تحت قناديل الشارع


ﻳﻠﻒ ﺍﻟﻈﻼ‌ﻡ ﺍﻷ‌ﺯﻗﺔ ﻭﻳﺘﻤﺰﻕ ﻗﻠﻴﻼ‌ ﺑﺘﻮﻫﺞ ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ، ﻳﺘﻼ‌ﺷﻰ ﺿﺠﻴﺞ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻛﺎﺕ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺷﺘﺎﺀ حزينة وسمفونية المطر تعزف على مسامع آهل المدينة ، ﻭﻳﺤﺘﺴﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻷ‌ﻛﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﺊ ﻭﻳﺘﺪﻣﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺒﺮﺩ، ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﻤﺮﺍﻫﻘﺔ ﺗﺮﺳﻢ ﻗﻠﺒﺎ ﻣﺠﺮﻭﺣﺎ ﻓﻲ ﺯﺟﺎﺝ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻠﻤﻪ الزمهرير ، ﻭﺗﺘﺄﻣﻞ ﻓﻴﻪ ﺣﺒﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺋﻦ ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻔﺘﺢ ﻫﺎﺗﻔﻬﺎ ﻟﺘﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺘﻬﺎ ﺍﻹ‌ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ " ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﻮﺕ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﻲ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ، ﻭﻟﻦ ﺃﺳﺎﻣﺢ ﻣﻦ ﺧﺎﻧﻨﻲ ﻳﻮﻣﺎ " ﻭﺗﻐﻠﻖ ﻫﺎﺗﻔﻬﺎ باﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﻟﺮﺩﻭﺩ ﻳﻮﻡ ﻏﺪ ، ﺛﻢ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﺍﺷﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﻋﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺑﻤﻠﻤﺴﻪ ..

                         **

قالت لمن كان أبي يوما : 
- إليك عني ياهذا هذا الرجل
- أرجوكي أمي
رد ذاك الأب :
لا أعرف كيف قبلت بك زوجة لي يا هذه
- أرجوك يا أبي
انفعلت تلك الأم :
- ولا أنا أدري كيف سوغت لنفسي أن أكون لك يا هذا
وأنا بينهما كحكم التنس خاشعا باكيا  متوسلا .. لا قلب هذا ولا ذاك  دب فيه شيئ من الحنان لهذا الصغير المتذرع ، وهكذا -أرجوكما -أرجوكما- حتى وجدت نفسي اﻟﻌﻦ ﺯﻣﺎﻧﻲ ﻭﺃﺑﺼﻖ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻠﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻷ‌ﺯﻗﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﻭﺏ ، ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺯﻭﺍﻳﺔ ﺃﻗﻞ ﺑﺮﺩﺍ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺳﻼ‌ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺮﻯ ، ﻷ‌ﻟﻘﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﺴﺪﻱ ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻥ ﻭﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﻭﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏﻄﺎﺋﻲ ، ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﻣﻐﺮﻭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻳﺮ ﻭﻣﺪﻓﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻓﺨﻢ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ .. ﺃﻏﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺣﺘﻰ ﺃﺳﺘﻴﻘﻆ ﻷ‌ﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺟﺤﻴﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﻬﻮﺩ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺣﻠﻢ ﺑﺪﻳﻊ ، ﻟﻮﻻ‌ ﺍﻷ‌ﺣﻼ‌ﻡ ﻻ‌ﻧﻔﺠﺮ ﺭﺃﺳﻲ .. ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﺗﺌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ، والصقيع يفقد صوابه ويجن جنون الزمهرير . ﺃﻗﻒ ﻛﺎﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ، أنظر ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﻭﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ،ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩ ، ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﻠﺔ ﺛﻠﺞ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﻲ ، ﺃﺭﺗﺠﻒ ﺑﺸﺪﺓ ، ﻻ‌ ﺃﺟﺪ ﺃﻱ ﺣﻞ ، ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻜﻴﺮﻱ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﻟﺼﻘﻴﻊ ، ﺛﻢ ﺃﺳﻘﻂ ﻣﻨﻬﺎﺭﺍ ، ﻣﺴﺘﺴﻠﻤﺎ ، ﻣﺤﻄﻤﺎ ، ﻣﻨﻬﺰﻣﺎ ، ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻗﻈﻨﻲ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ، ﻟﻘﺪ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .. ﺃﻗﻒ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ ، ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺎﺯﻟﺖ ﻣﻠﻮﺛﺔ ﺑﺎﻟﻐﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻭﺗﻨﺬﺭ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻷ‌ﻣﻄﺎﺭ . ﻟﻘﺪ ﺑﺪﺃ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ، ﻭﻣﻌﻪ ﺗﻔﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﻋﻠﻰ طبقة ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺴﻮبة ﻣﻦ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ .. ﺃﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺴﺘﺮﻕ ﻧﻈﺮﺍﺕ ﺧﺎﻃﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺼﻲ ، ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺮﻣﻨﻲ ﺑﻨﻈﺮﺍﺕ ﺷﻔﻘﺔ ﻻ‌ ﺗﺴﻤﻦ ﻭﻻ‌ ﺗﻐﻨﻲ ﻭﺃﺧﺮﻭﻥ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ باشمئزاز ﻛﻤﺎ لو ﻛﻨﺖ ﺷﻴﻄﺎﻧﺎ !
ﺑﻠﻰ ، ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ، ﻓﻠﻮ ﻣﺖ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﻻ‌ﺩﺗﻲ ﺍﻟﻤﺸﺌﻮﻣﺔ ﻟﻜﻨﺖ ﺍﻵ‌ﻥ ﻣﻠﻜﺎ ، ﻟﻘﺪ ﻓﺎﺗﻨﻲ ﺫﻟﻚ .. ﺇﻧﻪ ﺻﺒﺎﺡ ﺁﺧﺮ ﺗﻌﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﺃﻳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻧﺎﺕ  ، ﻭﻫﺎ ﻫﻲ ﻓﺘﺎﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻲ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻫﻲ ﻣﺜﻘﻠﺔ ﺑﻜﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺘﺎﻓﻴﻬﺎ ﻭﺗﻘﺼﺪ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ، ﻭﺩﻭﺍﻡ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻳﺘﻜﺮﺭ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ، ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺭﺍءﻫﺎ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ :
- ﻫﻞ ﺳﻴﻨﺒﺜﻖ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺭﺩﻱ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﻫﻘﺖ ﺧﻄﻮﺍﺗﻬﺎ ؟ .. ﺃﺭﻣﻴﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮﺍﺕ ﺗﻌﻠﻦ ﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ، أقصدالمدرسة كل صباح ، أشاكس الفتيات في الطريق ، أتباهى بمنصب والدي ، وعائلة أمي ، لا ، بل أفتخر بحذائي أيضا
لا‌ﺣﻈﺖ الصغيرى  ﻧﻈﺮﺍﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﺛﻢ ﺃﺳﺮﻋﺖ ﺑﺨﻄﻮﺍﺗﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻣﻨﺤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭ ﺗﺮﻣﻖ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺮﻋﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻲ ﻭﻻ‌ ﺗﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ
- ﻓﻤﻦ ﺣﻘﻚ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻳﺎ ﻓﺘﺎﺗﻲ ، ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﻤﻼ‌ﻙ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ

ﺻﺒﺎﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻃﻞ ﻋﻠﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺆﺳﺎ ، ﻭﺟﻴﺒﻲ ﻓﺎﺭﻍ ﻣﻦ ﺩﺭﻫﻢ ﻭﺍﺣﺪ ، ﻓﻠﻢ ﺃﻋﻤﻞ ﻣﻨﺪ ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ، ﻓﺒﻴﻊ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺲ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻳﻞ ﻳﺘﻠﺸﻰ ﻓﻲ ﺟﻮ ﺍﻟﺼﻘﻴﻊ ، ﻟﺘﺒﺪﺃ ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ ﺍﻷ‌ﺯﻟﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻮﻉ ، ﺇﻧﻪ ﻋﺪﻭ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺍﻷ‌ﻭﻝ ، ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻻ‌ ﻳﻌﺮﻓﻪ ، ﻛﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺭﺗﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﻠﺒﺲ ﻗﻄﻌﺔ ﻗﻤﺎﺵ ﺗﺘﻮﻓﻒ ﻋﻨﺪ ﺭﻛﺒﺘﻬﺎ . ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻴﺴﺮ ﻭﻻ‌ تلتفت  ، ﻓﻠﻢ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﺍﻹ‌ﻟﺘﻔﺎﺕ ، ﺑﻞ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷ‌ﻣﺎﻡ ﻧﺤﻮﻯ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻋﺪ ﻟﻬﺎ مسبقا  .. ﺗﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ، ﻭﻣﺎﺯﻟﺖ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﺎﻗﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﺭﻳﺎﻳﻦ ﻓﻲ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ، ﻻ‌ ﺑﺄﺱ ، ﺇﻧﻬﺎ ﺳﻴﺪﺓ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻬﺎ ﺫﻟﻚ ، ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺘﺴﻲ ﻗﻬﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺼﺒﺎﺣﻴﺔ ﺑﺒﻄﺊ ﻳﺜﻴﺮ ﺟﻨﻮﻧﻲ .. رشفة رشفة ، رمقة هنا ، رمقة هناك ، حتى لاحظت وجودي أو تجسسي عليه ، نظرت نحوي بشيء من الشفقة ، أو ربما تشعر بالبذح التي فيها .. رشف، رشفة ، عادت ونظرت إلي ،  - إنه بؤس العالم يا سيدة البلد .. ﻛﺎﻥ ﻧﻈﺮﻱ ﺭﺍﺳﺦ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﺣﺮﻗﺖ ﺑﻨﻴﺮﺍﻥ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ الﻗﻤﺎﺵ ﺍﻟﺴﺎﺗﺮ ﻟﻬﺎ .. ﺛﻢ ﺃﻓﻘﺖ ﻣﻦ ﻏﻴﺒﻮﺑﺔ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﻷ‌ﺿﺤﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﺿﺤﻜﺔ ﺍﻵ‌ﻟﻢ ، ﺿﺤﻜﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ ، ﺿﺤﻜﺔ ﺍﻟﻜﺒﺶ ﺍﻟﻤﺪﺑﻮﺡ :
- ﻳﺎﻟﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﻠﻴﺪ ﺃﺣﻤﻖ ، ﻛﻴﻒ ﻧﺴﻴﺖ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺲ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻳﻞ ، ﻷ‌ﺳﺮﺡ ﻓﻲ ﺟﺴﺪ ﺳﻴﺪﺓ ﺍﻟﺒﻠﺪ .. كنت أعتقد أن بيني وبين تلك السيقان العارة أمتار قليلة ، إنما في ﻷواقع بيني وبينها جبالا وأنهارا . إنما الحياة مثل العسكر لا يؤمنون بالعدل ، لكنهم يعبدون القوة
  ﺃﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺏ ﺳﻮﻕ ﻣﻤﺘﺎﺯ، ﺃﻗﻒ ﻭﺃﻧﺘﻈﺮ لعل ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺴﺘﻔﻴﻖ ﻓﻴﻪ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﻤﺪﻧﻲ ﺑﺪﺭﻫﻢ ﺃﺷﺘﺮﻱ ﺑﻪ ﺧﺒﺰﺍ ، ﺩﺭﻫﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﺳﺄﻋﺘﺒﺮﻩ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺒﺬﺥ ﻭﺃﺭﻣﻲ ﺑﻪ ﻋﺪﻭﻱ ﺍﻷ‌ﺯﻟﻰ -ﺍﻟﺠﻮﻉ- ﻻ‌ ، ﻻ‌ ﺃﺣﺪ ﻳﺤﻦ ، ﻭﻻ‌ ﺃﺣﺪ ﻳﺪﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻟﻘﺪ ﺳﺤﻖ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ، ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺑﻲ ﻓﺎﻋﻞ ﺇﺫﺍ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ، ﻓﻨﺤﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺰﺍﺑﻞ ، ﺑﻞ ﺳﻨﺴﺤﻖ ﻣﻌﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻟﻨﺮﺣﻞ ﻭﻧﺤﻦ ﻣﻜﺘﻈﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ، ﻓﻤﻌﺸﺮﻧﺎ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﻓﻊ ﻭﻻ‌ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﺳﻴﺮ ﻭﺃﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺘﺎﻓﻲ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺄﺳﻘﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺄﺩﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻲ .. ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ ، ﻭﺣﻠﻘﻲ ﺟﺎﻑ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺑﻠﻌﺖ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ، آﻩ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ، ﺃﻩ ﻣﻦ ﺃﻟﻢ ﻳﺴﻴﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﺟﺴﻤﻲ ﻛﺸﺮﻳﻂ ﺷﺎﺋﻚ ﻓﻴﻤﺰﻕ ﺃﻣﻌﺎﺋﻲ
ﺑﻴﻦ ﺯﻗﺎﻕ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺃﺩﻓﻊ ﺑﺠﺴﺪﻱ ﻭﺃﺭﻣﻖ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ، ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﺃﺭﻣﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﺗﻲ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻷ‌ﺧﻴﺮ ﺃﻟﺘﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ، ﺃﺑﺤﺚ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺒﺰ ﺃﻭ ﻧﺼﻒ ﺗﻔﺎﺣﺔ ، ﺃﻭ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﻓﺎﺻﻮﻟﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺪﺱ ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﻭﺃﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻟﺤﻢ ﻓﻲ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﻋﻈﺎﻡ ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻧﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﻭﺟﺒﺘﻲ ﺍﻟﻤﺮﻏﻮﻣﺔ ، ﺃﺗﺴﺄﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ :
- ﺃﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻮﻟﺪ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ؟

                           **

ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻣﻲ ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻥ ، ﻟﻤﺤﺖ ﻓﺘﺎﺓ ﺗﺪﺧﻦ ﺑﺸﺮﺍﻫﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ، جميلة هي ، قوامها ذكرني بالمجالات التي جادت علي بهم الرياح
- ياله من دخان ينبعث من تلك الشفاه الملونة ، وكأن القنابيل انفجرت لتو في حلقها . ﺗﻮﺟﻬﺖ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﻭﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﺠﺎﺭﺓ .. ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ :
ﺃﻧﺖ ﻣﺎﺯﻟﺖ ﺻﻐﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪﺧﻴﻦ
-ﺃﺭﺟﻮﻙ ﺃﻋﻄﻴﻨﻲ ﺍﻟﺴﺠﺎﺭﺓ ﻭﺩﻋﻴﻨﻲ ﺃﻓﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺠﺎﻑ ﺑﺄﻱ ﻃﺮﻳﻘﺔ
ﺳﻠﻤﺘﻨﻲ ﺍﻟﺴﺠﺎﺭﺓ ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺃﺩﺧﻦ ﻭ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻛﺒﺮﺕ ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﺟﻼ‌ ﺍﻵﻥ ، ﺃﻧﺎ ﺃﺩﺧﻦ ﻳﺎ ﻧﺎﺱ ،  ﺗﻠﺬﺫﺕ  ﺑﺸﻬﻖ ﺍﻷ‌ﺩﺧﻨﺔ ﻭﺯﻓﻴﺮ ﺃﺧﺮﻯ ، ﺣﺘﻰ انﻔﺠﺮﺕ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﻝ ﻭﺍﺣﻤﺮﺕ ﻋﻴﻨﻲ ..  -ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ، ﺇﻧﻪ ﻟﺬﻳﺬ ﻭﻗﺒﻴﺢ.  ﺿﺤﻜﺖ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﺘﻜﺸﻒ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﺠﺎﺭﺓ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ :
- ﺃﻳﻦ ، ﺗﻘﻀﻲ ﺃﻳﺎﻣﻚ ، ﻭﻫﻞ ﺗﻤﻠﻚ ﺃﺣﺪﺍ
- ﻻ‌ ﺃﻣﻠﻚ ﺃﺣﺪﺍ بعدما كان أيتها الجميلة ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺳﻮﻯ ﺃﺯﻗﺘﻪ ، ﻳﺒﺘﻠﻌﻨﻲ ﺩﺭﺏ ﻭﻳﺘﻘﻴﺆﻧﻲ ﺃﺧﺮ
ﺗﻐﻴﺮﺕ ﻧﻈﺎﺭﺗﻬﺎ ﺇﻟﻲ ، ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﺮﺃﺕ ﻛﺘﺐ ﺍﻵ‌ﻟﻢ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ، ﻭﻗﺎﻟﺖ :
- ﺃﻧﺎ ﺇﺳﻤﻲ ﺯﻳﻨﺐ ، ﻭﺃﻧﺖ ﻣﺎ اسمك
- عادل

ﺳﻠﻤﺘﺘﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺭﺣﻠﺖ ﻭﻫﻲ ﺁﺳﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻲ ، ﻻ‌ ﺷﻚ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺮﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، رغﻢ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ ، ﻭﻟﺒﺎﺳﻬﺎ ﺍﻟﻀﺎﻫﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷ‌ﻧﺎﻗﺔ ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﻼ‌ﻣﺤﻬﺎ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻭﻳﻐﻨﻲ .. أﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﺧﺘﻔﺖ ، ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﺸﻲﺀ ﻏﺮﻳﺐ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ، ﻭﺗﻤﻨﻴﺖ ﻟﻮ ﺭﻓﻘﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﺭﺏ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ، ﻓﻤﺎ ﺃﺣﻮﺝ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﺒﻞ ﻳﻨﻘﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻠﻤﺎ  ﺍﺷﺘﺪﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﻘﺪﺭ ، ﺃﻭ ﺃﺿﻌﻒ ﺍﻹيمان ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻷ‌ﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﻡ
ﺇﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ، ﻭﺣﻞ ﺳﻮﺍﺩ ﺍﻟﻠﻴﻞ المشؤوم . ياليت النهار يصير خالدا ، وياليت الشمس تستقر في كبد السماء .. ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺎﺯﻟﺖ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ  ، ﻭﺍﻟﺒﺸﺮ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻲ ، ﺣﺘﻰ ﺣﻞ ﺻﻤﺖ ﻣﻘﺪﻉ ﻭﺳﺤﻘﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻫﻨﺎ ﺳﺄﻧﺎﻡ ﺇﺫﺍ ﻣﺘﻤﻨﻴﺎ ﺃﻥ ﻻ‌ ﺃﺳﺘﻴﻘﻆ ، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺪﻡ ﻧﻮﻣﻲ ﺳﻮﻯ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﺃﻳﻘﻈﻨﻲ ﺣﺎﺭﺱ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﺑﻌﺼﺎﻩ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎ ، ﻭﺻﺮﺥ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ ﺍﻟﻨﺎﻋﺲ :
- ﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ ﺳﻮﻯ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ !! ﻫﻴﺎ ﺍﺭﺣﻞ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺴﺘﻐﻠﻖ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ، ﻭﺇﻥ ﺭﺃﻳﺘﻚ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺳﺄﺩﻓﻨﻚ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻚ
ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﻧﺼﻒ ﻧﺎﺋﻢ ﻭﻟﻌﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱ ﺗﺘﺒﻌﻨﻲ ، ﻭﺗﻮﺟﻬﺖ ﻧﺤﻮﻯ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﻟﻌﻠﻲ ﺃﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﻷ‌ﺣﻴﺎﺀ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ :
- ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻳﺎ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺍﺕ ، ﺿﻴﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺃﺭﻗﺪ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ

ﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻷ‌ﺭﻣﻲ ﻓﻴﻪ ﺟﺴﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺭ ﻋﺪﻭﻱ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﻌﺪﻝ ﻭﻣﻔﺮﻭﺵ ﺑﺎﻟﻜﺮﻃﻮﻥ ، ﻷ‌ﺳﺘﻠﻘﻲ ﻓﻴﻪ ﻭﺃﻏﻠﻖ ﻋﻴﻮﻧﻲ ﻭﺃﺣﻠﻖ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻧﺤﻮﻯ ﺩﻧﻴﺎ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ، ﻏﺒﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻛﺄﻥ ﻻ‌ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺟﺮﺍﻧﻲ ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﻴﻦ ، ﺣﺘﻰ ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﺼﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ ﻭﺑﺮﻋﺸﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻧﺤﺎﺀ  ﺟﺴﺪﻱ
ﺇﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻷ‌ﺟﺪ ﺷﺨﺺ ﺛﻤﻞ ﻭﻗﺪ ﻛﺴﺮ ﺯﺟﺎﺟﺔ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻲ ، ﻭﻫﻮ ﻳﺼﺮﺥ :
ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻜﻠﺐ ،
ﻫﺮﺑﺖ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻭﺃﻧﺎ ﺣﺎﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﻣﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﻪ ﻟﻲ ﺿﺮﺑﺔ ﺃﺧﺮﻯ ، ﻭﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮة ﻭﺑﺎﻟﻜﺎﺩ ﺍﺭﻯ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻲ ﺃﺣﺲ ﺑﺴﺎﺋﻞ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﺮﻱ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺳﻴﺎﻻ‌ﻧﺎ ، ﻭﺿﻌﺖ ﻳﺪﻱ ﻟﺘﺤﺮﻱ ﺍﻷ‌ﻣﺮ ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﻨﻐﻤﺲ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﺭﺃﺳﻲ . ﻟﻢ ﺃﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻲ ، ﺿﻨﻨﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﺿﺮﺑﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ، ﻟﻜﻦ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺴﻜﻴﺮ ﻓﻠﻖ ﺭﺃﺳﻲ
ﺇﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﺼﺪﺍﻉ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ ﻭﺭﻋﺸﺔ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﺗﻬﺰ ﺟﺴﻤﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ، ﻭﺍﻟﻨﻮﻡ ﻳﻐﺎﻟﺐ ﻋﻴﻮﻧﻲ ، ﻭﺣﻠﻤﻲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻨﻮﻡ ، ﺣﺘﻰ ﻭﻗﻌﺖ ﺃﺭﺿﺎ ﻭﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﺩﺭﻱ ﻫﻞ ﺃﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ ﺃﻡ ﻓﺎﻗﺪ ﻟﻠﻮﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻃﻠﺖ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺸﻤﺲ ، ﻭﺍﺳﻴﻘﻀﺖ ﻷ‌ﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻻ‌ ﻳﺮﺿﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺤﻴﻮﺍﻥ , ﻣﺸﻬﺪ ﺑﺸﻊ ﺑﻄﻠﻪ صغير  ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻣﺸﻬﺪ ﻟﻮ ﺭﺁﻩ ﺍﻟﺼﺨﺮ ﺍﻟﺼﻠﺪ ﻟﺘﻔﺘﺖ ﺑﺎﻷ‌ﺣﺰﺍﻥ - ﻛﻴﻒ ﻳﻄﻴﺐ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻟﻠﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻭﺃﺑﻨﺎﺀ ﻭﻃﻨﻬﻢ ﻣﻄﺮﻭﺣﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﺭﺻﻔﺔ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﺣﻔﺎﺓ ﻭﻋﺮﺍة
ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻦ ﻷ‌ﺟﺪ ﻧﻬﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻧﻀﺢ ﻣﻦ ﺭﺃﺳﻲ ﻭﺳﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻨﻲ ، ﺇﻧﻬﺎ ﺩﻣﺎﺋﻲ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﻣﻠﺖ ﻣﻨﻲ ﻭﺧﺮﺟﺖ ﻣﺘﺤﺮﺭﺓ ﻣﻦ ﺟﺴﺪ مقعر ، مت عضام متآكلة ، من بقايا انسان
ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﻭﻗﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﺃﺣﻤﺮ ، ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﻭﺑﺪﺃﻭ ﻳﻤﻄﺮﻭﻧﻨﻲ ﺑﺎﻷ‌ﺳﺌﻠﺔ :
- ﻣﻦ ﺃﻧﺖ ؟
- ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻔﻌﻞ ﻫﻨﺎ ؟
- ﻣﻊ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﺭﻛﺖ ؟
- ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻑ ﻓﻼ‌ﻧﺎ ﺃﻭ ﻓﻼ‌ﻧﺎ ؟
- ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺗﺄﻛﻞ ؟
- ﻫﻞ ﺗﺴﺮﻕ ؟

ﺣﺘﻰ ﻣﻠﻮﺍ ﻣﻨﻲ ﻭﺃﻛﺮﻣﻮ ﻋﻠﻲ ﺑﻀﻤﺎﺩﺓ ﻣﻬﺘﺮﺋﺔ ﻷ‌ﺷﻨﻖ ﺑﻬﺎ ﺟﺮﺡ ﺭﺃﺳﻲ ، ﻭﻧﻌﻞ ﺑﻼ‌ﺳﻜﻲ ﻣﺒﺘﻮﺭ ﻳﻘﻴﻨﻲ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ
  ﺇﺯﺩﺍﺩﺕ ﺃﺣﻮﺍﻟﻲ ﺳﻮﺀﺍ ﻣﻊ ﺿﺮﺑﺔ ﺍﻟﺴﻜﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺩﺕ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻧﻬﺎﺭﻱ عذﺍﺑﺎ
ﻛﺎﻥ ﻫﻤﻲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺯﻳﻨﺐ ، ﻷ‌ﻋﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ، ﺍﻧﺘﻈﺮﺕ ﻃﻮﻳﻼ‌ ﺣﺘﻰ ﺣﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﻻ‌ ﺃﺛﺮ ﻟﺰﻳﻨﺐ ، ﻭﻏﺎﺩﺭﺕ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱ ﺍﻟﻠﻴﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻋﺪﻧﻲ ﺑﺎﻟﺪﻓﻦ

ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺳﺄﻋﺮﻑ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌذاﺏ ﺍﻷ‌ﻟﻴﻢ . ﻣﻘﺎﻣﻊ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ ﺍﻟﻤﻔﻠﻮﻕ ﻭﺻﺪﺍﻫﺎ ﻳﺼﺪﺡ ﻓﻲ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺟﺴﻤﻲ، ﻭﺃﺗﻘﻴﺄ ﻣﺎﺀ ﺃﺻﻔﺮ ﻳﺤﺮﻕ ﺃﻣﻌﺎﺋﻲ ﻗﺒﻞ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﻟﺤﻠﻘﻲ ، ﻛﻞ ﺟﺴﺪﻱ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺸﺆﻭﻣﺔ ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺃﻃﺮﺍﻓﻲ - ﺁﻩ كم أتمنى ﺃﻧﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ. ﻭﻓﻲ ﺛﻮﺭﺍﻥ ﺍﻵلام ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﺃﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ؟! ﺛﻢ ﺃﺳﺘﺪﻳﺮ ﺑﺮﺃﺳﻲ ﺑﻌﺴﺮ ﺷﺪﻳﺪ ﻛﻤﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﺻﺨﺮﺓ، ﺗﺰﻥ ﺃﻷ‌ﻃﻨﺎﻥ ﻷ‌ﻟﻘﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻷ‌ﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻼ‌ﺹ ﻭﺳﻂ ﺣﻠﻜﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ، ﺍﻟﺨﻼ‌ﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﻣﺎ ﺃﺻﻌﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻻ‌ ﻳﺪﺭﻛﻪ . ﻻ‌ﺷﻲﺀ ﻫﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﻮﻯ ﻗﺪﺭﻱ ﺍﻟﺠﻼ‌ﺩ ، ﻭﻓﻮﻗﻲ ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ ﺭﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺷﺎﻫﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻲ ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺗﺠﻤﺪﺕ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺣﺘﺎﺟﻬﺎ ﻻ‌ ﻟﺸﻲﺀ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺃﻏﺴﻞ ﺑﻬﺎ ﻭﺟﻬﻲ . ﺃﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻲ ﻭﺃﻏﻠﻘﻬﻢ ، ﺃﻏﻔﻮ ﻭﺍﺻﺤﻮ ، ﺃﺋﻴﻦ ﻭﺃﺧﺮﺱ ، ﺣﺘﻰ ﺃﻃﻠﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﺗﺒﺎ :
- ﻣﺎﺑﻚ ﻳﺎ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ؟ ﻟﻤﺎ ﺃﺭﺍﻙ ﻣﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ ؟!
ﻟﻢ ﻳﻌﺠﺒﻬﺎ ﻋﺘﺎﺑﻲ ﻭﻗﺎﻟﺖ :
- ﻗﻢ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻐﻼ‌ﻡ ﺑﺒﺆﺳﻚ ﻭﺁﻻ‌ﻣﻚ ﻟﺘﻨﺎﺷﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻭﻟﺘﺮﻗﺺ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﺎﻝ ﻗﺪﺭﻙ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻡ
- أي حياة وأي نشدان ؛ فإليك عني هذا القرص الملتهب

ﻣﺮ ﻳﻮﻡ ﻭﻳﻮﻣﺎﻥ ، ﺛﻼ‌ﺙ ﻗﺪ ﺻﺎﺭﻭ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺛﻢ ﺧﻤﺴﺔ ﻭﺯﺍﺩﻭ ﻭﺍﻛﺘﻤﻞ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻉ ، ﻫﺪأت ﺍﻟﻤﻄﺎﺭﻕ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ ، ﻷ‌ﻋﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻭﻇﻴﻔﺘﻲ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻳﻞ ﻭﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺲ ، ﻷ‌ﻛﺴﺐ ﺑﻀﻊ ﺩﺭﺍﻫﻢ ﺃﺷﺘﺮﻱ ﺑﻬﺎ ﺳﺠﺎﺭﺓ ، ﻭﺍﻷ‌ﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺍﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺰﺍﺑﻞ ﻳﻘﺘﺎﺕ ، ﻟﻜﻦ ! ﻟﻌﻨﺔ ﺿﺮﺑﺔ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻣﺎﺯﻟﺖ ﺗﻄﺎﺭﺩﻧﻲ ﻭﺟﻠﺒﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ ، ﺣﻴﺚ ﺑﺪﺃ ﺟﺮﺡ ﺭﺃﺳﻲ ﻳﺘﻌﻔﻦ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻣﺴﻴﺔ ﺃﻏﻠﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻴﻮﻧﻲ ﺃﺷﻢ ﺃﺭﻳﺞ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ ،ﺇﻧﻪ ﻳﺆﻛﻞ ﺑﺒﻄﺊ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻴﺘﺎ ، ﻷ‌ﺣﻤﻠﻪ ﻓﻮﻕ ﺃﻛﺘﺎﻓﻲ ﻭﺃﺟﻮﻝ ﺑﻪ ﺍﻷ‌ﺯﻗﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ

ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﺒﻰ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍ ، ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻲ ﻳﻐﺮﺱ ﺷﺒﺎﻛﻪ ﺑﻤﻬﻞ ﺷﺪﻳﺪ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻋﺎﺗﺐ ﺧﻴﺎﻻ‌ﺗﻲ :
ﻫﻞ ﻓﻌﻼ‌ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﻮﺕ
ﻻ‌ !
ﻓﻼ‌ﻳﻮﺟﺪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﻗﻞ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ ، ﺇﻟﻰ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻋﺬﺍﺏ ﻋﺎﺑﺮﺓ  ، ﻓﺎﻟﻤﻨﺘﺤﺮ ﻏﺎﺭﻗﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺎﺭﻉ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺇﺧﺘﻠﻄﺖ ﻓﻴﻪ ﻧﻮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻊ ﺍﻹ‌ﻧﺘﺤﺎﺭ ، ﻭﻫﻨﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻏﺮﻳﺰﺓ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ
ﺇﺧﺘﺮﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺣﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ‌ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺗﻀﺎﺭﻳﺴﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻋﺮﺓ ..  ﺃﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺶ ﻭﻻ‌ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺘﺴﻢ ﺳﺎﺧﺮﺍ ﻓﻲ ﻭﻫﻤﻲ ﻭﻳﺪﻏﺪﻍ ﺳﺮﺣﺎﻧﻲ ، ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺊ ﺳﺎﺑﻘﺎ ، ﻓﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﺟاذبية ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ..

                        **

ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺫﺍﺕ ﻋﺼﺮ ، ﻇﻬﺮﺕ ﻟﻲ ﺯﻳﻨﺐ ﺟﺎﻟﺴﺔ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺃﺣﺪﺍ ، ﻟﻢ ﺃﺻﺪﻕ ﻋﻴﻨﻲ ﻭﻓﺮﻛﺘﻬﻤﺎ ﺟﻴﺪﺍ ﻟﻌﻠﻪ ﻭﻫﻢ ﻳﻜﻮﻥ ، ﻟﻜﻦ ﻭﻳﺎ ﻓﺮﺣﺘﻲ ﻓﺰﻳﻨﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ، ﻫﺎ ﻫﻲ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺍﻵ‌ﻥ
ﺗﻮﻗﻒ ﻷ‌ﻓﻜﺮ  ﻣﺎﺫﺍ ﺳﺄﻗﻮﻝ ﻟﻬﺎ  ، ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻬﺎ ﻻ‌ ﺗﺘﻌﺪﻯ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻋﺎﺑﺮﺓ ، ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻧﺴﻴﺘﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﻋﺎﺑﺮ ﺣﻘﻴﺮ ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻟﺤﻈﺔ ﺗﻌﻴﺴﺔ .. ﺗﺸﺠﻌﺖ ﻭﺗﻮﺟﻬﺖ ﺻﻮﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ‌ﺣﻈﺘﻨﻲ ﻭﻗﻄﻌﺖ ﻣﺴﺎﺭﻱ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺑﻤﻼ‌ﻗﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ، ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻻ‌ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺮﻫﺎ ﺍﺣﺪﺍ ﻣﻌﻲ ، ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻭﻫﻲ تلتفت ﻳﻤﻴﻨﺎ ﻭﺷﻤﺎﻻ ، وقال بتوجس‌ :
- ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻔﻌﻞ ﻫﻨﺎ ﻳﺎ عادل ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﺻﺎﺏ ﺭﺃﺳﻚ ؟
- ﻛﻨﺖ ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻨﻚ ﻣﻨﺪ ﻣﺪﺓ ، ﺃﻣﺎ ﺿﺮﺑﺔ ﺭﺃﺳﻲ ﻓﺤﻜﺎﻳﺘﻬﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ
- ﻻ‌ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻫﻨﺎ ، ﺍﻷ‌ﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻵ‌ﻥ

ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺗﻮﺟﻬﺖ ﻧﺤﻮﻯ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻃﺎﻝ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻱ ﻭﻻ‌ ﺃﺛﺮ ﻟﺰﻳﻨﺐ ،
- ﻫﻞ ﺳﺘﺄﺗﻲ ؟ ﺃﻡ ﺃﺭﺩﺍﺕ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻲ ،
ﻣﺮﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﻛﺪﻗﺎﺋﻖ ﻭﺻﻮﺕ ﺍﻷ‌ﺫﺍﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻳﺮﻓﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻟﻴﻀﻊ ﺣﺪﺍ  ﻹ‌ﻧﺘﻈﺎﺭﻱ.  - ﻟﻘﺪ ﻛﺬﺑﺖ ﻋﻠﻲ ﺯﻳﻨﺐ ، ﺑﻞ ﺇﺳﺘﻐﻔﻠﺘﻨﻲ ، ﻛﻢ ﺃﻣﻘﺖ ﺍﻟﻐﺪﺭ
- ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺜﻞ ﺯﻳﻨﺐ
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﻟﻌﻦ ﺯﻳﻨﺐ ، ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺻﺪﺭﺗﻨﻲ ﻫﻜﺬﺍ ؟ ﻭﻏﺮﺳﺘﻨﻲ ﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﻣﻨﺘﻈﺮﺍ ﺇﻳﺎﻫﺎ ..
ﻭﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﺻﺪﻓﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻣﺘآﺳﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺧﺮﻫﺎ ﺑﺄﻋﺬﺍﺭ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ (ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺄﺧﺮﺕ ) ﻟﻨﻌﻮﺩ ﻣﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ
ﻗﺎﻟﺖ :
- ﻣﺎﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻨﻲ ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﺻﺎﺏ ﺭﺃﺳﻚ !
ﺻﻤﺖ ﻗﻠﻴﻼ‌ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﺮﺭ ﺳﺆﺍﻟﻬﺎ ، ﺛﻢ ﺃﺟﺒﺘﻬﺎ :
ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺣﺎﻟﻲ ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﺟﻮﺍﺑﻲ
ﻗﻮﻟﻲ ﻳﺎ عادل ﻣﺎﺫﺍ ﻟﺤﻖ ﺑﻚ ؟! ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺒﻠﻨﺎ
- ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻛﺴﺮ ﺳﻜﻴﺮ ﺯﺟﺎﺟﺔ ﺧﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻧﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺩﺭﻱ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻟﺮﺃﺳﻲ ﻭﻟﻢ ﺃﺟﺪ ﺃﻱ ﻣﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ، ﻭﻟﻬﺎﺫﺍ ﺑﺤﺚ ﻋﻨك
ﺃﺧﺒﺮﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﺃﻓﺮﻏﺖ ﺃﺣﺰﺍﻧﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﺃﻣﻄﺮﺗﻬﺎ ﺑﻤﻮﺍﺟﻌﻲ ، ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺃ ﻭﺟﻬﻲ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﺒﻬﺎ ﺍﻟﺪﻣﻌﺘﻴﻦ
ﻋﺮﺿﺖ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ، ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺑﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﺄﺧﺪﻧﻲ ﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ
ﻛﻨﺖ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻲ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﺑﻴﻨﻨﺎ .. ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ ﻣﺮﻓﻘﺘﻬﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﺑﺖ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻭﺍﻟﻔﻀﻮﻝ ﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻲ ﻷ‌ﻋﺮﻑ ﻣﻘﺼﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺑﻬﺎﺫﺍ ﺍﻟﺼﻌﻠﻮﻙ ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻥ ..  ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻒ ، ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻭﺩﺧﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺭﻭﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮﺓ ، ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ، ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﺮ ، ﺭﺑﻤﺎ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﺯﻗﺔ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺍﻟﺒﺌﻴﺴﺔ ، ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻨﺎ ﻭﻣﻼ‌ﻣﺤﻬﻢ ﺗﺸﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﻣﺮﻳﺮ ، ﻫﻨﺎ ﻳﺤﻴﺎ ﺍﻟﻔﻘﺮ ، ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﻤﻨﺴﻲ ، ﻫﻨﺎ ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻷ‌ﺭﺽ .. ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺍﻣﺎﻡ ﺑﺎﺏ ﺻﻐﻴﺮ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ :
- ﺳﺄﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪﻩ ، ﻟﻜﻦ ﻻ‌ ﺗﺮﺗﻜﺐ ﺃﻱ ﺣﻤﺎﻗﺎﺕ
- ﻭﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ؟
- ﺳﺘﻌﺮﻑ ﺍﻵﻥ

ﺩﺧﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ، ﻟﻘﺪ ﺗﻐﻴﺮ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ، ﺇﻧﻪ ﻛﻬﻒ ﻣﻔﺮﻭﺵ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺮ ﻳﺴﺒﺢ ﻓﻴﻪ ﺿﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﺠﺎﺋﺮ .. ﺯﻳﻨﺐ ﺗﺠﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺟﻼ‌ﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻀﻔﺎﺿﺔ ﻟﺘﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺭﺿﺔ ﺃﺯﻳﺎﺀ ﻣﻐﺮﻳﺔ ..  ﻗﺎﻟﺖ :
ﺇﺟﻠﺲ ﻫﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﻋﻮﺩ
ﻛﻨﺖ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺻﻌﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻮﻕ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻋﺎﻫﺮﺓ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ..  ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺟﺪ ﻏﺮﻳﺐ ، ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻬﻤﺴﺎﺕ ﻭﺭﻧﻴﻦ ﺍﻟﻀﺤﻜﺎﺕ ﺗﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ، ﻭﺃﺻﺪﺍﺀ ﻗﺮﻉ ﺍﻟﻜﺆﻭﺱ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ .. ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺪﻗﺔ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﺗﺘﺴﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ  ﻭﻫﻲ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ، ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻇﻬﺮﺕ ﻟﻲ ﺷﺎﺑﺔ ﺗﺮﻗﺺ ﻫﻨﺎﻙ ، ﺗﻮﺟﻬﺖ ﻗﺮﺑﻬﺎ ﻭﺟﻠﺴﺖ ﺃﻓﺘﺮﺳﻬﺎ ﺑﻨﻈﺎﺭﺍﺗﻲ :
- ﻳﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﺸﻬﺪ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﺮﻋﺸﺎﺕ ﻓﻲ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺟﺴﻤﻲ .. ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ﺗﻨﺴﻒ ، ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ ﺗﻠﺴﻌﺎﻥ ، ﺇﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ ﺗﺤﺮﻙ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ .. ﻣﺎﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ؟! ﺃﺻﺎﺑﻨﻲ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﻲ ﺃﻟﻢ ﻟﺬﻳﺬ ، ﺛﻘﻞ ﻏﺮﻳﺐ ، ﺃﻧﻔﺎﺳﻲ ﺣﺎﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﻟﻮﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻤﺮ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﻲ ، ﻭﻧﺴﻴﺖ ﺁﻟﻢ ﺭﺃﺳﻲ ﺍﻟﻤﻔﻠﻮﻕ  ﻭﺗﺨﻴﻠﺖ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻛﻠﻪ ﻳﺮﻗﺺ ، الجبال تميل يمينا وشمالا ، النجون تسقط من السماء .. إنه ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺑﻄﺒﻌﻪ ﻳﻌﺸﻖ ﺍﻟﻠﺤﻮﻡ
ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺎﺯﻟﺖ ﺗﺮﻗﺺ ، ﺑﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺮﻗﺺ ﻓﻴﻬﺎ ، ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻛﺒﺴﺘﺎﻥ ﻓﻮﺍﻛﻪ ، ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻔﺎﺡ ﻭﺍﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻝ ﻭﺍﻹ‌ﺟﺎﺹ ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﻜﺎﻛﻲ ..
 ﻋﺎﺩﺕ ﺯﻳﻨﺐ وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ ﻣﺮﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﻬﻒ ، ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ :
- ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺛﺘﻚ ﻋﻨﻪ ، ﺇﻧﻪ ﻻ‌ ﻳﻤﻠﻚ ﺃﺣﺪﺍ
ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﻣﻄﻮﻻ‌ ﻭﻫﻮ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻛﻞ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺴﺪﻱ ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ :
- ﺇﻧﻪ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﺻﻐﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ، ﻟﻜﻦ ﻻ‌ ﺑﺄﺱ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﻘﻮﻡ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ

ﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻦ ﻣﻘﺼﺪﻩ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷ‌ﻋﻤﻞ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﺘﺮﻕ ﺍﻟﻨﻈﺎﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺎﻋﻴﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺎﺩﻳﻪ ﺯﻳﻨﺐ ﺏ ﺍﻟﺤﺎﺝ .. ﺃﻱ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﻫﺬﺍ ؟! ﻓﺄﻧﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﺩﻳﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﻟﺤﺎﺝ ، ﻳﻠﺒﺲ ﺍﻟﺠﻠﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻄﺮﺑﻮﺵ ، ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ .. ﻟﻘﺪ ﻓﺎﺗﻨﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺇﺫﺍ
ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻭﺯﻳﻨﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺎﺯﻟﺖ ﺃﺳﺘﻜﺸﻒ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻗﻄﻌﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺇﺳﺘﻜﺸﺎﻓﺎﺗﻲ ، ﻭﻗﺎﻟﺖ :
- ﻫﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻮﻕ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﻼ‌ﺑﺴﻚ ﺍﻟﺮﺛﺔ ﻫﺬﻩ
- ﻣﺎﺫﺍ ﺳﺄﺷﺘﻐﻞ ﻫﻨﺎ
- ﻟﻴﺲ ﺍﻵ‌ﻥ ، ﺳﺘﻌﺮﻑ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻻ‌ﺣﻘﺎ

ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﺟﺪﻳﺔ ﻣﻌﻲ ، ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺑﺪﺃ ﻳﺨﻴﻔﻮﻧﻲ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﻣﺸﺎﻋﺮﻱ ﺍﻟﻤﻴﺘﺔ .. ﺻﻌﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻮﻕ ﻷ‌ﻏﻴﺮ ﻣﻼ‌ﺑﺴﻲ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺗﻮﺟﺪﻱ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ، ﻭﺃﻱ ﺻﻔﺤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﻔﺘحها  ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭﺩ ﺑﺎﻟﻠﻌﻨﺎﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﺻﺪﺍﺭﻩ ﺑﺼﺮﺧﺔ ﻣﺸﺆﻣﺔ ﺍﻋﻠﻨﺖ ﺑﺼﺪﺣﻬﺎ ﻗﺪﻭﻡ ﺇﻧﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ
ﺇﺳﺘﺤﻤﻤﺖ ﻭ ﻏﻴﺮﺕ ﻣﻼ‌ﺑﺴﻲ ﺍﻟﺮﺛﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻠﻴﻖ ﺑﺄﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ، ﻭﻓﺠﺎﺓ ﺻﻌﺪﺕ ﺯﻳﻨﺐ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻷ‌ﺩﻭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﻄﻴﺖ ﺑﻬﺎ ﺟﺮﺡ ﺭﺃﺳﻲ ﺍﻟﻤﺘﺂﻛﻞ ﻭﻏﻴﺮﺕ ﺿﻤﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ ،  ﻭﺳﺄﻟﺖ ﺯﻳﻨﺐ  ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ  :
ﺃﺭﺟﻮﻛﻲ ﺃﺧﺒﺮﻳﻨﻲ ﻣﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ
ﺃﺟﺎﺑﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺑﺼﻮﺕ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﻤﺲ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺗﻮﺗﺮﻱ :
- ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻲﺀ ﺍﻟﺼﻌﺐ ، ﻭﻻ‌ ﺗﻘﻠﻖ ﺣﻴﺎﻝ ﺫﻟﻚ ، ﻏﺪﺍ ﺳﺄﺧﺒﺮﻙ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﻴﻤﻜﻨﻚ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻭﻻ‌ ﺗﺸﻐﻞ بالك

ﺧﺮﺟﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺠﺎﻝ، ﻭﺗﺮﻛﺘﻨﻲ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ. ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺘﻌﺐ ﺷﺪﻳﺪ ، ﻭﺗﺬﻛﺮﺕ ﺍﻟﺸﻮﺭﺍﻉ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ، ﻭﺍﻟﻨﻮﻡ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ، ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﺴﺤﻴﻖ ، ﺍﻵ‌ﻥ ﺃﻧﺎ ﻣﺴﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﺵ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﺃﺣﻼ‌ﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻣﺲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻟﻢ ﻳﻄﻴﺐ ﻫﻨﺎ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﻳﻘﻤﻊ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ  - ﻣﻦ ﻫﻲ ﺯﻳﻨﺐ ؟ ﺇﻧﻬﺎ ﻋﺎﻫﺮﺓ ﻭﻻ‌ ﺭﺑﻴﺐ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ .  ﻭﻣﻦ ﻫﻮ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺤﺎﺝ ؟  ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻣﻨﻲ ؟ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺧﻴﺎﻻ‌ﺗﻲ ﺣﺎﺋﺮﺓ ﺗﺎﺋﻬﺔ  ﺣﺘﻰ ﻧﻤﺖ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻭﻣﺘﺄﺧﺮﺍ ، ﻭ ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻷ‌ﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ، ﻣﺴﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﺵ ﻧﺎﻋﻢ ﻭﻓﻮﻗﻲ ﺳﻘﻒ ﻳﺤﺠﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻨﻲ ﻭﺟﻨﺒﻲ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺣﻴﻄﺎﻥ
  - ﺃﻳﻦ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ؟ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ؟ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ؟ ﺃﻳﻦ أنا يا عادل ؟
اﻧﺘﻔﻀﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ ﻭﺟﻠﺴﺖ ﺃﺗآﻣﻞ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﺩ ﺷﺮﻳﻂ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﺀ ﺃﻣﺲ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺃﺟﻤﻊ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﺍﻟﻤﻨﺜﻮﺭﺓ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺩﻗﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ، ﻗﻤﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﻷ‌ﺳﺘﻜﺸﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﺭﻕ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻪ ﺳﻴﺪﺓ ﺑﻠﻎ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻋﺘﻴﺎ ، ﺑﺪﺕ ﻛﺌﻴﺒﺔ ﻭﺑﺎﺋﺴﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺪﻕ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻌﺴﺘﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﺖ :

- هل ﺃﻧﺖ عادل
- ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ، ﻣﻦ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻤﻄﺎﺀ ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﺳﻴﻤﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﻫﻜﺬﺍ :
ﺃﻧﺎ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ عادل ﻳﺎ ﺟﺪﺗﻲ
- ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺟﺪﺗﻚ ﻳﺎ ﻓﺘﻰ ، ﻭﻻ‌ ﻳﺮﺿﻴﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻛﻮﻥ
- ﻣﺎﺫﺍ ؟ ﻻ‌ ﻳﺮﺿﻴﻚ ! ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﺮﺿﻴﻚ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ؟
- ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻱ ﺳﺄﺻﺒﺢ ﺟﺪﺓ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ
- ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺇﺑﻦ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ، ﻓﺄﻧﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺤﻼ‌ﻝ ، ﻟﻜﻦ ﻗﺪﺭﻱ ﻛﺎﻥ ﺃﻥ ﺃﻋﺎﺷﺮﻛﻢ ﻳﺎ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ
- ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻚ ﺳﺘﺜﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻫﻨﺎ ﻳﺎﻓﺘﻰ ، ﺍﻟﻤﻬﻢ " ﺍﻟﺤﺎﺝ " ﻳﻨﺘﻈﺮﻙ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﺳﻔﻞ
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻭﺗﺒﻌﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷ‌ﺳﻔﻞ ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻄﺎﻭﻻ‌ﺕ ﻭﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻔﻄﻮﺭ ، ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻳﺒﺪﻭ ﻫﺎﺩﺋﺎ ﻋﻜﺲ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻣﺲ .
ﻧﺎﺩﻧﻲ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻹ‌ﻓﻄﺎﺭ ﻣﻌﻪ ، ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺋﻪ ﺑﺪﺃ ﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻲ
- ﺃﺧﺒﺮﺗﻨﻲ ﺯﻳﻨﺐ ﺃﻧﻚ ﻻ‌ ﺗﻤﻠﻚ ﺃﺣﺪﺍ
- ﻟﻢ ﺗﻜﺬﺏ ﻋﻠﻴﻚ
- ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻫﻨﺎ ﻟﺘﻘﻮﻡ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ
- ﻭﻣﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ
- ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻨﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺪ
- ﻟﻜﻨﻚ ﻟﻢ ﺗﺠﺐ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻟﻲ
- ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻚ ﻣﺘﺴﺮﻉ ،
- لا ليس كذلك ، إنما من حقي نعرفة نوعيى العمل
- وهل احتمال الرفض وارد عندك
لم أبدها له وأنا أتساءل في نفسي عن هذا العمل اللغز ، والحاج المزيف  ينظر إلي وكأن ليس من حقي الرفض ، أو ربما لا رأي لمن لا يطاع وأنا واحد منهم
وفجأة تغيرت ملامح الحاج وقال :
- ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺋﻪ ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺰﺑﺎﺋﻴﻦ ، ﻭﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻣﻨﻚ ﻫﻮ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﻄﺎﻭﻻ‌ﺕ ﻭﺍﻟﺘﺒﻀﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﺠﻠﺲ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺗﺤﺮﺱ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻱ ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻪ ، ﻫﺬﺍ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﺇﺭﺗﺤﺖ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺸﻔﺖ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﻤﻞ ، ﻭﺗﺄﻛﺪﺕ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺤﺎﺝ .. ﻛﻨﺖ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﻟﻌﻦ ﺣﺠﺎﺝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮ ﻣﺜﻠﻪ
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﺗﺘﺼﺎﺭﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ، ﻭﻛﺄﻥ ﺷﺨﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻲ ، ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﺄﻣﺮﻭﻧﻲ ﺑﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﻳﺼﺮﺥ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ :
ﺍﻷ‌ﻓﻀﻞ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺯﻧﻴﺒﺮ ﺃﻥ ﺗﻘﺘﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺰﺍﺑﻞ ﻭﺗﻨﺎﻡ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﺼﻮﻟﻬﺎ ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺶ ﺧﺎﺩﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻛﺮ ﺍﻟﻨﺠﺲ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺭﺏ ﻋﻤﻠﻚ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ ﺍﻟﺤﺎﺝ ..
ﺍﻵ‌ﺧﺮ ﻳﺘﺮﺍﻓﻊ ﺃﻣﺎﻣﻲ :
ﻻ‌ ﻳﺎ ﺯﻧﻴﺒﺮ ، ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ، ﻭﺍﻟﻤﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ، ﺇﺑﻘﻰ ﻫﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﺴﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺗﻜﺒﺮ ﻗﻠﻴﻼ‌ ﻭﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ
ﺻﺪﻗﺖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ، ﻭﻗﺮﺭﺕ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻷ‌ﻭﻟﻰ ، ﺳﺄﻛﺘﺸﻒ ﻋﺎﻟﻢ ﺁﺧﺮ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻨﻪ ، ﻋﺎﻟﻢ ﺃﺧﺮ ﻻ‌ ﻳﻔﻘﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻟﻨﻴﺎﻡ ﺷﻴﺌﺎ ، ﻛﻨﺖ ﺟﺎﻟﺲ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻭﺑﻨﺎﺕ ﺣﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﺘﻠﻔﻬﻦ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﺟﻨﺒﻲ ، ﻃﻮﻳﻼ‌ﺕ ﻭﻗﺼﻴﺮﺍﺕ ، ﻧﺤﻴﻔﺎﺕ ﻭﺑﺪﻳﻨﺎﺕ ، ﺷﺒﻪ ﻋﺮﻳﺎﺕ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻨﻘﺒﺎﺕ ، ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﺭ ، ﻣﻦ ﻣﺮﺍﻫﻘﻴﻦ ﺑﺎﺋﺴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﻮﺥ ﺃﺿﺎﻋﻮﺍ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ، ﻭﻛﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﻳﻌﻘﻮﺏ ، ﻭﻛﻞ ﻋﻠﻰ  ﻟﻴﻼ‌ﻩ ﻳﻐﻨﻲ ، ﻭﺗﺼﻴﺮ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺆﻭﺱ ﻭﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻃﻌﻢ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ
ﻫﻜﺬﺍ ﺇﺫﺍ !     ﻫﻜﺬﺍ ﺇﺫﺍ !    ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺝ      ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺝ
ﻣﺮﺕ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﺑﺎﻟﻠﻴﺎﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻜﺎﺭﻯ ، ﻭﻣﻌﻬﺎ ﺑﻀﻌﺖ ﺃﺷﻬﺮ ﺇﻋﺪﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻭﻟﻢ ﺃﺭﺿﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ، ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻃﻞ ﻋﻠﻲ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺑﻨﺤﺴﻪ ﺍﻟﻌﺘﻴﻖ ، أو كنا محظوظا لإبتعادي عن ذاك الكهف المسكور ،  ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦه ، ﻇﻬﺮﺕ ﻟﻲ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﺍﻗﻔﺔ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، والناس تجمهرت على المكات ؛وكأن جربمة قتل حصلت هناك ؛ ﻭﻗﻔﺖ ﻓﻲ ﺻﺪﻣﺘﻲ ﻣﺘﺴﺎﺀﻻ‌ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺤﺪﺙ ﻫﻨﺎﻙ ، ﺣﺘﻰ ﺧﺮﺟﺖ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺻﺤﺒﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ، ﻟﻘﺪ ﻗﺒﻀﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺍﻷ‌ﻭﻝ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻌﻬﻢ ، ﻭﻇﻬﺮﺕ ﻟﻲ ﺯﻳﻨﺐ ﻳﺠﺮﻫﺎ ﺷﺮﻃﻲ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻫﺎ ، ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﻀﻌﻒ ﻭﺃﻧﺎ ﻻ‌ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﻞ ﻷ‌ﺟﻠﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ، ﺯﻳﻨﺐ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﺴﺖ ﺑﻲ ﻭﺍﻧﺘﺸﻠﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﺮﺍﺗﻴﻦ ﺍﻷ‌ﺯﻗﺔ ، ﻫﺎﻫﻲ ﺗﻬﺎﻥ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺍﻵ‌ﻥ ، ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻛﺮﻩ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻣﻦ ﻓﻴﻪ ، ﻟﻜﻦ ﺯﻳﻨﺐ ﻻ‌ ﺃﺣﺴﺒﻬﺎ ﻣﻌﻬﻢ ، ﻭﻟﻢ ﺃﺭﺿﻰ ﻳﻮﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻻ‌ ﻳﻜﺸﻔﻮﺍ ﺃﻣﺮﻱ ، ﻭﻋﺪﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺪ ﻷ‌ﺟﺪ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﺤﻄﻢ ، ﻟﻘﺪ ﺃﻓﻨﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﺳﻮﻯ عادل ﻭﺑﺎﺏ ﺍﻷ‌ﺯﻗﺔ ﻳﻔﺘﺢ ﺃﻣﺎ ﺃﻧﻈﺎﺭﻩ  ..
ﺣﻨﻴﺖ ﺑﺮﺃﺳﻲ ﻭﺗﺮﻛﺖ ﻭﺭﺍﺋﻲ ﺻﻔﺤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻠﻮﺛﺔ ﺑﺤﺒﺮ ﺗﻌﻴﺲ ، ﻷ‌ﺳﺘﺠﻴﺐ ﻟﻨﺪﺍﺀ  ﻗﺪﺭﻱ ، ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻡ ﺃﻥ ﺃﻗﻀﻲ ﺯﻫﻮﺭ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ ﻭﻣﺮﺍﻫﻘﺘﻲ  ﻛﺴﻨﺪﺑﺎﺩ ﺿﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﺃﺯﻗﺔ ﺑﻠﺪﻱ ، ﻭﻟﺘﺤﻴﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﺮﻏﻤﺔ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺪﺭﻭﺏ ﻭﺍﻟﻤﺰﺍﺑﻞ ، ﻭﺃﻋﻮﺩ ﻷ‌ﻓﺘﺮﺵ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﻭﺃﻟﺘﺤﻒ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺀ ، ﻭﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻓﻮﻕ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟذﻫﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻲ ﻟﻲ ﻭﻻ‌ﺓ ﺃﻣﺮﻭﻳﻨﺎ ، ﻭﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻫﻲ ﻛﻞ  ﺣﻘﻨﺎ ..  ﻫﺎﺃﻧﺬﺍ ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﻋﺸﻴﺮﺗﻲ ﻋﺎﺋﺪ ﺇﻟﻰ ﺭﺣﺎﺑﻜﻢ ، ﻟﻨﺴﻴﺮ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻻ ‌ينتهي ﺗﺤﺖ ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ .

                            **

ومازال صوت من كانت أمي أسمعه في غفلة وهو ينهرني ، وأرى عيون من كان أبي في الظلام وهي تأمرني بالصمت .. إنها مازالت تمطر وزمجر الرعد يصم أذن المدينة ، وﺍﻵ‌ﻥ ﺳﺄﻏﻠﻖ ﻧﺎﻓﺪﺗﻲ ﻭﺃﺗﺮﻙ ﺍﻷ‌ﻣﻄﺎﺭ ﺗﻐﺴﻞ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ آثﺮ ﻋﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺃﺯﻗﺔ ﺑﻠﺪﻱ ، ﻭﺳﺄﻋﻮﺩ ﻟﺴﺮﻳﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺃﻧﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺷﺘﺎﺀ ﺣﺰﻳﻨﺔ ﺗﻮﻗﻴﻆ ﺑﻜآبﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﺃﺷﺠﺎﻧﻲ ، ﻭﺗﻨﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺫﺍﻛﺮﺗﻲ ، ﻭﺗﺮﻯ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﻓﻲ ﻣﺰﺑﻠﺔ ﺃﻳامي اﻟﺴاﺤﻘﺎﺕ ، ﻟﺘﻔﻮﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﺭﻭﺍﺋﺢ ﻧﺜﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺮ ﺍﻷ‌ﻣﺎﺳﻲ .. ﺁﻩ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺗﺂﺑﻰ ﺃﻥ ﺗﻠﺘﻒ ﺑﺜﻮﺏ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ، ﻭﺗﻐﺪﻭ ﻛﻐﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻣﻀﺎﺕ ، ﺑﻞ ﺻﺎﺭﺕ ﺟﻤﺮﺍﺕ ﺗﺤﺖ ﺭﻣﺎﺩ ﺍﻷ‌ﺯﻣﺎﻥ ﻻ‌ ﻳﻄﻔﻲ ﺗﻮﻫﺠﻬﺎ ﻣﺎﺀ ﻭﻻ‌ ﺗﺮﺍﺏ ، ﻭﻻ‌ ﺗﺮﺿﺦ ﻟﻲ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﻻ‌ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ .. ﺇﻧﺘﻬﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻬﻲ ، ﻭﺍﻟﺴﻮﺍﻋﻖ ﺗﻄﻌﻦ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺭﺑﻴﻊ ﺫﺍ ﺷﻤﺲ ، والبحر ساجي تحت عواصف مطر هوجاء ، ﻭﺍﻟﺠﻨﺎﺋﺰ ﺗﺴﻴﺮ ﻣﻊ ﻣﻮﺍﻛﺐ ﺍﻷ‌ﻋﺮﺍﺱ ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺗﻌﻠﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺍثق ﺳﻼ‌ﻡ ، ﻭﺍﻷ‌ﻓﺮﺍﺡ ﺁﺗﻴﺔ ﻫﺎﺭﺑﺔ ﻛﻌﺼﺎﻓﺮ ﺍﻟﺴﻄﺢ ، ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺗﻈﻬﺮ ﻫﻨﺎ ﻭﺗﻨﻔﻠﺖ ﻫﻨﺎﻙ  .. ﻫﻜﺬﺍ ﻫﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺍﻵ‌ﻥ : ﺃﻣﻮﺕ ﻭﺃﺣﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ، ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﺤﺖ ﺫﺍﺕ ﺩﻫﺮ ﻓﻲ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ، ﻓﻤﻦ ﻫﺬا  ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻖ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻱ ؟!.



محمد بن صالح 

تعليقات

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أغرب القصص في الإنترنت المظلم -1-