المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠٢٠

طيط صضيص .. أسطورة آكلات رمضان

صورة
وها نحن نعود لنطرق أبواب قِلَعُ الأساطير، وننفض الغبار -مرة جديدة- على المجلدات القديمة، لعلّنا نستخرج بين أورقتها ما هو جديد من القديم، من معتقدات الشعوب.. وبما أننا في حضور شهر رمضان؛ فسنحط الرحال عند أسطورة، لها شقٌ من شهر الصيام.. حكاية أسطورية أعدك، أنها لم تمر على مسامعك يومًا، فهي تُعد من النوادر، وقد أتيتُ بها من مجلد منفيٌ أعلى رفوف الأساطير الأمازيغية. في الأمس البعيد، كان أمازيغ المغرب يتداولون، قصة أسطورة "طيط صضيص"، التي تعود نشأتها، إلى إحدى قبائل الأمازيغ، وأثناء شهر رمضان، قررت ست أخوات عذراوات، - أو عذارى - الإفطار دون عذر شرعي، بينما الناس صيام.. ولكي يأتين بهذا الفعل الذي يُعّد جرماً في أعراف القبيلة، وكذا طعنًا في ديانة الإسلام؛ اختارت الأخوات الست الافطار في غرفة يكنفها الظلام، ليردنّ فيها النهار ليلاً حالكًا، ثم هكذا بهنّ يفطرن مع العتمة، لتتستر على جريمتهنّ بعيداً عن أنظار أحد، عدى الله البصير. غضب الله عليهنّ ومسخهنّ نجمات في عنان السموات، تعرف بــ"طيط صضيص". "طيط صضيص"، بالعربية "النجمات الست" أو ما يعر

غرفة في السطح

صورة
(قصة قصيرة) أهبطُ الدّرج باستعجال،  حتى صدمتُ شابة حسناء فائح عبقها، فأوشكتْ على السقوط، ثم اعتذرت منها، فواصلت ركضي متهاوياً إلى الباب، وأتساءل في لهث: أيأتي لعمارتنا كل هذا الحسن والجمال؟.. ما كنت أظن هذا يا هذه.. حتى وصلتُ للقاع، ثم صفقت الباب خلفي، وقد سيرت ناحية المقهى المقابلة، لأجلس هناك أحرس بنظري باب العمارة، لعلّ تلك الكتلة الأنثوية التي صادفتها في الدّرج، يلفظها ذلك الباب الذي فيه شبه من أبواب الأضرحة.. لم أخبركم بعد، إنها عمارة عتيقة كتلك التي يقطنها الأشباح في انجلترا ! لكن أشباحنا لا تقطن العمارات؛ هي كذلك تعاني من أزمة سكن في بلدنا!، أشباحنا متشردة يا (مدموزيل).  ما زلت أجلس في سبات، كأني أتأمل عظمة تلك العمارة المتهالكة جدرانها!، أو أني مترعٌ بالحنين وذكريات لا وجود لها!، كالذي لم يذق طعم الحب يوماً، وتجده تتأثر مشاعره عند سماع أغنية عشق حزينة، فيحزن معها.. يا أخي ماذا دهاك أنت، دعه يحزن كيفما هواه!. بعد حين شعرت بأحدهم يطرق فوق كتفي، رفعت أنظاري، لأجد العجوز علال صاحب العمارة جاحظ العينين: "غداً آخر أجل لك، حتى تدفع ما عليك من ديون الكراء، وإلا أترى صندوق

ألا تعرفون المهدي المنجرة ؟

صورة
قبل فترة زمن قصيرة، سألت طالبا يجهز أطروحة لنيل الماستر، إذا كان يعرف المهدي المنجرة؟ فأجابني - يا حسرة - كلا!. المهدي المنجرة، مطرب الحي الذي لا يطرب، ولن يطرب أبدا، فقد غادرنا في عام 2014، وهو يكاد يكون مجهولا عند غالبية أبناء بلده، وقارته، في الوقت الذي نال فيها أرقى المراتب  وراء المحيطات.. هو مفكر، كاتب، وباحث سياسي، واقتصادي.. يعتبر أحد أبرع علماء المستقبليات  في القرن الماضي. ولد المهدي، يوم 13 مارس 1933 في مدينة الرباط، لأسرة ذات صيت في المجتمع، فوالده هو الرائد محمد المنجرة، الذي أنشأ أول نادي لطياران في العالم العربي، وأحد الشخصيات الرباطية المرموقة. درس التعليم الأساسي في الرباط.. ثم انتقل إلى الدار البيضاء، هناك حصل على الثانوية العامة.. ثم أرسله والده إلى الولايات المتحدة لاستكمال تعليمه  وكذا، حتى يبعده عن الحركة الطلابية السياسية، التي انخرط فيها المهدي وتعلق بها، حيث كان وطنيا شرسا يكره المستعمر الفرنسي، وسبق أن تم اعتقاله.. اختيار الوالد لأمريكا، سيلعب - فيما بعد - دورا جوهريا في قصة نجاح وتميز نجله.. حصل المهدي المنجرة، على إجازة في الاقتصاد من جامعة كورن

هل عشقت يوما ؟

صورة
(قصة قصيرة) محسن هذا يكلم نفسه أغلب الوقت، وبدا للعيان أن الخبل يخبط أبوابه.. فتحسر المعارف والجيران، على الشاب الأنيق الرزين الذي عرفوه قبل الثلاث اشهر فقط، عندما حل ضيفا  على حيهم، قبل  أن تنتشله أيادي غامضة، لتطوح بدلا منه بآخر لا يشاركه في شيء، ما عدى نفس الملامح، وإن كانت الآن مائلة لدبول،  وتتهيأ للوداع.. يقضي سحابة أيامه جالسا في المقهى، يرتشف الشاي ويدخن السجائر الرخيصة.. بين برهة وأخرى تتفتق ابتسامة غامضة على محياه، ثم يعود مستعجلا عبسه الذي لا ينفك عنه.. لا يكلم أحد، ما عدى النادل،  ولا يفعل سوى مرة واحدة، حين يطلب نفس الطلب كل يوم، ألا وهو الشاي.. يمضي  إلى منزله، وعلامة الاستياء تعلو سحنته، ما يجعل جيرانه ينفرون منه، حتى لو كان مجرد إلقاء لتحية.. لا أحد في الحي يعرفه أكثر من جاره حميد، الذي يستأجر له الشقة حيث يقطن وحيدا. عند انطلاقة شهر جديد، حضر العم حميد - كما جارت العادة - إلى شقة محسن حتى يستلم منه واجب الإيجار، وفي نفس الوقت لكي يميط اللثام عن السبب الذي أودى بتبدل أحواله الشاب.. عله ينقذه من مخالب الجنون.  - "ماذا أصابك يا محسن، مهموما لا يصرك حال؟

سعيدة المنبهي .. أيقونة النضال الناعم

صورة
سلسلة مغرب القرن العشرين -6- "سأموت مناضلة". كان هذا عنوان قصيدة كتبتها  سعيدة المنبهي بالأظافر مسقية بدمها في جدران الزنزانة، ساعات قبل موتها.. سعيدة أول إمرأة عربية تموت جراء إضراب عن الطعام في السجن.. الشابة التي نادت يا شعبي تحرر، فسجنوها !. سعيدة المنبهي،  شاعرة وكاتبة ومناضلة مغربية، من مواليد 1952 في حي شعبي اسمه رياض الزيتون، في مدينة مراكش وسط المغرب،  لأسرة طبع النضال كنفها.. لم تكن طفلة مشاكسة تفتعل المشاكل مثل أغلب أقرانها؛ بل نموذج الأنثى الصغيرة البريئة الطائعة لأوامر والديها. منذ طفولتها كانت سعيدة ذات قلب رحيم، تحن على الإنسان والحيوان.. كانت تعود من المدرسة في بعض الأحيان وتصحب معها أطفال فقراء إلى منزلها، ليشاركوها الطعام وحتى الملبس.. تلك التضحية كبرت وخلدت في حياة سعيدة حتى آخر نسمة من حياتها، يوم ماتت شهيدة بأمعاء فارغة. سعيدة التي لم تكن سعيدة ! درست في مدينتها - مراكش - حتى حصولها على الثانوية العامة، ثم التحقت بجامعة الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة الرباط.. وبعد الجامعة، أكملت مشوارها الأكاديمي في مركز تكوين الأساتذة، وبينما هي طا

الوزيرة راعية الغنم !

صورة
كثير من الشباب الفقراء حول العالم حققوا أحلامهم، التي كانت تبدو للوهلة الأولى بأنها تتجاوز عتبة المستحيل.. في المغرب أمثلة كثيرة للذين حفروا الصخور بأسنانهم، وأصبحوا اليوم مشاهير العالم، كأنهم نزلوا بالمظلة على القمة.. أحد الأمثلة تتجلى في ملحن وموزع موسيقى عالمي يدعى ريدوان.. إنه العربي والإفريقي الوحيد الحائز على جائزة الغرامي للموسيقى، وحصل عليها ثلاث مرات، وقد لحن ووزع الموسيقى لأساطير الغناء، أبرزهم ملك البوب مايكل جاكسون، وليونيل ريتشي.. لكن كيفية وصول ريدوان إلى القمة تدعو لدهشة والإعجاب، فقد نعته المحيطين به أثناء حلمه الكبير، بأنه مجنون لا أكثر.. مجنون مغربي آخر كان له حلم بأن يكون أشهر  رابور في أمريكا والعالم، من الدار البيضاء انطلق ليغني الراب في أزقتها رفقة أصدقائه، ويزعج سكان المدينة، ليركض أمام دوريات شرطة، ثم رحل إلى أمريكا ليكرر نفس السيناريو في شوارع أشهر مدنها، حتى تلقى رصاصة في مؤخرة رأسه كادت أن ترسله إلى مستودع الأموات قبل المسارح والأضواء.. اليوم اسمه فرانش مونتانا، أحد أشهر فناني الراب في أميركا والعالم.. لكن، ما رأيك عزيزي القارئ  بحلم طفلة مغربية راعي

يا سارقي !

صورة
السرقة تهمة شنيعة، من طالته يكون كشظايا زجاج مكسور، أبدا لن يعود كما كان.. والسرقة أنواع، منها ما ليس شائع، مثل السرقة الأدبية.. تلك التي تهم المخطوطات الكتابية، فترى اللص يستولي على مجهود "الكتاب" وينسبه لنفسه، دون الخوف من مسائلة، ولا وخزة ضمير وعتاب ذاته.. على الأرجح هذا لم يجرب شعور أن يجد إحدى نصوصه قد نسبت لغيره، كما لو كان الأمر لهوا !. شخصيا  تعرضت كتاباتي لسرقة على درجاتها، منها تحريف لنصوص، وتشويهها، قصد التغطية على السرقة.. أو الاقتباس المبالغ فيه وسرقة الأفكار، كما يحدث في القصص القصيرة.. إنما ما تعرضت إليه مؤخرا، يعد من أرقى مراتب السرقة التي اعترضت سبيلي.. لقد سرق مني أحدهم، نصوص كاملة بصورها وحتى - يا فرحتي - بألوان الخط التي اعتمدتها في بعض الأسطر !.. لا، بل حتى تلك (الكلمة) التي أختم بها بعض المقالات، وبلون خطها الأحمر !. لم يتبق له سوى أن ينسب "مدونتي" لنفسه، ولن أستغرب لو حدث هذا.   هذا السارق، للأسف ليس مراهق يخطو خطواته الأولى في عالم الكتابة.. إنه كما يصف نفسه : كاتب محترف وأستاذ مغربي، يملك موقع ثقافي ينشر فيه مقالات متنوعة، ربما

هشام العلوي .. أمير بلا مملكة !

صورة
هو من عائلة ملكية، وسليل كبار القوم، جده هو الملك محمد الخامس، عمه هو الملك الحسن الثاني، ابن عمه هو الملك محمد السادس، وجده من أمه هو اللبناني رياض الصلح، الشخصية البارزة في تاريخ لبنان.. وكذلك هو ابن خالة الأمير السعودي الواليد بن طلال بن عبد العزيز : إنه الأمير المغربي هشام العلوي، الذي اختار الخروج من نمط أمراء العرب، والتحرر على أعراف القصور.. اتهم بأنه أمير نرجسي سعى إلى ما لا يحق له وخرج من السرب، ليكشف للأغراب عن أسرار البلاط المغربي، ويضيف من عنده بحثا  عن تصفية حسابات، لحاجة في نفس يعقوب .. وآخرون يعتبرونه مثال حي للمثقف الأرستقراطي العربي، الذي  إتسم بالشجاعة التي خولت له التخلي عن لقب مهيب ليس بامكان أي أحد امتلاكه، ألا وهو "الأمير" في سبيل العيش الحر. ولد هشام العلوي في القصر الملكي بالرباط في ربيع عام 1961، ليكون الابن البكر للأمير عبد الله، وله شقيق أصغر منه، الأمير اسماعيل.. عاش طفولته داخل القصور الملكية، وقد كان شاهدا على محاولاتا  الإنقلبيتين على عمه الملك، وأشهر الجنود السلاح  في وجههه رفقة والدته في انقلاب الصخيرات عام 1971.. وبعد عام رأى ب