حتى النهاية


يجلس عمر بين الجموع ، يتوجع بصدى الزغاريد ، ويدوب على مهل مثل شمعة بائسة ترمي بجلدها الحارق .. ظهرت العروسة أخيرا وهي أميرة حسناء  بثوب أبيض ناصع يظهر لي عمر على أنه كفن..  ويرى من حولها كأنهم هنا لتشييع جثمانها ..  يحملق فيها ، يعاتبها بعيونه .. أنفاسه الشائكة تعترف بحبه لها ، كبريائه يأمر بقتلها ، أو البصق في وجهها الملون و الكاذب ، وهي لا تحسبه من الحضرين.

- لن أبقى هكذا..  يقول عمر لنفسه ..لابدا من فعل أي شيء
عادت الزغاريد ، انفجرت الأهازيج ، استقرت العروسة جالسة في المقام المزخرف ومعها رجل آخر ، إنه العريس .. أما عمر فلم يستوعب الموقف بعد ، مازال يعيش في عزاء محتفل ! إنه هنا ليرثى قلبه ، وكل شيء ممكن في رأسه .. أقتلها !  أقتل العريس ! أنتحر أنا ! ..  لا كذا أو كذا !  .. إنها هواجس لا أكثر ، بل هو الجنون بعينه .. جالسا على الأشواك ينثر نظره في كل مكان ، يحاول تجنب العروس ، لكن  نظره يخونه ولا يرضخ لضميره ، لينجدب قسرا لإبتسامتها المثيرة .. توقف من مكانه ، عاد وجلس ثم توقف من جديد ، لا أحد يهتم لأمره ، الجميع منغمس في الإحتفال وتائه مع ضجيج الموسيقى .. توجه صوبها بخطى ثقيلة ، لا يكاد يخطو حتى يعود إلى الوراء ، خطوتين إلى الأمام ثلاثة إلى الخلف ، وهكذا ، حتى قرر أخيرا ما سيفعل ، لن يتردد هذه المرة ، سينهي اللعبة وبعدها فالتنهار السماء على الأرض.. أخذ يسير نحوها حتى وصل إليها ، ثم توقف ، نظرت إليه باستغراب .. تتسأل في نفسها ماذا يريد منها بهذه النظرات ؟ .. ثم قدمته إلى عريسها

- إنه ابن عمي عمر
قام عمر بمصافحة العريس وبارك له زواجه ،  وكذلك فعل مع العروس وبارك لها ، ثم همس في أذنها :
- مازلت أحبك وسأبقى كذلك إلى النهاية
ثم غادر .


بنصالح 

تعليقات

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

بوتفوناست (صاحب البقرة)

تازمامارت .. أحياء في قبور !

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

بغلة القبور .. أسطورة الخيانة في حكايات الأمازيغ

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -