طيِّ النسيان - 2 -

قصة قصيرة، بقلم : وفاء سليمان - الجزائر


زواج سري هو آخر ما كنت أتصور، فحتى إذا كانت مشاعري للدكتور عادل صادقة وتعلقي به قوي لكني غير متحمسة كفاية للزواج منه بهذه السرعة وهذه الطريقة، صحيح أني أريد الارتباط ممن أحب.. أبني بيتا وأسس أسرة وأطلّق الوحدة التي خنقتني .. لكن ليس بهذه الظروف .. والطامة أنه رجل متزوج !.

- الزواج مادام شرعيا وقانونيا لا غبار عليه يا عزيزتي .. ثم إنك قلت أنه سيطلق زوجته قريبا، وأنا أرى أن هذه الزيجة لصالحك.

زفرت مطولا وأنا أحدث نفسي أكثر مما كنت أحدث أم حسام :
- لا أعلم إن كان لصالحي أم لصالحه هو يا حميدة.

ران الصمت للحظات تجرعت فيها رشفات من فنجان قهوتي قبل أن يصدر ضجيج وهتاف أطفالها من خارج مطبخها الصغير .. ابتسمت وقلت :
- سعيدة جدا لسعادتهم.

- ألعاب الفيديو ألهتهم خاصة أيام العطل، خف عني حمل مطاردتهم ومراقبتهم في الشارع طوال اليوم.

- صحيح.. حتى وجهك يبدو أكثر إشراقا يا عزيزتي.

ردت بضحكة صافية :
- دعك مني الآن وأخبريني ماذا قررت.

- لا أعرف .. معلقة بين نارين يا حميدة.

ليلة يوم العطلة ذاك وضعت رأسي على وسادتي بعد أن عدت من بيت أم حسام حيث قضيت وقتا ممتعا معها وأبناءها .. كان يعج بأفكار شتى وتتصارع فيه رغباتي مع خوفي من تبعات الانجرار إليها .. رحت أجتر حديث الدكتور عادل الأخير لي بعقلي مرارا وتكرارا .. كنا في مقهى صغير مجاور للمكتب حين سألته :
- هل تمزح معي؟.

- ألا تعرفين سوى هذه الجملة؟ أنا حقا أحببتك يا زهرة .. أحببت نقاءك وصدقك وإيثارك وصبرك، وأود لو تشاركيني بقية حياتي.

كان ردا سريعا فقطع بوادر دهشتي وعلى الرغم من سعادتي اللامتناهية والمتوارية تحت كلمات اعتراضي قلت :
- دكتور .. أنت متزوج ! .. هذا عدا عن أنك تبالغ .. أنا فتاة عادية، لا تغرك بضعة مواقف.

- سأطلق قريبا .. ثقي بي .. هذا أولا، وثانيا أنا أتفهم ما تعنين تماما وأعيه جيدا، لست غرا فاطمئني.

- بعد طلاقك سنتحدث إذن.

- أنت لاتفهمين .. هناك مشكلة.

رمقته بنظرات متسائلة فاسترسل :
- في حال علمت إلهام أن المشفى أصبح ملكا لك لن تصمت.

- وماذا يمكن أن تفعل؟.

- لا أدري، كل ما أعلمه أني يجب أن أكون قريبا منك حتى أحميك منها وأقطع لسان كل من تسول له نفسه المساس بسمعتك.

- ألهذا تريد الزواج مني؟.

قلتها بخيبة أمل وغضب شديد وأنا أستعد للرحيل، فقد اتضح لي أن غايته التكفير عن ذنبه وحسب ..
وقف بسرعة وأمسك ذراعي يستوقفني قائلا :
- اجلسي يا حمقاء، أنت بطيئة الفهم حقا .. الناس تنظر إلينا .. هيا اجلسي.

جلست مرغمة وخجلة من نظرات الناس حولي فأردف :
- أخبرتك أنني أحبك وأنا لا أكذب، كنت سأؤجل كل شيء إلى ما بعد الطلاق لكن الظروف من حكمت .. ألا تثقين بي؟.

- بلى.

نطقتها بسرعة لأني كنت أعنيها.. ومع هذا ندمت لعدم تريثي في الإجابة فقلت :

- أقصد .. أثق بك ولكن ليس ثقة مطلقة فالحياة علمتني الكثير .. فقط والداي  رحمهما الله من كانا أهلا لها.

قال بنبرة يشوبها مكر :
- كلام سليم يجعلني أعيد التفكير في نتيجة ثقتي بك.

أجبته بثبات :

- من هذه الناحية كن مطمئنا فزهرة لا تخون أبدا ..
- ولا عادل يفعلها .. أجيبيني الآن .. هل أنت موافقة؟ .

- انتظرني بضعة أيام لأفكر مليا.

- أيام قليلة وحسب .. فقضية الطلاق ستكون في المحكمة عما قريب.

كان رأسي سينفجر من التفكير، أزن المسألة بين عقلي وقلبي فينتصر الأخير الأحمق في كل مرة، نمت وأنا أتخيل رد والداي في حال كانا على قيد الحياة.. كانت الإجابة في خيالي كما رأيتها بعدها في أحلامي ... "تزوجيه يا زهرة" .

****
الفصل الثاني

أيام مرت تتبعها أسابيع حتى انقضت من الشهور ثمانية أشهر، عشتها سعيدة، آمنة، مطمئنة، ولم ينغص علي أحيانا إلا كوني زوجة سرية لرجل متزوج وإن كان على أبواب الطلاق، بقيت حينها جلسة فقط إذ طالت القضية بسبب العطلة القضائية .. وبعدها يقع الطلاق رسميا لتنكشف أخيرا علاقتي به أمام الناس وأعيشها في النور بدل العتمة.

قضيت شهر العسل بجولة في أوروبا كانت كالحلم، ثم استقريت بعدها في شقة اشتراها عادل خصيصا لي وأمر بفرشها أثناء غيابنا، تركت ملاذي الآمن عن قناعة تامة أني وجدت آخر أكثر أمانا من مجرد جدران صماء .. وإن حمتني في سنوات وحدتي من أنياب الذئاب، كما كفت عني قيظ الصيف وأمطار الشتاء.

عادل كان الحائط الذي تمنيت لو استظليت تحته طيلة العمر، الحضن الدافئ الذي وددت لو لم أفارقه قط، الأب والأخ والصديق والحبيب والزوج .. كان يعني لي كل شيء وبخسارته خسرت كل شيء، أتساءل أحيانا هل بالغت بتعلقي به، أما كان يجدر بي معرفة أن للحياة تقلباتها وللقدر لعبته؟، أهي الغفلة من أنستني حديث أمي المأثور عندما تراني أضحك " كثرة الضحك لا يأتي بعدها إلا البكاء يا زهرة، فإذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده "حتى أني أصبحت أخاف كلما ضحكت وأتوجس خيفة !!، هل نلت جرعة سعادة مفرطة انقلبت ضدي بين عشية وضحاها؟ .. الكثير من الأسئلة التي لا تنفك تطرق رأسي وتعذبني إلى جانب صور وذكريات تلك الأيام التي كانت هي بداية النهاية.

***

في مكتبي بالمشفى كنت أعكف على ترجمة فاكس وصل من إحدى شركات المعدات الطبية الأمريكية بمعنويات مرتفعة وذهن صاف حين نطق أحمد.. شاب في الثلاثين من عمره، كان لطيفا خدوما..لكنه  خجول في العادة وقلما يحادثني إلا للضرورة على عكس يوسف المرح والإجتماعي، تحدث وقال :
- آنسة زهرة .. ألديك التزام ما بعد الدوام؟.

رفعت رأسي إليه متعجبة من سؤاله وأجبت بتلقائية :
- ها؟.
ارتبك وبدت عليه أمارات الحرج ثم التفت ناحية يوسف الذي أشار له غاضبا بعدة إشارات لم أفهمها، كنت أراقب تصرفاتهما الغريبة حين سألت :
- ما الأمر؟.

أخفض أحمد رأسه أما يوسف فأجاب بغيظ :
- أحمد كان يسألك إن كنت ملتزمة بعد الدوام؟.

- كلا .. لست منشغلة .. لماذا؟ .

وجهت السؤال لأحمد وأنا أفكر في كمية الأواني المرصوصة في حوض المطبخ ووجبة العشاء  التي فكرت بإعدادها.
- أريد أن أحادثك بموضوع مهم.

- حسنا .. نتقابل في الكافيتيريا بالأسفل إذن.

- لا .. بل المواجهة للمشفى أفضل.

قالها بلهجة قاطعة فما كان علي سوى القبول.


قبيل انتهاء الدوام بدقائق ذهبت عند عادل بحجة أوراق مهمة، وكانت زياراتي له قليلة لدرء الشبهات .. دخلت بعد أن طلبت الإذن ففوجئت بضيفه أمامي، لم أره شخصيا من قبل إلا من خلال صوره على هاتف والده برغم الرابط القوي الذي كان يجمعنا ..  شابا مراهقا بهي الطلعة يشابه أباه بشكل كبير كان كريم .. وقف عن كرسيه ومد يده لي مبتسما وقال وكأن نسخة عادل المصغرة تتكلم :
- كان يجب أن يكون لقاءنا هذا قبل عام .. تشرفت برؤيتك يا آنسة زهرة.

لم أجد بما أرد سوى مصافحته وشكره والسؤال عن حاله .. لاحظ عادل اضطرابي فقال :
- كنت سأطلبك لولا قدومك، كريم جاء خصيصا لرؤيتك وشكرك فالفرصة لم تسنح له قبلا بسبب انشغاله ودراسته بالخارج.

سعدت به كثيرا، نموذج مخالف لشباب منطقتي البسطاء، كان راقيا، أرستقراطيا، مهذبا، تحدثنا قليلا ثم تركتهما وغادرت دون أن أخبر عادل بأمر أحمد .. كنت سأتراجع عن الذهاب لكني رأيته ورآني فما كان مني إلا الرضوخ وإتمام الموعد .

****

- هل أنت غاضب مني؟.

سألت عادل وقد رأيت الشرر يتطاير من عينيه ..
- أجل ..كان يجب أن تفكري أكثر، فما الذي يدفع شابا لمواعدة فتاة بمقهى سوى أنه معجب بها؟. 

- أنا آسفة حقا .. أحمد خلوق وطيب، وقد أخبرته أنني مرتبطة فتقبل الأمر بروح رياضية.

وقف عن طاولة الطعام ولم يتمم عشاءه، سكب كوب عصير بارد وتجرع منه جرعة كبيرة ثم قال بهدوء يبعث الريبة :
- وهل تفهمه يعني أن أترك زوجتي ثمانية ساعات يوميا أمام نظرات عاشق ولهان؟.

- ماذا تقصد؟، هل ستطرده؟، لا يا عادل ستقطع رزقه .. قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق.

- اطمئني يا عزيزتي، زوجك ليس قاسيا لهذه الدرجة، بل سأقطع عنقك أنت إن خطوت هناك مرة أخرى ..
فهمت مقصده، كان الحل الأمثل ومع ذلك آلمني كوني أحببت العمل كثيرا .. تنهدت بحرقة وأنا أجيبه :
- حسنا .. لا حل غيره.

تقدم نحوي وراح يمسح على شعري بحنو قائلا :
- لا تحزني .. انتظري فترة قصيرة فقط.. دعيني أنهي قضية الطلاق وأستريح وساعتها سنرتب حياتنا من جديد وربما نفكر بمشروع خاص بك .. معهد صغير لتعليم اللغات مثلا.

كان ذلك هو عادل، رجل لديه قدرة خرافية على امتصاص حزني ورسم البسمة  على شفتي، قفزت وعانقته جذلى كطفلة صغيرة، ضحك مبادلا إياي العناق قائلا :
- تجهزي نهاية هذا الأسبوع، سنذهب في إلى البحر تعويضا عن فترة لابأس بها ستقضينها في المنزل.

****

" أين إلهام من كل ما يحدث؟ "

سؤال كثيرا ما حيرني، أيعقل ألا تشعر بأي تغيير في حياة زوجها وإن كانت بعيدة عنه؟، بدت لي في لقائي القصير معها أبعد ما تكون عن السذاجة، بل ذكية ولماحة وفطنة، وهذا إن دل على شيء فهو بالتأكيد أنها تخطط لأمر ما، فالمرأة مهما زهدت في رجلها، يظل كبرياؤها فوق كل اعتبار.

سألت عادل ونحن نتمشى ليلا على شاطئ البحر، كان الجو باردا لكني أحببت شاعرية المكان، رائحة البحر ونسيمه الرطب العليل.. أجابني وقد أشار لي بالجلوس جانبه على الرمال :
- إلهام ليست مغفلة، هي تعرف تماما أن في حياتي غيرها، حبيبة كانت أو حتى عشيقة، لكن ليس زوجة.

- ستعرف قريبا أن المشفى لم يعد ملكك و ستفتح عليك النار، أتعلم .. لو سجلته باسم كريم لكان أفضل.

- كلا .. أريده أن يبقى ملكي حتى مماتي، ووقتها سيصبح له بصفة طبيعية.

رفعت رأسي وسألته مرتابة :
- لماذا؟، ألا تنوي إنجاب أطفال غيره؟.

مد ذراعه وطوقها حول عنقي وضمني إليه قائلا بتلك الابتسامة العذبة :
- بلى .. لكنهم لن يحتاجوا إليه.. سأبعدهم عن عالم الطب ما استطعت .. يكفينا أطباء في العائلة.

- ألم يحن الوقت يا عادل؟ .. أتشوق لحمل أحدهم بين ذراعي.

- اصبري قليلا فقط يا حبيبتي .. ثقي بي .. والآن لنعد إلى الشاليه، لقد تجمدت من البرد.

أكان يجب أن نزور البحر في ذلك الوقت تحديدا من السنة؟، سحقا لي .. لو فكرت قليلا ورفضت الذهاب وآثرت الجلوس في البيت معه لكان الآن معي، بجواري، رفقة طفل يملأ تفاصيل حياتنا، في شقتنا تلك، التي لا قوة لي على العيش فيها من دونه ..
كان الفصل شتاء، الساعة الحادية عشر ليلا، الشاطئ خال والشاليهات شبه مهجورة  إلا من حارسين يقبعان داخل كوخ صغير على طرفها، تمشيت مع عادل إلى أن وصلنا إلى الباب، أثناء فتحه له لمحت ضوءا يلمع من خلال زجاج نافذة غرفتنا في الطابق الثاني ثم يختفي، شعرت بخوف كبير يتسرب إلى داخلي فأخبرت عادل ولكنه رد :
- ربما هو انعكاس لمصباح الحارس، هيا تعالي لندخل.

وثقت برأيه وتبعته ويا ليتني لم أفعل ..! .

****

الفصل الثالث

الساعة السادسة صباحا، وأمام غرفة العناية المركزة افترشت الأرض بحال يرثى لها، كنت أقرب للأموات مني للأحياء، أتقلب على جمر الانتظار بدموع حارقة أغرقت وجهي وكفي وملابسي المخضبة بالدماء، بآهات صامتة انحبست داخل جوفي لتلاشي قدرتي على الصياح أو النطق بأي كلمة، وبقلب ممزق يكاد ينقلع من مكانه خوفا ووجلا ..

غير ببعيد عني كان المحامي أيمن يذرع المكان جيئة وذهابا متوترا قلقا يمسح عرقا ينضح من جبينه ويلقي نظرات خاطفة من حين لآخر إلى الشخصين اللذين كانا جالسين على كراسي الانتظار أمامي .. حرارة نظرات إلهام وكريم التي كانت تخترقني أحرقتني ومع ذلك تجاهلتها.

الصمت كان سيد الموقف فلم يكن الوقت مناسبا لأي توضيح أو جدال .. رحت أستعيد وأنا أراقب بوابة غرفة العناية تفاصيل الأحداث الفظيعة التي عايشتها قبل ساعات، كانت كالكابوس الذي لم أستفق منه لحد تلك اللحظة، رعبه جمد الدم في عروقي وأحال يوما كنت أخاله سيبقى من الذكريات الجميلة إلى ذكرى سوداء مريرة ستلاحقني ما حييت.

****

إحساس غريب راودني وأنا ألج الشاليه مع عادل، انقبض صدري، تحفزت حواسي وأنا  أجيل بصري على مساحة الطابق الأول، كان تماما كما تركته غير أن هواءه كان ثقيلا على نحو غريب لم آلفه من قبل، كان عادل يتحقق من التدفئة المركزية دون أن يبدو عليه أي أثر لانزعاج، عزوت اضطرابي ذاك لوساوس لا معنى له.

- سأحضر شيئا دافئا لنشربه.

- حسنا .. سأصعد إلى الغرفة لأبدل ثيابي وأعود.

صعد الدرج حين هممت بالبحث عن أكياس الشاي بخزائن المطبخ .. دقيقة فاثنتان فثلاث وتهزني صرخة حادة اخترقت طبلة أذني وأسرت الرعشة في جسدي ومع ذلك ميزتها .. كانت له، طفت بذهني أكثر السيناريوهات سوءا وما عززها شعوري المسبق بالعدائية.

انطلقت راكضة كالسهم ناحية الدرج كرد فعل سريع .. مما جعلني أنسى أن أتسلح بشيء يحميني، وهناك في منتصفه اصطدمت به، بجسمه الضخم، والتقت عيناي بعينيه اللتين كانتا الوحيدتين البارزتين مع حاجبيه العريضين من وجهه الملثم، وفي لحظتها هوى بقضيب حديدي على رأسي .. ومع ارتفاع الأدرينالين في دمي قفزت قفزة للخلف كي أتفاداه فانزلقت على الدرجات الخشبية وسقطت أسفل السلم.

كل ما أتذكره من تلك اللحظات البشعة صور ضبابية له وهو يركض مسرعا ناحية الباب، وصدى صوتي المتحشرج وأنا أنادي باسم عادل .

****

التاسعة صباحا طلبني المحقق ليأخذ أقوالي، لم أشأ أن أتحرك من مكاني قرب العناية المركزة، لكنه ألح أنه لن يأخذ مني إلا بضع دقائق أختصر فيها الحادثة لضرورات التحقيق ودون أن أتحمل عناء التحرك من مكاني .. سأل المحقق :
- أولا .. هلا أخبرتني بماهية علاقتك بالضحية.

كانت إلهام وكريم يستمعان للحديث، توترت وحانت مني التفاتة للمحامي فأجاب بدلا عني :
- السيدة زهرة .. زوجة الدكتور عادل.

بهت كلاهما مصدومين.. لاحظت شحوب إلهام واضطراب كريم ومع هذا ظلا صامتين ولم ينطقا ..
رويت للمحقق ما حدث حتى سقوطي عن الدرج وإغمائي فسأل :
- وبعدها ماذا حصل؟.

- بعد فترة استفقت، ألقيت نظرة على ساعة الحائط فوجدتها الواحدة وأربعين دقيقة ليلا.. شعرت بآلام شديدة تفتك بجسمي وعظامي، وسرعان ما استرجعت بذاكرتي ما حدث، لم أستطع التحرك ومع ذلك قاومت بكل ما أوتيت من قوة لأزحف على الدرج وأصل لعادل.

أجهشت بالبكاء وأنا أهم بتكرار ما رأيته للمحقق، مدني السيد أيمن بمنديل وهدأني قائلا :
- يمكنهم الإستماع لأقوالك لاحقا .. وضعك صعب يلزمك العلاج فورا.

هززت رأسي رافضة بتصميم :
- ليس قبل أن أطمئن على عادل.

- أكملي يا سيدتي ..فكل تفصيل مهم.

- وجدته ملقى على بطنه جانب خزانة الملابس وسط بركة من الدماء، حبوت نحوه وكل خلية في جسمي تدعو الله أن لا يكون قد لفظ أنفاسه، وضعته في حضني ورحت أتفحص نبضه.. كان خفيفا ومع ذلك اعتبرته إشارة لوجود الحياة فيه، بحثت عن مصدر الدم فلاحظت شرخا عريضا ينزف بمؤخرة رأسه، قررت الاتصال بالاسعاف فتجسست جيوبه بحثا عن هاتفه، رأيت أن آخر اتصال كان من السيد أيمن فعاودت الإتصال به.

أومأ المحامي موافقا :
- أخبرتها أن تتصل  بإسعاف هذا المشفى، المسافة بينه وبين الشاليهات ليست كبيرة، لم أشأ المجازفة بإرساله لمكان آخر ..ثم اتصلت بكم على الفور ..
- فهمت .. أخبريني هل تظنين أنه كان مستهدفا أم أنه حادث سرقة عادي؟.

- لا فكرة لدي.

- هل تشكين بأحد ما؟.

تحركت نظراتي تلقائيا نحوها، جمود ملامحها وخلوها من أي علائم لحزن أو تأثر جعلني أشك بها، كنت سأنطق لكن السيد أيمن أدرك ما أعتزمه فأشار لي برأسه أن لا تفعلي.

- لا.

- سنتحدث ثانية قريبا، حمدا لله على سلامتك ..
غادر المحقق رفقة أتباعه ولدى اختفاءهم قال السيد أيمن :
- لا تتعجلي .. لا دليل لديك، محتمل أن تكون بريئة.

لم أرد عليه، فعقلي وقلبي وكل جوارحي كانت مع عادل ... ثلاث ساعات ونصف ولا أحد يخبرنا شيئا، تقدم فجأة كريم نحوي .. كان يرمقني بنظرات تحمل ألف اتهام وقال :
- ليس وقتا مناسبا للمشاكل، أمي لا تطيق النظر إليك .. فارحلي.

وقفت وواجهته بصرامة :
- لا .. لن أتزحزح مطلقا من هنا.

وكأن صخرة وقعت فوق رجلي اليسرى وكسرتها، ألم شديد سرى بها لدى وقوفي بتلك القوة وارتكازي عليها، أطلقت صيحة مدوية ثم سقطت أرضا أتلوى وجعا، جزع كريم وتراجع للخلف فيما اندفع السيد أيمن مسرعا ليستدعي الأطباء، حينها تقدمت إلهام نحوي بثبات و في غمرة ما يمر بي قالت وكأنها تنفث سما :
- لعبت لعبة وكسبتها .. لكني لن أسامحك أبدا .

**
تضرر في الدماغ إثر نزيف حاد، وغيبوبة الله أعلم متى يفيق منها؟. تلك كانت حال عادل، الرجل الذي عهدته دائما قويا، شامخا، واثقا، فيا لمفارقات هذه الحياة! .

أما أنا فقضيت أياما طوالا طريحة الفراش داخل المشفى، أياما تجرعت فيها من كأس العذاب والألم حد التخمة، رجلي المكسورة والرضوض المتفرقة في أنحاء جسمي كانت آخر ما يعنيني، فبعد مصيبتي في عادل والتي لا تعادلها مصيبة اكتويت بنيران أخرى، نيران الأقاويل والإشاعات والافتراءات ..
انصدمت في الكثيرين ممن أبدوا لي سابقا آيات التقدير والاحترام.. وأصبحوا بعدها يلوكون سمعتي وشرفي مثل مضغة في أفواههم، فأصبحت بنظرهم الإنتهازية والعشيقة والعاهرة التي رافقت المدير لقضاء ليلة حمراء على البحر فانتهت بكارثة ..
ومع هذا لا تخلو الحياة من أناس يظهر معدنهم الأصيل في وقت الشدائد .. تلقيت الدعم والاهتمام من حميدة، يوسف، أحمد، بعض عمال البوفيه، وحتى سلمى  زارتني وتعاطفت معي دون أن يطلب أي منهم أي تفسير أو تبرير.. كنت أتساءل عمن يغذي كل تلك الأقاويل والإشاعات ويضخمها يوما عن يوم دون أن يترك لها المجال لتهدأ، وجاءني الجواب من حميدة التي قالتها بكل مرارة :
- إنها سامية ومن غيرها؟.

- لكن لماذا؟! .. ما غايتها؟.

ردت بكل بساطة :
- إرضاء زوجة المدير، فهي من أوصى بتوظيفها منذ سنوات .. يقال أن وظيفتها الأصلية هي الجوسسة لصالحها.

 كل ما سمعته إلى جانب معرفتي من السيد أيمن أن إلهام طلبت جميع الملفات الإدارية والمالية لتضع يدها على الإدارة في غياب عادل حتم علي أن أقف من جديد وأرتدي ثوبا ما رجوت أن أرتديه قط .

‏****

عندما دلفت إلى مكتب عادل كان جميع من طلبت مقابلته ينتظر، المحامي أيمن، إلهام وكريم، رؤساء الأقسام، موظفو الإدارة وبضع ممرضات تتقدمهم سامية.

كانت إلهام تجلس على مكتب عادل... مكان خاطر وغامر بالكثير ليبعدها عنه، عضضت شفتي غيضا ومع ذلك تماسكت ومشيت ببطء مرتكزة على عكاز وجلست أمامها قبالة كريم مباشرة، تطلعت لي بفوقية من فوقي وحتى أخمص قدمي ثم قالت ساخرة :
- تلبسين طقما من أرقى الماركات، جميل .. لكني لا أظنه يصلح لتنظيف المكان، هذا ما جئت من أجله.. صحيح؟.

سرت بضع كلمات وهمهمات وسط الجميع، تجاهلتها وأجبت إلهام باسمة :
- كلا .. بل أتيت لإدارته.

حل الصمت فجأة، أشرت للسيد أيمن فتقدم بملف وضعه على المكتب قائلا :
- اقرأي هذا.

لم تمض دقائق إلا وإلهام واقفة تضرب بقبضتيها سطح المكتب وتهدد :
- هذا مجرد هراء ..!! كذب .. تزوير.

تلقف كريم الملف قرأه بسرعة ثم رمى به من يده ولم يعلق. تحدثت بصوت عال :
- بصفتي زوجة شرعية وقانونية للسيد عادل، وبصفتي المالكة الشرعية والوحيدة لهذا المستشفى قانونيا وبعقود سليمة مائة بالمائة فأنا أحق شخص بإدارتها والتصرف فيها كما أشاء .. وكل من يعترض يحق له الطعن في صحتها مع أني لا أنصح بذلك لأنه هدر بلاطائل للجهد والوقت.

وجهت كلامي الأخير لإلهام وتابعت :
- الطقم الآن أصبح يتناسب مع المنصب.. أليس كذلك؟.

أخذت حقيبتها وغادرت بملامح تتوعد انتقاما، ولحق بها كريم متجهما صامتا على نحو مريب. مكتب عادل كان خطا أحمر أقسمت أن لا أجلس عليه مطلقا، هو وابنه أحق مني به وما خططت لفعل ما فعلت إلا حفاظا على سنوات التعب والشقاء التي بذلها في سبيل النهوض بمشفاه وارتقاءه .. لذا بقيت مكاني وحددت للجميع موعدا آخر لمناقشة أمور الإدارة وصرفتهم عدا أحمد ويوسف ..و سامية ..
بوجه يقطر خجلا، تكاد تعانق عيناها الأرض وقفت أمامي وسألت بصوت مرتجف :
- هل سأطرد؟.

أجبتها بحدة :
- ما رأيك أنت؟، نهشتي عرضي ولطختي شرفي وتقولتي عني أقاويل ما أنزل الله بها من سلطان .. فهل هناك أي مجال للصفح؟.

- أرجوك يا سيدة زهرة .. سامحيني، كنت مرغمة.. والدتي مريضة ومرتب التقاعد لوالدي لا يغطي تكاليف معيشتنا وعلاجها .. اعف عني أرجوك .. أقسم  أني لن أعيدها.

سقط قناع القسوة عن وجهي، ورق قلبي لها ولوضعها البائس، وكيف لا وكنت وهي  في سلة واحدة :
- سأسامحك من أجل والدتك.. لكنها ستكون أول و آخر فرصة لك يا سامية.. لذا توخي الحذر وكفي عن الناس لسانك!.

- حاضر.

همت بالمغادرة فاستوقفتها :

- أذيعي ما سمعته هنا على الجميع .. استغلي مواهبك العظيمة في شيء مفيد على الأقل !..

أشهر عديدة قضيتها زميلة لهما في نفس المكتب، ورغم تناقضهما و اختلاف طبعيهما بين هدوء أحمد وصخب يوسف فإنني رأيت فيهما خاصة مع موقفهما
الإيجابي معي أنهما أهل للثقة .. كنت أحتاج سندا و أشخاص أثق بهم معي.. فقلت :
- شهادة إدارة الأعمال التي تحملها يا يوسف ستجعل منك ساعدي الأيمن في الإدارة فأنا كما تعلم لا أفقه بها شيئا .. هل أنت موافق؟.

- بالتأكيد.

بشيء من الذنب قلت لأحمد الذي استشفيت حزنا كبيرا يفيض من عينيه :
- سمعت عن التطور السريع للطب في ألمانيا وأود مراسلة أكبر المستشفيات وأمهر الأطباء فيها .. أنا أثق بك وأحتاج تمكنك من اللغة لمساعدتي على
ذلك .. ما رأيك؟.

- سأعمل على تحضير قائمة بالعناوين وأرقام الهواتف بأسرع ما يمكن.

شكرتهما بحرارة وكلي تصميم أن يشفى عادل وبأي ثمن كان . اتخذت من المشفى في تلك الفترة مقاما لي حتى أكون بقربه دائما، حجزت غرفة بمحاذاة غرفته، جعلت أكبر دكاترة المخ والأعصاب يتابع حالته باستمرار وعينت عدة ممرضات ليتناوبن على مجالسته صباح مساء دون انقطاع، خلال انشغالي كان عقلي دائما معه وعندما أتفرغ لا تفصلني عنه سوى غمضة النوم.

كنت أراه في لحظات ضعفه بكل تلك الأجهزة التي تحيط به من كل حدب وصوب، نائم في سبات عميق، غير قادر على الإستجابة لأي محفز كان ..فتتهاطل عبراتي اليائسة لعجزي عن فعل أي شيئ كان، فكل من راسلتهم وأرسلت إليهم بتقارير حالته أجمعوا على أنه لا علاج لحالته.. أي تحت رحمة الله .. فأدعوه وحده متضرعة أن يمن عليه بالشفاء ..
كنت أعلم أنه في عالم آخر تماما ومع ذلك أمسك يده لأخضبها بدموعي وأقبلها وأرجوه أن يعود .. لأنني افتقدته واشتقته.. وليزيح عن كتفي الحمل الكبير الذي ولده غيابه.. أن يعود لابنه وعمله وللحياة التي توقفت وما عاد لها أي طعم من دونه .

***

الفصل الرابع

مرت أشهر عديدة ولم تسفر نتيجة التحقيقات عن أي شيء، لم يسرق شيء من الشاليه كما لم يكتشف أي كسر أوخلع في نوافذه وأبوابه، وكأن المعتدي كان شبحا اخترق الجدران ثم لاذ بالفرار ! ..
عملت خلالها ليل نهار لأعرف كل صغيرة وكبيرة بالمستشفى.. وباقتراح من يوسف قررت بضع تغييرات في أقسامه وسياسة تسييره، كما خصصت لنفسي راتبا شهريا أعتاش منه كأي موظف آخر، وأمرت بتوسيع قسم العلاج المجاني ليسع أكبر عدد من الحالات، أما عن صافي الأرباح فكنت أضع ثلاثة أرباعها في حساب عادل والباقي في حساب كريم الذي تحصلت على رقمه من إدارة الشؤون المالية.

 - كان يجب أن يكون لقاؤنا هذا قبل عدة أشهر ..
قلتها وانا أصافحه وأدعوه للجلوس.

 - دراستي بأمريكا شغلتني .. فشهادتي هي حلم والدي.

اغرورقت عيناه بالدموع فسكت عن الحديث، قلت له:
- في عينيك حزن كبير وتساؤلات عديدة .. سل ما شئت وأعدك أن أصدقك الجواب.

- أعلم أن زواج والداي منهار منذ سنوات، لكن سير الأمور بينكما بتلك السرعة يثير الشكوك ، أمي تقول أنك استغليت يأس والدي ومصيبته في وحصلت على ما تريدين بأحط الأساليب وأقذرها.

ندت عني ابتسامة مرة :
- وأنت ماذا تقول؟.

- والدي كان رجلا متزنا وعاقلا وليس غرا ليقع في شراك أي امرأة بتلك السهولة .. والمضحك أن تلك المرأة الإنتهازية هي نفسها من تضع في حسابي شهريا مبلغا يفوق ما أحتاجه بأضعاف .. فهلا فسرت لي الأمر؟.

أعجبني ذكاؤه، كان فعلا سر أبيه بطباعه البعيدة عن التسرع والاستهتار، قصصت له كل الحكاية ولم أغفل عنه شيئا وختمت قائلة :
- وسيبقى هذا المستشفى ملك عادل وحقك من بعده .. فلا تظن أن في قلبي مقدار ذرة من طمع في أي شبر فيه، كل ما يهمني هو عادل .. عادل وفقط.

تنهد وكأنه ينفس عن مشاعر سلبية مكبوتة :
- لا أملك إلا أن أصدقك ..  ولولا أمي....

- أتفهمك بالطبع.. لا تقلق ..

اعتدل واقفا وقال بنفس ابتسامة والده الهادئة قبل أن يغادر  :
- لا أرى إلا أن أبي أحسن الإختيار .. ويسرني أنه كان سعيدا معك، فانتبهي له جيدا يا سيدة زهرة، واتصلي بي متى احتجتني ..

- شكرته .. وقبل أن يختفي تذكرت شيئا فناديته :
- كريم !!.

التفت فسألته :
- اعذرني .. لكن هدوء والدتك مريب ولا يريحني .. هل تخطط لأمر ما؟.

- صدقيني .. أنت لا تعرفينها يا سيدة زهرة ..فلا تطلقي أحكاما مسبقة .. إلى اللقاء ..

قالها بثقة وثبات .. مما جعلني أخجل من نفسي .. فعلا .. أنا لم أعرف عنها أكثر مما قاله عادل، لم أشكك في صدقه، لكنه قص روايته وفق رؤيته هو ..
فماذا عنها؟.

‏***

راحة كبيرة غمرتني وأنا أزيح هم كريم عن كاهلي، بقيت مشكلة أحمد .. كنت أراه دائما كئيبا منطويا على ذاته كأنه يحمل مصائب الدنيا على عاتقه ..
كان يبعث في داخلي طاقة سلبية وشعورا بذنب ما اقترفته .. سألت يوسف فأجاب :
- إنه عاشق.

- يوسف .. عليه أن يفهم أنني متزوجة !.

- أحبك قبل أن يعرف فلا تلوميه.

- ولم يجد غيري؟ .

- إنه القلب وما يهوى !.

غمغمت بألم :
- صحيح .. إنه القلب وما يهوى وكما كانت تقول أمي " من كان بيته من زجاج فلا  يقذف الناس بحجارته".

****

كانت الشمس ترسل آخر أشعتها حين أتتني الممرضة راكضة واقتحمت المكتب دون إذن وهي تصيح لاهثة:
- تحرك .. تحرك يا سيدة زهرة .. أقسم أنه تحرك.

- أبلغي الدكتور خالد حالا !

- أبلغته قبل لحظات.

كدت أطير وأنا أنطلق بأقصى ما يمكن رغم ألم رجلي التي لم تشف تماما، قاومته وتابعت طريقي إليه وأنا في قمة السعادة.. كانت أجساد الدكتور والممرضات تحجبه عني، تجاوزتها لأجدني أمامه مباشرة،
كان جالسا يسأل الدكتور خالد :
- منذ متى؟.

أجابه متوترا :
- أكثر من عشرة أشهر يا دكتور عادل.

 مرر يده على شعره ليتحسس مؤخرة رأسه ثم رفعه وطرح سؤالا نزل علي كالصاعقة :
- أين زوجتي إلهام وابني كريم؟.

كنت أرتعش .. عيناي تدمعان .. ونبضات قلبي تتسارع حين نطقت :
- عادل.

حدق في قليلا، ثم رفع حاجبيه متسائلا :
- من أنت؟.

***

داخل غرفة الأشعة جلسنا .. كريم، إلهام وأنا،  كنا نستمع للدكتورخالد وهو يشير لصورة الأشعة المقطعية التي صورها لدماغ عادل ويشرح :
- التضرر جاء هنا .. في هذه المنطقة .. وحسب ما أرى فإنه يعاني من فقدان ذاكرة مؤقت .. أو بالأصح فقدان ذاكرة رجعي .. فآخر ذكرى له حسب ما قال كانت قبل ثمانية سنوات يوم كان سيسافر لمؤتمر طبي في فرنسا.

- صحيح .. يومها ألغي السفر بسبب إغمائه المفاجئ في غرفة العمليات .. كان هبوطا حادا في ضغط الدم.

قالتها إلهام فأومأ الدكتور لها وتابع :
- أي أن ذكريات السنوات الأخيرة فقدت مع تلف بعض الخلايا على مستوى الذاكرة.

سألته مرتعبة مما أخشى :
- تلف؟ .. هل تقصد أنه لن يستعيدها؟.

- للأسف يا سيدتي، لو فقدها نتيجة صدمة عصبية مثلا لكان هناك أمل كبير، لكن وبهذا الوضع فإنه...

- ... علميا يكاد يكون مستحيلا.

نطق بها كريم والتفت لي قائلا :
- علينا أن نتحدث ..

****

من كان السبب .. لا أعلم! .. من كان علي أن ألوم؟ لا أعلم! .. أهو اللص الذي ضرب عادل أم صديقه الحارس الذي كان ينسخ مفاتيح الشاليهات ليساعده على سرقاته مقابل نسبة منها.. ولسوء حظنا وحظه تواجدنا دون علمه في تلك الليلة!، أم علي أن ألوم الأقدار؟، وما هي إلا من تدبير رب العالمين ..
لا أحد .. لا أحد أنفس فيه غضبي وألمي وحزني وقهري لأني أصبحت غريبة .. لاشيء بنظر عادل ولا حتى مجرد ذكرى ..باختصار صرت أنا زهرة نسيا منسيا.

**

- لا أتذكرها أبدا ! .

- متأكد يا أبي؟ .

- كريم! .. إن كنت لا أتذكر كيف أصبح طفلي رجلا هل سأتذكرها هي؟! ..

كنت  أحبس دموعي قدر استطاعتي وأراقب ما يحدث بصمت.

- إنها زهرة .. زوجتك يا أبي.
- ماذا !!؟؟.

صاح بها والتفت إلى إلهام مبررا :

- إلهام .. أنا لا أعرف عم يتحدث!!.

ردت بهدوء :

- كنا على أبواب الطلاق يا عادل ..
انفعل أكثر :

- أنا لا أفهم شيئا !! .. كريم؟.

- اهدأ يا أبي ولا تضغط على ذاكرتك .. سأترككما بمفردكما .. أمي هيا بنا.

وقفت لتغادر قائلة :
- قضية الطلاق أجلت بسبب ظروفك الصحية .. سنتحدث لاحقا.

التفت لي محتارا وسألني :
- كيف تعارفنا يا ... ماذا كان اسمك؟ .

**


طلب إلي كريم أن أحدث عادل بكل شيء وأضعه في صورة كل ما مر بنا .. فلا فائدة من طمس حقائق سيعرفها عاجلا أم آجلا .. وهكذا فعلت، غير أن أعصابي المنهارة لم تعد تحتمل فرحت أذرف الدموع غصبا عني.. أمسك رأسه بكلتا يديه وصاح :
- لا أتذكر شيئا أبدا .. أنا آسف .. آسف.

- وما العمل الآن؟.

- لا أعرف .. لا فكرة لدي ..اتركيني لوحدي لو سمحت.

غادرته إلى الكافيتيريا طلبت كوب قهوة ثم خرجت إلى الحديقة، ووقفت أراقب الطبيعة بسماءها وقمرها ونجومها وشجرها وحتى حجرها، حسدتهم.. تمنيت لو كنت مثلهم .. جمادا خاويا من المشاعر .

- هل أنت بخير؟.

سأل أحمد قبل أن يقف على مقربة مني.

- ماذا تفعل هنا؟، انتهى وقت الدوام منذ فترة طويلة.

- جئت لأطمئن عليك.

كنت حانقة، لذلك أجبته بعصبية :
- أنا بخير يمكنك المغادرة الآن.

تجاهل حدتي :
- ملامحك متعبة .. هل أنت مريضة؟.

وقع الكوب من يدي ..انحنيت لآخذه فأخذت الدنيا تلف من حولي، ثم أغمي علي.

**

كان هبوطا حادا في ضغط الدم، قلة التغذية والنوم وكل الضغوطات التي كنت أمر بها من أوصلتني إلى تلك المرحلة.

اعتزلت بغرفتي، ما كنت أريد رؤية أي شخص كان .. ولا حتى عادل نفسه .. كان علي أن أرتب أفكاري وأستوعب الصدمة التي حطمتني، لكنها فاجأتني بوقوفها أمام سريري تطلب الإذن بالجلوس.

- تفضلي. 

- لم تسنح الفرصة لأي حوار بيننا من قبل ..
- لا أظنك من هواته، تفضلين طرقا أخرى حسب ما أعلم.

كنت هجومية في ردي ومع ذلك ابتسمت .. وكانت ابتسامتها بالفعل جميلة رغم حزنها ثم قالت فجأة :

- تزوجته مرغمة .. كنت أحب شخصا آخر ..
شدت انتباهي بجملتها تلك .. فأردفت تحكي :

- كان اسمه جوردان .. شاب أفروأمريكي، مسيحي الديانة .. تعرفت عليه في عيد ميلاد أحد الأصدقاء المشتركين، في سنتي الأخيرة بالثانوية.. تنهدت بعمق ثم قالت :
- لا أصدق أنني أفتح صفحات قديمة طويتها منذ زمن .. وأمامك أنت! .

- وماذا حدث؟! .

- ماذا برأيك؟، اختلاف اللون والدين والبلد والعادات والأعراف لم تشفع له أمام حسن سريرته وأخلاقه ونبوغه العلمي .. عرف والدي بعلاقتنا بعد سنتين وكاد يموت بجلطة في القلب لولا ألطاف الله .. فاستسلمت في النهاية وتخليت عنه .

- بتلك البساطة ! .

- حاولت الانتحار مرة ففشلت .. ولم أعد الكرة ثانية .. لكن بالمقابل تحجرت كل ذرة أملكها من أحاسيس وعواطف .. زواجي بعادل كان بتخطيط من العائلة، وافقت من أجل والدي.. هو أو غيره الأمران سيان .. ولسنوات طويلة عشتها زوجة له وبعيدا عن واجباته الزوجية لم يبادرني بأي لمسة أو حتى كلمة تنسيني خسارتي الأولى، تعيد إحياء مشاعري وتوقظ الأنثى النائمة في داخلي.. حتى إذا ما بلغت سن اليأس وزهدت في كل شيء أفاق ! ،لا أنكر أني رفضته.. أبعدته انتقاما منه ومن نفسي ومن سنوات عمرنا الضائعة.

بهتت للحظة ثم نظرت لي :
- ثم تعرف إليك .. خلت بداية أن اهتمامه بك ناتج عن عرفان لإنقاذك حياة ابننا.. لكن ومع الوقت تيقنت أن ما بينكما أكبر عندما سمعته يحادثك بالهاتف أكثر من مرة .. لكني توقعت كل شيء إلا أن يتزوجك .

- أحببته بصدق  .

- طرح قضية الطلاق .. لم أعترض شرط أن يتم في أمريكا .. ثم وقع الحادث.. أتعلمين؟ .. لم أتألم لدى زواجه بك مثلما فعلت بمعرفتي أنه ملّكك المشفى.

- إذن كان  عادل محقا في مخاوفه! .

لمحت لمعان الدموع في عينيها وهي تجيب :
- يا لضيق أفقكما !. تألمت لأني أدركت أنه ما وثق بي أبدا .. شاركته عمرا وشكك بي في حين وثق بك أنت .. غريبة اقتحمت حياته فجأة !.

قامت واستعدت للرحيل قائلة :
- الخيار بيده الآن إما أنا وإما أنت .

- ماذا تعنين؟.

ابتسمت :
- عادل يحتاجني.. سأقدم له ولنفسي فرصة ثانية.

****

الفصل الخامس

واختار إلهام في نهاية الأمر، فهي عشرة عمره وأم ابنه ..  أما أنا فقال أني عنه بعيدة، لا يعرفني ولايذكرني، ولا يشعر بأي شيء نحوي، تأسف .. اعتذر ثم رحل .. رحل بعد أن ترك أمر المشفى رهنا لحكم مبادئي وضميري، كما وعدني بحصولي على ورقة طلاقي قريبا.. يومها فتحت باب الشقة فوجدته أمامي، زيارة توقعتها وانتظرتها لأيام بعد أن خرج من المشفى واستقر بمنزله هو وإلهام.. أفسحت له الطريق ليدخل ثم تبعته حتى غرفة الجلوس .. جال ببصره فيها ثم واجه نافذة الزجاجية وأطل منها قائلا:
- شقة جميلة .. وإطلالتها مميزو.

- اخترناها معا وأثثناها قطعة بقطعة .. ظننتها منزل العمى.

أجبته بلهجة جافة تعكس ما يختلجني من غضب وحنق، تنحنح ثم قال :
- الأمر ليس بيدي، إنه يفوق قدرتي على التحمل، أنت غريبة عني، أنا لا أعرف سوى زوجة واحدة هي إلهام.. ما تتحدثون عنه لم يحدث قط بالنسبة لي .. قدري موقفي أرجوك.

- وأنا من سيقدر ما أمر به! .

- كوني أوليتك كل تلك الثقة فذلك يعني أني أحببتك، فحتى إلهام لم أكن لأثق بها وأستأمنها على أعز ما أملك.. أعرف ما تمرين به.. أستطيع أن أعتبرك زوجتي ونعيش سويا لكنك ستكرهينني وتكرهين نفسك، فعادل الذي تعرفين جاء بعدي أنا والآن لا أعرف إن كان سيعود أم لا ..الظروف من حكمت ولا ذنب لي في ذلك..

بقيت أنصت إليه يتحدث كابحة عبراتي ما استطعت لا أريد أن أنهار أمامه وأكره نفسي بعدها .. خاصة بعد أن أغمد سكينه الأخير في قلبي :

- أنت جميلة وصغيرة.. صدقيني ستجدين من هو أفضل مني .

- آه .. وثرية أيضا .. لاتنسى ذلك.

ذلك كان انتقامي.. وذلك كان ثأري لكرامتي الجريحة.

قال لي بهدوء وهو يتجه ناحية الباب ليفتحه وكان قد فهم مرماي :
- ذلك أمر سأتركه لحكم ضميرك .. سامحيني يوما لو استطعت، الوداع يا زهرة.

تلاشت صورته و لكن صدى جملته بقي يتردد في أذني .. الوداع يا زهرة .

بعد أيام قضيتها مغيبة عن الحياة وشبه مخدرة، أحاول فيها تقبل أن ما أعيشه أمر واقع لا أضغاث أحلام رافقت السيد أيمن للتوقيع على أوراق التنازل عن المشفى، ثم عدت  ولآخر مرة إلى المكان الذي ابتدأت فيه حكايتي وانتهت لألملم جميع حاجياتي ..
كان قلبي ينفطر ألما وأنا أستعد لفراق عالم بأكمله، عالم عشت تفاصيله وقصصه وعاشرت شخوصه بجيدهم وسيئهم ردحا ليس هينا من الزمن ..
وكلت محاميا لمتابعة قضية طلاقي وفي ظرف أيام قلائل ودون أي تخطيط مسبق .. هروبا وفرارا بعقلي من الجنون من مدينة أشم فيها أنفاسه وأرى فيها وجهه أينما تواجدت .. وجدت نفسي على متن حافلة سفر لتقلني إلى أبعد نقطة في البلاد.


***

وهاهو عام كامل قد مر.. كان بأيامه التي طالت هو عمر فراقنا، كدت بدايته أن أموت لبعده، خلت أن الحياة ستتوقف عنده ولن أستطيع إكمالها من دونه.. كان قلبي من حر فراقه قد تصدع، شوقي إليه كان يجلد ذاتي، يمزق روحي،  يدمع عيناي فأفتح هاتفي على صورته لأمعن النظر بتقاسيمه علها تخفف عني حدة أشواقي.. فمايزيدني ذاك إلا نحيبا حد الانهيار .

تعذبت بعدها كثيرا كي أوطن فيها نفسي على التعايش مع ذكراه لا نسيانه، فنسيان حب تفتح قلبي عليه محال، سافرت، ابتعدت، حاولت أن أعود نفسي على غيابه، أن أفر من غرامي وأيامي وذكرياتي وأحلامي معه، أن أهرب من علاقة استنزفت جل عواطفي و طاقتي، خسرت لأجلها الكثير و تنازلت فيها عن الأكثر حتى تصمد.. ثم ما لبثت أن انهارت فوق رأسي .

ومع هذا ورغم كل ما حدث .. فإني ما ندمت على عشق ذلك الرجل الذي ورغم رحيله... فإنه ضرب جذوره بأعماقي، استوطن خلايا جسدي فأصبح مني جزءا لن يفصل مهما تكالبت الظروف وتوالت السنين والأيام .
****
خاتمة

بعد مرور عدة أشهر

كانت ظهيرة يوم شتوي بارد عندما جلست في صالتها الصغيرة على أريكتها جانب المدفأة،  تلتحف بشال صوفي و ترتشف بيد من كوب قهوة دافئ، وتبحث بالأخرى عن هاتفها عن أحدث طرق تدريس اللغات وأكثرها نجاعة و فاعلية، فكونها أستاذة أدب انجليزي بمدرسة خاصة يلزمها مواكبة كل جديد.. في نفس الوقت كانت تتابع مسلسلها المفضل، هو نفسه الذي ابتدأت حكايتها
بعده وانتهت وهو لم يبلغ منتصفه حتى، سخريتها كانت كبيرة حين قرأت ذات مرة أن المخرج يعتزم تصوير ثلاثة مواسم جديدة، أي تضييع ثلاث سنوات أخرى في هراء لا يمت للواقع بصلة، ومع ذلك كانت تتابعه، فتلك الشخصيات وحكاياها التي تنوعت بين الحب والكراهية، بين الخير والشر، وبين التسامح
والإنتقام تجعلها تتفاعل معها رغم مبالغتها.

سمعت صوت دقات خفيفة على الباب، بالعادة لا أحد يأتيها سوى أم حسام في
عطلة نهاية الأسبوع، "أيكون هو؟ "، هكذا منت نفسها وهي تحكم لف الشال حولها، أسرعت وفتحت الباب دون أن تسأل عن هوية الطارق كما اعتادت ..
ألفته بوجهه الحيي واقفا أمامها ..هو آخر من توقعت.

- أحمد؟ .. لكن.. كيف عرفت عنوان بيتي؟.

بابتسامة مرتبكة وخجولة أجاب بعفويته المعتادة :
- أم حسام دلتني.

سألت بسخرية مغلفة بالمرارة :
- حقا؟! .. وماذا تريد؟ 

- فرصة ثانية.

- ألا تنسى؟، أنا امرأة مطلقة الآن .. ابحث عن أخرى تناسبك.

رد معاندا :
- لا يهمني .. يكفي أنني أعشقك يا زهرة، ألا تشعرين بي؟.

أجابته بحدة :
- كفاك أنانية، ماذا عني أنا؟، ألا تهم مشاعري؟!.

اضطرب وارتبك، ولم يعرف بما يجيب.. قالت معتذرة:
- أنا آسفة، لكنك لا تعلم تفاصيل ما مررت به 

- بل أعلم .. حميدة أخبرتني بكل شيء.

ضحكت كما لم تفعل منذ مدة طويلة :
- حميدة ستخلف مكان سامية قريبا، أخبرني يا أحمد .. هل رتبت الحياة كل ما حدث لتكون أنت قدري؟.

- هذا يعتمد على قرارك أنت.

كان لا جدوى من التهرب فأذعنت قائلة :
- انتظرني في نهاية الشارع سأرتدي ثيابي وألحق بك .. سنتحدث في مكان ما لكني لا أعدك بشيء.

لمس لطفا ولينا في لهجتها فدق قلبه طربا وهتف مغادرا :
- سأنتظرك يا زهرة.. سأنتظرك كما فعلت دوما.

أغلقت الباب، خطت نحو أقرب كرسي، جلست ثم أطلقت العنان لدموعها ..بكت طويلا حتى هدأت نفسها وأفرغت هموم قلبها، ثم قامت .. مقررة أخيرا أن تتقبل قدرها كما فرضته الحياة عليها، كفاها أحلاما ولتعايش الواقع كما هو، أمسكت هاتفها وتمعنت للمرة الأخيرة في صورته ثم مسحتها من ذاكرته بكبسة زر، ليس الأمر مماثلا بالنسبة لذاكرتها هي ومع ذلك ستحاول، قناعة ترسخت لديها في تلك اللحظات أن أحمد هو محطتها الأخيرة، أما عادل.. فهي تدرك يقينا في أعماقها أن حكايتها معه انتهت.. وستظل دوما بالنسبة له ذاكرة مفقودة، وماضيا طواه النسيان.


النهاية. 

تعليقات

  1. قصة دراماتيكية غاصة بالأحداث،.. ممتعة في القراءة، نظرا للانظارات القارئ ماذا جرى، في سرد مريح وهادئ. شخصية زهرة (المثالية)، حاولت أن اضع لها صورة، ولم أنجح، تعاطفت معها في الجزء الأول، عندما لم تنصفها شواهدها إلا بعد أن قدمت جزء من جسدها!، في تجلٍّ واضح للواقع المعاش. شخصية عادل، كذلك لم أفهمها، أكتفي بالقول إنه يميل للبلادة. تمسك أحمد بحبه رغم أن في البداية يبدو مستحيلا؛ يدعو للاعجاب والحيرة في آن واحد.. في الأخير استمتعت حقا بقراءة القصة، وفوجئت بالنهاية.. شكرا للكاتبة وفاء سليمان من الجزائر

    ردحذف
    الردود
    1. السلام عليكم..

      شكرا لك يا أخ محمد على إعطائي فرصة النشر في مدونتك المميزة.. أسعدني إطراءك على القصة حقا، وإن تكن غير واضحة من بضع نواح.. فطولها وكثرة أحداثها جعل الحبكة تفلت مني مع الأسف ..

      تحياتي لك وأكرر شكري لك مجددا:)

      حذف
  2. لاحظت الجزء الأول منذ فترة لكنني فضلت قراءتها مرة واحدة عندما تنشر كل الاجزاء وفي نفس الوقت لا أجب تجزئة القصص ، أحداث وشخصيات كثيرة وخيال واسع للكاتبة ، زهرة من عاملة نظافة في المستشفى إلى صاحبة المستشفى وانقلبت حايتها راسا على عقب !! في الواقع نادرا ما نصادف مثل هذه الحكايات ، لكن الحبكة جيدة واختيار موفق اخي محمد في النشر ، يبقى عندي سؤال هل للكاتبة قصص أخرى منشورة ؟

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا بك أخي العزيز.. أتمنى أن تكون قد استمتعت بقراءة القصة.. وطبعا نحترم تفضيلك في موضوع تجزئة القصص. فيما يخص سؤالك، فإن للكاتبة عدة قصص منشورة في موقع كابوس، تحت اسم: حطام - الجزائر.

      حذف
    2. abdo al dahdah

      شكرا لك على مرورك وسرني أن القصة نالت إعجابك:)

      حذف
  3. طويلة جدا تصلح ان تكون رواية على العموم اعجبتني

    ردحذف
    الردود
    1. هي بالأصل رواية قصيرة.. لو أضفت بعض الأحداث وأسهبت لأصبحت رواية.. عموما شكرا لك على مرورك ومسرورة أنها أعجبتك:)

      حذف
  4. من حيث الكتابة والسرد فالقصة ترقى لمستوى النشر ، ولكن بعض مجرى فصولها تفتقد للمنطق ، على سبيل المثال عند قبول زهرة أن يصبح المستشفى على اسمها رغم رفضها في بادئ الأمر ، ثم لم يدم الرفض سوى لاحظات حوارها مع عادل لتقبل بالعرض ! ثم في الأخير تنازلت عليه بسهولة أيضا ! كل هذا يوحي أننا أمام لعبة بسيطة ، ولهذا أتفق معك أن شخصيات القصة ليست بتلك القوة التي تقدر على مجاراة فصول الحبكة

    ردحذف
  5. شكرا لك أخي على مرورك.. بالنسبة لقبول زهرة أن يكون المشفى لها، فشخصيا لا أرى مانعا من ذلك فهي ستملك لا تتنازل، وهي تكن مشاعر له وبالتالي لاشيء يمنعها من الرفض، ربما لا يراها البعض منطقية قيما يتقبلها آخرون.. ثم ألا يقال أن المنطق سم الخيال؟، وأن الواقع أغرب منه.. لذا أقول أن مثل هكذا مواقف قد تكون نادرة الحدوث ولكن ليست مستحيلة ..

    عموما سرني تعليقك وسآخذ بنقدك مستقبلا إن شاء الله.. تحياتي لك:)

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما