حتى إشعار آخر...



في كل مساء أجلس قبالة  حاسوبي العتيق ، ذاك الضخم المهيب ، وغبار السنين يملأ غرفتي الفاخرة ! وفي الجدران شواهد الدراسة معلقة ولم ينس الغبار حقها .. عما سأبحث ؟ في الحقيقة لا أعرف ، فقد تصفحت كل ما يخطر ولا يخطر على البال.. ماذا إذن ؟ ..ما زلت أنظر بعينين نصف مفتوحتين إلى تلك الصورة الربيعية وفوقها سماء صافية إلا من أطياف غيوم تبدو عابرة ، وحولها ملفات مبعثرة تجمهرت فيها كل ذكرياتي من نصوص مشوهة إلى مزبلة الصور الذي لم أعد اتذكر أين إلتقطت معظمها .. لا شيء في بالي لأبحث عنه ، وإلى ذاك الحين ألعب بتلك الفأرة البيضاء البدينة حتى سقطت منها الكرة من بطنها لتركض بعيدا وتتولى عني ، إنها الفأرة الحامل قد ولدت ! لكن ولدتها تتكر مرارا وتكرارا ، وبأخص عندما أدخل في دردشة مع فرنسية وتجدني أتباهى لها باللغة الفرنسية وأني أجيدها أكثر من رئيسهم ، أو عندما أكون غارقا في الإفتراءات مع أمريكية حتى تصدمني - بمصطلح إنجليزي رفيع - يعيدني إلى رشدي ، وحينها تسقط الكرة من بطن الفأرة من جديد بينما أنا راكض مبهور الأنفاس إلى - الشيخ العراف  جوجل - مستفسرا إياه عن ذاك المصطلح وما ورائه .
دعوني أبحث عن تلك الكرة لأعيدها إلى بطن أمها ونرى ما سنفعل مع هذا الصندوق العجيب.. وجدتها أخيرا وأعدتها إلى غمدها وفتحت - فيس بوك - من هناك ؟ ومن يجلس في هذا البهو الأزق في هذه الساعة.. يبدو أن هناك ضيوف كثر ، أولاهم "كريستين " فرنسية سبق لي أن تعرفت عليها ، وتحتها " ليزا " من هذه ؟ دعوني أدخل صفحتها ، إنها أمريكية بيضاء ، أعتقد أنني سأرسل لها ترحيب

- مرحبا ليزا
- مرحبا يا رجل
- كيف حالك
- أنا بخير وانت ؟
-  تقريبا ، هل أنت أمريكية ؟
- نعم أنا كذلك وأنت من أي دولة  ؟
- أنا من دولة المغرب ، هل سبق وسمعت بها
- نعم ، لكن لا أعرف في أي قارة تتواجد
- إفريقيا
- هل نمت
- ليزا !
- ليزا !

لقد إختفت منذ سمعت أنني من أفريقيا ، ربما تظنني مثل أولئك الحفاة العراة الذين يسترون عوراتهم بجلود الحيوانات ويحملون الرمح ويركضون خلف الزرافات في الأدغال !
مازال البعض ينظر إلى افريقيا على أنها قارة الجوع والغرائب .. لا لسنا كذلك أيتها الأمريكية ، ولا نركض خلف الزرافات ونفترس الكواسر ، كما يتغنى بنا الإعلام !
دعونا من ليزا ولنرى ماذا يوجد عند كريستين ، لكن لحظة ! هناك رسالة جديدة ، ربما عادت ليزا.. لا إنها - فتاة عربية - دخلت إلى صفحتها ؛ ووجتدها خليجية تتنفس هواء الدولارات ! .. » يا أيتها الخليجية ، لا يغرنك وجهي الوسيم ، فلا رنج روفر عندي ولا بئر بترول ! .

مازالت النقطة الخضراء جنب " كريستين " إذن هي حاضرة..  أفكر ماذا أفعل معها ، لقد تواصلت معها سابقا ، وأعطتني الكثير من المعلومات عنها ؛ وأنا أيضا أطلعتها عن بعض أكاذيبي !

- مساء الخير كريستين
- كريستين !
- يا  كريستين !
- أنا منشغلة حاليا.. عد بعد ربع ساعة
- ماذا تفعلين ؟
- الذي تفكر فيه !

دعو كريستين تركز في عملها .. فلنعد إلى الفتاة العربية :
- يا هلا ومرحبا
- أهلا بك
- من أين بلد أنت ؟
- أنا من الخليج.. وأنت ؟
- المغرب
- جميل.. لقد زت المغرب كثيرا
- حقا !
- نعم ، عندنا يخت موجود اﻵن في مرفئ مدينة طنجة ، وأيضا فيلا في مدينة مراكش ، وأخرى في مدينة أكادير و....و

ماذا حدث ؟ ماهذه العتمة العمياء ؟!
احم ممم.. لقد انقطعت الكهرباء ، أو قطعوها عني أخيرا وفي جوف الليل فعلوا ،بعد أن أمطروني بعواصف من الإنذارات .. اسمحوا لي اﻵن أن أخلد إلى النوم فـ يوم غد عندي عمل جد مهم ، وهو أني سأبحث عن عمل ! تصبحون على خير .
أين السرير ؟



بنصالح

تعليقات

  1. اين السرير ؟ ههههههه قريب نموت م الضحك , دعونا نشرب نخب افريقيا هههه و نغني " حنا زواليا خاطينا البوليتيك , بلادنا افريقيا اخطونا رانا انتيك " ههههههههههههههه نتنفس التيار الكهربائي المنقطع ( ربما هذه الظاهرة في بلادنا فقط هههه ) و نحلم بغرناطة , دعونا نحلم فهنا لن يطاردنا خيال " ........... و ........ او ........" هههههههههه
    تحياتي

    ردحذف
  2. في البداية أرجو المعذرة أخي / أختي ، لأني بترت البعض مما جاء في تعليقك ؛ لأني لا أحبذ الحديث في أمور سياسية.. نعم نرمز ، لكن أبدا علينا أن لا نسمي.. أتمنى أن تعجبك القصة وتعاود الزيارة .
    حياك الله

    ردحذف
  3. لا بأس احترم ذلك :)

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -