عبد القادر آيت سيدي .. صانع كؤوس العالم



في عام 1930، سيتوّجه المحامي الفرنسي جول ريميه إلى مونتيفيديو، عاصمة الأوروغواي، حاملاً في حقيبته كأس النصر، باسمها القديم، أو كأس العالم كما نعرفها اليوم، وهناك أُعلن عن ركن عظيم للرياضة ينتظره العالم كل أربع سنوات، كأس العالم لكرة القدم.. جول ريميه، هو رئيس الفيفا الثالث وصاحب تنفيذ فكرة إقامة كأس العالم لكرة القدم، التي تعود لعام 1904 بعد اجتماع سبع دول أوروبية، إلا أن ظروف الكوكب لم تسمح لميلاد مسابقة كروية يشارك فيها العالم، حتى زمن المحامي الفرنسي ريميه، الذي أحيا الفكرة القديمة ودافع عنها إلا أن تحققت في الأوروغواي عام 1930.. إنما جول ريميه وأصدقائه سيصطدمون بعد الدورة الثالثة عام 1938 بمآسي الكوكب، الذي اشتعل في الحرب العالمية الثانية، ليتم إلغاء دورتين، 1940 و 1944 وتعود كأس العالم 1950، وستستمر إلى يومنا هذا، وهو أكبر حدث في العالم يُنظم كل أربع سنوات.

كأس جول ريميه

 في عام 1970 ستفوز البرازيل بكاس العالم للمرة الثالثة، وبحسب القانون المنصوص زمنذاك، فيحق لها الاحتفاظ بمجسم كأس العالم أو كأس جول ريميه إلى الأبد، وقد سُميّ بهذا الاسم تكريما للرئيس الفيفا السابق على إحيائه لفكرة كأس العالم وتنفيذها.. وبداية من دورة 1974 في ألمانيا، ستعتمد الفيفا مجسم جديد لكأس العالم، وقد نحته الفنان الإيطالي سيلفيو غازانيغا عام 1971، ويزن أزيد من 6 كيلو غرامات، منها 5 من الذهب الخالص،  وارتفاعه 36 سنتيمتر، ويبلغ قطر القاعدة التي يرتكز عليها 13 سم، كُتب عليها "كأس العالم فيفا" كما يظهر مجسم كأس العالم، على شكل رجليْن يحملان الكرة الأرضية، رافعان أيديّها إشارةً باحتفال.


تاريخ قارتنا في كأس العالم يبدو متواضعًا، فأقصى إنجاز لمنتخب إفريقي، هو ربع نهائي، بينما بلدنا المغرب شارك خمسة مرات، والمرة السادسة ستكون في الدورة القادمة في قطر، وأول مشاركة للمغاربة تعود إلى كأس العالم 1970 في المكسيك، بينما أفضل إنجاز لأسود الأطلس، هو بلوغ ثمن نهائي دورة 1986.. تلك نبذة عن المونديال، والمجسم الشهير، الذي تحلم به أمم الكرة، ولا يحق لأي كان لمس تحفة غازانيغا، فلا يمسها إلى الفائزون، ثم يعود بسرعة في صندوق زجاجي إلى محرابه في مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم في عاصمة سويسرا، زيوريخ، بينما يتم تسليم نسخة طبق الأصل للمنتخبات الفائزة حتى تحتفظ بها، ولهذا نستنتج أن لا وجود لأي إفريقي لمس كأس العالم، فقط يلتقطون معها الصور، ثم يرحلون.. إلا واحد منهم، ويُعد أكثر شخص  لمس كأس العالم على الإطلاق، إنه المغربي عبد القادر آيت سيدي.


وُلد عبد القادر آيت سيدي عام 1964 بمدينة ورزازات، وفي عمر 26 عامًا سيقرر الهجرة إلى إيطاليا، تحديدًا عام 1990 ويستقر في مدينة ميلانو، هناك ستقوده أقداره السعيدة للانضمام للشركة العملاقة Gde Bertoni ضواحي ميلانو، التي فازت بمسابقة دولية لتصنيع كأس العالم عام 1971 وهي مختصة اليوم في صناعة كؤوس ومداليات أكبر التظاهرات الرياضية في العالم، أبرزها كأس العالم، ودوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى المداليات الأولمبية.. كما تُعد شركة Gde Bertoni هي المُخولة من الفيفا للترميم والاعتناء بالنسخة الأصلية لكأس العالم، وكذلك لأحقيتها بذلك، فكأس العالم خرج من مصنعها. 


سيقضي عبد القادر عشر سنوات يعمل بجد في شركة Gde Bertoni ونال إعجاب مدراءه، الذين قرروا ترقية  الرجل في عام 2000 ليتحول إلى مصنع نحت كؤوس العالم، ليكون هو المسؤول الأول في الفريق الذي سينحت نسخة طبق الأصل  لكأس العالم 2002 التي سيحتفظ بها الفائز بمونديال كوريا واليابان، وبذلك تكون أول نسخة تمر على أنامل عبد القادر آيت سيدي، وتأتي بعدها خمس نسخ أخرى لكؤوس العالم، 2006, 2010, 2014, 2018 وأخيرًا نسخة كأس العالم القادم قطر 2022.

عبد القادر آيت سيدي يصنع كذلك مجسمي دوري أبطال أوروبا وكأس أوروبا ليغ

عبد القادر آيت سيدي، هو المسؤول داخل شركة Gde Bertoni بالاعتناء بالنسخة الأصلية لكأس العالم مما يلحقها من تابعات الدهر، ليعيد طلائها بالذهب الخالص، ويهتم بالمجسم الشهير كما لو كان رضيعًا، حتى يخرج للناس براقًا، ثم يحمله الأبطال لمدة من الزمن، ليعود إلى محرابه مرة أخرى بانتظار بطل جديد.. تلك قصة المغربي عبد القادر آيت سيدي مع مجسمات المونديال التي يحتفظ بها أبطال العالم، وكذلك حكايته مع كأس العالم الأصلية، لينظم عبد القادر لمغاربة آخرون تركوا لمستهم في المونديال، مثل الحكم المغربي سعيد بلقولة، الذي أدار نهائي كأس العالم 1998. 


تعليقات

  1. عبد الرزاق ايدر1 أكتوبر 2022 في 10:15 م

    ازوول

    مقال جميل ودسم بالمعلومات صدقني رغم متابعتي لكرة القدم فهذه اول مرة أعرف اسم من صمم كاس العالم واين صمم وكيف تحتفظ المنتخبات بكاس العالم وان حكم مغربي حكم نهائي كأس عالم وايضا ومعلومات اخرى كنت اجهلها شعرت بنفسي جاهل بالكرة هههههه اما عبد القادر فمحظوظ جدا لانه يقوم بعمل لا يقوم به ايا كان وهكذا يكون النجاح برااافو له وبالمناسبة المغاربة تجدهم في كل مكان في هذا الكوكب وفي كل المجالات

    تحياتي اخي محمد

    ردحذف
  2. أزووول..
    عودة حميدة.. لقد اشتقنا لتعليقاتك.

    وها نحن قد أضفنا لمعلوماتك.. وللأمانة، الجهل بمعلومات عن كرة القدم لا يُعيب المرء في شيء.. فَكُرة القدم ليست من الأولوِيات في الحياة، هي مجرد لعبة رياضية في الأخير، والمعرفة يجب أن نسعى إليها فيما يفيدنا في الحياة، وليس ما يُسّلينا.

    أُسعدتُ بعودتك أخي عبد الرزاق.

    ثانميرت.

    ردحذف
  3. عبد الرزاق ايدر2 أكتوبر 2022 في 12:00 م

    ازور المدونة بين الفينة واخرى ولكن اتقاعس عن التعليق ههههه حتى قرات لقب امازيغي في العنوان (ايت سيدي) قلت مع نفسي لا بد من المشاركة واوافقك الراي بخصوص كرة القدم فعلا لا يجب ان نعطيها اكثر مما تستحق وعن نفسي اشاهد المباريات فقط في اوقات الفراغ

    ايوووز نك.

    ردحذف
  4. الأهم أنك بخير أخي عبد الرزاق.. وفي الحقيقة فكرت بما ذكرته، وهو أن الموضوع يحوم عليه جو أمازيغي، بداية باللفظ "آيْت" ثم مدينة ورزازات ، ولهذا دفع صديق مدونتنا القديم للرد والمشاركة ^^

    أكِحفظ ربي.

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

بوتفوناست (صاحب البقرة)

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

ايسلي و تسليت .. أسطورة العشق الأمازيغية