المشاركات

عرض المشاركات من 2019

عشرين عاما

صورة
ها هو ذلك العام البعيد قد نصب الخيام، وحل بحلل تجدد كل سنة : تفاؤل وأمنيات. ألفين وعشرين يا صاح لم يعد بعيدا، لا بل ستراه في شاشة هاتفك كل صباح، وتمسي عليه كذلك. أتساءل كيف تعاقبت عشرين سنة على الألفين؟ أكاد لا أصدق!. في شتنبر القادم - بإذن الله - سيكون قد مر عشرون سنة على عمر ذاكرتي الحية في هذا العالم.. في أواخر عام الألفين، تعرفت على المدرسة لأول مرة، ومنذئذ صارت علبة ذكرياتي تكتنز اللحظات.. كانت أول أستاذة أجلس لأقابل قامتها جنب سبورة سوداء : صفاء العلاوي، من مدينة القنيطرة، طويلة بيضاء مملوءة، ذات عيون واسعة في وجه مستدير يعلوه شعر غزير يتدفق ليلحق بخصرها، يقدر عمرها في أواخر العشرينات، ببساطة قمر مكتمل يشاركنا حجرة الدراسة.. ما تزال أوصافها حاضرة في ذهني وإن كنت يومها بالكاد أقترب من سبع سنوات..  ترى ماذا فعلت بك عشرين سنة يا صفاء؟ أما زلت قمرا، أو للعقدين رأي مخالف؟ أما أنا، تلميذك المفضل ذو الخط الجميل والقبيح في الإعراب والمحفوظات؛ ما زال حولي أصدقاء ومعارف كثر؛ إنما قد صرت أستلذ الزمن من الوحدة أكثر.. خلال العشرين سنة نلت الكثير وفقدت الكثير.. أعيش في مدينة عملاقة تكبر كل

أحلام و شموع - الجزء الأخير -

صورة
(قصة مسلسلة) هي تلك الشمعة التي تأبى شعلتها الخمود، وإن تراقصت مع ريح شرقي حتى يخيل لي أنها انطفأت فما عاد نصعها ضرام.. ليبعث فيها النور ويعاودني الأمل العنيد، وإن كنت أفترش الرصيف مكوم كحفنة أديم، أكاد أشبه صبي أزيم، لأصير من الذين لن ينالوا من الدنيا نصيب، وما عاد الوهم يغدق عليهم بعض الدفء والتحنان.. إلا، وإنما، حلم قد تمسكت به بأصابعي، أسناني، فلا ألعن مدينتي التعيسة كما يفعل بؤساء القوم. حلم، لم ألق له سوى سبيل واحد. *** أغسطس 2005     فاس - وبعد يا أنور؟ قال صابر ابن خالي، وهو ينظر إلى بوجل، منتظرا أن أقصص عليه ما تبقى.. كنت أدخن بشراهة، لا تفتأ تنطفئ السجارة حتى أوقد دونها.. متوتر، مضجر، لقد استبد بي الخوف كما لم يحدث يوما.. أتيه عن حديثي مع صابر كثيرا، هو مندمج مع سيرتي الذاتية؛ إلا أن ما عاد لي رغبة باكمالها. - ماذا أصابك يا أنور أخرسٌ هكذا؟ قل لي ما مصدر الخمور في المطار؟ - حسن.. إن في الطائرات توجد الدرجة الأولى، أي تلك التي يركب فيها رجال أعمال والذين يفوح منهم عبق المال.. إن وظيفتي هي تجهيز تلك الدرجة بأجود أنواع الخمور والعصائر قبل اقلاع الطائرة، وبعد

طعنة الخيانة في جسد يوليوس قيصر

صورة
اتفق رجال روما على اغتيال زعيمهم " يوليوس قيصر" والغدر به.. كان وراء ذلك "كاسيوس" صديق قيصر في شبابه، قبل أن يستوطن الحقد قلبه نحو صديقه الذي كبر شأنه وقدره، ونال منزلة عظمى في روما وفي بلاد الغال، بينما "كاسيوس مخلوق تعس، ويوليوس يسبق إلى ملك الدنيا ويحمل أعلام النصر لوحده" هكذا يصف حابك الغدر نفسه، بينما يقنع ويحرض "بروتس" أقرب المقربين إلى قيصر، لضلوع في خيانة تعتبر من أشنع ما يتذكره التاريخ. في يوم مقتل قيصريوليوس، توسلت إليه زوجته "ﻛﺎﻟﺒﻮﺭﻧﻴﺎ" وبعض رجال بلاطه، بأن لا يذهب إلى مجلس الشيوخ، خشية أن يصيبه سوء بعدما انتشرت شائعات عن مكيدة عظمى قد تطوح بقيصر.. لم يكترث لهم "يوليوس" واتجه منتصب القامة هال المعشر - كما عوائده - إلى مبنى الحكومة، هناك يجد أهل روما بانتظاره، بينهم المتآمرون عليه مع دليلهم "كاسيوس" صحبة عزيز قيصر "بروتس". دخل قيصر إلى مجلس الشيوخ، وتبعه المتآمرون، وحال ولوجهم المبنى؛ انقضت خناجرهم على جسد يوليوس قيصر لتغرس فيها وتطفئ نار الحقد في نفس "كاسيوس".. هكذا أرادوها جري

أحلام و شموع -6-

صورة
(قصة مسلسلة) ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﻴﺘﺔ ﻳﺄﺱ ﻛﻔﻨﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺴﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻭﻳﺘﺎﻣﻰ ﺍﻷﻣﻞ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺎﺭﻙ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺃﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺃﺭﻯ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻌﺘﻲ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﻼﻝ.. ﺇﻳﻤﺎنٌ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻴﻨﻬﻜﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ مني ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﺎﺀ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ. *** في آخر خطواتي من حي مولاي عبد الله، لم أستدر برأسي، كأني أُخلف وراء ظهري ماض لا يستحق أن يُنظر إليه من جديد.. ثمان أشهر كل ما قضيته هنا في هذا الجرف المنسي من فاس، وغادرت الليلة مجبرا لا مخيرا؛ فلم يعد عندي وجه لأقابل به الناس، حتى عمر ابن عمي. في الأول كدت أجهز على الروح، ثم تلاها التحرش بابنة الحي، وأنا الغريب.. أقصد عشير المعز كما يلقبني البعض منهم. هي ليلة صيف والناس يتأخرون في الشوارع..  توجهت صوب منزل عثمان في بن دباب لعله يجد لي مكانا أقضي فيه ليلتي.. العودة إلى بن دباب في هذا الوقت يتخلله خطر كبير، إنه أحقر حي في فاس، حيث الإعتداءات على المارة لأجل السرقة في الليل، فيه لعلك ترضى. زاد شؤم هذا اليوم حين وجدت الصراخ في منزل عثمان؛ لا شك أن أبواه يتعاركان ويتخصمان، إنه سحق دركات المجتمع الملعون.. لم

أحلام و شموع -5-

صورة
(قصة مسلسلة) ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﻴﺘﺔ ﻳﺄﺱ ﻛﻔﻨﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺴﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻭﻳﺘﺎﻣﻰ ﺍﻷﻣﻞ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺎﺭﻙ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺃﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺃﺭﻯ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻌﺘﻲ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻴﻨﻬﻜﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﺎﺀ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ. *** أبريل 1996     فاس كان الخجل يتقطر من وجهي بحضور ابن عمي عمر، لم ألق ما سأقوله في وجوده.. تمنيت لو الأرض تنشق وتبتلعني. أرفع أنظاري لأجد الأسف باديا على محياه. كأن لسان حاله ينطق: أي نهاية هذه التي نلتها يا أنور؟. قدري، إنه الإنطلاق بسرعة الميراج، ما أدى بي إلى هنا يا ابن العم. عانقني عمر، قائلا : "لا بأس يا أنور، ستخرج من هنا قريبا". زاد كلامه من خجلي، كنت تمنيت لو عاتبني، وألقى علي توبيخا.. لأني أستحق كل عتاب العالم. سألته عن صحة والدته؟ أجابني بعدما صمت هنيهة : "لقد ماتت". جوابه شل لساني.. مكثت أحملق فيه كالمعتوه، باحسون يحرك رأسه إشارة منه بالحزن. لعنت هذا الصباح في خيالي، كل هذا بسبب ذلك بسبب صغير الحمار المدعو علال، تذكرته، أيكون قد مات؟ خشيت أن أطرح هذا السؤال، لكن عمر قال بأني س

أحلام و شموع -4-

صورة
(قصة مسلسلة) ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﻴﺘﺔ ﻳﺄﺱ ﻛﻔﻨﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺴﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻭﻳﺘﺎﻣﻰ ﺍﻷﻣﻞ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺎﺭﻙ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺃﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺃﺭﻯ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻌﺘﻲ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻴﻨﻬﻜﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﺎﺀ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ. *** فبراير 1996      فاس من خلف العصابة أرى نورا، أقترب منه بخطى حثيثة. أيكون ما يتراءى لي تأويله مناي تغدو إلي وقد حقت؟ الأرجح أنه كان حُلمَ يقظة مبتذل. لا غمغمة في السيارة، كأنهم بلعوا ألسنتهم، حتى محرك السيارة لا يخلف صوتا.. ماذا أصاب العالم يلوذ ساكنا؟ تذكرت قول باحسون : "إنهم يسحقون بعضهم بعضا كما تُسحق أعقاب السجائر في قارعة الطريق". لكني لن أسحق الليلة، أعرف.. فما جدوى هذه العصابة إذن؟ إلا إذا كانوا خائفين بأن أعود طيفا بعد قتلي، وأنتقم من معلمهم؟ كلما أعرفه هو أني في أيدي أشخاص لا يعترفون بالقانون ولا الدين؛ فقط المال والمال، وبعده فليحترق العالم بمن فيه. ها أنا ذا على مرمى  عتبة باب ليس كغيره من أبواب فاس العتيقة. باب من يلجه يجد نفسه في قبيلة المجرمين. خففت السيارة من سرعة سيرها، فشعرت بها

أن أرى !

صورة
أستضيء متوهما بشمعة وحيدة، أظنها تتراقص شعلتها مع انسلال هواء تائه إلى غرفتي، كأنها شعلة خالدة.. أو هكذا تبدو بسبب بطء انقضاء الزمن، فساعتي لا عقارب. أجتر الحنين إلى رؤية البشر.. يحدوني شوق عنيد إلى شعر امرأة باسقة تخطو واثقة ؛ أجعله ملحفتي في غشاء ليالي البلا ختام. لا نجوم لها ولا قمر.. ليل خالد صرع النهار وأرداه مفقودا، وسحق بصيص ضياء فغدا مطلب العمر الثمين، المستحيل. أملا في مطلبي الوحيد في كل ما يعج به العالم ؛ "أن أرى". شعاع نور، ومضة عين أسترقها من الوجود، من شأنها أن تنسيني كل عتمات عمري. تحل بي وحشة عنيفة في أيام الشتاء. أحن إلى أن أبصر المطر وهو يتساقط من السماء ليجري في الأرض، ويستقر في برك غائرة.. أشتم التراب اللزج بالمطر، فيزيد شوقي وعنفواني، حتى يكاد يمسني الجنون ليخلصني من عقلي، الذي بات هو عدوي.. فما أخبار الربيع ؟  و تلك الأشجار لا ترجحها ريح إلا في خيالي. آه، خيالي، لقد تهد وتوهن وهو يكسو الأشياء في صور مفترضة. تائه في هذه البسيطة لا مقصد لي ولا مرمد.. تراني أنكس أنفاسي وأطرق رأسي وألوذ في ظلماتي.. مدينتي معتة، إنما العالم كله كنفه الظلام إلى

أحلام و شموع -3-

صورة
(قصة مسلسلة) ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﻴﺘﺔ ﻳﺄﺱ ﻛﻔﻨﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺴﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻭﻳﺘﺎﻣﻰ ﺍﻷﻣﻞ؛ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺎﺭﻙ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﺃﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺃﺭﻯ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻌﺘﻲ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺇﻥ ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﻼﻝ، ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﻴﻨﻬﻜﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻻ ﻣﺘﺨﻠﻔﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﺎﺀ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ. *** نونبر 1995     فاس - أترى يا أنور تلك الشابة التي تتوسط صُحيْباتها هناك؟ - ماذا بها؟ - إنها جميلة ! - بل أقلهن قبحا يا عثمان. عثمان، تعرفت عليه في مخفر الشرطة، هو أيضا يبيع ما لا يُباع في بن دباب.. لكن له منزل وأسرة؛ وليس كأنا الذي لا تعرفه المدينة. تحققت الشرطة من هويتنا في إطار حملة تمشيط للتوقيف المبحوث عنهم. الشمس تميل إلى الرحيل، أجلس مع عثمان في حديقة شاسعة في حي الأدارسة، ندخن السجائر ونراقب الناس يلهون مع أولادهم.. إنها الحياة تتجلى أمام أنظارنا، تلك فاس التي تُهنا عن سبيلها. التفت نحوي عثمان قائلا: - ما هو حلمك في الحياة يا أنور؟ لم أرد عليه للتو، ظليت أحدق في عينيه، بينما هو ينتظر مني جوابا.. صرفت عليه أنظاري إلى السماء، وقذفت دخان سيجارتي إليها: - أحلم بأن أحكم فاس، ويكون لي فيها ما أريد

أحلام و شموع -2-

صورة
(قصة مسلسلة) في كل أحلام ميتة يأس كفنها.. وإذا يوما كنت من متسولي المعجزة ويتامى الأمل؛ إلا أني أعارك اليأس وأستبقي الحلم، وأتعالى على الآلام، وأرى ضياء شمعتي نورا وإن غلبت عليه الظلال، إيمانا بأن الليل سينهكه الحضور، والفجر سيكون مختلفا لا متخلفا، وما بينهما سوى تاء تراجعت. *** نونبر 1995     فاس ما لها فاس ضاقت في هذا الدرب الغريب؟ أين سعتها؟. أمشي في درب تصطف فيه محلات تجارية شعبية.. الناس في كل مكان، لا أكاد أتجنب الإحتكاك بأكتاف الآخرين، ولا أرى غير رؤوس البشر حتى آخر بصري، وها أنا مرة أخرى في (ماراثون) المشي، بل هنا أكثر تكلفا من ذي قبل. أتقدم إلى الأمام في الكثير من الضجر، حتى فوجئت بباب ضخم حوله مساحة فارغة.. أهذا باب مولاي عبد الله؟ قلت في نفسي. فكان كذلك، بعدما زكت لي لوحة أعلى الباب دون عليها، "باب مولاي عبد الله"  ولجت الباب، ثم وقفت أتساءل أين فاس مما أراه هنا ؟ تغير كل شيء، كأني غادرت فاس إلى مدينة أخرى. أزقة ضيقة لا تتسع سوى لشخص واحد، منازل كئيبة حقيرة يطوف حولها شعب مسحوق.. ملامح بعض الشباب يظهر عليها الإدمان وأيضا الإجرام. أعيدوا إلي فاس فضلا! أخ