الملكة إليزابيث الثانية .. أعيدوا إلينا ملكتنا !



إليزابيث الثانية، الملكة المُعمّرة، ملكة بريطانيا العظمى.. المرأة الأكثر (بروتوكولا) في العالم، لما تنصّه أعرف المملكة المتحدة العريقة للجالسين على العرش ومن يرث سلطانهم، وكل من له صلة الدم بهم.. فظهور الرسمي للملكة للعامة يكون مصحوبًا بتفاصيل لا يكمن تجاوزها، ولا يُترك شيء للصدفة، وعادات لا تتنازل عليها الملكة وعائلتها وكل المحطين بالعرش البريطاني.. لكن تقاليد الملكة إليزابيث تم خرقها مرة واحدة في حياة مُلكها.. فمن ذا الذي فعل، ونال من طقوس صديقتنا؟.. هو الملك المغربي الحسن الثاني.


الزيارات الرسمية للملكة إليزابيث الثانية لأي دولة يكون هناك تنسيقًا كبيرًا بين أجهزة البرتوكول لكلا الدولتين، ويكون احترامًا كبيرًا لمستقبليها الرؤساء والملوك.. ولمن يحمل التاج البريطاني هالة تحيط بهم، وينبهر بهم زعماء باقي دول العالم، لكن ليس الحسن الثاني. في إحدى أيام عام 1980، قادت أقدام الملكة إليزابيث الثانية إلى المملكة المغربية في زيارة رسمية للبلد، وبعد أن استقبلها الملك الحسن الثاني عند نزولها من المطار؛ استأذن منها الانصراف لقضاء بعد الحاجات ثم سيعود سريعًا، لكنه لم يفعل، وترك الملكة تنتظر لثلاث ساعات في الشمس!.. وعند عودته أخيرًا؛ لم يُعجبه تصرفات الحرس المرافق للملكة، ليخبرها أنه لم يُحبذ نظام مرافقيها، فقالت الملكة بحزم ردًا على ما بدا أنه تقليل الشأن لمرافقيها: "أرجوك يا صاحب الجلالة أن لا تتحدث عن مرافقي هكذا". لقد تصادف حضور الملكة مع تعكر مزاج الحسن الثاني، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ ففي الزوال وعند وصولها للقصر الملكي حيث سيقيم الحسن الثاني مأدبة  غداء على شرفها؛ فوجئت الملكة بأبواب القصر مؤصدة في وجهها والذين معها، فما كان عليها سوى الانتظار.


تواصلت متاعب الملكة إليزابيث عند مقامها في المغرب، وزادت واكتمل عرس احراج الملكة، بعدما وضع لها الملك طبق الدجاج المغربي التقليدي، وأخبرها أن العادات المغربية في المأكولات التقليدية، هي أكلها باليد اليمنى وليس بالشوكة والسكين!، فاضطرت ملكة بريطانيا أن تأكل بيدها لأول مرة في حياتها، وهي في مأدبة رسمية ستبث على شاشات التلفزيون.. والجدير بالذكر أن إليزابيث الثانية تأكل الموز بالسكين والشوكة، وتعتقد أن أكل الموز باليد فيه شبيهة بالقردة!. وصلت أصداء ما يحصل للملكة إلى جرائد بريطانية، فصرخت "جريدة ذا صن" في عنوان مثير: "أعيدوا إلينا ملكتنا، ماذا تفعل هناك في المغرب؟". وقبل أن تغادرنا ملكتهم، تأخر الحسن الثاني مرة أخرى في مأدبة عشاء وداعها، وانتظرت مرة أخرى الفرج في قدوم الملك، حتى أخبرها وزير خارجية بريطانيا آنذاك، اللورد دوغلاس هير، أن الحسن الثاني قرر فجأة تأخير مأدبة عشاء لساعة كاملة لأسباب خاصة، فكان ردها على وزير خارجيتها، أن العشاء غير قابل لتأجيل، لأنها ستُبحر في نفس الليلة عائدة إلى مملكتها، وستتفهم لو تأخر جلالته لبعض الوقت.. لكن مأدبة العشاء تأخرت لقرابة ساعة.. وبعد انقضاء ساعة؛ حضر الحسن الثاني مع أشخاص غير مدعوين، ما أثار استغراب الملكة.. وقبل الوداع؛ سألت الملكة الحسن الثاني إذا كان قد قدم الهدايا التي جلبتها إلى أطفاله، فكان رد الحسن الثاني: "لا، لم أجد وقتًا لفعل ذلك". فردت إليزابيث الثانية: "أوو يا سيد حسن، أنت ميؤوس منك!". بعد مغادرتها للمغرب؛ أرسلت الملكة إليزابيث الثانية، رسالة شكر والامتنان إلى ملك المغرب الحسن الثاني على حسن الاستقبال والإقامة!.. وبعد عدة سنوات، زار الحسن الثاني المملكة المتحدة، وحظيّ باستقبال الملوك من طرف إليزابيث الثانية. وهكذا يا قرائي قد تذكرت قول عمي: "إن المرأة تحب الرجل الذي لا ينبهر بها". لربما أطلع عمي الحسن الثاني على مقولته، قبل استقباله لملكة بريطانيا..

ربما.

تعليقات

  1. مقال طريف..
    حسنا.. يبدو أن الحسن الثاني أراد كسر غرورها.. ظننت رد فعلها سيكون قويا .. لكنها فعلت العكس.. لو كانت المرأة التي أحرجت هكذا عربية لكشرت عن أنيابها وانتقمت شر انتقام( انتقام سياسي طبعا)هههه .. كوين اليزابيث التي تأكل الموز بالسكين تقبلت الاحراج وبادلته بالشكر والترحاب.. لذلك تعجبني دائما هذه الملكة خاصة فساتينها الملونة وقبعاتها هههه

    صحيح المرأة تركض وراء الرجل الذي يتجاهلها وتتجاهل من يطلب ودها.. النساء غريبات حقا..لكنني طبعا لست منهن ..هههه

    المقال حقا طريف.. دمت بخير

    ردحذف
    الردود
    1. لا اعتقد أن الحسن الثاني تعمد كسر غرورها، لكن هو أساسا معروف بالتأخر في المواعيد من جهة، ومن جهة أخرى، شخصيته قوية وغريية، تلك الشخصية لها ما لها، وعليها ما عليها.

      انا كذلك تعجبني شخصية تلك الملكة، بالأخص في محافظتها على البرتوكول الملكي في بلدها، ولا تقبل مثلا أي لباس كان لها ولكل المحطين بها، أو كثرة المساحيق في وجوه نساء القصر،ط.. بل هناك نظام خاص تخضع له العائلة الملكية هناك.. والحمد لله أن في عالمنا العربي لا تُنّصب فيه النساء ملكات ولا حتى رئيسات دول، لأنهن -على الأرجح- قد يتعاركن مع الحسن الثاني وأمثاله ^^.

      إذن صدق عمي في مقولته، وإن لم تكونين منهن ^^

      شكرا على المرور.

      حذف
  2. عبد الرزاق ايدر4 يناير 2021 في 11:40 ص

    الحسن الثاني والمواعيد قصة خصام طويلة جدا هههه ليس فقط الحسن الثاني بل اغلب المغاربة ورثوا هذه العادة دعنا نعترف هههه اعجبني عندما فرض عليها الاكل بيدها في طبق تقليدي

    ها انت اتيت بالجديد

    ردحذف
    الردود
    1. يا عبد الرزاق أحرجتنا، ماذا استفادت الأمة من هذا الاحراج؟ ^^ وهو في الحقيقة، معك كل الحق، المغربي إذا قال لك "خمس دقائق وسأكون عندك"؛ فاستعد للانظار لساعة وربع^^

      كذلك أنا قد نال اعجابي، فهو لم يخجل من الأكل باليد، كما نفعل جميعا في الأطباق التقليدية، بل وفرض عليها استخدام يدها، وإلا ستنام الملكة بلا عشاء^^

      إن شاء الله نأتي دائما بالجديد.

      حذف
    2. عبد الرزاق ايدر5 يناير 2021 في 4:53 م

      هههههه اضحكتني اخي محمد اضحك الله سنك ... لكنها الحقيقة خمس داقائق لدينا تساوي ساعة وربع هههه

      حذف
  3. أعجبتني صورة الملك وهو يلتهم الدجاج ، وأضحكتني مقولة عمك هههههه

    احب مثل هذه المقالات ، أرجو تقديم المزيد منها .

    ردحذف
    الردود
    1. كيما كنقولوا خويا رشيد "فوق الطعام مكايناش الحشمة" ^^ يبدو الحسن الثاني يعرف هذا المثل جيدا.

      إن شاء الله أنشر المزيد من المقالات القصيرة.

      شكرا على المرور.

      حذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

بوتفوناست (صاحب البقرة)

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -