المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠١٩

إلى متى ؟

صورة
ﻳﺤﻤﻞ ﻗﻠﻤﺎ ﻭﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻎ ﻭﻳﺼﻔﻬﻢ في مطلع مخطوطته ﺑـ ‏(ﺍﻟﺒﺮﺑﺮ)  ثم يتجاوز الوصف، وينساب إلى تاريخ الأمازيغ وأوطانهم، محاولا إتمام مقال فريد عن عرق يستوطن شمال إفريقيا.. إنه مقال قرأته قبل مدة على صفحات موقع (فيس بوك) لأحدهم، كانت نيته صافية صفاء الماء السلسال؛ وهو يعبر عن ذلك في ردوده الوقورة وهو يمدح طارق بن زياد وابن بطوطة، إلا أن ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﻌﻨﻰ ﻭﺻﻔﻪ الذي منه انطلاق. فليس كل من يكتب جملة مفيدة : كاتبا. الكتابة ثقافة قبل رص الكلمات وتفخيمها. بماذا سيفيدك كاتب جاهل له جمالية التعبير؟! إنه كمثل مائدة فاخرة خالية من الطعام. كقصر واسع تنعق فيه الغربان. مثل ثوب زفاف أنيق زاهي يفتقد العروس..  الكاتب الجاهل هو من يطلق العنان لمخيلته ليتوه بك في البر والبحر، ويتحذلق في المشوار، حتى ينبهك بأنها قد "انتهت" وعليك أن تفهم ابتذاله قسرا، وإلا فأنت الجاهل الوحيد هاهنا .. لكن العلة تتجاوز صفة الكاتب المزعوم، وتصل إلى الجمهور الذي يطبل ويزغد. على ماذا يا ترى؟ على الجهل "المزركش"! .. لقد صار اليوم بإمكان لأي جاهل مجنون أن يسمع صوته برعاية ومباركة مواقع التواصل الإجتماعي، وت

جدار و انتظار

صورة
قصة قصيرة يجلس سليمان مسندا ظهره إلى جدار نال منه الزمن وتهيأ لسقوط. لقد خلت يداه من متاع الدنيا، بعدما كان وكان، ويبقى (كان) فعل ماض يصير بئيسا إذا تلاه النقيض، إذا ضاعت ملامحه وتاهت كل سبل العودة إليه؛ فماذا يبقى لصديقنا الغير صدوق، سوى الجلوس هنا منتظرا قافلة الموت لتسافر به من عبير منسي في الدنيا،  إلى قبر مجهول. *** حسناء يفوح منها أريج النعيم، لا، إنه وخم الجحيم؛ تبدو لينة الملمس، عظيمة الثدي، صهباء تمشي كعارضة أزياء في الأربعين، تهم قادمة باتجاه سليمان. تتيقظ عيناه، يتنهد سرورا، يسعل مبتهجا، ثم توقف كأنه يتهيأ لمصافحة الحسناء، قبل أن يعود جالسا ثم توقف من جديد. غرس عيناه في جسم الحسناء القادمة إلى هنا، حيث سليمان. قلبه يدق كأنه في احتجاج  أو قادم إلى حلقه. يسيل لعاب سليمان مع اقتراب الصهباء رويدا رويدا. اشتعلت أنفاسه. تمر مرور الكرام ، كأن لا سليمان موجود هنا، سوى الجدار.  عاد المسكين جالسا، تنطفئ عيناه، يتنهد حسرة، يسعل ألما، ثم دفن وجهه في كفيه. لقد فتن سليمان في قلبه، روحه.. لم يكن سليمان يطلب الكثير، فقط نظرة لعلها تسعد الروح  - ولو - للحظة من زمن مديد : آه، مليحتي

سجن قارا .. جحيم تحت مكناس !

صورة
مكناس ، مدينة الهدوء والوجه الحسن. إلا أن في مقالنا هذا لن  نطرق أبواب جمال مكناس ، بل سننحدر نحو أسفلها لنكتشف الوجه اﻵخر للمدينة الاسماعيلية. فماذا يوجد في قعر مكناس؟ إنه سجن يبث الرعب في النفوس.. لقد تفنن البشر وأبدع منذ وجوده في صناعة آلات التعذيب وأقبية مريبة ولم يدخر جهدا في ابتكار ما يصلى أبناء جلدته عذابا وتدمير معنوياتهم.. وأبناء بلدي - كذلك - أبدعت أناملهم وتفننت ليصنعوا لنا سجنا فتاكا غارقا تحت الأرض يدعى سجن قارا.. المولى اسماعيل سلطان المغرب ما بين عامي 1672 و 1727 م. السلطان الذي اتخذ مدينة مكناس عاصمة للمغرب ابان فترة سلطانه . في ذات المدينة - أو أسفلها - قام بتشييد سجن يمتد تحت باطن اﻷرض، إلى مد غير معروف يدعى "قارا". السجن عبارة عن قاعات ضخمة تنطلق منها ممرات معقدة ودهاليز معتمة ومنعرجات ومتاهات شتة تمر فوق الزنازن، حيث يتم ادخال السجين من فوهة تخترق الممر وتنتهي إلى زنزانة منفردة لا باب لها ولا نافذة. حتى اﻵن مازال الشكل الهندسي لسجن غامضا؛ فالبعض يعتقد بأن السجن يحتوي طوابق أرضية، آخرون يؤكدون بأن السجن يمتد لمساحة شاسعة تتجاوز مساحة مدينة مكناس

الوحدة في وجود الكثيرين !

صورة
هل وجود إنسان قربك يكفي ليطرد عنك شبح الوحدانية ؟ لا، ليست معادلة على صواب . فالمرء منا يشعر - أحيانا - بأنه وحيد رغم كل ما يحيطه من بشر . فما أقسى هذه الوحدانية التي يتجمهر حولها من لا وجود في وجودهم !. الوحدة في أرقى وحدانياتها تتجلى في أن يستعصي عليك العثور على من يشاركك ومضة فرح ويسمع فيك الأنين المكتوم، رغم كل ما تجده حولك من ضجيج إنسان لا يسمن ولا يغني ؛ فلا تتورع حينها بأن تلوذ إلى حضن نفسك وتواسيها وتجهز لها العزاء ، ثم تنساب إلى فراشك آخر الليل وتحملق في سقف غرفتك القاتم ترى فيه أشياء في لا شيء ! فيأبى النوم القدوم ؛ فطوبى لمن يتوسل النوم إليهم.

الصدى المخالف

صورة
قصة قصيرة لقد جن جنون جنوني ، وأنا أنتظر وأنتظر، ولا يأتي سوى؟ سوى الليل يجر معه ذيوله الظلماء يائسا في حضرتي ؛ وفي جوفه البهيم أصرخ قائلا : أنا سأكون (...) ! . فيرد الصدى مخالفا قولي ، ثم أعف حتى عن الكلام . قبل أن ألوذ إلى قلمي وبه أحتج على هذا الصدى الذي يخالف أقوالي . أليس أوان - بعد - لزمننا من الإنصاف؟ إلى متى يعاكسنا حتى الصدى؟ ذات يوم رفعت رأسي ونظرت إلى البعيد ، و تراءى لي شيء من البهرج الزاهي ، فظننت ما ظننت وما كان في آخر المشوار سوى ظنون ! ثم صرفت وجهي إلى الخلف لأنظر إلى ذلك الإتجاه المزيف الذي سلكته متحمسا  ، لأجد نفسي قد ابتعدت كثيرا إلى حد تستحيل فيه العودة، فما كان مني سوى مواصلة المضي، تارة أبتسم ساخرا وتارة أخرى أجد نفسي مهيأ للانفجار. *** هنا في غرفتي وتحديدا عند حبيبي حاسوبي ، الوحيد الذي يفهمني على وجه البسيطة ، فانطلقت أصابعي ترقص فوق لوحة المفاتيح، مخلفة معزوفة مألوفة تبشر بأن ملحنها ما عاد ترهبه الحروف..  حتى سمعت الباب يفتح ، وإذا بها أمي : - ماذا هناك ؟ - إلى متى يا هذا الأحمق تحشر نفسك في هذه الزنزانة ؟ أقرانك تزوجوا بل ورزقوا بالأولاد ، و