في انتظار قدوم الأمس !
ترى ماذا يخيل لرؤياك في الأفق يا سيدي الميمون؟ .. أي مساحة شاسعة وهوة سحيقة تلك التي تفرق الأمس باليوم؟ حتى أشجار الأركان - المعمرة - يبست ولم يبق منها سوى حطب تنتظره ألسنة اللهب ، أما أشجار اللوز فمازالت تقاوم بمشقة عوائد الزمن في صراع محكوم بالفناء ، فالخصم هو الحكم والزمن قصدي يا أيها العجوز .. حتى السبل هناك ضاعت وكساها نبات الصبار الموحش ، أما ينابيع الماء فقد نضبت وغارت والطيور حولها ما عادت تطوف ، في مشهد تتجلى فيه النهاية في أعظم حسراتها .. أي مصاب حل بتلك الأرض حتى غدت ملاذا لأكوام الحجارة؟ فأين المزارعون من كانوا يتبعون بهائمهم بالمحراث ذهابا ومجيئا بلا وهن ولا شكاة ، حتى بكت السماء فرحا، وانفجرت الأرض سنبلا؟ .. فماذا بقي لنا يا عجوز من حياة الأمس؟ نعم إنها الجبال مازالت صلداء كما وجدها أولئك المستلقيين باصطفاف هناك باتجاه القبلة ، لكن يا عجوز ؛ إنها حزينة كذلك بصدوعها على ما كان يدور حولها ذات يوم خلفته وراء ظهرها.
يا سيدي الميمون ، هل لنا من سبيل يهدينا إلى ما لم يبق له سوى بعض الأطلال؟ هل هناك آمل أن تعود الحياة إلى تلك المنازل الموصدة بأقفال نال منها الصدأ وتآكل فولاذ منافذها وتهيأت جدرانها لسقوط؟ .. ماذا بك يا عجوز تلوذ ساكتا ساكنا ؛ هل كلامي هذا ضرب من الحمق؟
محمد
جميلة ومؤثرة.. لكن مع الأسف الأمس لا يعود و لن تعود الحياة كما كانت..
ردحذفصورة العجوز تذكرني بجدي رحمه الله، كان يقوم برفع يديه فوق عينيه ليرى من بعيد مثله.. ويتمشى بعصا كتلك أيضا...
تحياتي لك أخي وأنتظر جديدك:)
أهلا بك .. هو الحقيقة ، القصد ب "قدوم الأمس" لا يفسر عودة الماضي ، ﻷن هناك فرق بين ، (قدوم) و (عودة) بل أن تعود الحياة كما كانت في الأمس وليس عودة الأمس ^^ .. سعيد حقا أن الصورة تذكرت ب جدك - رحمه الله - أنا لأسف لم أرى جداي معا سواء من والدي أو والدتي ، فقد ماتا بين السبعين والثمانين القرن الماضي قبل أن أتوفر في هذه العالم ^^ ..
ردحذفأشكرك لك هذا المرور الطيب