المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٨

فوق رماد الرجال

صورة
قصة  قصيرة : محمد بنصالح - عيونها واسعة، شفتيها حمراء، قوامها رشيق، أنيق، إنها تحبني، تحبني أشعلت سجارتي بأخرى فانية - أنت تكذب يا أسامة، تكذب مسكين ، جننته إحداهن .. كان يقول لي : أنا مع المرأة أتحول إلى شيطان. فتحت أول زجاجة - هاك.. اشرب يا أسامة ، واترك عنك أجساد النساء ، دع خيالك المجنون يستريح - أنا لم أكن أكذب ، أنت الكذاب الوحيد هنا - اشرب، واصمت - إنها من عائلة غنية و عريقة، لم لا تصدقني؟ - تقصد نفرتتي ! - اللعنة عجوز ألقى التحية على أسامة وجلس في طاولتنا ؛ بدأ يدخن ويسعل، يسعل ويدخن : - من يكون هذا يا أسامة ؟ كح كح كح... - إنه صديقي عدنان - كح كح... - إنه كاتب - لم أرى في حياتي أديبا يرتد الخمارات كح كح..! أكملت كأسي بخفة : - ويستلهم فيها أيضا - إذن تكتب عن شعر العاهرات - لا، بل سيقان الغوريلات - كتاب أخر الزمان لقد انتهى ليل هذه المدينة مع نهاية الستينات. هكذا يقول العجوز كل حين.. بدأ يتحسر على أمجاد ماضيه ، على الذكريات المهزومة - ليلنا ليس مثل ليلكم يا شباب اليوم، أنتم لا تعرفون شيئا عن الليل - إنه عندي مديد، يعظم  على من يجتر شيخوخته جاهل

عند الوداع...

صورة
من بين أكثر لحظات الحياة تأثيرا  على عن نفسية الإنسان ، هي مراسيم الوداع ، تلك اللحظة التي يدق فيه الرحيل الأبواب ، منتظرا إياك أن أن تتوادع مع الأحباب..  تلك الكلمة التي تصيبك بالقشعريرة ( وداعا ) حين تسمعها من قريبك أو شخصا عشرته أو صدقته أو جمع بينكم عمل أو الدراسة ، او أي ظرف كان ، تسأل نفسك هل كنت جيدا معه ، هل أخطأت في شيء بحقه ، هل سيجمع بينكما القدر من جديد.. ما هو شعوره اتجاهك ؟  و  و  و ؟ .. ثم تنظر إليه بالحزن على الفراق، والإمتنان لما قضيتما معا ، ولو تشجرتما أمس القريب ..  يقال أن الإنسان لا يعرف مقادر الشيء إلا بعد فقدانه ،  و مثل مغربي - شعبي - يحوم حول ذلك يقول : " جرب غيري وستعرف خيري "  ..  لتبقى لحظات الوداع هي محراب المشاعر المختلطة ، ولا يعادلها في النقيض ، سوى اللقاء بعد غياب ، حينما  تعانق شخصا افتقدت وجوده  ، وتعرف حينئذ كم هو عزيز . بن صالح

مجد الذكريات

صورة
في يوم سعيد كنا هنا ، ثم افترقنا ، ورأينا زماننا مغادرا ولم يعد ، لا ، بل نحن لم نعد ، الأمر سيان .. منزلنا الآن صار مثل غريب ترك في قارعة الطريق ، بعدما كان الأمس القريب شعاع نور ، شرارة الحياة . وكر هاجرته الطيور ، جدولا  لا ماء فيه ، هكذا أمسى منزلنا وحيدا مشتاق ﻟـ نسمة الوجود ، ﻟـ شجرة عائلة تساقطت أوراقها تعاقبا ، فما أتى الربيع ليعيد الخضر إلى أغصانها  .. آه من الطفولة ، آه من المدرسة الإبتدائية وأبجديات التعليم.. آه من الوجوه البشوشة ذات صباح بارد تتقدم نحوى المدرسة.. آه من قهوة أمي ،  من انتظار عودة أبي ، من حنان أختي ، فيا يا زماني.... محمد

التراب و العقيان

صورة
قصة قصيرة : لـ    محمد بنصالح  ابتسمت الدنيا فبكت ثم  عادت نعرفها، فما عاد البلسم شافي ، ولا أريج الحسناء يسكر الأرواح ، ولا شعر إمرأة تغير ملابسها، يغري الأنظار . إلى هنا أجوس سائرا بين دروب الوحل نحوى معاد لم يكتب له التمام ، فما كان بيدي شيء سوى قدر قادر ، وتبقى الأشواق في الصمت المر ، ويبقى الصمت في التأنيه و تمرده، عدوا ، لازجا ، يكاد يلمس، ثم يستحيل شفافا ، أتى على صهوة جواد أغبر ، فختم دنياي على غرة ، لتبقى عبير الأماسي آتية هاربة، وتجعل مني عبدا لذكريات، إنما ، ومضات ،  ترهات .. ثم ما عاد يذهلني شيء ، فـ مساء التعاسة يا مدينتي . *** - ﻫﻞ ﺳﺄﻣﻮﺕ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ؟ - ﻛﻼ.. ﺃﻧﺖ ﺟﺎﺋﻊ ﻓﻘﻂ ، ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺘﻚ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺒﻜﻲ ، ﻣﺎ ﺑﻚ ﺃﻧﺖ ؟ ﺃﻛﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﺤﻨﺔ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺸﺎحبة، وعظام صدرها المقعر ،ﺃﺳﺄﻝ ﻧﻔﺴﻲ ﻫﻞ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺣﻴﺔ ؟ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺪ ﻣﺎﺗﺖ ، ﻗﺘﻠﻬﺎ ﺍﻟﺠﻮﻉ . ﺃﻣﻲ ﺗﻨﺘﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ، ﻏﺎﺩﺭﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ ، ﺧﻴﻂ ﻟﻌﺎﺏ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻓﻤﻬﺎ ، ﺇﺻﻔﺮ ﻭﺟﻬﻬﺎ ، ﻣﺨﻴﻔﺔ ﻫﻲ . ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﺇﺫﻥ.. ﺃﻣﻲ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ، ﺃﻧﺎ ﻻﺋﺬ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻤﺖ.. ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺗﻮﺟﻬﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ، ﺃﻣﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﺧﺘﻲ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ ﻭﺧﻠﻔﻬﺎ ﺭﻫﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭ

تفنى الأمم ويبقى ما كتبوا...

صورة
لو سألني أحدهم هل أنا نادم على شيء كتبته ، لكان جوابي ، نعم . في عام 2012 انتهيت من كتابة قصة طويلة متسلسلة ، فعزمت على أن أصنع منها كتاب إلكتروني pdf .. فقمت - متحمسا - بعرضها على أحد أساتذتي في مستوى الإعدادي، و الذي مازال يجمعني معه صداقة.. انتظرت رأيه في عملي.. فكان رده في رسالة عبر (الفيس بوك) حيث كتب لي : " ابني وتلميذي  محمد ، كنت سأكتب لك الكثير عن ما قرأته لك ، إلا أني تغاضيت عن ذلك وسأكتفي بهذه العبارة ( تفنى الأمم ويبقى ما كتبوا ) هدانا وهداك الله ، وكف عنك شر الكتابة . أستاذك ....  " صدمني الرجل بهذا الرد ، كيف لا ، وهذا العبد المذنب الضعيف كان ينتظر استحسان وتصفيق من لدن أستاذه، والذي في حضوره يستحيي .. كلام الأستاذ جعلني أعيد رأيي فيما كتبت ؛ وفي الأخير  لم أنشر القصة ، وبقيت مسودة في ذكريات قلمي البئيس ، حتى اقتبست منها القصة القصيرة ( تحت قناديل الشارع  ) .. لكني لم أستوعب كلام أستاذي إلا مؤخرا، أي بعد أن لم أترك أي موقع أو منتدى وإلا تصعلكت فيه ، وتركت في صفحاته أثر قلمي المتمرد..  واليوم أعدت حساباتي ووجدت أني أخطأت أكثر ما أصبت ، وعزائي الوحيد - المي