دوار الشينوا .. مغاربة بملامح آسيوية



غرب المغرب، تحديدًا في سيدي يحيى الغرب، غير بعيد عن مدينة القنيطرة، توجد قرية صغيرة يقدر أهلها  ببضع آلاف نسمة، وملامحهم آسيوية، إلا أنهم مغاربة، وأُطلق على القرية "دوار الشينوا".

دوار، هو لفظ مغربي يُقصد به تجمع سكني قروي، بينما الشينوا، هو تحريف لكمة "تشينا" أي الصينيون.. ففي البادية المغربية، يُطلق "الشينوا" على كل من يحمل ملامح آسيوية.

فما قصة دوار الشينوا، وهؤلاء المغاربة ذو الملامح الآسيوية؟

هؤلاء مغاربة أبناء المغاربة !

هذا لا يكاد يُصدق، مغربي بوجهٍ آسيوي! لكن لا تستغرب، فأنت في المغرب.. وإن لم يكفيك مغربي بوجه أسيوي؛ فسآتي لك في المقال القادم، بطائفة أمريكية تضع طربوشًا مغربيًا وتحمل العلم المغربي، وتقدسه أكثر من العلم الأمريكي!

عام 1950، سيضطر مئات الجنود المغاربة للقتال إلى جانب فرنسا التي تحتل المغرب زمنذاك، في الحرب الهندوصينية، الكثير منهم انظم للجبهة الفيتنامية، ويوم وضعت الحرب أوزارها وهدأت المدافع، سيعود غالبية هؤلاء الجنود ليتبجحوا علينا ببطولاتهم المزعومة، إلا أنّ فئة منهم فضلوا البقاء هناك في فيتنام، بعد أن تزوجوا وأضحوا بأسرهم.. إلى بداية العقد السبعين، حيث طلب الجنود المغاربة في فيتنام من السفارة المغربية بالرجوع إلى بلدهم بمعية أسرهم، وكانوا ثمانين أسرة.. تدخلت الدولة المغربية وأرسلت طائرة عسكرية إلى فيتنام ستحط في عودتها في قاعدة القنيطرة الجوية، وعلى متنها الجنود المغاربة السابقين وزوجاتهم الفيتناميات وأولادهم.

بعد عودة هؤلاء المغاربة وأسرهم؛ ستبحث الدولة على كيفية تسوية وضعهم، فاقترحت عليهم، خياران، أن تسلم لهم الدولة وظائف في مدنهم الأصلية، أو تهب لهم أرض ينشؤون فيها قريتهم ويعيشون فيها كما يشتهون.. واستقروا على الخيار الثاني، وهكذا سُلِّموا أرضًا في قرب سيدي يحي الغرب، وشيدوا فيها منازلهم المستوحاة من قرى فيتنام، واشتغلوا في الزراعة وتجارة الخشب، المنتشرة في الغرب المغربي، وسرعان ما اندمجوا مع قرى الجوار، وأحبهم الناس وبادلوهم ذات الشعور، وكل من عاشرهم، شاهد لهم بدماثة الأخلاق والاجتهاد في العمل، وكبر أبنائهم وتزوجوا، وازداد عدد أهل القرية مع تعاقب السنين، وأُطلق عليها "دوار الشينوا" فقد حافظت القرية على ملامحها الآسيوية إلى اليوم، كأنها بوابة خارقة تلج منها إلى إحدى أرياف فيتنام.


في دوار الشينوا، مغاربة بملامح آسيوية، يتحدثون باللهجة المغربية، ولا شيء يربطهم بشرق آسيا عدا ملامحهم، فهم أبناء هذا الوطن الذي لم يبّح بكل أسراره بعد.
في السابق كانت حرف أهل دوار الشينوا لا تتجاوز الزراعة وتجارة الخشب؛ أما اليوم فقد تحسنت أوضاعهم المادية، وفتحوا مطاعم تُقدم المأكولات الآسيوية في المدن المغربية الكبرى، ونجح مشروعهم، ليرفعوا سقف نجاحهم، لتصل سلسلة مطاعمهم إلى باريس. هذه حكاية المغاربة ذو الملامح الآسيوية، في دوار الشينوا، أو كما يدعوها البعض، بالقرية الفيتنامية في المغرب.

تعليقات

  1. جميل جدا وفعلا انت في المغرب فلا تستغرب وبالمناسبة درس معي واحد من دوار الشينوا في المدرسة الوطنية العليا للمعادن في الرباط واسمه عبد العالي من اطيب خلق الله

    تحياتي أخي محمد

    ردحذف
  2. شكرا أخي رشيد على المشاركة معنا، ونتمنى لزميلك السابق في الدراسة كل التوفيق والسداد في حياته إن شاء الله.

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

ايسلي و تسليت .. أسطورة العشق الأمازيغية