إنها لا تستحق كل هذا



يقال أن راعي غنم لمح يوما شابة فيها من الحسن و الجمال مالا يعرف له حدود.. أسرت وجدانه وعملت فيه عملتها ، فما كان منه سوى أن أحضر معه تلك الشابة الفاتنة الجمال عند والده وأخبره أنه ينوي الزواج منها بل عزم ذلك ولا شيء آخر يتنيه على عزمه .. صمت والده هنيهة شاردا يحملق في عظمة جمال تلك الشابة .. فقال لإبنه : يا بني أنا والدك الذي تعب في تربيتك وأنت طفل غرير، حتى اشتد عودك وصرت اﻵن رجالا ، لذا يا بني أنا الأحق بهذه الشابة لتكون زوجتي .
تخاصم الأب والإبن على من هو الأحق بزواج منها ، حتى واصلوا عند أعتاب القاضي ليفصل بينهما .. وبعد أن استعرض كل من الأب والإبن حججه على مسمعي القاضي.. فما كان من القاضي غير أن أصدر حكما سريعا لا تفكير ولا مشاورة فيه ، حيث قال لهما : أنت أيها السيد لا تستحق هذه الشابة ولا سليلك هذا ، فأنت بئيس لا جاه ولا مال لك ، وهذا ابن بئيس ورثى منك كل شيء  ، ولهاذا سأكون أنا لها زوجا وأنا الأحق بهذا الجمال حتى لا يندثر ويصير غابرا .. لم يستسغ الأب ولا الإبن الحكم فقام بنقضه في وجه القاضي بكل ما لهما من عناد ، ليقرر القاضي أن يجرهما إلى الوزير شاكيا إليه هذان البائسين الطامعين في عظمة البهاء الذي تحتكره تلك الشابة لنفسها .. صدهم الوزير جميعا معللا ذلك بأنه الأحق منهم لتكون الشابة من نصيبه  و ما كان ردهم غير رفض هذا وعدم القبول به ، فما لبثوا حتى وصل الخبر إلى قصر السلطان، فحضر المتخاصمون إلى بلاطه المقدس ! وقفوا جميعا تحت عرشه المهيب ، والنادمات والخدم يحيطون بجلسة السلطان.. وبعد أن ألقى كل واحد منهم ما في جعبته ، ناﺩَﻯ السلطان الشابة المعلومة إليه ، وتحسسها بعينيه وقال  : أعتقد أننا وصلنا إلى حل هذه المعضلة بقدومكم إلى مقامي.. فيمكنكم اﻵن الإنصراف مطمئنين لأن لا أحد منكم ستكون له هذه غير سيدكم جميعا ، وهو الأحق منكم ومن غيركم .. لم يكن لسلطان ما طلب به ، فالمتخاصمون رفضوا مغادرة البلاط ولم يقبلوا بكلام سيدهم هذه المرة ، وبدأو يتجدالون بينهم  عن من هذا الذي يحق له الفوز بالحسناء الباهية ، حتى نطقت الشابة أخيرا وقالت  : بهذا السبيل لن تصلوا إلى أي حل ، و لأني المعنية بكل هذا الخلاف، فأنا من سيقرر مصيري .. صمت الجميع ليسمع قرارها وكل منهم يقول في نفسه أنه لها لا محالة ، حتى عادت وأكملت حديثها : الآن عليكم أن تركضوا خلفي جميعا ، والذي سيقبض علي سأكون من نصيبه .. نسي السلطان عرشه ، وتجاهل الراعي عصاه ، ولم تعد هناك حكمة في يد القاضي ، والوزير تجرد من عمامته الموقرة ، الكل أطلق قدميه لريح  وراء الفاتنة الهاربة ، وبينما هم راكضون ورائها، بدأ سؤال ملح في أذهانهم عن هوية هذه الحسناء الفاتنة، التي سلبت منهم عقولهم وحيائهم وكل نبيل فيهم ؟ فبدأو بالصراخ قائلين لها : أخبرينا من تكونين .. التفتت الفاتنة إليهم وقالت : أنا اسمي دنيا    دنيا .


بنصالح

تعليقات

  1. عبد الزاق ايدر13 أغسطس 2018 في 9:54 م

    قصة معبرة اخي العزيز بنصالح
    انها الدنيا التي لا تستحق

    ردحذف
  2. طبعا يا أخي الدنيا لاتستحق .. ليت البشر يعرفون هذا
    شكر على الزيارة

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أغرب القصص في الإنترنت المظلم -1-

بوتفوناست (صاحب البقرة)