روبرت ريبلي .. باحث أو مخادع ؟
في عام 2009 كنت أتابع برنامجا في إحدى القنوات العربية، بعنوان "صدق أو لا تصدق".. وكان البرنامج يعرض غرائب وعجائب في العالم جمعها أحدهم يدعى روبرت ريبلي.. كم كنت أعز ذلك البرنامج، وذلك لولعي الشديد بكل ما هو غريب وعصي عن التفسير.. واليوم قد تذكرت صديقي القديم الذي جمع كل تلك الغرائب : روبرت ريبلي. الملقب بأكبر كذاب في العالم ! أجل هذا ما جناه بغرائبه، لقب فج أليس كذلك ؟
روبرت ريبلي، مكتشف أمريكي ولد عام 1893.. في شبابه كان رسام كاريكاتير في عدة صحف، لكن رسوماته لم تلق الرواج المطلوب، فقرر ترك الرسم، ثم احترف رياضة البيسبول، إلا أن سوء الحظ لحق به كذلك في احترافه الرياضي، فكسرت يده، حينها عاد لمهنته السابقة في رسم الكاريكاتير وعرضه على الصحف، حتى يئس بطلنا من هذه الحرفة، فجلس يختلي بنفسه ذات ليلة من عام 1918 وهو يرسم ويمزق ويعاود الرسم ثم يمزقه وهكذا، حتى استقر على رسم رياضي غريب، فبدا له أفضل من تلك الرسومات الكاريكاتيرية.. فكر في العنوان المناسب لذلك الشكل الرياضي الغريب الذي انبثق من مخيلته، ليستقر على عنوان "صدق أو لا تصدق" هذه العبارة سترتبط به مدى حياته بل وبعد مماته.
في الغد هرع صديقنا روبرت إلى إحدى الصحف التي نشرت له سابقا، وعرض عليها رسمته الغريبة واقترح عنونتها بـ "صدق أولا تصدق" وهنا انطلق عهد جديد في حياة ريبلي بعدما استحسنت صحف أخرى فكرته وبدأت تنشر له زاوية خاصة بعنوان "صدق أو لا تصدق".. شحذ ريبلي مخيلته أكثر فضاعف من نتاج رسوماته الرياضية الغريبة، وكان يرفق معها تعليقا بسيطا؛ فحققت زاوية "صدق أو لا تصدق" في الصحف نجاحا باهرا كونها أتت بالجديد، لكن النجاح لم يدم طويلا، وبدأ يتلاشى الإهتمام برسومات ريبلي رويدا رويدا، وبعد مرور عشر سنوات فقدت زاوية "صدق أولا تصدق" في الصحف بريقها بالكامل، فلم تعد تأت بالجديد وبدأ الناس يشعرون بالملل منها.. فكر ريبلي بأن يفتح آفاق جديدة في عجائبه، ويضخ دماء جديد في هذه الزاوية.
صدق أو لا تصدق إن البطل الأمريكي الشهير تشارلز ﻟﻨﺪﺑﺮﻍ لم يكن أول من عبر المحيط الأطلسي !
قرر روبرت ريبلي افتتاح مؤسسة ثقافية تحمل اسم "صدق أو لا تصدق"، ويعرض فيها أخباره الغريبة، ثم صار له مراسلون حول العالم، يرسلون إليه غرائب متنوعة سمعوا عنها أو صدفتهم في حياتهم.. وكانت الرسائل التي تصل إلى بريده تعد بالملايين سنويا، لكن فريق آخر اعتبر ريبلي ناشر أكاذيب ومحتال كبير يحتال على العقول، ومن هنا انطلق لقبه الشهير "أكبر كذاب في العالم" بحيث بدأ مكتب البريد يستقبل آلاف الرسائل تحمل العنوان التالي : "إلى أكبر كذاب في العالم". وكان مكتب البريد يحولها تلقائيا إلى عنوان روبريت ريبيلي ! كونه الملقب بهذا الوسم الفج؛ إلا أنه لم يكترث لمعارضيه واعتبرهم أعداء النجاح، ومضى صديقنا في سبيله يجمع الأخبار الغريبة، حتى تحول إلى موسوعة غرائب لم يسبق لها مثيلا في التاريخ، وبات متحفه يزخر بغرائب العالم التي جمعها في عشرين سنة، حتى توفي في أيار 1949 بسبب سكتة قلبية.
وإليكم بعض أخبار ريبلي الغريبة : "صدق أولا تصدق أن الملك لويس الرابع عشر لم يستحم في حياته !.. صدق أو لا تصدق أن البصل يعتبره الرمان حلوى !.. صدق أو لا تصدق أن بحيرة أثرسلين في ألمانيا اختفت في عام 1870 وظهرت من جديد عام 1936!"
ادعى كذلك روبرت ريبلي أن سور صين العظيم يمكن رؤيته من الفضاء، وكان يصر على ذلك، لكن وبعد وفاته بسنوات؛ نفى رواد الفضاء امكانية حدوث ذلك، وبالتجربة.
أخيرا، صدق أولا تصدق أن ريبلي صاحب أكبر متحف للغرائب في العالم؛ لم يدخله سوى ثلاث مرات في حياته !.
إقرأ كذلك :
- عرافة البلقان .. العمياء التي ترى ما لا يرى !
محمد
تعليقات
إرسال تعليق