المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠٢١

سبيل البريق

صورة
  قصة قصيرة قد يتعذر الوصول، آهٍ من أن لا أصل.. فيحصل أن أتوقف عند منتصف الطريق، فلا أقدر على العودة،  لأنه عُبِث بأثار أقدامي، وسأتوه لو عكست السبيل.. هو شعور سيظل على مقربة مني، سيرافقني في الرحلة ويتربص بي، فأنا فريسته: أن لا أصل.  لا أرى من المعتاد عدى زرقة السماء، تمدني بشيء من الحراسة، والاطمئنان، الذي يتلاشى بعد حين، فلا يبقى إلا عند رفع الأبصار، مع خشية  تقلص ذلك الاطمئنان المستمد من السماء، فيصير مثل ساعة الرمل. أتحاشى النظر إلى الأعلى، فالأرجح لن أرى عدى كسرة من السماء بين رؤوس الأشجار الباسقة.. إن انحصارها يزيد وحشتي. أواصل قُدمًا، أملاً أملاً في وصولٍ يحدوني.. أُفكر في طفل يعلب عند وقت العصر، ويجعل من جدع الشجرة حصانه.. امرأة تمشط شعرها، وتبتسم لنفسها في المرآة.. طفلة تنظر بإعجاب في عيون دميتها.. رائحة قهوة أمي في صباح صقيع. كل ما يجعل الدنيا جميلة، وتستحق أن نناشد في عيشها، فنعرف في الأخير، أن الحياة عاهرة وشريفة، كما قال لنا الواصلين. أخطو إلى الأمام، مع الكثير من التلافي، وأفكر في بئر لا قعر.. رجال يُساقون إلى منصة الإعدام.. وادٍ من الثعابين شديد التدفق.. أطرد عن نفسي تل

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

صورة
رجل قصير القامة مملوؤها، ذو جه مستدير يميل للسمرة، ملامحه يبدو عليها تجاوز عمر السبعين، يرتدي جلبابًا تقليديًا، يقف عند عربة الفواكه ويساوم صاحبها بابتسامة فاترة، وعيون مُرهقة.. إنه ما يزال يحتفظ بسواد شعره في هذا السن المتقدم، - أو الأرجح قام بطلائه؟ - في الأخير يتبضع بعض ثمار الفاكهة، وينصرف في سبيله، قبل أن يوقفه أحدهم قائلاً باللهجة الطنجاوية: كِيف نْتينا أعمي احمد؟. يرفع رأسه لهذا السائل فيّرد السلام، ويدردشان لوقت قصير، قبل أن يواصل في سبيله نحو منزله.. وما هي إلا لحظات، حتى يظهر الرجل في الحي مرة أخرى، هذه المرة يضع طربوشًا أبيضًا على رأسه، ويقصد مسجد الحي، هناك يصلي المغرب جماعةً ويحضر لقراءة حزب الليلة، ثم صلاة العشاء، ليعود لمنزله بخطوات هادئة دون التفات إلا لالقاء السلام، أو ردّه، فيما يبدو، أن الرجل وضع الدنيا خلف ظهره، واكتفى منها.. فمن هذا السيد؟ هذا الذي يساوم ببشاشة صاحب عربة الفواكه، كان في زمن مضى، تقدر ثروته بملايين الدولارات! بل إن غمامة مُلبدة بالمال، تسبح فوقه أينما خطت خطاه، وبإشارة من أصبعه، تنهمر الأموال! هذا المخلوق اللطيف، بسببه وأقرانه، كاد الاقتصاد المغربي،

مغارة هرقل .. نافذة أفريقيا الأسطورية

صورة
خذوا أماكنكم، واربطوا الأحزمة، فسنقصد مكان يُدعى كاپ سبارتيل، حيث مرج البحرين يلتقيان، الأبيض المتوسط مع الأطلسي، وفي مرمى هذا اللقاء، سنقف عند ثغر على شبيهة من شكل قارة أفريقيا، نحتته الطبيعة قبل آلاف السنين، ينفذ إلى سراديب في باطن المرتفع الصخري، ويبلغ مجموع هذه التجويفات ثلاثين كيلو مترًا، وعند تلك النافذة الشهيرة تتكسر أمواج المد عند لقاء البحرين، في إطلالة على القارة العجوز التي تتراءى لنا على بعد أقل من أربعة عشرة كيلو مترًا. نحن هنا، في نهاية قارة وبداية قارة، عند حافة العالم كما كان يعتقد القدماء.. نحن هنا، عند مياه تاهت فيها سفينة نوح وأنقذتها النوارس.. نحن هنا، في أرضٍ وصخرٍ تكسرا تحت ضربة أحد عظماء الإغريق.. نحن هنا، في بقاع تمتزج فيها الأسطورة مع الحقيقة. نقطة إلتقاء البحر الأبيض المتوسط مع المحيط الأطلسي في منطقة يُطلق عليها كاپ سبارتيل نحن هنا، في مدينة طنجة وعند مغارة هرقل، أكبر المغارات في قارة افريقيا وأشهرها على الإطلاق، وأحد معالم السياحية في طنجة.. أذكرتُ "هرقل"؟ أجل، وها نحن ذا نفهم أنّ أسطورتنا اليوم لها صلة مع جنون الميثولوجيا الإغريقية، ومهد الأساطي