ايسلي و تسليت .. أسطورة العشق الأمازيغية



إذا كان حب قيس و ليلى أسطورة في الشرق ,  فعند أمازيغ المغرب قصة عشق عابرة للأزمان، تعرف بـ ايسلي وتسليت ، وتعني بالأمازيغية ( العروس والعريس ) هذا الإسمان تعرف بهما بحيرتان في احدى مناطق املشيل الأمازيغية وسط المغرب.. فما قصة هذا العشق المزمن الذي لم يجد له الزمان سبيلا لطمسه؛ حتى أضحى ذكرى سنوية تحتفل بها  المنطقة، ويعقد فيه العشاق القيران على ضفاف البحيرتان، تخليدا لحب مهيب كانت اخر فصوله تحت الماء.

الشاب موحى سليل قبيلة أيت ابراهيم، وقع فريسة حب لفتاة تدعى حادة، تنتمي إلى قبيلة أيت اعزة، قبيلتا العاشقين تعيشان على عداء دائم ، فهما جارتان تنتميان إلى قبائل أيت حديدو نواحي إملشيل.. الصراع بينهما لم يخط شيئا، الحدود ومنابع الماء والأراضي الزراعية وكل ما يستحق ولايستحق ؛ ووسط هذه الأشواك من الكراهية فقد نمت وردة العشق بين موحى وحادة، كان العاشقين يلتقيان خفية من أهل قريتيهما ، وتحت ظلال أشجار الخروب المنتشرة في المنطقة ، خطط موحى و حادة لزواج وتتويج حبهما تحت سقف واحد، إلا أن القبيلتان معا رفضتا هذا الزواج، حتى منعهما من لقاء بعض، لتتهدم أركان الحب في محراب العداء .. حبست حادة نفسها في غرفتها حزنا على فراق حبيبها قسرا، وكذلك فعل موحى ورفض الزواج بغير حادة . وعندما بدا لهما الزواج ببعض مستحيلا ؛  أغرقت حادة نفسها في بحيرة، ومالبث موحى أن سمع بخبر غرق حبيبته حتى كرر فعلتها وأغرق نفسه في بحيرة أخرى جنب الأولى ، وهكذا كان ختام حب قتلته الكراهية - وفي رواية أخرى أن حادة وموحى قد بكيا حتى امتلأت االبحيرتان بدموع، ثم أغرق كل واحد منهما نفسه في دموعه - .. تعاقبت السنين ولم ينس أهل المنطقة الحب الغارق، حتى تلاشى العداء بين قبيلة أيت ابراهم و قبيلة أيت إعزة، ولتكفير عن ذنبهما فقد قرر أن يسميا البحيرتان " ايسلي و تسليت " ( العروس و العريس ) ليحقق حلم موحى وحادة بالزواج - رمزيا - ولو بعد غرقهما لسنين طويلة، بل وأكثر من هذا؛ فقد قررت القبيلتان أن تجمعهما علاقة صهر دائمة.. ومرت السنين ولم يرحل حب ايسلي وتسليت مع مواكب الزمان، حتى صار ذكرى سنوية في موسم املشيل، حيث موسم الزواج بين العشاق، والقيران يعقد على ضفاف البحيرتان ، ايسلي و تسليت .



تعليقات

  1. عبد الزاق ايدر15 نوفمبر 2018 في 6:16 م

    ومن منا لم يسمع بهذا الحب الغارق كما وصفته أخي إلا أن قراءة أسطورة بقلمك أخي محمد يكون له دائما طعم خاص .. كيف حالك وحال مدينة طنجة أرجو أن تكون بأحسن الأحوال ويبدو أنك ستكتب المزيد في هذا الشتاء فشتاء طنجة يغري المبدعين وأنا رهن الانتظار

    ردحذف
  2. عزيزي عبد الرزاق؛ سعيد بتعليقك وإطلالتك علي في هذا الركن الذي ألوذ فيه عندما أمل من نفسي.. أنا بخير ولله الحمد ، ماذا عنك؟ أرجو أن تكون بأحسن من حالي.. أما طنجة فهي كعادتها ؛ في اليوم أربعة فصول ، لكنها تبقى طنجة وشتائها يغري بالكتابة كما ذكرت، ولذا سأكتب المزيد إن شاء الله، على أمل أن أرضيك .. كنت أود أن أسألك عن حال مدينة أكادير ، لكني تغاضيت عن ذلك، فقد أليت على نفسي أن أقلع جدور تلك المدينة من ذاكرتي ، حتى أنسى ذاك الحلم الغادر المدفون هناك، لكن، لا سبيل لنسيان حتى اﻵن.. فماذا؟ فصبر جميل، والله المستعان .

    ردحذف
  3. اسطورة ايسلي و تيسليت , يا الله , كم هي جميلة و شاعرية , سمعتها بروايتها الثانية التي تقول ان ايسلي و تيسليت اغرقا انفسهما في دموعهما , هما ظلا مثالا لزهرة الحب التي تمزقها عواصف الخلافات بين العشائر و الأسر , و هذا شيء موجود إلى الآن و يا أسفاه , لكن المعنى الرقيق الذي شعرت به في هذه الحكاية تفضيل قتل نفسيهما على قتل حبهما
    تبقى من روائع التراث الامازيغي المغربي

    ردحذف
  4. جميل كلامك.. نعم ما أقسى حين تقلع وردة العشق بعواصف الكراهية.. وكما ذكرت أن هناك رواية أخرى متداولة تقول أن " البحيرتان ما هما الا دموع العاشقين " .. هذا المتداول أكثر رومانسية وشاعرية لكن طبعا لن يكون صحيحا ههه .. حياكالله

    ردحذف
  5. افتقدنا وجودك في موقع كابوس من فضلك اتحفنا بالمزيد

    ردحذف
  6. قصة جميلة وتعبير أجمل ماشاء الله شاعر بمعنى الكلمة.

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

بوتفوناست (صاحب البقرة)

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

بنت الدراز