هكذا هي الساعة .


أتثاءب بغير رغبة في النوم.. لاشيء يستحق ، إذن فلنرى ماذا يوجد عند شريكتي في غرفة النوم ، رفيقتي التي أقضي معها ليالي الملاح، حتى أستسلم لنوم على نغمات صوتها، إن حضورها لا مرد له، ولا أتصور قضاء ليلتي بدونها، إنها تؤنس وحشتي وتبث الإلهام في مشاعري .. إنها التلفاز يا هذا ؛ ماذا به تفكيرك؟!  ضغطت على زر المرتد فتوهجت النقطة الحمراء ، ثم ظهرت ومضات خيوط كالبرق ، ثم اهتزت الصورة قبل أن تستقر في مكانها ، ونفخت الروح في الصندوق ليهم بالكلام ، فعدلت جلستي وتنحنحت كأن بي سأغني ! لكن الحقيقة  سأرشف رشفة من كأس صغير على يميني انتصف فيه الشاي المنعنع البارد، ثم ركزت أنظاري على الشاشة في خشوع لأتبين خبرا جديدا، فأكتشف نفس المواضيع المكررة : قنبلة انفجرت هناك.. فنانة تزوجت وأخرى تطلقت.. غيرت المحطة ، لأجد مذيعة ملونة بابتسامة مدفوعة تعودت رؤية ملامحها أكثر مم أرى فيه وجهي في المرآة ! كأن لا توجد سوى مذيعة واحدة في بلدنا؟! وهاهي قد عزمت العزائم : "بلدنا أسعد البلدان ، مشروع ضخم في العاصمة ؛ مئة وثلاث وأربعون مليون سائحا زاروا بلدنا في نصف هذه السنة الجاربة ، سعادته ،  فخامته ، جلالته".. وإلا ما هنالك من افتراءات ونوم مغنطيسي واستحمار؛ وتمويه وطلاء الجدران الخربة بأزهى الألوان. إنها  فضائيتنا شلال هادر من الأكاذيب.. اﻵن دعونا من القناة الوطنية وما تدعيه،  حتى لا نكذبها اليوم ونصدقها غدا. فالكاذب يكذب ويكذب، ثم يصدق كذبته.. لكن مهلا !  هناك خبر عاجل أسفل الشاشة : "الحكومة قررت إضافة ساعة على توقيت البلد الرسمي ابتداءا من الثانية بعد منتصف هذه الليلة "
لك الحمد والشكر يا ربي  ، لقد انتهينا من كل المشاكل ولم يبقى لنا سوى عقارب الساعة.. إذن سأذهب لإضافة ساعة على ساعتي؛ إلى أن تحلم الحكومة بتأخير الساعة، ومن ثم نعيد العقارب إلى الوراء لنعود لساعتنا القديمة ، وهكذا هي الساعة،  بانتظار قيام الساعة .


بنصالح

تعليقات

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أغرب القصص في الإنترنت المظلم -1-