أشهر جنية مغربية .. عيشة قنديشة

تغيرت الأزمان ، ورحل من رحل وأتى من أتى ، إلا أن المدعوة عيشة قنديشة مازالت كما تناقتها الألسنة مند زمن ليس بقريب .. جنية تظهر في الأماكن المهجورة وفي الطرقات وأماكن أخرى إستعمرها هذا اللقب طويلا ومازال .. والسؤال يطرح نفسه ، من هي هذه القنديشة وما حقيقتها ؟

لا تكاد تجد أي مغربي لم يسمع بي عيشة قنديشة ، بل بمجرد إستفسارك عن هذا اللقب ، ستجد قصصا متنوعة مرتبطة ببطلتنا ، وكلها تدور في فلك الرعب .. هذه الأسطورة هي من أشهر ما يجود به الفلكلور المغربي ، حيث يعرف عند عامة الناس وبالأخص في المناطق النائية أن عيشة قنديشة جنية بهيأة إمرأة حسناء أو عجوز شمطاء ، تتجول في الطرقات وفي الأمكان المهجورة ، وكل من يقوده حظه العاثر إليها فسيلقى مصيرا قد لا تحمد عقباه ، مثلا : قد تمزق هذه الجنية أي رجل يقع في شباكها بعد إغوائه للممارسة الجنس معها ، إن لم يترزن ويفطن أن الحسناء التي أمامه ليست من البشر . ويعتقد البعض أن نقطة ضعف عيشة قنديشة هي خوفها من النار ، أي عندما توقذ النار أمامها ستختفي في الحين .. ويتصورها آخرون بالمنظور التقليدي المتعارف عليه في الشرق ، وهي أن أرجلها تعود للحيوان ، مثل حوافر البغال أو المعز وغيره ، وفي بعض المناطق المغربية تنتشر إشاعة عن السيدة عيشة أنها تعمل على فراق الأزواج عن بعضهم .. وقد تظهر بين عامة الناس في المحافل والمنسابات على أنها سيدة عادية لا تثير أي شكوك، إلا أنها تخطط في صمت لمهمتها القادمة التي لا تخلو من شرور ، بل هي الشر بعينه .. وبعيدا عن المعتقد والشائع عن هذه الشخصية ، فإن بعض المؤرخين يدهبون بعيدا على أن شخصية عيشة قنديشة حقيقية وليست جنية أو مسخ ملعون ، حيث عاشت في القرن الخامس عشر وكانت تساعد الجنود المغاربة لمحاربة البرتغاليين الذين أطلقو عليها "عائشة الكونتيسة " التي تعني" الأميرة عائشة" بعد موت زوجها وأهلها على يد البرتغاليين قررت عائشة أن تدخل في حرب مع الغزاة لتنتقم لأهلها ، و سخرت ذكائها ومكرها وشجاعتها في سبيل النيل من البرتغاليين ومد يد العون للجنود المغاربة ، وكان من بين مهامها إغواء أحد الجنود البرتغاليين واصتحابه إلى الغابة لممارسة الجنس وهناك تقتله بنفسها أو بمساعدة أحدهم ، إضافة إلى تقديم كل ما تستطيع فعله في سبيل مساعدة الجنود المغاربة ، حتى أثارت إعجاب البرتغاليبن لشجاعتها وصمودها حتى ظنوا أنها ليست من البشر ، بل جنية في هيأت إمرأة ، وبقي هذا المعتقد خالدا إلى اليوم .. إلا أن هناك الكثيرين ممن ينقض هذه الرواية معللا أن لا علاقة بين الجنية والمجاهدة سوى تشابه الأسماء ، أو محاولة تفسير اللامنطق
وفي رأيي الشخصي ، لا وجود في الواقع لجنية بإسم عيشة قنديشة كما طرحتها ألسنة المغاربة منذ أزمنة ولت ، إلا أنها تندرج في خانة الأسطورة الشعبية على غرار باقي شعوب العالم ، حيث تجد في كل فلكلور أسطورة مشابهة لي عيشة قنديشة بل تكاد تنطبق معها في بعض الأحيان . وقد يسأل سائل عن سبب انتشار عيشة قنديشة بهذا الزخم على أنها جنية تفتعل الشر ، هل كل هذا ماهو إلا ضرب من الخيال ؟  وهنا نعود إلى المنطق والواقع الملموس ، لنجد أن الكثيرين يحاولون ربط كل ماهو غريب بشخصية واحدة لإعطائه تفسيرا منطقي أو لإقتناعهم بوجود شخصية من هذا القبيل ، وهذا راجع بالأساس إلى البيئة المعيشية وانتشار الأمية ، وقد يكون أيضا البعد عن الدين أو عدم إستعابه جيدا أحد الأسباب ، فالإسلام لم يذكر أن الجن يملك السلطة على الإنس حتى يتلاعب به إلى هذه الدرجة  والله أعلم .



محمد بن صالح

تعليقات

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

بوتفوناست (صاحب البقرة)

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -