هذا الطويل هو الألف



سأعود وأقول أن هذا الطويل هو "الألف"، وأكرر "الحكاية" التي راويتها سابقًا، في مقال بعنوان يا سارقي - واستحملوني فضلاً -، حيث عرجت فيه عن كاتب يأخذ مني مقالات دون ذكر المصدر.. الجديد في الحاضر، هو موقع إخباري إلكتروني مغربي (معتمد)، وجدت فيه إحدى مقالاتي كما كتبتها  وقد نسبها أحدهم لنفسه.. راسلت إدارة الموقع، مع الدليل الدامغ على السرقة الأدبية، ومستنكرًا هذا الفعل الذي قام به كاتبهم ذاك.. بعد يوم فقط تلقيت الرد من إدارة التحرير، وقد كان إيجابيًا: اعتذار عن السهو في نشر مقال منقول دون ترخيص، ثم إزالته نهائيا. ارتحت لذلك، وقد تهيأت لنسيان الموضوع بانتظار استنكار آخر مُحتمل في القادم.. إلا أن الموضوع لم ينتهِ، ففي الصباح الموالي وجدت أزيد من ثلاثة آلاف زيارة وهمية أحصتها هذه المدونة المشؤومة!.. فهمت ما فمهت، ورحت ألعن هذا الشغف الذي أحمله، حتى أني فكرت جديًا بالتوقف عن كتابة المقالات الثقافية، وبينما كنت أتأمل شاشة حاسوبي أُفكر في كل هذا وأسند خدي على يدي؛ تذكرت واقعة تعود لقرابة العام ونصف، حيث راسلني أحدهم على البريد يطلب نقل جزء من أحد مقالاتي القصيرة.. وافقت بكل سرور، ثم جذبني فضولي للبحث عن هذا الشخص النبيل ذو الأخلاق الأدبية، لأجده صحفي وكاتب مغربي مرموق يُدعى نوفل الشرقاوي، وهو صحفي معتمد في إحدى كبرى الجرائد البريطانية: "الإندبندنت"، في نسختها العربية، وهناك نشر موضوعه حول أسطورة أمازيغية معروفة تُدعى "إيسلي وتسليت"، وفيه فقرات كانت بقلمي، وقد ذكر المصدر، وقبله الإذن حتى.. وعلى قداسة النص أُحدثكم، ولو كان نقل بضع أسطر فقط. طويت حاسوبي الصغير وقد تذكرت عبارة قالها لي زميل مصري في العمل: "بقدر ما في ناس وحشين؛ في ناس حلوين".. وفي قصة العنوان، "هذا الطويل هو الألف"، الذي قد يبدو غريبًا، فهو يحمل ذكرى "المسيد" حيث كنت أدرس قبل الالتحاق بالمدرسة؛ فأنا ابن قرية لم يحظ بالتعلم في روض الأطفال.. وعند المسيد، أو (الكُتّاب) يعلمنا الفقيه الحروف الأبجدية، وأسهل الحروف هي الألف؛ منتصب ورأسه إلى الأعلى، فبدا سهل تذكره.. يقول الفقيه: "هذا الطويل هو الألف، تذكروه، إنه طويل". بينما ينقر عليه بعصا حيث باسق في مقدمة باقي الحروف، وهم جميعًا مدونين في نصف سبورة خشبية سوداء عتيقة، لم يعاصرها مواليد هذا القرن.. تمر الأيام فلا يتذكر الكسالى سوى الألف، لأنه طويل على إخوته ومحترم على ما يبدو، فيصرخ الفقيه عليهم قائلا: "ألن تتعلموا حُروفًا جديدة؟، إلى متى ستظلون عند هذا الطويل هو الألف؟!".

لقراءة مقال الكاتب والصحفي نوفل الشرقاوي، عن أسطورة إيسلي وتسليت، في صحيفة الإندبندنت، يرجى الضغط هنا،

تعليقات

  1. في الأخير أنا لا أُقدم سوى محاولات هاوية في الكاتبة، ولا أدعي بأني كاتبًا محترفًا، والذي يجعلني أكتب عن الموضوع مرة أخرى، وقد أفعل كذلك مستقبلا؛ هو أنه يحز في نفسي لا أكثر.

    ردحذف
  2. أخي محمد كتاباتك رائعة أسلوبا وكلمات وتقديم المعلومة لهذا ستتعرض للسرقة الأدبية دائما ... لكن تق أن حقك ومجهودك لن يضيع واستمر كما بدأت ... على كل حال أعجبني موقف ذلك الصحافي المحترم وقد قرأت مقاله حول الأسطورة التي ذكرتها ، ما شاء الله عليه ... وأعجبني أيضا العنوان وقصته ^_^

    ردحذف
  3. أشكرك جزيل الشكر أخي العزيز على حسن متابعتك، وشهادتك تشريف وتكليف لي، على أمل أن أبقى عند حسن ظنك.

    ردحذف
  4. قرأت كثيرا للصحفي المرموق نوفل الشرقاوي ذي الأسلوب السلس و الشيق و أستنكر ما جاء على لسانك من تهم و تجريح فاق حدود اللياقة و عرفت حقا أن المقولة المغربية < خوك فالحرفة عدوك> تنطبق تماما عليك...
    و أذكر القراء الأعزاء أيضا بقوله تعالى:< يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا> . ذلك أنه من الواجب اتقصي و البحث قبل إصدار الأحكام الجاهزة على الأشخاص...

    ردحذف
    الردود
    1. يقولون في التأني السلامة وفي العجالة الندامة.. أنا لم أتهم أبدا الأخ نوفل الشرقاوي، بل أتنيت عليه وعلى أخلاقه المهنية، فراجع واقرأ المقال جيدا - إذا كنت تفهم اللغة العربية أساسا، ولا أظن ذلك - قبل أن تصدر الأحكام وتجرح الناس، فأقول لك يا إنسان ما قال الله تعالى "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" صدق الله العظيم.

      حذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

بوتفوناست (صاحب البقرة)

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أغرب القصص في الإنترنت المظلم -1-