حادثة روزويل : هل زارت كائنات فضائية الأرض؟



هل نحن وحدنا في هذا الكون الفسيح الذي لا يُعرف مداه؟ سؤال عظيم رافق البشرية في عمرها، ومهما كان جوابه، فهو مرعب سيّان. إن كان الجواب نعم، وأنه لا وجود لغيرنا في هذه المساحة العظيمة التي تكون الكون؛ فيالها من وحدة! وحدة رهيبة أننا نقبعُ في ما لا نهاية.. أما إن كان الجواب لا، وأننا لسنا وحدنا؛ فيا ترى أي مخلوقات تلك التي تشاركنا الحياة في مكان ما في الكون؟ وكيف تكون حضارتها؟ أهم متطورون منا؟

المخلوقات الفضائية، الأطباق الطائرة، حياة أخرى في الفضاء. هذه الوسوم وما يرتبط بها، عرفت انتشارًا واسعًا بداية من القرن الماضي، تحديدًا بسبب القفزة النوعية للبشر في مجال التكنولوجيا، حين أمكن له اكتشاف الكواكب والبحث في الفضاء، حتى باتت عبارة "هل نحن وحدنا" إحدى أعظم الأسئلة التي طرحها البشر، أو لغز عظيم أثار الجدل وما يزال يفعل، بين مصدق بوجود حياة أخرى غير البشر، والمشكك بذلك، وبينهما سجال طويل، ففريق يضع البراهين وفريق آخر يُفندها، وهكذا دواليك. وإحدى أقوى الحجج لكلي مصدق بوجود المخلوقات الفضائية وزيارتها للأرض، نلقى ما يُعرف بحادثة روزويل.


الولايات المتحدة، قرب بلدة روزويل التابعة لولاية نيو مكسيكو في صباح يوم السابع من تموز عام 1947، خرج مزارع أمريكي يدعى ماك برازل، ليتفقد حقوله، وفجأة سقطت أنظاره على أجسام غامضة محطمة، تتكون بعضها من القصدير والمطاط وعصي خشبية. سيتوجه السيد برازل لإبلاغ سلطات روزويل عن ما وجده في حقله، وبعد حضور أفراد من سلاح الجو، تم الإعلان في بيان رسمي على الإذاعة والصحيفة المحليتان، أن أفرادًا من سلاح الجو عثروا على حطام يعود لمركبة فضائية.

إعلان خبر العثور على حطام مركبة فضائية في صحيفة محلية لروزويل

سرعان ما سيتم اخطار وسائل الاعلام المحلية بالتراجع عن البلاغ الأول، وجاء الثاني، الذي أُعلن فيه أن الحطام لا يعود لأي مركبة مجهولة يُعتقد أنها فضائية؛ بل هو منطاد خاص لمراقبة حالة الطقس وقد تعطل في الجو وسقط في روزويل وتحطم فيه، بعد أن تم تطويق مكان الحادث ومنع الناس من الاقتراب إليه، حتى تم تمشيط مسرح الواقعة، فيما بدا للناس أنه تستّر واضح على الحادث، فلمَ إذن التضارب في الإعلان على ما حدث والتراجع عن البلاغ الأول الذي ذُكر فيه تحطم مركبة فضائية؟ ومن هنا بدأ الجدل يحوم حول حادثة روزويل، حتى صارت أكثر الوسوم ارتباطًا بوجود المخلوقات الفضائية.

ما الذي وقع في روزويل ؟

لقد تضاربت الروايات فيما حدث ذلك اليوم الذي أبلغ فيه المزارع ماك برازل السلطات عن وجود حطام غامض في مزرعته؛ وقيل في أكثرها تداولاً، أن المحققين حبسوا السيد ماك في مزرعته ومنعوه من المغادرة مباشرة بعد البلاغ الثاني الذي جاء لتصحيح الأول، إلا أن الرجل نجح في الهروب وتوجه إلى أحد أصدقائه في الإذاعة المحلية، وهناك كان من المنتظر أن تجري الإذاعة حوارًا مع ماك برازل يتحدث فيه عن حادثة تحطم أجسام غامضة في حقوله، إلا أن ذلك لم يحصل، فقد تلقى مدير إذاعة روزويل مكالمة من العاصمة واشنطن، تنذره من الخوض في حادثة روزويل واستجواب المزارع برازل، الذي سيعود سريعًا إلى أيادي المحققين، وبعد أيام سيظهر الرجل لوسائل الإعلام وهو يدلي بشهادة مغايرة عما قاله في البداية للصحيفة المحلية التي تحدث فيها عن مركبة فضائية تحطمت في مزرعته.

المزارع ماك برازل

 تراجع السيد برازل عن تصريحاته الأولى، وقال بحضور وسائل إعلام محلية والمحققين، إن ما وجده في حقله هو حطام يعود لمنطاد الطقس. فيما بدا للرأي العام أن السلطات جعلت الرجل ينطق مرغمًا بروايتها الرسمية، وأنه لو كان الأمر يتعلق بمنطاد الطقس؛ لما سعت السلطات بصمت ماك برازل الشاهد الرئيسي في حادثة روزويل. ثم ستتوالى شهادات الناس حول الحادث لوسائل الإعلام، وبدأت الجرائد تلقي حايزا هاما لحادثة روزويل، ونُشر أن الجيش استخدم صناديق خاصة لجمع الحطام، ما يدل عن أهمية ما عثروا عليه، ونشرت صحف أخرى شهادات لبعض الأشخاص قالوا أنهم شاهدوا جثثا لمخلوقات غامضة ذهب بها أفراد من الجيش، ويُتوقع أنها ترجع لمخلوقات فضائية.

ستتحور روزويل إلى مزار للمهتمين بالمخلوقات الفضائية

ستمر السنين، ولم يتغير حال حادثة التحطم في روزويل، بل ازداد حولها الغموض بعد أن تحولت تلك البلدة التابعة لولاية نيو مكسيكو، إلى ملاذ للمهتمين بالمخلوقات الفضائية والأطباق الطائرة، لتواصل الجرائد النبش في حادثة روزويل وحتى التلفزيون أنتج عشرات البرامج والوثائقيات حول الواقعة. إلى أغسطس عام 1995 حيث ستعرف حادثة روزويل منعرجًا جديدًا زاد من الإثارة ورفع نسبة الجدل، حيث قامت قناة فوكس الأمريكية ببث شريط مصور بالأبيض والأسود مدته سبعة عشر دقيقة، يظهر فيه أطباء يقومون بتشريح جثة كائن غامض يشبه البشر، لكنه ليس بشريًا، فيما يبدو عليه أنه قادم خارج الأرض، ويظهر في الفيلم أن الكائن الغامض تمزق جزء كبير من فخذه الأيمن فيما بدا كأنه حادث تصادم، كما انتّفخ بطنه بشكل بارز، ويظهر كذلك أنه يملك ستة أصابع. إنه ببساطة على الهيئة المتداولة أو المفترضة عن المخلوقات الفضائية.


هذا الشريط المصور جاء به رجل أعمال وموسيقي بريطاني، يدعى راي سانتيلي، ويزعم أن له صديق وهو مصور عسكري متقاعد فضل عدم كشف اسمه، هو من زوده بهذا الشريط، الذي يعود لجثة كائن فضائي انتّشلها سلاح الجو الأمريكي في موقع تحطم حادثة روزويل 1947. ولكي لا تُتّهم قناة فوكس بمحاولة تضليل الناس، فقد وضعت عنون "حقيقة أو خيال" على الشريط الذي يُظهر تشريح جثة غريبة والذي سيُثير الجدل فيما بعد، وقد تم بيع المقطع إلى قنوات أخرى عبر العالم. ورجح بعض خبراء التصوير أن المقطع يبدو أصليًا وقد صُور ما بين 1947 و 1967. لكن فريق آخر من الخبراء شككوا بصحة الشريط، ليحتّدم الجدال مرة أخرى حول المقطع بين فريقي المؤمنين بزيارة مخلوقات فضائية للأرض، والمشككين.

الحقيقية


انتهى الجدال بانتصار المشككين بالمقطع، حيث في عام 2006 ظهر صاحب المقطع من جديد، رجل الأعمال راي سانتيلي، وهذه المرة برفقته صديقه مصور الأفلام سبيروس ميلاريس.

على يمين الشاشة يظهر راي سانتيلي برفقة مصور الأفلام سبيروس ميلاريس

اعترافا الرجلان أن المقطع صُور عام 1995 وهو لا يعود لأي كائن فضائي يقوم الأطباء بتشريح جثه، بل لدمية محشوة بأحشاء الحيوانات، وأضاف من نشر المقطع لأول مرة راي سانتيلي، أن المقطع هو محاكاة لمقطع آخر أصلي يملكه، وزعم مرة أخرى أنه حصل عليه من صديق له كان مصورًا عسكريًا حضر في حادثة روزويل.

تفسيرات أخرى حول حادثة روزويل

إن حادثة روزويل لم ينحصر الجدال فيها حول الكائنات الفضائية وتحطم صحن طائر، وإن كان هذا هو جوهر روزويل ورمزيتها فيما بعد حادث التحطم الشهير؛ إلا أن هناك من يعتقد أن واقعة التحطم في ذلك اليوم من صيف 1947 لها صلة بالجيش الأمريكي ومعدات عسكرية سرية، وهنا علينا معرفة أن روزويل نيو ميكسيكو، تعتبر إحدى أهم القواعد العسكرية في أمريكا، و تقام فيها تجارب لصناعة الأسلحة المدمرة، كما فيها منشآت عسكرية تتواجد فيها القاذفات القادرة على إلقاء الأسلحة النووية والوحيدة في العالم زمنذاك. ولأجل هذه الأهمية العسكرية في روزويل؛ ذهب البعض أن الحطام يعود لتجارب سرية قام بها الجيش في بداية عصر صناعة الأسلحة النووية. فيما ذهب فريق آخر أن ما تحطم في روزويل هي أجزاء طائرة تجسسية أرسلها الاتحاد السوفيتي لإلقاء نظرة على تجارب أمريكا النووية التي تشهدها مناطق في صحراء روزويل، في زمن بداية الحرب الباردة بين القوتين العظيمتين في الكوكب.

اليوم وبعد انقضاء أزيد من سبعين عامًا على حادثة روزويل، ومات غالبية الشهود - وربما كلهم - الذين حضروا في ذلك اليوم، من ضمنهم الشاهد الرئيسي وأول من ألقى نظرة على حطام سيشغل الناس لعقود، مايك بازل، وكذلك رحيل المحققين وأفراد سلاح الجو الذين تكلفوا بنقل الحطام؛ إلا أنه ورغم كل هذه السنوات وموت أبطال حادثة روزويل، فما زال الحادث يُثير جدلاً واسعًا، بل ويجعله المؤمنين بالأطباق الطائرة دليلاً بحوزتهم، فالبلاغ الأول لسلاح الجو في روزويل يأبى النسيان: "لقد عثرنا على مركبة فضائية محطمة!"

في الأخير إن الذي يبدو جليًّا أن شيئًا ما تحطم في روزويل في تموز عام 1947، وليس منطادًا للطقس كما ادّعت الرواية الرسمية؛ بل شيء آخر ألبسته أمريكا ثوب السّر وفضلت أن لا يُذاع لعامة الناس. فما هو يا ترى؟




مقال ذات صلة: 

تعليقات

  1. أتفق تماما مع الخاتمة وكأنك سبقتني في قول ما أريد قوله وهو أن الذي انفجر في رزويل ليس لا صحن طائر ولا منطاد بل شيء مهم لأمريكا ربما يتعلق بتجارب عسكرية في غاية السرية رغم أن البلاغ الأول يثير الدهشة في الحقيقة !! لكنني لا أؤمن بزيارات المخلوقات الفضائية لأرض حتى اليوم وإلا كنا سنطلع عليها ولا يمكن إخفاء ذلك وفي نفس الوقت لا أجزم بعدم وجود مخلوقات أخرى غير البشر في كوكب ما والله أعلم استنادا لقول الله تعالى ويخلق ما لا تعلمون.

    مقال بسياغة متميزة واختيار موفق للصور كالعادة ويبدو أن كتابة المقالات أسهل لك من كتابة القصص

    ردحذف
  2. محمد بن صالح15 مايو 2023 في 6:50 م

    أهلا بوطيب.

    إذن اتفقنا، ففكرتي في واقعة تحطم روزويل منذ أن سمعت بها، أن للأمر علاقة بأسرار دولة، وليس مركبة فضائية. وبالمناسبة ذلك الزمن عرف بداية انتشار من يزعمون رؤية الأطباق الطائرة المجهولة.. بل كان ذلك في أوجه، ولهذا وجد البعض في حادثة روزويل كأنها تزكية لم سمعوه، والجرائد والمجلات تجلب القراء والفضوليين بعناوين مثيرة عن ما يعرف بالأطباق الطائرة وتعطي لها حايزا هاما.

    كذلك أتفق معك في احتمالية وجود حياة غير البشر - وليس ضروريا كحياتنا - في مكان ما في الكون، لأن البشر لم يكتشف فيه سوى شعرة داخل شعرة^^ والعلم لله سبحانه.

    في الواقع كتابة المقالات أسهل من كتابة القصص القصص، وهذا معروف عند الجميع، فالأولى لا تحتاج سوى لأسلوب كتابي لا بأس به لتقديم معلومة جاهزة للقارئ، عكس الثانية، فعلى الكاتب أن يخترع من خياله ويحبك ما قد يعجب قراءه أو يحدث أن لا يعجبهم ههههه وعن نفسي كسبت تجربة لا بأس بها في كتابة المقالات وأصبحت لا تأخذ مني وقتًا.

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

بوتفوناست (صاحب البقرة)

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

ايسلي و تسليت .. أسطورة العشق الأمازيغية