لحظة شرود

قصة قصيرة جدًا

يشاهد أخبار الثامنة مساءً دون الالتفات ناحيّتي، ولا يُحدثني كما ألفتُ منه عن محتوى نشرة الأنباء. شاردٌ يبدو، ومثقل بأمر ما، ينظر إلى شاشة التلفاز، وبعد هنيهة، يطرق ببصره.. تساءلت ما بك أبّتي، عقلك تاه في دنيا أخرى، تاركًا جسدك معنا؟ ما أقرّ لي أكثر، هو أذان العشاء في حيّنا، الذي لم يُقابله أبي بخفظ صوت التلفاز كما اعتاد فعله! كأنه أطرش لا يسمع، وبحاجة لنّكزٍ يوقظه من ضلّله الغامض. بالنهاية تحرك من مكانه مُلقيًا نفسًا طويلاً، واستّدار بأنظاره إليّ متسائلاً: هل نادى المؤذن لصلاة العشاء؟

- أجل يا حاج، لقد رُفع الأذان، بينما كنت ترعى في مكان مجهول!

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. كيف حدث ولم أسمعه هذه المرة؟ (وترجّل من مكانه مغادرًا)

لم ألقَ له جوابًا، بل شعرت بإبرةٍ قد وخزت قلبي! فكرت في أعظم مخاوفي، أن أفقد أبي، أن يأتي يوم أنادي فيه على أبي، فلا مُجيب.. حينذاك، يُدرك فيه المرء، كم أن الحياة موحشة بلا أبٍ، ولا يتبق سوى نظرات تائهة تتساءل عن كيف الاستمرار؟ ثم سمعت من ينادي باسمي، إنه أبي، فأجابت: نعم آاا نعم.. أنا هنا.. حاضر حاضر.

- كم مرة ناديتك فيها، حتى كاد جُدُر البيت أن يردّ عليّ! أكنت ترعى بدلاً مني؟ تعالى لنصلي جماعة.

- أنا آتٍ يا أبي.

انتهت

تعليقات

  1. القصة جعلتني أشرد انا أيضا وتخيلت كم أن فراق الأحب هي أصعب لحظة في الحياة

    الصورة جميلة والقصة راقت لي كثيرا

    شادية

    ردحذف
  2. هي الحقيقة، فأقسى لحظات الدنيا، حينما يفرق الموت بين الأحبة، لكن يا سبحان الله، الإنسان مع مرور الوقت يتقبل الذي قضاه الله.

    أطال الله في عمر أحبتنا، ورحم موتانا.

    شكرًا شادية.

    ردحذف
  3. أظنك كتبت هذه القصة بمناسبة عيد الأب ؟ وهي قصة مؤثرة وتجعل كل من يقرأها يشرد لأنها تدور في فلك رجل لا يعوض وهو الأب
    في الحقيقة إن قصصك لا نشبع منها بسبب أسلوبك المميز في الكتابة لكنها أقصر من القصيرة ههههه أيها الرجل أكتب لنا قصص أطول وأطول لا تبخل على قراءك هكذا

    ردحذف
  4. بلى، فقد أحببت أن أكتب شيئًا عن الأب بمناسبة عيد الأب.. وهكذا كتبت هذا الشيء الذي قرأته ^^

    آسف حقًا لبخلي عليكم.. أرجو أن تتقبلوني كما أنا^^ ولا أنس أنك أكثر من عاتبني على قصصي المقتضبة.. حسنٌ، سأرى ما يمكن فعله.

    ردحذف
  5. عبد الرزاق ايدر24 يونيو 2021 في 1:47 م

    مؤثرة جدا ربما سانسخها واحتفظ بها بعد اذنك طبعا وبالمناسبة وجدت قصتك انغامي منشورة في منتدى غريب اسمه وحوش الفوركس ووضعوا اسفلها الكاتب بنصالح وهو عضو في المنتدى !!! فقط اردت ان انبهك ربما لا تعرف شيء عن ذلك

    ردحذف
  6. انسخها واحتفظ بها حلال طيبا.. أما عن موضوع هذا المنتدى الذي ذكرته، فلم أسجل فيه ولم أرسله إليه شيئا ولا أعرفه من الأساس، وما عدت حتى أرسل قصصا إلى المنتديات.. وهذه جديدة، جعلوا مني عضوًا وأنا (فدار غفلون) كما نقول بالدارجة ^^ عموما أشكرك على التنبيه، لكن ما باليد حيلة.

    ردحذف
  7. عبد الرزاق، أرجو أن تكون قد نسخت القصة، فقد قمت الآن بمنع النسخ في مواضيع المدونة.

    ردحذف
  8. عبد الرزاق ايدر29 يونيو 2021 في 10:07 م

    نعم قمت بالاحتفاظ بها عندي وأخيرا تقوم بمنع النسخ لقد قلت لك سابقا بان عليك فعل شيء لمنع سرقة مقالاتك

    ردحذف
  9. أين الجديد لقد بدأ غيابك يطول ! لعل المانع خير

    ردحذف
    الردود
    1. خير إن شاء الله، وأعتذر عن التأخر في الرد.

      شكرا على اهتمامك.

      حذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

تازمامارت .. أحياء في قبور !

بغلة القبور .. أسطورة الخيانة في حكايات الأمازيغ

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -