المشاركات

عرض المشاركات من 2023

عام آخر 2024

صورة
ليلة أمس، كتبتُ على محرك البحث خاصية الصور: "العام الجديد" لتُعرض أمامي عشرات الصور المتعلقة بعملية بحثي، ملؤها تهانئ قدوم السنة الجديدة، وأرقامها المزخرفة، وإذ ذاك أُقلب فيها، حتى نالت إحدى الصور رضاي، فقمت بتحميلها إلى صفحتي على (الفيس بوك) لأعلن مشاركتي - الكاذبة - بتبريكات العام الجديد في العالم الافتراضي، فأنا لا أحتفل لكي نتفق على هذا أولاً. بعد لحظات، اكتشفت أمرًا مذهلاً! مذهلٌ إلى درجة تجعل المرء يظن أن الواقع به خلل ما! لقد أدركت أن هذا الذي قمت به ليل أمس؛ مرت عليه عشر سنوات كاملة. لستُ أحتفل برؤوس السنوات، ولا أظنني سأفعل يومًا، ولا بداخلي ما يُشعرني بالاحتفال بأي عيد، حتى العيدين، الفطر والأضحى، أجعلهما كأيتها الأيام. في الحقيقة في عيد الفطر أميل إلى حزن الفراق، بعد انقضاء رمضان، فهو الشهر الوحيد المميز عندي في السنة، لما فيه من أجواء روحانية. اقترب رقم آخر من ضِعف اثنين، الذي أتفاءل بهم منذ صباي. قطار 2024 سينطلق بعد حين، وسيحملنا إلى مشيئة الله تعالى، منا من سينزل في إحدى محطاته، ومنا من سيواصل الرحلة إلى أن يمتطي قطار آخر غير بعيد، يظهر عليه رقم خمسة وعشرون.

نظرة وذكرى

صورة
وتذكرت.. تذكرتُ من تكون ونحن نتناظر في لحظات عابرة، أمدُّها ما يُقدر بتباصر شخصين مرا جنب بعض؛ إلا أن زمننا اختّل والتّفت إلى نظراتنا، فتّمهل، حتى يكتشف ذكريات الأماسي التي تصبُ منها صبا. إنها ذاتها، فتاتي، التي كنا نرسم معًا بعودٍ أحلامنا في التراب، واليوم تُصاحب رجلاً يبدو في عمر أبيها، إلا أنّ تشابك أصابع يديْهما، ينسفُ أُبُوّته عليها، فبدا أنه زوجها، وفي يده الأخرى مفاتيح سيارة، من شعارها، يظهر أني لن أقدر على أن أبتاعها حتى لو قدمت لحياتي قرنًا من العمل بليالٍ وأنهُرِ. وأتى بين جموع الذكريات يوم اتفقنا أن أختار أنا اسمًا لمولودنا الذكر، وتتكلف هي بتسمية الأنثى. وحين أبتغي أن أتحسّس جسدها، أُسوِّغُ لها، "بأنكِ زوجتي المستقبلية - يا هذه البلهاء -" وإذ ذاك نخوض في الحب، أو نصنعه عنوةً. وضحكت.. ضحكت، وهي تشيح بأبصارها عني، ثم غدت ورائي، فانقضى اللقاء وأدركت أن الزمن عاد راكضًا، أو تراني كنت واهمًا. أمضي في حال سبيلي، وأتساءل ما الداعي لضحكتها؟ حتى توقفتُ جنب واجهة زجاجية لمبنى مديرية الأمن، هناك أبصرتُ هيئتي، فأدركت لِمَ ضحكت، وتبدى لي الحق. 

قالت له ابتّسم

صورة
قصة قصيرة   جاء روّيده لا يطرق فكره شيئًا، فتعرضت طريقه أنثى، قالت له:  _ ابتّسم. حتى تلك السيجارة التي كان يهمّ بحشرها بين شفتيه الزرقاوتين عَدَل عن رفعها لفمه، وظلّت أصابعه تتلاعب بعِقبها الندي، ورمقها بنظرة النسر المُشمئز من الرياح العاصفة، لأنه يعلم أن أي محاولة منه للتّحكم في مسار طيرانه ستبوء بالفشل. نظر إليها صامتًا يرنو لفهم هذا الكائن الغامض - لدّنه -  المسمى (أنثى) وكيف يفكر. هل بمجرد أن يبتّسم ستحلُ جميع مشاكله، وديونه المتراكمة ستعرف طريقها للأداء؟  هل بمجرد أن يبتّسم سيتخلص من شعور الخيبة الذي لازمه منذ مرض والديه إلى مغادرتهما الدنيا، وعجزه عن تقديم يد المساعدة لهما، وقد أرهقهُ ما يزال يُرهقه؟ هل بمجرد أن يبتّسم سيُبيدُ العجز الساكن بين ضلوعه؟ هل بمجرد أن يبتّسم سيحصل على أسنان بيضاء تُغنيه عن تبرير سوداها لكل من رآها عقب ابتّسامته وسأله عن سبب سوادها وتفَتُتِهَا؟ هل بمجرد أن يبتّسم سيجد من تحبه بوجهه الشاحب وجسمه النحيف وأنفاسه التي تعلو وتنخفض بصعوبة؟ هل بمجرد أن يبتّسم سيرمي بخّاخ الربو الملازم له كظله؟ هل بمجرد أن يبتّسم سيحقق حلم مراهقته في أن يصير شبيها لجورج كلوني

زلزال الحوز : سبعة درجات ولحظات، تشقان جغرافيا المغرب العميق

صورة
كانت قرى الحوز تنطُ فرحًا وإشراقًا في وجوه الفلاحين. فجأة تغير كل شيء، وبدا الفضاء بفوضويته وجنون تنظيمه كأنها القيامة. الناس مذهولة والعيون مكلومة، بعد ليل فقد فيه الجبل صوابه، وفي آنائه تُسمع صرخات نساء وأطفال، كأنهم عالقون في أحلامٍ كابوسية، وشواهد مقبوضة بقرون الشياطين. لقد استحال الحال بقايا قرى، كشف عليها نور الصباح، وهي تفوح منها رائحة الموت. 1960.. 29 شباط، عند الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة ليلاً، زلزال بقوة 5,8 درجات، يهز مدينة أكادير هزًا. وإن كانت درجة سلم ريشتر متوسطة؛ إلا أن بؤرة الزلزال كانت جنوب المدينة وبعمق قريب، نتج عنها أكبر كارثة أصابت المغرب في القرن العشرين، فقد أودى الزلزال بخمسة عشرة ألف شهيد و25 ألف مصاب، وما يزيد عن 35 ألف بلا مأوى. لقد انهار ثلث أكادير وعانق الأرض، وما تبقى تهيأ للسقوط. 8 أيلول 2023, بعد مرور 63 عامًا وستة أشهر، و ثمانية أيام، عند نفس الساعة المشؤومة، الحادية عشرة ليلا وخمس دقائق، زلزال آخر يُراود المغرب، هذه المرة بعيدًا عن أوج التمدن، هناك عند المغرب العميق، مناطق قروية جبلية في إقليم الحوز وتارودانت، الذي مر عليها موكب الحداثة المغربية

الموعد

صورة
قصة قصيرة   أرى السعادة في بابي تتبسم إليّ، وإن بدت لي تارة كأنها تكزُّ أسنانها! لكن أتجاوز بعض توجساتي، وأقنع نفسي، أنها انفلتت بمشقة من الوحدة. *** غدا سألتقي ماجدة لأول مرة، بعد ستة أشهر من مواعدةٍ في عالمٍ يفترض فيه الناس الوجود، الانترنت. لقد افتُتنت بجمالها الأخاذ، الذي ما رأيت نظيره في دنياي، ولا انجدبت لأنثى من قبل هكذا، أو تراه العشق من جمّلها بعظمةٍ في عيناي؟ الأرجح كلا، فتلك العيون الواسعة والفم الصغيرة والشعر الحريري لا يقدر العشق أن يضفي عليهم حُسنًا إن كانوا يعدمونه. إنما تعديل الصور في الأجهزة لهو قادر على ذلك، فكم من قردةٍ في عدسة هاتفها غزال! وقد سمعت قصصًا عن اللقاءات الغرامية في الواقع بعد مسيرة في العالم الافتراضي، ويا بُعد هذا بذاك فلا يستويان، حتى أن أصدقهم قال لحبيبته في العالم الافتراضي قبل لقائهما الملموس: "بعد ولوجك المطعم حيث أكون بانتظارك، فالشخص الذي تسقط عليه أبصارك وتدعين إلهك أن لا يكون أنا؛ فذلك هو أنا! " حاولت - جاهدًا - اقناع نفسي، أن ماجدة وإن كانت لربما تعرض صورها المرسلة إليّ للتعديل؛ فليس لأنها قبيحة، فحروف الجمال بادية في محياها. وقو

حسن أوريد : كبير مثقفي النخبة الذي ارتوى بمكة

صورة
هناك فرق بين كاتب وآخر، حتى أن الهوّة بينهما قد تصل إلا ما لا يُقدر. أي لا مجال للمقارنة، ببساطة. قرأت كتابات لعدد لا بأس به من الكتاب المغاربة المعاصرين وذوات الصيت. واحد منهم فقط أضعه في مرتبة أستاذي، فعندما أقرأ له، أشعر بأني مجرد تلميذ، الذي يرى أستاذه هو المثل الأعلى والأعظم في مجاله. إنه الدكتور حسن أوريد، الذي كان لي شرف أن أحضر له محاضرة ألقاها في جامعة عبد المالك السعدي بطنجة عام 2016. عندما نحكي على الكاتب والأديب والمفكر الدكتور حسن أوريد، فهو ليس مجرد كاتب، في ساحة اختلط فيها الحابل بالنابل؛ بل هو تجربة إنسانية وعلمية ببعد يستّحق الإمعان في كل عبارة يخطها هذا الرجل، الذي يملك سيرة مميزة يتمناها كل كاتب ومفكر. ولد حسن أوريد عام 1962 في قرية أمازيغية تدعى تزموريت على مقربة مدينة الراشيدية، في الجنوب الشرقي للمغرب، لأسرة أمازيغية متوسطة الحال، كان والده معلما للغة العربية ومقدرًا للعلم، وقد نبت حسن في هذه البيئة التعليمية وتفوق على أقرانه في المدرسة. بل قيل إنه كان نابغة في طفولته، ما جعل حياته وحياة أسرته البسيطة تنقلب كما لم يتوقع أحد بسبب نبوغ الطفل حسن، فقد تم اختياره ضمن

اتركونا ننام

صورة
(قصة قصيرة جدًا) كنت أتصفح قصاصات صور ماضيّ الجميل، ذلكم ماضٍ مضى وجمال انقضى، وأتأمل فيها شابًا وسيمًا مفعمًا بالحياة كان أنا، الذي خرج من معركة الزمن مهزومًا إذ صار وحيدًا. فلم أتورع لكي أزيد على مأساتي دمعةً، التي تدحرجت على وجنتي وغيرت مسارها إلى ناحية فمي، فأخرجت لساني لأتعرض لها وليذيقها فاهي، واستّخلص منها ملوحة لكأني ألفتها قديمًا، فتذكرت من أين لها ولفةٌ، فكان في صباي يوم تضربني أمي الحنون، فأصرخ باكيًا إلى أن تصل الدموع فمي فأُلقي باللسان لأبتلعها وأصمت هُنيهة من البكاء حتى يتبيّن لي مذاقها، ثم أستأنف عويلي، الذي إن لم ينتهِ بالنوم؛ تُنهيه صفعة خُفٍّ مُبّلل - في قفاي - توضأت به جدتي للتو. وإذ هذه الذكرى، زاد على مأساتي دمعتان، إلا أن الدمعة الثانية لم تُحرّف مسارها كالأولى، وابتدعت عن فمي ما يكفي لنجاة من مصيدة لساني، وفُقد أثرها في عنقي. بين اختلاط شعور الحنين بالمأساة؛ قُطعت خلوتي بطرقات على الباب، فأغلقت قصاصات الصور وأرجعتها إلى منفاها فوق الدولاب، ورفعت أنظاري إلى ساعة الحائط مستطلعًا الوقت، لألقاهُ عاتب الثانية صباحًا. تعجبتُ من تلك العقارب التي لا تلتقط أنفاسها، بل تظ

حادثة روزويل : هل زارت كائنات فضائية الأرض؟

صورة
هل نحن وحدنا في هذا الكون الفسيح الذي لا يُعرف مداه؟ سؤال عظيم رافق البشرية في عمرها، ومهما كان جوابه، فهو مرعب سيّان. إن كان الجواب نعم، وأنه لا وجود لغيرنا في هذه المساحة العظيمة التي تكون الكون؛ فيالها من وحدة! وحدة رهيبة أننا نقبعُ في ما لا نهاية.. أما إن كان الجواب لا، وأننا لسنا وحدنا؛ فيا ترى أي مخلوقات تلك التي تشاركنا الحياة في مكان ما في الكون؟ وكيف تكون حضارتها؟ أهم متطورون منا؟ المخلوقات الفضائية، الأطباق الطائرة، حياة أخرى في الفضاء. هذه الوسوم وما يرتبط بها، عرفت انتشارًا واسعًا بداية من القرن الماضي، تحديدًا بسبب القفزة النوعية للبشر في مجال التكنولوجيا، حين أمكن له اكتشاف الكواكب والبحث في الفضاء، حتى باتت عبارة "هل نحن وحدنا" إحدى أعظم الأسئلة التي طرحها البشر، أو لغز عظيم أثار الجدل وما يزال يفعل، بين مصدق بوجود حياة أخرى غير البشر، والمشكك بذلك، وبينهما سجال طويل، ففريق يضع البراهين وفريق آخر يُفندها، وهكذا دواليك. وإحدى أقوى الحجج لكلي مصدق بوجود المخلوقات الفضائية وزيارتها للأرض، نلقى ما يُعرف بحادثة روزويل. الولايات المتحدة، قرب بلدة روزويل التابعة لولا

الأنوثة الممزقة !

صورة
تجد وردّة نفسها في ظُلمة النهار، صُحبة وحدتها، خيالاتها المُنهكة. تمكثُ في صمت الدنيا اللاغي بالهواجس، عند وادٍ تتفتّتُ فيه كل أمنيات كانت ترنو ذات صِغرٍ إلى الحياة. تنظر إلى نافذة تبدو عالية على طولها، إنها نفس النافذة التي رافقتها منذ طفولتها، إلا أنها لم تقدر على السير ناحيتها وأن تثابر بأن تُطل منها، رهبًا ممن أنذرها، ولو حدث - مرارًا - أن تحدوها رغبة جامحة لإلقاء نظرة منها، إنما لا تقدر - حتى الاقتراب - كما يُملى عليها، وخشيّة مما قد يأتي منها.                          ***   كل ما يعج به العالم، لا أدري  عنه إلا الشيء القليل، فحدود دنياي أمامي أبصرها كل صباح ومساء، بل تطالها يداي، إنها تكون جدران منزلنا، وكل السبل فيه تقودني إلى المطبخ، الذي أخذ من عمري أرباع ثلاث، أو ما يزيد.  أنا أنثى وسط رهط الرجال، والدي مدمن كل المنوعات طالقُ خمس زوجات بالتّدرج، - من بينهن أمّي - كُنّ جميعًا ذات عيوب حسب مراجع أبي، الذي جعل منهنّ خادمات وأكياس الملاكمة في النهار، ولُعب جنسية في الليل، وعورة أمام الناس.  فهوى والدي فرقعت الأقفال وراء النساء. لي ثلاث أشقاء، أكبرهم، وريث أبيه وحافظ سرّه، وشقي

قنبلة هيروشيما : الجريمة العظمى

صورة
هي واحدة من بين أبشع الجرائم التي اقترفتها أيادي البشر، يوم قررت الولايات المتحدة الأمريكية معاقبة اليابان عام 1945 في آخر الصور من قصاصات الحرب العالمية الثانية، وألقت عليها قنبلة ذرية كانت من نصيب مدينة هيروشيما، ثم قنبلة أخرى على مدينة ناغاساكي، ففُتحت أبواب الجحيم على المدينتين عنوانها العريض، مأساة إنسانية سببها الإنسان، الذي كشف عن أمّد ما يستطيع القيام به، حينما يقرر إلحاق الأذى ببني جلدته. قصف بيرل هاربر : اليابان تتجرأ على أمريكا كل شيء بدأ في صباح يوم السابع من كانون الأول عام 1941، حيث الطيران الحربي الياباني ألقى تحية صباح على القاعدة البحرية الأمريكية بيرل هاربر قرب جزر هواي. طائرات حربية يابانية قُدر عددها بالمئات، حلّقت ذاك الصباح في المحيط الهادئ، ثم بغتةً قصفت أسطول بيرل هابر، وأسفر الهجوم على مقتل أزيد من ألفين وأربعمائة شخص وجُرح أزيد من الألف، وكان ضمنهم مدنيين. نتج عن الهجوم كذلك غرق عشرون سفينة أمريكية بينهم ثلاث سُفن حربية، وتدمير أزيد من ثلاثمائة طائرة حربية. الهجوم على بيرل هابر شكل صدمة للقيادة الأمريكية وشعبها الذي كان يرفض من قبل انخراط بلده في الحرب، إلا

المخزن : لفظٌ يتأرجح بين مخازن السلطان ومعركة وادي المخازن

صورة
سلسلة نفحات من مملكة - 3 -  وأنا صغير، يُخيّل إليّ كلما أسمع "المخزن" رجلٌ عملاق بطول الجبل،  يرتدي بذلة أمنية، ويجلس على كرسي عظيم يبرق فيه ذهب مرصوع. يُشير بإصبعه فيهرع الجميع للتنفيذ. ذاك المخزن في مُخيّلتي الصغيرة.  المخزن.. لفظٌ يُطلق - أحيانًا - على الطبقة الحاكمة في المغرب، حتى أنّه قديمًا يسمى قصر السلطان "دار المخزن". كذلك هو لفظٌ شعبيٌ متداول، "المْخْزْنْ" (بسكون جميع الحروف) بالدارجة المغربية، ويقصد به الناس، خدام الدولة، وفي الغالب رجال الأمن، سواء الشرطة أو الدرك وكل ما يدور في فلكهم. وقد تسمع في المغرب عبارة، "فلان يشتغل مع المخزن"  أي  أنه يعمل مع الدولة في سلك السلطة، لكن فئة شعبية أخرى لا تحصر المخزن في السلك الأمني فقط؛ بل تربطه بكل ما يتعلق بالدولة. وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال مُلّح: ما دلالات المخزن، ومن أين جاء؟ وقد نبدأ من نهاية الجواب، ونقول أن "المخزن" في الأخير هو لفظ غامض - فيما يظهر عليه - وليس له الجواب المطلق ليشفع للسائلين، ويضع الحد لكثرة السبل التائهة في ربط المخزن بهذا وذاك، لكأنه وهم وحقيقة في آن واحد، وه

جميلٌ أن تبتّسم

صورة
كن جميلاً، وابتّسم. وسترى للحياة جانبها الجميل. ابتّسم يا صاحبي، فلا يوجد أجمل من ابتّسامة الإنسان. وإن تكسّر صحنك، فتذكر الذي وقع مطبخه؛ وستخجل حينئذ من بؤسك، فتُكشر ببسمتك. وتعلّم أن تضع الدنيا في ميزان لا يختّل، حتى لا تطلبها بإسراف، ولا تدفعك أن تعيش ميتًا بلا أمل ترنو إليه، فكلاهما سيان، قبيحان. كن جميلاً حتى عند استسلامك، فما أجمل الاستسلام في ورقة توت يحملها غدير، في بستان صغير.

بغلة القبور .. أسطورة الخيانة في حكايات الأمازيغ

صورة
وعند انتصاف يوم من رمضان، دأبت امرأة على التسلل إلى قبو منزلها دون إثارة حفيظة زوجها وأبنائها، هناك لتضرب موعدًا مع الظلام، أي وقت المغرب الذي قد حان في القبو! "مساء الخير يا آذان المغرب، ها أنا جئتك قبل أن تجيء أنت، وبمعيّتي وجبة فطوري الساخن" تضرم للشمعة لتنير على طعامها، وتبدأ في الافطار، إلى أن تنتهي من دس كل الطعام في وجهها ويثقل بطنها، فتهم مودعةً ساعة المغرب، عائدةٌ إلى وقت الظهر، بعد زيارة قصيرة إلى الليل وقد أتت فيه حاجةً لها. وهكذا لا تنتظر ساعة المغرب لتفطر مع المسلمين، فمغربها قد اهتّدت إلى مكانه، وإذ ذاك لا تُتّم أنهر الصيام، ظنا أنها تخدع الله، وما تخدع إلى نفسها. وهكذا دواليك تخوض المرأة في مكرها مع رمضان، وفي كل يوم من الزوال، تجد المرأة عند ساعة المغرب المزيفة في قبو منزلها، وهي تلتّهم الطعام بينما الناس تواصل الصيام، إلى أن رحل رمضان وأتى العيد، الذي لم يلقَ المرأة، فقد اختّفت وشغلت أهلها والناس عن مصيرها، كأنها رافقت ذهاب رمضان. بحثوا عن أثرها في كل مكان ولم يهتدوا إلى ممشاها الأخير، وما عاد هناك أمل لُقياها، وإن هي في مكان قريب، قريب جدا منهم، ألا وهو قبو

يا فراشة مهلاً

صورة
ما عاد ما يُبهرنا، فقد فُسدت مساحق دنياينا. أهو فنيُّ العمر من عفّن إياها؟ الأرجح كلا، وربما تلكم الفراشة التي اقتّطفتُ أجنحتها كي لا تطير في صغري ثم لأستلذ خيبة محاولاتها التحليق؛ قد انتقمت مني في كبري، وفي مكان ما تراقب ببهجةٍ بؤس حالي، بعد أن استكانت قناديل الحلم في عتمة الواقع، واستّحال وهم صبانا كابوسٌ أنيس ليالٍ مُرضعات الأرق، فرسبت الأحلام في الإبقاء على كينونتها بعد أن وصلت إلى زمن كان يُتّوقع عنده ادراك الواقع، قبل أن تُكشفَ عن سفسطة، فرُصدت في مجمع الأوهام وقُبِّلت بدرجة خيال ممتاز. آه من الغمضة التي يليها النوم، من كل الذي يهوى بلطفٍ إلى الضفة الأخرى من الليل، من مشهد الغسق والليل وافد في الأفق، والعريس المُقبل تتراءى له عروسه أينما ولى بصره، ولغدٍ منتظره ينتعش بالانتظار، ولذات عصر صبانا في اللهو امتلكنا الدنيا فكانت نحنُ، فوق جدع شجرة صرنا فرسانًا وسيفنا عودُ. آه من كل لحظة رافقها المستحيل وسار بها لتتوارى إلى الأبد، من كل شيء يدعو نُشدانًا للحياة. فيا فراشة مهلاً، لا شماتة فيّ فتّمهلي، وإليك عن مسّرة حالي، حتى لا تدلك حدج الصدف وألقاك في سبيلي القفر، وأنتِ فيه تعرجين.