نظرة وذكرى



وتذكرت.. تذكرتُ من تكون ونحن نتناظر في لحظات عابرة، أمدُّها ما يُقدر بتباصر شخصين مرا جنب بعض؛ إلا أن زمننا اختّل والتّفت إلى نظراتنا، فتّمهل، حتى يكتشف ذكريات الأماسي التي تصبُ منها صبا. إنها ذاتها، فتاتي، التي كنا نرسم معًا بعودٍ أحلامنا في التراب، واليوم تُصاحب رجلاً يبدو في عمر أبيها، إلا أنّ تشابك أصابع يديْهما، ينسفُ أُبُوّته عليها، فبدا أنه زوجها، وفي يده الأخرى مفاتيح سيارة، من شعارها، يظهر أني لن أقدر على أن أبتاعها حتى لو قدمت لحياتي قرنًا من العمل بليالٍ وأنهُرِ. وأتى بين جموع الذكريات يوم اتفقنا أن أختار أنا اسمًا لمولودنا الذكر، وتتكلف هي بتسمية الأنثى. وحين أبتغي أن أتحسّس جسدها، أُسوِّغُ لها، "بأنكِ زوجتي المستقبلية - يا هذه البلهاء -" وإذ ذاك نخوض في الحب، أو نصنعه عنوةً.

وضحكت.. ضحكت، وهي تشيح بأبصارها عني، ثم غدت ورائي، فانقضى اللقاء وأدركت أن الزمن عاد راكضًا، أو تراني كنت واهمًا. أمضي في حال سبيلي، وأتساءل ما الداعي لضحكتها؟ حتى توقفتُ جنب واجهة زجاجية لمبنى مديرية الأمن، هناك أبصرتُ هيئتي، فأدركت لِمَ ضحكت، وتبدى لي الحق. 

تعليقات

  1. عبد الرزاق ايدر25 نوفمبر 2023 في 8:16 م

    ساخرة وعميقة ، قلمك في السخرية مدمر ههههه
    تحياتي سي محمد

    ردحذف
  2. عسى أن تعجبك.. وذكرتني "بالسي محمد" بأحدهم الله يرحمه. كان لا يناديني بمحمد حاف، لا بد من السي.

    تحياتي أيها الوقور.

    ردحذف
  3. عبد الرزاق ايدر26 نوفمبر 2023 في 9:13 م

    أعجبتني كما يعجبني ما تكتبه في المجمل حتى أنني تعودت على اختصاراتك وقصصك السريعة
    ويا سيمحمد إن خير الأسماء ما حمد وعبد وأنت لك خير الأسماء وشيء جميل أن فئة من المغاربة يعظمون من اسم محمد
    الله يرحمه وغالبا سيكون من فاس أو مكناس حم حم تخمين بسيط ههههه

    ردحذف
  4. إن شاء الله تظل معجبا ووفيا ^^

    تخمينك في محله، هو من مكناس. وبالمناسبة أهل فاس ومكناس هم المعروفين بهذا التوقير لاسم محمد. وكما ذكرتَ، أن أخيّر الأسماء ما عُبد وحُمد.. والحمد لله لنا من هذه الأسماء نصيب.

    ردحذف
  5. تركت حبيبها لأجل من بعمر والدها لأن طريق المال أراد ذلك.
    شيء من جلد الذات وشيء من الكوميديا السوداء وأسلوب كتابي متمكن لا متكلف ولا بسيط أخرج لنا قصة قصيرة قالبها مستهلك لكن لمسة للكاتب غطى على تكرارها.
    ما لاحظته أن قصصك محكومة بالواقعية ! هل هو مؤبد أو محدد ؟
    بالتوفيق

    ردحذف
  6. تعليقك ذكرني بزمن الردود على القصص في المنتديات.
    لا أخفيك، أنا لا أؤمن بالاستهلاك في القصص القصيرة، (إلا من نهاية "واستيقظ من الحلم") طالما لكل قصة ما يميزها.
    والحق كل الحق فيما أشرت إليه. فحقا لا أعطي ثقتي لخيالي عندما أقوم بتأليف القصة؛ فأُفضل الواقع أو تجاربي الحسية، ربما لأن مخيلتي ليست مهيأة كما يجب. لذا اعتبره حكما لا يعرف له مددا، لكن ليس مؤبد^^
    شكرا على المشاركة معنا.

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -