الطريق المستحيل
ﻗﺮﺹ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﺻﺒﺢ ﺑﺎﻫﺘﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ، ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺃﻭﺷﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻀﻲ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﺃﺟﻠﺲ ﻣﻊ ﻫﻤﻮﻣﻲ وﺗﻤﻨﻴﺎﺗﻲ ، ﻣﻊ ﺁﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻏﺪ ﺃﺣﺴﺒﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ .. ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺟﻨﺒﻲ ﻷﺟﺪ ﻋﺠﻮﺯ ﻳﺠﻠﺲ ﻣﻊ عقوده ﻭيتأﻣﻞ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻻ ﺗﺮمش . ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ؟ ﺭﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﻳﻦ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻀﺖ ﻭﺗﺮﻛﺖ ﻋﺒﻘﻬﺎ ﻭ ﺃﻃﻴﺎﻓﻬﺎ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻛﻞ ﺣﻴﻦ .. ﺻﺮﻓﺖ ﻭﺟﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻛﺴﺔ ﻟﻴﺘﺒﻴﻦ ﻟﻲ ﻃﻔﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻔﺰ ﻭﻣﺸﺎﻛﺴﺔ ﺳﻴﺪﺓ ﺗﺒﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ .. ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻨﻘﻴﺾ ﺍﻟﺘﺎﻡ ، ﻭﺍﻟﺮﺃﺱ ﺍلخالي ﻣﻦ ﻫﻢ ﻭﻏﻢ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﻭﻟﻬﻮ .. ﺇﺫﺍ ، ﺃﻧﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ، ﺑﻴﻦ ﺣﻘﺒﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻤﺎ .. ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ، ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺧﻴﺎﺭ ﺃﻥ ﺃﺧﺘﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻋﻤﺮ ﺃﻛﻮﻥ ؟ ﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻧﻲ ﺳﺄﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ .. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻧﺤﺐ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ؟! ﻭﺗﺠﺪﻧﺎ ﻧﻤﺠﺪﻩ ﻭﻧﻤﺪﺣﻪ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﻳﺢ .. هل لأنه دهب ولن يعود ؟ إذا كان كذلك فحتى هذا الزمان الذي نلعنه في كل فرصة سانحة سيصبح مفقود ومرغوب بعد مرور سنوات طويلة .. ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻨﺎ ﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺎﻷﻣﺲ ، ﺛﻢ ﺗﺸﺘﺪ ﺍﻟﺤﺴﺮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ، ﻭﻧﺘﻐﺎﺿﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ .. ﻓﻤﻦ ﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻋﺒﺎﺭﺓ -ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ- ما هو الجميل فيه يا ترى ؟! ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺗﻐﺰﻝ ﺑﻌﺒﻴﺮ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ - ﺃﻻ ﻟﻴﺖ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻳﻌﻮﺩ ﻳﻮﻣﺎ ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺸﻴﺐ - ﻣﺎﺫﺍ ﺳﺘﺨﺒﺮﻩ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ؟ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺒﻪ ﻟﻚ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻋﻦ ﺣﻠﻢ ﺣﺴﺒﺘﻪ ﺳﻴﻼﻣﺲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ، ﻋﻦ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺟﻤﻌﺘﻬﺎ ﻟﺪﻫﻮﺭ ﻭﺑﻌﺜﺮﺗﻬﺎ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ، ﻋﻦ ﺟﺎﻩ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ، ﻋﻦ ﻣﺎﻝ ﻓﺎﺽ ﻳﻮﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻨﻮﺍﺩﺭ .. ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻧﻌﺬﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﻓﻘﻂ ﺭﺹ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﻣﺠﺎﻣﻠﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻣﻌﺬﺭﻭﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﻼﻝ ، ﻭﻣﻠﺊ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺤﺴﺮﺍﺕ ، ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ﻭﻧﺒﺶ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻭﻣﺤﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﻌظﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﺂﻛﻠﺔ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺜﺖ .. ﻳﺎهؤلاء ، ﺇﻧﻤﺎ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﻓﻌﻞ .
محمد بن صالح
تعليقات
إرسال تعليق