالاً والاندماج مع هذا المحيط، ولا تنال منهم أمطار اليأس، وكذا يتبيّن لي أجدادي في محياهم، عند زمن العيش القاسي المُريب، فأقول في نفسي: يا هؤلاء، يُعجبني فيكم الرجل. كم أستلذ مجالستهم والحديث معهم، لأجد في جعبتهم الكثير، وجلّهم عنده العمر مجرد رقم يُستهان به، فالحياة هنا مُجابهة حتى المرقد الأخير، فحتى المتقاعدين منهم، أوجدوا لأنفسهم أعمالاً وما يملأ أنهُرِهم، ببساطة، إنهم مسكونين بالأبدية، ولو تخاصموا مع أنفسهم، فهم عائدون إليها لا ريب؛ هم رجال ربّتهم امرأة أميّة لا تقرأ ولا تكتب. في اللّيل ينشر القمر ضوءه على جبال الأطلس التي تُطِّل من كل مكان، جميلة ومخيفة تبدو، تُحيط وتحرس القبائل، وفي رواية أخرى، قيلَ ترعاها.. وعندها تتعاقب الأيام، ينفرج الفجر ثم يهبط الليل، وعقارب الحياة تسير برفق إلى النهاية.  آهٍ يا أوهامي الحالمة، أخشى أنّ