المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٩

أحلام و شموع -5-

صورة
(قصة مسلسلة) ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﻴﺘﺔ ﻳﺄﺱ ﻛﻔﻨﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺴﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻭﻳﺘﺎﻣﻰ ﺍﻷﻣﻞ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺎﺭﻙ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺃﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺃﺭﻯ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻌﺘﻲ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻴﻨﻬﻜﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﺎﺀ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ. *** أبريل 1996     فاس كان الخجل يتقطر من وجهي بحضور ابن عمي عمر، لم ألق ما سأقوله في وجوده.. تمنيت لو الأرض تنشق وتبتلعني. أرفع أنظاري لأجد الأسف باديا على محياه. كأن لسان حاله ينطق: أي نهاية هذه التي نلتها يا أنور؟. قدري، إنه الإنطلاق بسرعة الميراج، ما أدى بي إلى هنا يا ابن العم. عانقني عمر، قائلا : "لا بأس يا أنور، ستخرج من هنا قريبا". زاد كلامه من خجلي، كنت تمنيت لو عاتبني، وألقى علي توبيخا.. لأني أستحق كل عتاب العالم. سألته عن صحة والدته؟ أجابني بعدما صمت هنيهة : "لقد ماتت". جوابه شل لساني.. مكثت أحملق فيه كالمعتوه، باحسون يحرك رأسه إشارة منه بالحزن. لعنت هذا الصباح في خيالي، كل هذا بسبب ذلك بسبب صغير الحمار المدعو علال، تذكرته، أيكون قد مات؟ خشيت أن أطرح هذا السؤال، لكن عمر قال بأني س

أحلام و شموع -4-

صورة
(قصة مسلسلة) ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﻴﺘﺔ ﻳﺄﺱ ﻛﻔﻨﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺴﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻭﻳﺘﺎﻣﻰ ﺍﻷﻣﻞ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺎﺭﻙ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺃﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺃﺭﻯ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻌﺘﻲ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻴﻨﻬﻜﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﺎﺀ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ. *** فبراير 1996      فاس من خلف العصابة أرى نورا، أقترب منه بخطى حثيثة. أيكون ما يتراءى لي تأويله مناي تغدو إلي وقد حقت؟ الأرجح أنه كان حُلمَ يقظة مبتذل. لا غمغمة في السيارة، كأنهم بلعوا ألسنتهم، حتى محرك السيارة لا يخلف صوتا.. ماذا أصاب العالم يلوذ ساكنا؟ تذكرت قول باحسون : "إنهم يسحقون بعضهم بعضا كما تُسحق أعقاب السجائر في قارعة الطريق". لكني لن أسحق الليلة، أعرف.. فما جدوى هذه العصابة إذن؟ إلا إذا كانوا خائفين بأن أعود طيفا بعد قتلي، وأنتقم من معلمهم؟ كلما أعرفه هو أني في أيدي أشخاص لا يعترفون بالقانون ولا الدين؛ فقط المال والمال، وبعده فليحترق العالم بمن فيه. ها أنا ذا على مرمى  عتبة باب ليس كغيره من أبواب فاس العتيقة. باب من يلجه يجد نفسه في قبيلة المجرمين. خففت السيارة من سرعة سيرها، فشعرت بها

أن أرى !

صورة
أستضيء متوهما بشمعة وحيدة، أظنها تتراقص شعلتها مع انسلال هواء تائه إلى غرفتي، كأنها شعلة خالدة.. أو هكذا تبدو بسبب بطء انقضاء الزمن، فساعتي لا عقارب. أجتر الحنين إلى رؤية البشر.. يحدوني شوق عنيد إلى شعر امرأة باسقة تخطو واثقة ؛ أجعله ملحفتي في غشاء ليالي البلا ختام. لا نجوم لها ولا قمر.. ليل خالد صرع النهار وأرداه مفقودا، وسحق بصيص ضياء فغدا مطلب العمر الثمين، المستحيل. أملا في مطلبي الوحيد في كل ما يعج به العالم ؛ "أن أرى". شعاع نور، ومضة عين أسترقها من الوجود، من شأنها أن تنسيني كل عتمات عمري. تحل بي وحشة عنيفة في أيام الشتاء. أحن إلى أن أبصر المطر وهو يتساقط من السماء ليجري في الأرض، ويستقر في برك غائرة.. أشتم التراب اللزج بالمطر، فيزيد شوقي وعنفواني، حتى يكاد يمسني الجنون ليخلصني من عقلي، الذي بات هو عدوي.. فما أخبار الربيع ؟  و تلك الأشجار لا ترجحها ريح إلا في خيالي. آه، خيالي، لقد تهد وتوهن وهو يكسو الأشياء في صور مفترضة. تائه في هذه البسيطة لا مقصد لي ولا مرمد.. تراني أنكس أنفاسي وأطرق رأسي وألوذ في ظلماتي.. مدينتي معتة، إنما العالم كله كنفه الظلام إلى

أحلام و شموع -3-

صورة
(قصة مسلسلة) ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﻴﺘﺔ ﻳﺄﺱ ﻛﻔﻨﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺴﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻭﻳﺘﺎﻣﻰ ﺍﻷﻣﻞ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺎﺭﻙ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺃﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺃﺭﻯ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻌﺘﻲ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻴﻨﻬﻜﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﺎﺀ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ. *** نونبر 1995     فاس - أترى يا أنور تلك الشابة التي تتوسط صُحيْباتها هناك؟ - ماذا بها؟ - إنها جميلة ! - بل أقلهن قبحا يا عثمان. عثمان، تعرفت عليه في مخفر الشرطة، هو أيضا يبيع ما لا يُباع في بن دباب.. لكن له منزل وأسرة؛ وليس كأنا الذي لا تعرفه المدينة. تحققت الشرطة من هويتنا في إطار حملة تمشيط للتوقيف المبحوث عنهم. الشمس تميل إلى الرحيل، أجلس مع عثمان في حديقة شاسعة في حي الأدارسة، ندخن السجائر ونراقب الناس يلهون مع أولادهم.. إنها الحياة تتجلى أمام أنظارنا، تلك فاس التي تُهنا عن سبيلها. التفت نحوي عثمان قائلا: - ما هو حلمك في الحياة يا أنور؟ لم أرد عليه للتو، ظليت أحدق في عينيه، بينما هو ينتظر مني جوابا.. صرفت عليه أنظاري إلى السماء، وقذفت دخان سيجارتي إليها: - أحلم بأن أحكم فاس، ويكون لي فيها ما أريد

أحلام و شموع -2-

صورة
(قصة مسلسلة) في كل أحلام ميتة يأس كفنها.. وإذا يوما كنت من متسولي المعجزة ويتامى الأمل؛ إلا أني أعارك اليأس وأستبقي الحلم، وأتعالى على الآلام، وأرى ضياء شمعتي نورا وإن غلبت عليه الظلال، إيمانا بأن الليل سينهكه الحضور، والفجر سيكون مختلفا لا متخلفا، وما بينهما سوى تاء تراجعت. *** نونبر 1995     فاس ما لها فاس ضاقت في هذا الدرب الغريب؟ أين سعتها؟. أمشي في درب تصطف فيه محلات تجارية شعبية.. الناس في كل مكان، لا أكاد أتجنب الإحتكاك بأكتاف الآخرين، ولا أرى غير رؤوس البشر حتى آخر بصري، وها أنا مرة أخرى في (ماراثون) المشي، بل هنا أكثر تكلفا من ذي قبل. أتقدم إلى الأمام في الكثير من الضجر، حتى فوجئت بباب ضخم حوله مساحة فارغة.. أهذا باب مولاي عبد الله؟ قلت في نفسي. فكان كذلك، بعدما زكت لي لوحة أعلى الباب دون عليها، "باب مولاي عبد الله"  ولجت الباب، ثم وقفت أتساءل أين فاس مما أراه هنا ؟ تغير كل شيء، كأني غادرت فاس إلى مدينة أخرى. أزقة ضيقة لا تتسع سوى لشخص واحد، منازل كئيبة حقيرة يطوف حولها شعب مسحوق.. ملامح بعض الشباب يظهر عليها الإدمان وأيضا الإجرام. أعيدوا إلي فاس فضلا! أخ

أحلام و شموع -1-

صورة
(قصة مسلسلة) في كل أحلام ميتة يأس كفنها.. وإذا يوما كنت من متسولي المعجزة ويتامى الأمل؛ إلا أني أعارك اليأس وأستبقي الحلم، وأتعالى على الآلام، وأرى ضياء شمعتي نورا وإن غلبت عليه الظلال، إيمانا بأن الليل سينهكه الحضور، والفجر سيكون مختلفا لا متخلفا، وما بينهما سوى  تاء تراجعت. *** جنّت السماء بالمطر.. أمشي لوحدي في مكان لا أعرفه، أواصل السير غير آبه بما يطوح به السحاب من ماء، لكن عقلي كان بعيدا عن هنا إلى أمد لا مد له.. لا أكاد أجد من يشاركني المضي غير أبواق السيارات الغاضبة وهي تأمرني بفسح الطريق.. لكني لست هنا، هناك حيث جُعل المستحيل متقوقعا ينتظر وصولي.. وفي لحظة ازدياد سهوي، بدّت لي شاحنة تتقدم نحوي بسرعة خارقة كأنها ومضة برق، حتى صارت أمامي مستعدة لدّهسي، فلم أستّطع تجنب عجلاتها فأغلقتُ عيناي، ثم سمعت أحدهم ينادي: "لقد وصلنا ".  لأستيقظ من حلم لا يبشر بالخير، ووجدت نفسي في حافلة عجوز متوقفة في المحطة الطرقية، وهي ترتعد وسط ضجيج محركها العتيق. لا أكاد أُصدق أن هذه الحافلة قطعت ما يقارب ألف كيلو متر.. حتى يُخيّل لراكبها أنها اخترقت بوابة سحرية، وليس السير في منعرج ا