شذرات في الأطلس



أطفال يحملون حقائبهم يقصدون المدرسة، في نظراتهم براءة وفضول، والعجائز للوهلة الأولى يظهر أن طول مقامهم بين هذه الجبال قد أنهكهم، حيث تستلقي الحياة مُتعبة في عيون البعض منهم.. فتراني أسرح في ملامحهم التي تنضح ببساطة العيش وتوحي بالراحة واطمئنان، أرى فيها جمالاً والاندماج مع هذا المحيط، ولا تنال منهم أمطار اليأس، وكذا يتبيّن لي أجدادي في محياهم، عند زمن العيش القاسي المُريب، فأقول في نفسي: يا هؤلاء، يُعجبني فيكم الرجل. كم أستلذ مجالستهم والحديث معهم، لأجد في جعبتهم الكثير، وجلّهم عنده العمر مجرد رقم يُستهان به، فالحياة هنا مُجابهة حتى المرقد الأخير، فحتى المتقاعدين منهم، أوجدوا لأنفسهم أعمالاً وما يملأ أنهُرِهم، ببساطة، إنهم مسكونين بالأبدية، ولو تخاصموا مع أنفسهم، فهم عائدون إليها لا ريب؛ هم رجال ربّتهم امرأة أميّة لا تقرأ ولا تكتب. في اللّيل ينشر القمر ضوءه على جبال الأطلس التي تُطِّل من كل مكان، جميلة ومخيفة تبدو، تُحيط وتحرس القبائل، وفي رواية أخرى، قيلَ ترعاها.. وعندها تتعاقب الأيام، ينفرج الفجر ثم يهبط الليل، وعقارب الحياة تسير برفق إلى النهاية.  آهٍ يا أوهامي الحالمة، أخشى أنّ البرد قد اختّلسني من حُظن الأطلس الدافئ.


محمد

تعليقات

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أغرب القصص في الإنترنت المظلم -1-