بغلة القبور .. أسطورة الخيانة في حكايات الأمازيغ
وعند انتصاف يوم من رمضان، دأبت امرأة على التسلل إلى قبو منزلها دون إثارة حفيظة زوجها وأبنائها، هناك لتضرب موعدًا مع الظلام، أي وقت المغرب الذي قد حان في القبو!
"مساء الخير يا آذان المغرب، ها أنا جئتك قبل أن تجيء أنت، وبمعيّتي وجبة فطوري الساخن"
تضرم للشمعة لتنير على طعامها، وتبدأ في الافطار، إلى أن تنتهي من دس كل الطعام في وجهها ويثقل بطنها، فتهم مودعةً ساعة المغرب، عائدةٌ إلى وقت الظهر، بعد زيارة قصيرة إلى الليل وقد أتت فيه حاجةً لها. وهكذا لا تنتظر ساعة المغرب لتفطر مع المسلمين، فمغربها قد اهتّدت إلى مكانه، وإذ ذاك لا تُتّم أنهر الصيام، ظنا أنها تخدع الله، وما تخدع إلى نفسها. وهكذا دواليك تخوض المرأة في مكرها مع رمضان، وفي كل يوم من الزوال، تجد المرأة عند ساعة المغرب المزيفة في قبو منزلها، وهي تلتّهم الطعام بينما الناس تواصل الصيام، إلى أن رحل رمضان وأتى العيد، الذي لم يلقَ المرأة، فقد اختّفت وشغلت أهلها والناس عن مصيرها، كأنها رافقت ذهاب رمضان. بحثوا عن أثرها في كل مكان ولم يهتدوا إلى ممشاها الأخير، وما عاد هناك أمل لُقياها، وإن هي في مكان قريب، قريب جدا منهم، ألا وهو قبو المنزل، لكنها ما عادت بشرًا! ذات يوم سينزل زوجها إلى قبو المنزل وفيه سيلقى صخرة على شبيهة بالإنسان، وحولها طعام فاسد، فعرف أنها زوجته!
هي حكاية أمازيغية من الكتب المنفيّة أعلى الرفوف، مغزاها إنظار كل من يفكر في خداع الله تعالى، والمس بحرمة رمضان، فالحكايات الأسطورية الأمازيغية عادةً ما ترتبط بالدين، مثل أسطورة طيط صضيص. إنما أشهر الأساطير التي تدور في نفس الفللك عند الأمازيغ، نجد بغلة القبور.
في زمن بعيد، بعيد جدًا، عند قرية ما، كانت هناك امرأة تعيش مع زوجها حياة كريمة، إلى أن رحل زوجها إلى نومتّه الأبدية. مات الزوج وترك أرملته دون أبناء، ودخلت فترة الحداد، التي تستمر أربعة أشهر وعشرة أيام، حيث تلبس فيه الأرملة الثوب الأبيض ولا تظهر للرجال. وقبل أن تنقضي أيام الحداد، اقترفت المرأة ذنب عظيم، ألا وهو الزنى، وهكذا استّعجلت السيدة الذنب وبالكاد استوى زوجها في قبره. غضب الله عليها ومسخها إلى مخلوق هجين، نصفها الأول بغلة، والنصف الثاني امرأة، إلا أن حجهما يفوق البغلة الطبيعية، فتظهر ليلاً في المقابر وهي مغلولة بالسلاسل ضخمة يُسمع دوي ارتطامها من بعيد، وتتوّقذ شرارة في عيونها، لتتّجول في أنحاء المقابر بانتظار أي رجل ذو نحس بغيض تقوده أقدامه إليها، حتى تجتثه إربًا، بداية بأعضائه التناسلية. وفي رواية أخرى، يُقال بأنها تقصد المنازل ليلاً، لتطرق أبوابها وقد تبدلت حالتها، وانقلبت إلى شابة مليحة القوام، جميلة كالملاك، فتطلب المبيت عند الرجال، ولا هَمّ لها بالنساء، وكل من رحب بها - إلا يوسف الصديق منهم -؛ فمصيره الهلاك، حيث ستحمله على ظهرها إلى المقبرة، وهناك ستعبث بجسده، منتقمة فيه من كل الرجال، الرجال الذين تسببوا في مسخها وعذابها. فتنام النهار مع الموتى، وتنهض مع هبوط الظلام على المقابر قصد الانتقام، حتى انفراج الفجر.
هي أسطورة شهيرة من السرديات الشفهية المثوارة عند أمازيغ المغرب، المغزى منها لا يشق له غبار، أي العفة واحترام ذكرى الزوج، وليست مجرد خرافة تُسرد لغرض التسلية والتعريف بالفلكلور الأمازيغي، فأبعاد الأسطورة دينية، والغرض منها تقبيح الزنى والخيانة، وتصوير جزاء من يقع فيه. إلا أن هناك من ادعى رؤية بغلة القبور!
ازول فلاك
ردحذفلايوجد احد لم يدعي رؤية أحد الكائنات الاسطورية هههه الفلكلور الامازيغي جميل منوع و هذا ما لاحظته , اسطورة بغلة القبور تصلح لاستثمارها في قصص و روايات من ادب الرعب .. تحياتي لك و للمغرب الشقيق
أزول..
ردحذفنعم، فلا بد من وجود الذي رأى ما لا يوجد في الموجودات هههه وقد تُفسر هذه الظاهرة بأنها محاولة تفسير واقعة ما يجهلها المرء.. مثلا ممكن لأي أحد أن يمر جنب المقبرة وتظهر له فيها عيون تلمع في الظلام! سيظن أنه رأى عفريتا أو بغلة القبور حتى، التي سيكون سمع بها من قبل، والحقيقة هو كلب فقط.. وفي الغالب أن الظنون هي سبب رؤية الأشياء فوق الطبيعة. فيما يوجد صنف ثاني، وهم الكذابين عن سبق الاصرار والترصد ^^
صحيح تصلح لروايات رعب، فالأسطورة دارمية بحد ذاتها.
تحية متبادلة أختي جنات.
ثانميرت.
في كثير من حالات الكذب يدعي الكاذب مواجهة كائنات غريبة لاضافة التشويق و الاثارة على كلامه او للفت انتباه الاخرين اليه و اثارة ضجة صغيرة ههه بعض الاساطير مثل هذه افلحت لحد ما في جع حرمة و اكبار لبعض الذنوب في نفوس الاطفال منذ الصغر , لكن جو الحكايات و الجدة قد تضاءل اليوم كثيرا خصوصا في المدن حيث حل محلها التلفاز و الهواتف الذكية للاسف لدرجة ان اهمل الانسان تلك الجلسات العائلية التي في حد ذاتها تكون نفس الطفل سليمة و كادت البيوت ان تفرغ من معناها
حذفوذلك ما قصدته بالكذابين مع سبق الاصرار.. ومنهم من يريد أن يكون بطلا في أعين الناس.
ردحذفحكايات الجدات لم تتضاءل فقط؛ بل تكاد تختفي حتى. والسبب هو ما نعيشه في زمننا من ملاهي لم تكن بالأمس موجودة، في السابق تلتم الأسرة في جو سردي، وهنا تحضر القصص والحكايات التي تزيد من دفء قعدة العائلة. اليوم، كل واحد يمسك هاتفا ويحدق فيما يظهر له فيه، ثم ضحكة بلا سبب هنا وهناك، بينما الجدات ينصرفن مبكرا للنوم، هذا إن لم يكن بحوزتهن هاتفا ذكيا هههه "لتكتمل الباهية" كما يقول مثل شعبي عندنا ^^
أزال المؤلف هذا التعليق.
حذفلكن النتائج كانت سلبية على الاطفال , الاجهزة و التلفاز جعلت عمل عقولهم يتناقص و الخيال يكاد يختفي , هناك فرق ملحوظ بين اطفال اليوم و اطفال الامس , ذكرتني بشيء قالته امي : لو قام احد الاولين من قبره لظن ان الناس قد اصابهم الجنون , هذا يمشي و يكلم نفسه , و اخر يمسك لوحا يحدق فيه و يضحك , تصور .. هههه اذا نظرنا للامر من هذه الزاوية سنجد اننا حقا اصابنا الجنون , الشيوخ و العجائز يعيشون غربة حقيقية في وقتنا , يقولون لا شيء يعجبهم و الله معهم حق , و قد يضطر بعض منهم ليكمل الباهية و يواكب عصر الجنون او جنون العصر هههه
ردحذفمعك حق، أطفال اليوم يختلفون على أطفال الأمس، لأن خيالهم أقل نشاطا، وهذا بسبب الهاتف والتلفاز.. في السابق كان الطفل يسرح بخياله مع قصص الجدات، وكذلك قراءة قصص الأطفال، فيتحفز خياله.. آه من زمن هواية المطالعة وجمع الطوابع هههه كان هذا التعريف يظهر كثيرا في مجالات الأطفال، تحديدا ركن التعارف، وأذكر مجلة ماجد، لا اعرف هل ما زال ماجد حيا هههه. الحمد لله فقد أدركت شيئا قبل ثورة الهاتف الذكي، وفي آخر لحظة هههه
ردحذفوالدتك معها حق، فلو عاد أحدنا إلى السبعينات مثلا وحمل معه الهاتف، وبدأ ينظر فيه ويضحك ويكشر ويكلم تلك الصفيحة، لقالوا عنه بنبرة شفقة: يا للمسكين، جنّ جنونه.
الباهية ستكتمل في كل الأحوال، لأن جدات المستقبل سيكون لهن حسابا في التيك توك أساسا هههه