خُماشة
قصة قصيرة
ذات ليلة قمراء.. لا، فقد قالوا - رواة آخرون - لا قمر في سماءها.. في زمنٍ لا يُعرف، أهو سُحق الأزمنة، أو لم يحن بعدُ! عند قرية متوارية بين جبال فرعاء، قفر، لا شجر فيها لتؤرجحها الرياح، ولا سُبل تهدي إليها، ولا أنهار تسعى حولها.. اجتمعت نساء القرية على وليمة، بينهنّ الجميلة "خُماشة" زوجة الشاب "شبيستوش"، فيأكلنّ ما لذ من لحم بغالٍ صُنان، وأدرع هررّةٍ يافعة.. فتقرع كؤوس نصف مملوءة من دم الجراء، وتُسمع الضحكات من هنا وهناك، حتى كأن الحمير تشاركهن، فتنهق من بعيد.
بين جموع النساء اللاتي يُبدين ما يفيض من زينتهن، فيا أنوثة لكأنها تروي الأرض، وتدعو العزاب لجلب قطط الأرض مهرًا نفيسًا لذات زُرق الرموش وانبساط العيون؛ ظهرت امرأة لا تسكن في القرية وغريبة على أهلها.. فتتحاشى "خُماشة" النظر إليها، وإن سقط رمقها عليها؛ فتلقاها تُحدق إليها بنظرةٍ ترتعد لها فرائس "خُماشة"، التي استيأست من تبديد جزعها، وتصريف توجسها من تلك الغريبة.. غريبةٌ بحق، فلا تملك ذيلاً! وازداد خوف "خماشة" من تلك التي لا ذيل لها، حينما لا تنفك ترمقها حتى تطرق "خُماشة" لحالها، وهي تخشى ما تخشاه عند نهاية الاحتفال آخر الليل.
اقتربت "خُماشة" من إحدهن وأسرت في أذنها: "أرأيتِ تلك الغريبة القابعة هناك؟"
- ما بها ؟
- إني أخشى من نظراتها، حتى أن ذيلها لا يبدو لي، كأنها بلا ذيل!
- بل هي مثلنا ولا تزيد عنا يا "خُماشة".
- أُقسم بقرون مولانا أنها فاقدة للذيل، حتى محياها عجيب.
حتى آن الأوان ليتفرق ملتقى النساء المحتفلات، وتعود كل واحدة منهن إلى بيتها، وسيرًا على عُرف القبيلة، فقد بدأت النساء في دعوة الغريبة للمبيت عندهن، كل واحدة على حدة، والغريبة تردّ دعوة الواحدة تلو الأخرى، إلى أن جاءت "خماشة" لتكرر طلب من سبقها في دعوتها لقضاء ما تبقى من الليل في منزلها، وكلها رجاء أن تستمر الغريبة في الامتناع، إلا أنها لم ترد عرض "خماشة"، فقالت: "وعندك جئت يا "خُماشة".
بعد أن انقضى من الليل معظمه، عادت "خُماشة" إلى بيتها بمعية الضيفة الغريبة.. كانت "خُماشة" تسارع من خطواتها، حتى تتوه الغريبة عنها في الطريق، إلا أنها تلازم أثرها كالقدر المحتوم، إلى أن وصلتا معًا إلى المنزل، ورحب زوج "خُماشة" بالضيفة: "مرحبا بمن أتى به السبيل إلينا.. لقد غمر النور كهفنا"
انبهر الرجل بجمال الغريبة وتعجنت الكلمات فوق لسانه.. بينما زوجته تتراءى لها شرًا يتربص بها، وأطلعت زوجها عن الخشية منها، وكم تُجزعها رمقة منها.. ورد باستغراب مما تتفوه به خماشة: "إنها امرأة كمثلك وغيرك من نساء القبيلة"
- أبدًا لا.. أشعر أن نظراتها تنضح شرًا.
- ويحك يا امرأة.. أي شر في تلك العيون الجميلة؟!
في الصباح، سينتفض "شبيستوش" من فراشه على صرخات زوجته، التي تبدل لون محياها وجحظت عيناها، كأنهما قريبتان من مغادرة حجريهما، إلى أن ابيّضتا.. فتذكر "شبيستوش" وجود امرأة غريبة في المنزل، وهرع إلى الغرفة حيث تركها تنام، فلم يجدها هناك، لقد غادرت المكان، بينما زوجته "خماشة" تُواصل الصياح، فيحاول الشاب تهدئة روعها، وهو في ريبة مما حل بزوجته، التي انقلبت على يداه تنطق بكلام غريب، ولعاب فمهما عباب يتدفق، حتى نبرة صوتها ما عادت كما ألفها: "عمرررر اصطحب معك كيس الزُبل! واضرب زينب وهات بمروة...." تنطق بأحاجي لا يدري "شبيستوش" كنهها، فركض في لهثٍ إلى بيت مولى القرية "خزيزبران" وعند بابه، ينادي ملء حلقه حتى انطلق لسانه الطويل إلى الأعلى: ياااا مولانا "خزيزبران"
فأطل الخزيزبران من الشرفة وقد سبقته قرونه:
- ما أصابك يا "شبيستوش" توقظ علينا الإنس بعويلك؟
- أنجدني يا "خزيزبران" أنجد، فزوجتي "خُماشة" أظنها مسكونةً ببشريٍ!
جميلة جدا وتصوير عالم الجن مميز والنهاية غير متوقعة ففي الأخير انقلبت الاية وسكن الانس الجن هههه ولاحظت مؤخرا أنك تجيد هذا الصنف الأدبي الذي يتميز بالغموض والغرابة بعد أن أغدقت علينا بالأدب الإجتماعي الذي اعتدنا به قلمك وأيضا قرأت لك أدب السجون يبقى فقط أن نقرأ لك قصة رومانسية لو أحببت هههه
ردحذفربما اكتفيت بالأدب الواقعي أو الاجتماعي كما قلت.. وبدأت أكتب على هذا النوع الذي قرأته.
ردحذففيما يخص كتابة قصة رومانسية؛ فلا أدري في الحقيقة، قد أفعل، لكن لا تتوقع أن أُبهرك ^^
شكرا صديقنا الوفي على المرور.
خزيزبران وشبيستوش وخماشة أسماء جميلة هههههههه لقد أبدعت في هذه السطور القليلة وكنت أتمنى أن تطول القصة لكن لا بأس نقدر وقتك القليل رغم أنها عطلة الصيف هههه
ردحذفشادية ♡
أهلا بشادية..
ردحذفاممم معجبة بالأسماء؟ إذن يوم ترزقين بمولود، أخبريني حتى أطلق عليه اسما ^^
في الآونة الأخيرة لا أميل لكتابة القصص الطويلة.. أُفضل أن يشعر القارئ بأنه لم يشبع بعد من القصة على أن يقول في نفسه، أظن أن القصة عليها أن تنتهي هنا. وهذا لا يرجع للوقت، فلا أشتغل 24 ساعة في اليوم ^^ لكن الصيف والعطلة الموسمية لست معنيا بهما، عملي لا يتوقف صيفا ولا شتاء.
ههههههههههه لا لا متشكرين يا خويا من أسمائك إلا إذا كنت تريدني أن أتزوج من جني أو من خزيزبران ههههه
حذفأعانك الله في عملك وبانتظار جديدك
شادية ♡
وما به خزيزبران؟ مولى القرية ويملك قرونا.. يبدو ذا هيبة ههههه
حذفبارك الله فيك.
لا عليك فمن كتب تحت قناديل الشارع وأحلام وشموع لن يصعب عليه كتابة قصة رومانسية مبهرة تنتهي بالحلال هههههه
ردحذفأخشى أن تنتهي بأبغض الحلال.
ردحذف* للأسف هناك عدة تعليقات والردود عليها حُذفت من هذه القصة عن طريق خطأ تقني.. أعتذر لأصحابها.
ردحذف