وحيدا وسط الدروب
ﺭﻥ ﺻﻮﺕ ﻣﻨﺒﻪ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺒﺎﻛﺮ ﻟﻴﻬﺘﻚ ﺳﺘﺮﺓ ﻧﻮﻣﻲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ، ﻭﻳﺤﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﻕ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ ، ﻛﻢ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﻮﻡ ، ﻟﻴﺲ ﻋﺸﻘﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﻮﻝ ، ﻟﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﺃﻛﺴﺮ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ، ﻭﺃﺗﺤﺮﺭ ﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻟﻔﻀﻠﺖ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺸﺎﺀ ﺃﻣﻲ ، ﻓﺄﻧﺎ ﺃﻣﻘﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺃﻣﻘﺖ ﻧﻔﺴﻲ ، ﻭﺃﻣﻘﺖ ﺍﻟﺒﺸﺮ ، ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ، ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﻋﺮﻓﻪ ﻫﻮ ﺃﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ .. ﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﺫﺍ ﺃﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ ﻣﻐﺎﺩﺭﺍً ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺃﺩﻓﻊ ﺛﻤﻦ ﺇﻳﺠﺎﺭﻩ ﻣﻨﺬ ﺷﻬﻮﺭ ، ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .. ﻫﺬﻩ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ، ﻻ ﻻ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺪﻳﻨﻲ ، ﻟﻜﻨﻲ ﺃﻋﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻫﺬﻩ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﺪﻧﻪ ، ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺠﺮﻱ ﻟﻴﻼً ﻧﻬﺎﺭ ﻛﺎﻟﺨﻴﻮﻝ ﺍﻟﺠﺎﻣﺤﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺼﺪ ، ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﻣﺜﻠﻲ ﺩﻭﻥ ﻫﺪﻑ ﻣﺤﺪﺩ ، ﺛﻢ ﺃﺗﻮﺟﻪ ﻋﻨﺪ " ﺳﻌﻴﺪ " ﺍﺑﻦ ﻗﺮﻳﺘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻄﻌﻤﺎً ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻗﺮﺏ ﻣﺴﻜﻨﻲ .
- ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﻛﻴﻒ ﺃﺣﻮﺍﻟﻚ .
ﺳﻌﻴﺪ : ﺃﻫﻼً ﺃﺣﻤﺪ ، ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ
ﺃﺟﺒﺘﻪ ﻛﺎﺫﺑﺎً : ﻛﻨﺖ ﻣﺴﺎﻓﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺧﺮﻯ ، ﻫﻴﺎ ﺃﺣﻀﺮ ﻟﻲ ﺍﻟﻔﻄﻮﺭ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﺄﺧﺮﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ .
ﻗﺎﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺴﺨﺮﻳﺔ : ﻭﻣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ .. ﺩﻋﻚ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻵﻥ ، ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻫﻞ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﺍﻷﻣﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻧﺎ ، ﻟﻘﺪ ﻓﺎﺽ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ .
ﻟﻢ ﺃﺟﺒﻪ ﻭﺃﺳﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺘﺴﺎﺋﻼً ، ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻏﺒﻲ ، ﻣﺎﺫﺍ ﺳﺄﻓﻌﻞ ﺑﺎﻷﻣﻄﺎﺭ ﻫﻞ ﺃﻣﻠﻚ ﺍﻟﺴﺪﻭﺩ ! .
ﻭﺑﻌﺪﻣﺎ ﺃﻧﻬﻴﺖ ﺇﻓﻄﺎﺭﻱ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ، ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ، ﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺃﻏﻠﻘﺖ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﺩﻳﻜﻮﺭ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻜﺴﻮﺓ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺏ ، ﻭﺍﻟﺘﺠﺄﺕ ﺇﻟﻰ ﺷﻬﺎﺩﺗﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﻘﺬﺗﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻭﺭﻣﺖ ﺑﻲ ﻛﻤﻮﻇﻒ ﺣﻘﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺮﺩﻭﺩﻫﺎ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﺪﺭﺍﺋﻬﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺒﻄﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﻔﺨﺔ ﻭﺍﻷﺩﻣﻐﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﺨﺔ ﺑﺎﻷﻣﻮﺍﻝ .
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﻣﻘﺮ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ، ﻇﻬﺮ ﻟﻲ ﺷﺨﺺ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺏ .
ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻳﻠﻬﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺰﻣﻨﺔ ﻭﻳﻨﺘﻈﺮﻧﻲ ﻟﺘﻮﺑﻴﺨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺧﺮ .. ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺻﺒﺎﺡ ﻣﺸﺮﻕ ﻛﻮﺟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ
- ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ
ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ : ﺑﻞ ﻗﻞ ﻣﺴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ
ﺻﻤﺖ ﻗﻠﻴﻼً ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭ ﺭﺩ ﻓﻌﻠﻲ ، ﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺑﺪﻳﻬﺎ ﻟﻪ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﺃﻟﻢ ﺃﻭﺻﻴﻚ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺄﺧﺮ .. ﺍﺳﻤﻊ ﻫﺬﺍ ﺁﺧﺮ ﺇﻧﺬﺍﺭ ﺃﻭﺟﻬﻪ ﻟﻚ ، ﻫﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﻚ
ﻳﻘﻮﻝ ﺁﺧﺮ ﺇﻧﺬﺍﺭ ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺳﻴﻘﺼﻒ ﻗﻮﺍﻋﺪﻱ .. ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺛﻨﺎﺀ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺗﻬﺎ ، ﻓﻮﺟﻬﻬﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺮﻙ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﻬﻢ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺻﻔﺮﺍﺀ
- ﻣﺮﺣﺒﺎً ﺳﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ، ﻟﻘﺪ ﺟﻠﺒﺖ ﻟﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ﻟﻤﺮﺍﺟﻌﺘﻬﺎ ﺑﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ، ﻭﻳﺠﺐ ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻐﺪ .
ﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﻟﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ، ﻭﺍﻛﺘﻔﻴﺖ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺃﺳﻨﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭﻛﺄﻧﻨﻲ ﺃﺑﺘﺴﻢ .. ﻃﺒﻌﺎ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﻳﺮﻳﺪ ﻋﻘﺎﺑﻲ ﻭﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻲ ﺃﻃﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﻭﺍﻕ ، ﻭﻗﻀﻴﺖ ﻳﻮﻣﺎً ﻛﺎﻣﻼً ﻭﺃﻧﺎ ﻏﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ﻭﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺇﻛﻤﺎﻟﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﺩﺭﻛﻨﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ .
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺟﺮ ﺧﻄﻮﺍﺗﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺯﻗﺔ ﻭﺃﻣﻌﺎﺋﻲ ﺗﻐﺮﺩ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻄﺔ ﺍﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﻭﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻄﻌﻢ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺳﻌﻴﺪ
- ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ
ﺳﻌﻴﺪ : ﻣﺎ ﺑﻚ ﻳﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺃﺭﺍﻙ ﺷﺎﺣﺒﺎً ..
- ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺁﻛﻞ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ، ﻫﻴﺎ ﺟﻬﺰ ﻟﻲ ﺷﻴﺌﺎً ﺁﻛﻠﻪ ، ﻓﺎﻟﻤﺪﻳﺮ ﺍﻧﺘﻘﻢ ﻣﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺧﺮﻱ
ﺳﻌﻴﺪ : ﻋﻨﺪﻱ ﺣﻞ ﻟﻚ ، ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻚ ﺃﻥ ﻧﺴﻬﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﻬﻰ ﺍﻟﻠﻴﻠﻲ ﻭﺗﻨﺴﻰ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﺸﺎﻛﻠﻚ ؟
ﺃﻗﻨﻌﻨﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺀ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﻬﻰ ﺍﻟﻠﻴﻠﻲ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﺣﺘﻰ ﻧﺴﻴﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻭﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺘﻌﺐ ﻻ ﺃﻗﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺃﻃﺮﺍﻓﻲ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻃﺎﻝ ﺑﻲ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺘﻔﻀﺖ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﻷﺟﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺗﺪﻕ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ، ﻭﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻗﺒﻞ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ، ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺴﺮﻋﺎً ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻟﻌﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺳﻌﻴﺪ
ﻭﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺮ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ، ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻨﻲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ : ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﻳﺮﻳﺪﻙ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﻪ
- ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﺧﻠﻘﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ، ﺃﻛﻴﺪ ﺳﻴﻮﺑﺨﻨﻲ
ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ : ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ، ﺃﺭﺟﻮ ﺍﻟﻤﻌﺬﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺧﺮﻱ ﻓﻘﺪ ﺗﺄﺧﺮﺕ ﺍﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮﺍً
ﻛﺎﻥ ﺻﺎﻣﺘﺎً ﻛﺎﻟﻬﺪﻭﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺒﻖ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﺣﺘﻰ ﻛﺴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﻗﺎﺋﻼً ﺑﻌﺼﺒﻴﺔ ﻣﻔﺮﻃﺔ : ﺃﻧﺖ ﻣﻄﺮﻭﺩ .. ﺃﻧﺖ ﻣﻄﺮﻭﺩ !!
ﺟﻤﻌﺖ ﺃﻏﺮﺍﺿﻲ ﻭﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﺳﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻬﻨﺪﺱ ﻃﻴﺮﺍﻥ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﻓﻌﻞ ﻫﻨﺎ ، ﻭﻗﻤﺖ ﻋﺎﺋﺪﺍً ﻋﻨﺪ ﺳﻌﻴﺪ
ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻣﺲ ﻳﺎ ﺃﺣﻤﺪ ، ﺗﺴﺎﺀﻝ ﺳﻌﻴﺪ
- ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻨﻲ ﻃﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ ﺃﻭ ﺑﺴﺒﺒﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ .
ﻗﺎﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎً : ﻣﺎﺫﺍ ! ﻃﺮﻭﺩﻙ .. ﺛﻢ ﺿﺤﻚ ﺑﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺃﺭﺩﻑ : ﻛﻨﺖ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻚ ﺳﺘﻄﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ، ﻓﻬﺬﻩ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺧﺮ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻭﻻ ﺗﺘﻤﻌﻨﻰ ﻋﻠﻲَّ ﻛﺜﻴﺮﺍً .
ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺩﻭﻥ ﻋﻤﻞ ، ﻭﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺗﺴﻜﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺑﺎﺣﺜﺎً ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪ ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﺼﺪﻳﻖ ﻟﻲ ﻗﺪﻳﻢ ﻣﻨﺬ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻇﻔﻴﻦ ، ﻟﻢ ﺃﺗﺮﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ، ﻭﺗﻮﺟﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺣﺎﻣﻼً ﻣﻌﻲ ﺳﻴﺮﺗﻲ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ، ﻟﻜﻦ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺐ ﻗﺪ ﺣﺠﺰﺕ ﻭﻋﺮﺽ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺐ ﻗﺮﺏ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ..
- ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻘﻮﻝ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ، ﺃﻧﺎ ﺃﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣﺎﺕ !! ﺍﻧﺎ ﻣﻬﻨﺪﺱ ﻃﻴﺮﺍﻥ .. ﻧﻌﻢ ﻣﻬﻨﺪﺱ ﻃﻴﺮﺍﻥ !
ﺭﺩ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﺑﻨﺒﺮﺓ ﻣﺴﺘﻬﺰﺋﺔ : ﻭﻣﺎ ﺩﺧﻠﻲ ﺃﻧﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻣﻬﻨﺪﺱ ﻃﻴﺮﺍﻥ ﺃﻭ ﻣﻬﻨﺪﺱ ﺷﺎﺣﻨﺎﺕ .. ﻫﻴﺎ ﺍﺭﺣﻞ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ .
ﻻ ﺷﻲﺀ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺴﺮﻳﺮ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ، ﻭﻣﺮﺕ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺘﻲ ﺃﻗﻀﻲ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻳﻮﻣﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﺭﻭﺏ ﺣﺎﻣﻼً ﻣﻌﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺭﻭﺍﻕ ﺃﻃﺮﻗﻮﺍ ﺑﻬﻢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ . ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ
ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺴﺎﺀ ﺃﻋﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﻷﻧﺴﻰ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﺼﺎﺋﺐ ﻳﻮﻣﻲ . ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻟﻢ ﺃﺩﻓﻊ ﻭﺍﺟﺐ ﻛﺮﺍﺀ ﻣﺴﻜﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ، ﻭﻟﻬﺎﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻋﻤﻞ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ، ﻧﻌﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﻭﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻭﺟﺪﺕ ﻋﻤﻞ .. ﺃﺧﻴﺮﺍً ﺳﺄﻋﻤﻞ ، ﺳﺄﻏﺴﻞ ﺍﻟﺼﺤﻮﻥ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻄﺎﻋﻢ . ﻳﺎ ﺣﺴﺮﺗﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ، ﻳﺎ ﺣﺴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻟﻜﻦ ﻟﻠﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﺣﻜﺎﻡ ، ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺃﻏﺴﻞ ﺍﻟﺼﺤﻮﻥ ﺃﻭ ﺃﻣﻮﺕ ﺟﻮﻋﺎً ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ ﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺘﺨﺮ ﺑﺈﺑﻨﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍً ، ﺍﻹﺑﻦ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺮﻑ ﺩﻡ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ،ﻭﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﺘﻐﻨﻰ ﺑـ ﺇﺑﻨﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﻣﻬﻨﺪﺱ ﻃﻴﺮﺍﻥ ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻳﻐﻴﺮ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻟﺤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ، ﻣﻬﻨﺪﺱ ﻃﻴﺮﺍﻥ .. ﻣﻬﻨﺪﺱ ﻃﻴﺮﺍﻥ !
ﻻ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ، ﺇﺑﻨﻚ ﺳﻘﻂ ﺟﻠﺪ ﻳﺪﺍﻩ ﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﻏﺴﻴﻠﻪ ﻟﺼﺤﻮﻥ .. ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺭﺍﺿﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ، ﻟﻜﻨﻲ ﺍﺳﺘﻤﺮﻳﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﻏﻤﺎً ﺣﺘﻰ ﻗﺮﺃﺕ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺇﻋﻼﻥ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﺠﻮﻳﺔ ﻟﻠﺒﻼﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺘﺤﺖ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﺎ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﺗﺨﺼﺼﺎﺕ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻫﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻷﺛﻨﺎﺀ ﺗﺮﻛﺖ ﻏﺴﻴﻞ ﺍﻟﺼﺤﻮﻥ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ، ﻭﻧﻔﻀﺖ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺷﻬﺎﺩﺗﻲ ﺍﻟﺤﺰﻳﻨﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻋﻮﺩ ﻷﻣﺘﻄﻲ ﺧﻴﻞ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﺭﺍﻛﻀﺎً ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺮ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﺠﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺳﺎﺑﻘﺔ ، ﻭﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺟﺪﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻣﺪﺟﺠﻴﻦ ﺑﺎﻷﻭﺭﺍﻕ ﺣﺎﻟﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﺖ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺑﻤﺪﺭﺝ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ .
ﺛﻢ ﺃﺧﺪﺕ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻔﻮﻑ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺩﻭﺭﻱ ﻷﺩﻟﻲ ﺑﺪﻟﻮﻱ ، ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻷﺿﻊ ﺃﻭﺭﺍﻗﻲ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﻪ ، ﻭﺑﺪﺃ ﻓﻲ ﻃﺮﺡ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺮﻯ ، ﻭﺍﻷﺟﻮﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﻟﺴﺎﻧﻲ ، ﺣﺘﻰ ﺳﺄﻟﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﻬﻨﺔ ﺃﺑﻲ ، ﻫﻨﺎ ﺍﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ﻟﺴﺆﺍﻟﻪ !! ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺟﻴﺒﻪ : ﺃﺑﻲ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﺴﺠﺪ ﺑﺴﻴﻂ ﻳﺘﻨﺎﻃﺢ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .
ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﺑﺈﻣﻌﺎﻥ ﺛﻢ ﻋﺎﺩ ﻟﻴﻘﻠﺐ ﺃﻭﺭﺍﻗﻲ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻤﺮﺕ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﺷﻬﺎﺩﺗﻲ .. ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﻨﻈﺮ ، ﺣﺘﻰ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺍﻷﻣﺮ ، ﺇﻧﻪ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺇﺳﻤﻲ ، ﻟﻴﺲ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻞ ﺇﺳﻢ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ
ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺘﺮﺱ ﺑﻨﻈﺮﺍﺗﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﻓﻲ ﻭﺣﻴﻪ : ﺃﻱ ﻧﺴﺐ ﻫﺬﺍ ؟ !
ﺃﺟﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺳﺮﻱ : ﻫﺬﺍ ﺇﺑﻦ ﺁﺧﺮ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺃﻧﺴﺎﺑﻜﻢ
ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﻭﻛﺄﻥ ﺣﺎﻝ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺃﺭﻓﻊ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺤﻘﻪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ
ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ، ﺣﺘﻰ ﺃﺳﺪﻝ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺭﺍﻗﻲ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺟﻤﻠﺔ ﺳﻤﻌﺘﻬﺎ ﻣﺮﺍﺭﺍً ﺣﺘﻰ ﺷﻜﻠﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﻋﻘﺪ ﺣﻴﺎﺗﻲ : ﺍﺫﻫﺐ ﺣﺘﻰ ﻧﺮﺳﻞ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻚ
ﺣﺘﻰ ﻧﺮﺳﻞ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻚ .. ﺃﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺟﻤﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﻗﻮﺍﻣﻴﺲ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺒﺸﺮ .. ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﺳﺄﻧﺘﻈﺮ ﺑﺤﻖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﻖ .. ﻭﻋﺪﺕ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ، ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡ ﺍﻟﻘﺎﺗﻤﺔ ﺗﺮﺣﻞ ﻋﻦ ﺳﻤﺎﺋﻲ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻟﻴﻨﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺴﻌﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻃﺎﻝ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﻭﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺲ .. ﻭﻣﺮﺕ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻷﻣﻞ ﻳﺘﻘﻠﺺ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ، ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻘﻀﺖ ﺍﻟﻤﺪﺓ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺿﺔ ﻟﻼﻧﺘﻈﺎﺭ ، ﻭﻓﻘﺪﺕ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺣﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ، ﻓﻘﺪ ﻃﺮﺩﻧﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮﺗﻪ ﻧﻈﺮﺍً ﻟﺘﺄﺧﺮﻱ ﻓﻲ ﺗﺴﺪﻳﺪ ﺍﻹﻳﺠﺎﺭ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖَ ﻟﻲ ﺳﻮﻯ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﺳﻴﻘﻒ ﺟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻛﺮﺓ ﺛﻠﺞ ..
ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺣﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ، ﻭﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺑﻴﻀﺖ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺃﺻﺒﺢ ﺩﻭﻥ ﻣﺄﻭﻯ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﺎﻟﻘﻠﻢ ﻣﺮﻓﻮﻉ .
ﺇﺯﺩﺍﺩﺕ ﺗﻌﺎﺳﺘﻲ ﻭﺗﻀﺎﻋﻒ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻋﺒﺌﺎً ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻃﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ، ﻟﻜﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻟﻴﺲ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻲ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ، ﻟﻜﻨﻲ ﻻ ﺃﻣﻠﻚ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻄﻌﻢ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ .. ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻗﺮﺭﺕ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺩﺗﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﺣﻤﻞ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺯﻗﺔ ﻭﻣﻘﺼﺪﻱ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ، ﻭﻻ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺘﺠﺪﺩ ﺣﺘﻰ ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺿﻊ ﺳﻼﺡ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺟﺎﻧﺒﺎً ، ﻓﻘﺪ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﺑﻄﻼﻥ ﻣﻔﻌﻮﻟﻬﺎ ﻣﻌﻲ ، ﻷﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪﺕ ﻣﻄﻌﻢ ﺷﻌﺒﻲ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻧﺎﺩﻝ .
ﻭﻷﻥ ﻣﺼﺎﺋﺒﻲ ﺗﻠﺘﻒ ﺑﺜﻮﺏ ﺍﻷﺯﻝ ، ﻓﻘﺪ ﺃﻋﻠﻦ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺇﻓﻼﺳﻪ ﻭﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺻﻮﺏ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻴﺘﺮﻛﻨﻲ ﻭﺣﻴﺪﺍً ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺪﺭﻭﺏ ، ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺴﻜﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻭﻷﻥ ﺣﺎﻟﺘﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺮﻓﺔ ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﻘﺮ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻲ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻤﺮ ﻭﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻲ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻤﺮﻏﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﺍﺗﺼﻞ ﺑﻲ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻟﻴﺨﺒﺮﻧﻲ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﺩﻡ ﻟﺰﻳﺎﺭﺗﻲ ، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺃﻧﻨﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﻧﺎﺩﻝ ﻓﻲ ﻣﻄﻌﻢ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﻋﻨﺪﻱ ﻭﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﻜﻨﻲ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﺑﺈﺳﺘﻐﺮﺍﺏ ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺪﺍﻣﻲ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ، ﻭﺣﺘﻰ ﻣﻼﻣﺤﻲ ﺗﻐﻴﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺁﺧﺮ ﻣﺮﺓ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ .
ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺌﺎً ﻷﺧﻔﻴﻪ : ﺃﺑﻲ " ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺷﺮﻛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻘﺪ ﻃﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﺃﻏﻠﻘﺖ ﻛﻞ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ ﺣﺘﻰ ﺭﺿﻴﺖ ﻣﺮﻏﻤﺎً ﺃﻥ ﺃﺷﺘﻐﻞ ﻛﻨﺎﺩﻝ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻄﺎﻋﻢ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .. ﺃﻧﺎ ﺁﺳﻒ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺧﺒﺮﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺘﻲ ، ﻓﻘﺪ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﻻ ﺃﺯﻋﺠﻜﻢ ﻭﺃﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪ .
ﻟﻘﺪ ﺗﺄﻟﻢ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻟﺤﺎﻟﺘﻲ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺃﻭﻓﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﻣﻘﺎﻭﻣﺎﺕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ، ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺸﻚ ﻳﺮﺗﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﺍﺑﻨﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺇﻧﺤﺮﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ، ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻨﻲ ﻗﺮﺃﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻴﻮﻧﻪ .. ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻣﻌﻲ ﻃﻮﻳﻼً ﺣﺘﻰ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ ﺣﺎﻝ ﺇﺑﻨﻪ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺿﺎﻉ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ، ﻭﺍﻋﺘﻘﺪﺕ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﺨﺒﺮ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻲ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻗﻄﻌﺖ ﻛﻞ ﺍﺗﺼﺎﻻﺗﻲ ﻣﻊ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻗﺮﻳﺘﻲ ﺑﺈﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺃﺣﺮﺝ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ ..
ﺛﻢ ﻋﺪﺕ ﻷﻛﻤﺎﻝ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺍﻟﻤﺬﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﻛﺄﻥ ﻳﺪ ﺧﻔﻴﺔ ﺗﺠﺮﻧﻲ ﺇﻟﻴﻪ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﻃﺮﻓﻪ ﻣﺘﺄﻣﻼً ﻓﻴﻪ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻜﻠﻤﻨﻲ ﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ، ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻌﻨﺖ ﻓﻴﻪ ﺟﻴﺪﺍً ﻷﺗﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻧﺪﻣﺠﺖ ﻣﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻷﻣﻮﺍﺝ ﻭﻫﻲ ﺗﺮﺗﻄﻢ ﺑﺄﻗﺪﺍﻣﻲ ﺛﻢ ﺑﺪﺃﺕ ﺃﻓﻬﻢ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ , ﺇﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﻭﺭﺍﺋﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﺆﺭﺓ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺣﻼﻡ ، ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨﺪ ﻣﺮﻗﺪ ﻟﻴﻨﻜﻮﻟﻦ ﻭﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻷﺷﻘﺮ "
" ﻫﻴﺎ ﻳﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺗﺸﺠﻊ ﻭ ﻟﺘﺮﺣﻞ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ، ﻫﻞ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﻃﻮﻝ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻧﺎﺩﻝ ﺣﻘﻴﺮ ﻭﺷﻌﺮﻙ ﺭﺃﺳﻚ ﺷﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ "
ﻋﺪﺕ ﺃﺩﺭﺍﺟﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ : ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺨﻄﺮ ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻃﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ .. ﻟﻜﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺮﺩﺩ ﺣﻴﺎﻝ ﺍﻷﻣﺮ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻷﺧﺘﻠﻲ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻣﺜﻞ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺻﺎﺭﻉ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﻭﺃﺳﺘﻌﻴﺪ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺣﻴﻦ ﻛﻨﺖ ﻳﺎﻓﻌﺎً ﻣﻔﻌﻤﺎً ﺑﺎﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ، ﻣﻨﺘﻈﺮﺍً ﺑﻔﺎﺭﻍ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺰﺍﻫﻲ ﻭﺍﻟﻤﻮﻋﻮﺩ ، ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﻋﻨﺪ ﻣﻐﻴﺐ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺣﻠﺔ ﺑﺎﻫﺘﺔ ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﻴﺐ ﺍﻷﻣﻞ ﻟﻠﻤﺮﺀ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ، ﻭﺗﻴﻘﻨﺖ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﺸﻚ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻄﺮﺗﻬﺎ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻜﻔﺎﺡ ﺑﻌﺪ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﻧﺴﻤﺔ ﺍﻧﻄﻔﺄﺕ ﻣﻊ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﻷﻳﺎﻡ ، ﺣﺘﻰ ﻃﺮﺣﺖ ﺑﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﺠﺎﻧﺎً ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺮﻑ ﺍﻟﻬﺎﺭﻱ .
ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺨﺪﺵ ﻛﺒﺮﻳﺎﺋﻲ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﺤﻴﻄﻮﻥ ﺑﻲ ﻣﻤﻦ ﻫﻢ ﺃﻗﻞ ﻣﻨﻲ ﻋﻠﻤﺎً ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ، ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺪ ﺯﻓﺖ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﻜﺘﻆ ﺑﺎﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ﺑﺎﻟﻜﺎﺩ ﺃﺟﺪ ﻋﻤﻞ ﻣﺴﺘﻮﺭ ﻳﻘﻴﻨﻲ ﺑﺮﺩ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﻟﻬﻴﺐ ﺍﻟﺼﻴﻒ ، ﻭﺩﺍﺋﻤﺎً ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﻐﻴﺐ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻓﺎﺷﻞ .. ﻓﺎﺷﻞ .. ﻭﺃﻛﺒﺮ ﻓﺎﺷﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻱ ﺭﺟﺎﺀ ﻳﺮﺟﻰ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻘﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻭﺍﻟﺤﻞ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺑﻘﻌﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ .
ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺗﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻲ ﻛﻨﺎﺩﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﺻﺒﺎﺡ ﺑﺮﺃﺱ ﻣﻨﺤﻨﻴﺔ ، ﻟﻴﺲ ﻷﻧﻪ ﻋﻴﺒﺎً ﻭﻣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻳﻨﻌﺖ ﺑﺎﻟﻌﻴﺐ ، ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺸﺨﺺ ﻣﺜﻠﻲ ﺃﻓﻨﻰ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺑﺬﻟﺖ ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ، ﻓﻼ ﺭﺿﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ .. ﺛﻢ ﺃﻋﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻨﻪ ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ ﺃﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ ﺳﺘﻨﺼﺐ ﻋﺮﻭﺷﻲ .
ﻗﺮﺭﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺃﻥ ﺃﺭﻣﻲ ﺑﺂﺧﺮ ﻭﺭﻗﺔ ﺳﺘﺄﺗﻲ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻦ ﺗﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﻨﻴﻦ ، ﺃﻛﻮﻥ ﺃﻭ ﻻ ﺃﻛﻮﻥ .. ﺣﻴﺚ ﺳﺄﺣﻤﻞ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺃﻣﺘﻄﻲ ﻗﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﻌﻠﻰ ﺍﻷﻣﻮﺍﺝ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﻟﻴﻠﻲ ﻟﺘﺴﻴﺮ ﺑﺄﺣﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ، ﻭﻟﺘﻘﺬﻑ ﺑﻲ ﻋﻨﺪ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻓﺮﺩﻭﺱ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻈﻠﻢ ﺃﺣﺪ ،ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﻴﺮﻱ ﻛﻐﻴﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﺍﺻﻞ ﺟﺴﺪﻫﻢ ﻭﻟﻢ ﺗﻠﺤﻘﻪ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺴﻠﻤﺖ ﺑﺸﺮﻑ ﻣﻬﻴﺐ ﻭﻫﻲ ﺗﺼﺎﺭﻉ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺓ ..
ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺭﻓﻘﺎﺀ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﺼﻌﺐ ﻓﻘﺪ ﻋﺜﺮﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩﻧﺎ ﻳﻔﻮﻕ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻌﻠﻤﻪ ﻭﺗﺨﺼﺼﻪ ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻫﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻌﺖ ﺑﻨﺎ ﻭﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻮﺻﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻫﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﺁﻣﺎﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﺏ ﻣﻬﺘﺮﺉ ﻣﻊ ﺑﻀﻊ ﺳﺘﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻟﻴﻘﻮﺩﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﺤﻘﻬﺎ .. ﺛﻢ ﺍﺗﻔﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺃﺳﺒﻮﻉ ، ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺋﻪ ﺃﻏﻠﻘﺖ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺰﻋﺠﻨﻲ ﺃﺣﺪ ، ﻭﻷﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ .
ﻣﺮ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﻭﺃﺗﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﺃﻭﺝ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ، ﻭﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﺟﺘﻤﻌﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻭﺃﺧﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻛﺴﺮﺏ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﺓ ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻣﻘﺪﻉ ﻭﻓﻲ ﺟﻮ ﺑﺎﺭﺩ ﻛﺌﻴﺐ ﻛﺄﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﺰ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻳﻨﺘﺼﻒ ﻓﻲ ﻛﺒﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ .. ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻴﺮ ﺑﺜﻘﻞ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ ﻧﺴﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻮﺍﻧﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﺃﻣﺎﻣﻨﺎ ﺑﻌﺮﺿﻪ ﻭﺳﻜﻮﻧﻪ ﺍﻟﻤﺨﻴﻒ ﻳﺮﺣﺐ ﺑﻘﺪﻭﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﻳﻌﺪﻧﺎ ﺑﺄﻱ ﺷﻲﺀ ، ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﺝ ﺗﺴﺘﻌﺪ ﻟﻤﺤﻮ ﺃﺛﺎﺭ ﺃﻗﺪﺍﻣﻨﺎ ، ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻧﻨﺎ : ﻫﻞ ﺳﺘﺒﺰﻍ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺘﺠﺪﻧﺎ ﻧﺨﻄﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ، ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺁﺧﺮ ﻧﻮﺭ ﺗﺒﺼﺮﻩ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﺪ ﻗﺎﻉ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺃﺟﺴﺎﺩﻧﺎ
ﺍﻵﻥ ﻳﺎﻗﻮﻣﻲ ﺳﺄﻏﺎﺩﺭ ﺃﺭﺿﻜﻢ ﺣﺎﻣﻼً ﻣﻌﻲ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺄﺣﻴﺎ ﺃﻭ ﺳﺄﻣﻮﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻧﺴﺒﻲ ﻣﻄﺒﻮﻉ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻤﺤﻮ ﺍﻷﻣﻮﺍﺝ ﺁﺛﺎﺭ ﺃﻗﺪﺍﻣﻲ ﺳﺄﻋﺘﺮﻑ ﻟﻤﻘﺎﻣﻜﻢ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻧﻴﺎﻡ ، ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻠﻲ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ، ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺧﺎﺳﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﺭﺿﻜﻢ .. ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺭﺏ ، ﺗﺬﻛﺮﺕ ﺷﻴﺌﺎً ﻛﺎﻥ ﺛﻘﻴﻼً ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻲ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ، ﺇﻧﻬﺎ ﺃﻣﻲ " : ﻣﺎﺫﺍ ﻟﻮ ﻣﺖ ﻭﻟﻢ ﺃﺳﻤﻊ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻭﻟﻮ ﺑﻨﺒﺮﺓ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ .. ﻭﻫﻨﺎ ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﻓﺘﺢ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻭﺃﺗﺼﻞ ﺑﻬﺎ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻠﺔ " ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻟﻚ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﻲ " ﻓﺘﺤﺖ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﺘﻪ ﺭﻣﺰﺍً ﻟﺮﻗﻤﻬﺎ ﻭﺃﺻﺎﺑﻌﻲ ﺗﺮﺗﻌﺶ ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪﺗﻪ ﺃﺧﻴﺮﺍً ﻭﻭﺿﻌﺘﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﺗﺼﺎﻝ .. ﺣﺘﻰ ﺭﺩﺕ ﻋﻠﻲ ﻭﻫﻲ ﺗﺒﻜﻲ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﺎﻃﻊ ﺩﻣﻮﻋﻬﺎ : ﻣﺎﺑﻚ ﺑﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ! ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺒﻜﻴﻦ ! ؟
ﺭﺩﺕ ﺃﻣﻲ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﺠﻒ ﻣﻐﻤﻮﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ : ﺃﻳﻦ ﻛﻨﺖ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺎﺗﻔﻚ ﻣﻐﻠﻖ ، ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺃﺑﻮﻙ ﻗﺒﻞ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺣﺎﻭﻝ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻚ ﺩﻭﻥ ﺟﺪﻭﻯ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻨﻲ ﻓﻘﺪﺗﻚ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎً
ﺳﻘﻂ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻣﻦ ﻳﺪﻱ ﻣﻦ ﻫﻮﻝ ﻣﺎ ﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻌﻲ، ﻭﺗﺴﻤﺮﺕ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺭﻓﻘﺎﺋﻲ ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺭ ﺍﻷﻣﺮ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻘﺪ ﺷﻞ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺣﺘﻰ ﺧﺮﺟﺖ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺃﺧﻴﺮﺍً ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﻢ : ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻣﻌﻜﻢ ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺃﺑﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺎﺗﻔﻲ ﻣﻐﻠﻖ ، ﻭﺍﻵﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻠﺪ ، ﻭﺃﻣﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻏﻴﺮﻱ .
ﻭﺩﻋﺘﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻣﺘﻤﻨﻴﺎً ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ، ﻭﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺘﻮﺟﻬﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻄﺔ ﺍﻟﻄﺮﻗﻴﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﻴﺮ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺗﺎﺋﻬﺎً ﻭﺃﻫﻮﺝ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻄﺔ ﻭﺻﻌﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺘﻲ ﻭﺻﻮﺕ ﺃﻣﻲ ﺍﻟﺒﺎﻛﻲ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﺼﺪﺍﻩ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻲ .
ﻗﻀﻴﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻭﻗﺼﺪﺕ ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ ﺣﻴﺚ ﻣﻨﺒﻊ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ .. ﻛﻨﺖ ﺃﺳﻴﺮ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻏﺎﻟﺐ ﺩﻣﻮﻋﻲ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮﺕ ﻟﻲ ﺃﻣﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺩﻓﻊ ﺑﺠﺴﺪﻱ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺧﻄﻮﺓ ﻣﻨﻬﺎ .
ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻟﺘﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻭﻓﻠﺬﺓ ﻛﺒﺪﻫﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﺣﻘﺮ ﺍﻟﺤﻠﻞ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻲ ﺣﺘﻰ ﻗﺬﻓﺖ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺻﻮﺏ ﺃﺣﻀﺎﻧﻬﺎ ﻣﻠﺘﺼﻘﺎً ﺑﻬﺎ ﻛﻄﻔﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺟﻬﺶ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺪﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺍﺑﻲ ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ ﻭﺍﻟﻨﺤﻴﺐ ﻳﻘﻤﻊ ﺻﻮﺗﻲ : ﺃﺭﺟﻮﻙِ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ " ﺇﺗﺮﻛﻴﻨﻲ ﺃﺑﻜﻲ ، ﻓﻌﻠﻰ ﺣﻀﻨﻚ ﻳﻬﻮﻱ ﺳﺘﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺀ .. ﻭﺍﻵﻥ ﻳﺎ ﻣﻘﻠﺔ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻠﺘﻨﻀﺤﻲ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ ﺍﻟﺮﺍﻛﺪﺓ ، ﻭﺃﻧﺖ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺠﻮﻥ ﺗﺤﺮﺭﻱ ﻣﻦ ﺟﺴﺪﻱ ﺑﻌﻴﺪﺍً ، ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻟﺘﻨﺼﺐ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ، ﻓﺄﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺭﻳﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻓﻘﻂ ﺃﻋﻴﺪﻭﺍ ﺇﻟﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺿﻴﻌﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪﺭﺝ ﺍﻟﻠﻌﻴﻦ ، ﻭﺟﺤﻈﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻴﻮﻧﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ .. ﻓﻘﻂ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻮﺩ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻼً ﻻ ﻳﻔﻘﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻌﺐ ﻭﺍﻟﻠﻬﻮ ..
ﻳﺎ ﺃﻣﻲ " ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻮﺩ ﻃﻔﻼً ﺻﻐﻴﺮﺍً ﺃﻧﺎﻡ ﺟﻨﺒﻚ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻋﺎﻧﻘﻚ ﻭﺃﻏﻠﻖ ﻋﻴﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﺃﻧﻔﺎﺳﻚ .. ﻭﺃﻥ ﺗﻮﺑﺨﻴﻨﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺄﺧﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ .. ﻭﺃﻥ ﺃﺭﻛﺾ ﺇﻟﻴﻚ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﻈﻢ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ .. ﻭﺃﻥ ﺃﺷﻜﻲ ﻟﻚ ﺃﻟﻤﻲ ﻭﻫﻤّﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺒﺮ ﻣﻌﻲ ﺣﺘﻰ ﻓﺎﻕ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ .. ﻭﺃﻥ ﻧﻌﻴﺶ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﺨﺒﺰ ﻭﺍﻟﺸﺎﻱ
ﺃﺭﺟﻮﻛﻢ , ﺃﻋﻴﺪﻭﺍ ﻟﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ .. ﺃﻋﻴﺪﻭﺍ ﻟﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ .
محد بن صالح
تعليقات
إرسال تعليق