المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١٩

بلاغ إلى الشفاه

صورة
أمس كانت هناك مريم ، الإسم الشفاف الذي صنعت منه أشرعتي ، فإذا بها تتمزق في أول عاصفة تبث على مركبي . كانت تقول : إن فخامة إسمي تكفي . حتى رحلت مريم وتمثالها من معبدي ، ثم غدوت مريضا  محتضرا تجره الموت بيقين ، فترجلت من على صهوة ليل العاشقين ، ثم علمت أن دنياي  لا تحب أن تراني من الأسفل ، فصارت كل نساء العالم تكتسي ثوب مريم . *** غربت شمس اليوم، وأرخى الليل صمته ولف الدنيا سوادا ، فتوهجت مصابيح الشارع ، في الأثناء رجل  باسق يخطو واثقا بين البنايات في خشوع، ولا يلتفت برأسه، كأنه وحيدا في هذا العالم ، وكل ما يدور حوله إنما أشباح و ومضات من غابر الأيام ، إنه سعيد الذي اقترب من خط الأربعون ربيعا، ومازال على ذمة نفسه، لا زوجة ولا أطفال ولا خطيبة ولا حتى عشيقة، إنه يركن إلى أحوال حاله في هذا العمر الشبه بعيد من الغراميات وغزل العيون ، كأنه إرتوى وكفى ، وقرر اكمال المشوار وحيدا سعيدا بوحدانيته ، يعرف في الحي أنه دمث الأخلاق ، يكتفي بإلقاء السلام على من يصادفه في سبيله ذاهبا أو عائدا من عمله ، إلا من بين المرات يكسر القاعدة وإذا به يدندن أغنية بصوته العميق الأبح ، كأنه يغازل الماضي من

عد إلى هنا !

صورة
الجميع مبتهج ، حتى الحيطان تكاد السعادة تصدعهم، الزغاريد تنضح بها حنجرة ثلاث سيدات واقفات جنب الباب ، نسميهم في المغرب (النكافات) في الأغلب يكن ممتلئات يلبسن القفاطين وهن بنفس الميزان والطول ، مهامهن هي إطلاق الزغاريد حتى تشق عنان السماء ، وترديد بعض الأهازيج بانتظار قدوم ما طاب وشاه من الطعام . آه، آه،  لقد غدوت عريسا والدنيا ابتسمت أخيرا بعد دهر من الأتراح ، الليلة ليلتي ، والعروس هي عروستي ، وأنا لها ، وهي لي. العروس في هذه الليلة ، كمثل معدن نفيس تحجبه باطن الأرض ، الكل يبحث عنها ، ترى كيف تبدوا؟ هل يناسبها ثوب الزفاف؟ هل يناسبها العريس؟ هل رأيتموها؟ متى ستظهر؟ لقد تأخرت ! .. أنا هنا وقلبي يدق دقا ، لم أعرف له هذا الدق منذ أن علمت أنه يدق ! أولم أكن أمس جبلا لا تزعزعه رياح؟ وها هي العروس تسير كالملاك بثوب أبيض ناصع، وتاج يبرق معدنه هناك أعلى نقطة في رأسها ، وها هو قلبي زاد في الدق ! عروستي هنا ؛ لا أكاد أصدق عيني ، حلم هذا أو علم ؟  كم أخشى من الإستيقاظ اﻵن ، لأجد الشمس تعلن انطلاق يوم جديد ، لتجدني عائدا إلى لجج اليأس أناجي الخيال في غمرة الليل البهيم ،  لا، أعوذ بالله من ذاك

عرافة البلقان .. العمياء التي ترى ما لا يُرى !

صورة
»إن كل أعمى يقوده ملاك« تلك مقولة عتيقة عندنا في المغرب. وفي رأيي - الغير مهم - فلمسكين عفاه الله، لا تقوده سوى العصا. «يقال أن أحدهم أراد احراج أعمى فقال له : ما أخذ الله من عبده شيئا إلا عوضه؛ فبماذا عوضك أنت؟ أجابه  : عوضني الله أن لا أرى أمثالك» البعض يتساءل بماذا يحلم الأعمى؟  هل تدري أيها القارئ بماذا تحلم أو - ربما - ماذا ترى إحدى فاقدات البصر؟  ليس أن تعود بصيرة، ولا فارس يتقدم إليها على صهوة جواد أبيض. أبدا لا،  إنها ترى المستقبل ! أجل. ماذا؟ لا تصدقني : إذن أدعوك لتتعرف على احدى أشهر فاقدات البصر في القرن العشرين المثيرة للجدل. تدعى «ﻓﺎﻧﻐﻴﻼ ﺑﺎﻧﺪﻳﻔﺎ ﺩﻳﻤﻴﺘﺮﻭﻓﺎ» تعرف بـ بابا فانغا أو بلقبها المشهور عرافة البلقان. إستولت على عمامة نوستراداموس العراف الشهير ، بل قالت له : إنك لا تعرف شيئا في التنجيم.. عرفت في كل بقاع العالم بتنؤاتها المثيرة، حتى أطلق عليها البعض نوستراداموس البلقان.   ولدت في يناير عام 1911في بلغاريا وتحديدا في قرية ﺳﺘﺮﻭﻣﻴﺘﺴﺎ - الواقعة حاليا في مقدونيا - التابعة حينها للإمبراطورية العثمانية؛ مثل أي فتاة عادية لعائلة متواضعة، فوالدها كان مجند في الجي

هكذا هي الساعة .

صورة
أتثاءب بغير رغبة في النوم.. لاشيء يستحق ، إذن فلنرى ماذا يوجد عند شريكتي في غرفة النوم ، رفيقتي التي أقضي معها ليالي الملاح، حتى أستسلم لنوم على نغمات صوتها، إن حضورها لا مرد له، ولا أتصور قضاء ليلتي بدونها، إنها تؤنس وحشتي وتبث الإلهام في مشاعري .. إنها التلفاز يا هذا ؛ ماذا به تفكيرك؟!  ضغطت على زر المرتد فتوهجت النقطة الحمراء ، ثم ظهرت ومضات خيوط كالبرق ، ثم اهتزت الصورة قبل أن تستقر في مكانها ، ونفخت الروح في الصندوق ليهم بالكلام ، فعدلت جلستي وتنحنحت كأن بي سأغني ! لكن الحقيقة  سأرشف رشفة من كأس صغير على يميني انتصف فيه الشاي المنعنع البارد، ثم ركزت أنظاري على الشاشة في خشوع لأتبين خبرا جديدا، فأكتشف نفس المواضيع المكررة : قنبلة انفجرت هناك.. فنانة تزوجت وأخرى تطلقت.. غيرت المحطة ، لأجد مذيعة ملونة بابتسامة مدفوعة تعودت رؤية ملامحها أكثر مم أرى فيه وجهي في المرآة ! كأن لا توجد سوى مذيعة واحدة في بلدنا؟! وهاهي قد عزمت العزائم : "بلدنا أسعد البلدان ، مشروع ضخم في العاصمة ؛ مئة وثلاث وأربعون مليون سائحا زاروا بلدنا في نصف هذه السنة الجاربة ، سعادته ،  فخامته ، جلالته"..