على ضفاف الجنون !




ﻓﻲ ﻛﻮﺥ ﺗﻔﻮﺡ ﻣﻨﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔ الجرﺬان ، ﺳﺄﻗﻀﻲ ﻟﻴﻠﺘﻲ ﺟﻨﺐ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻋﺘﻴﻘﺔ ، ﻟﻴﻠﺔ ﻳﻐﺴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺃﺑﻰ ﺃﻥ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﺧﻴﻮﻃﻪ ﺍﻟﻤﻨﺴﺪﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﺍﺧﺘﺮﻕ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﻜﻮﺥ ﻟﺘﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺳﻨﺎ ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﺕ.. ﺃﺣﻀﺮ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺭﺷﻴﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻄﻮﻝ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻗﺎﻋﻬﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻴﻘﺎﺑﻞ ﺑﻬﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﺕ
ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ.. ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺇﺫﻥ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺗﺎﺑﺔ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ ؟! ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺻﻤﺖ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﻟﻢ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﻟﺒﻘﺒﻘﺔ ! ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ.. ﻭﻛﺄﻥ ﺳﻤﺎﺀ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﻛﻮخنا.. ﻧﺎﻡ ﺭﺷﻴﺪ ﻭﺃﺛﺎﺭ ﺑﻐﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺮ ﻗﺪﻭﻡ ﻧﻮﻣﻪ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻧﺘﻈﺮ ﻧﻌﺎﺳﻲ ﻟﻴﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺟﻮﺍﺩ ﺃﻏﺒﺮ ﻟﻴﺤﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﻳﻨﺘﺸﻠﻨﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺂﺑﺔ .
ﻟﻘﺪ ﺃﺟﻠﻨﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻟﻴﻠﺔ ﻏﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻫﻄﻮﻝ ﺍﻷﻣﻄﺎﺭ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺣﺘﻢ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻗﻀﺎﺀ ﻟﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﺥ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺑﻪ ﻟﻜﻞ ﻋﺎﺑﺮ .
ﺭﺷﻴﺪ ﺻﺎﺭ ﻳﺸﺨﺮ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﻪ ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﻓﻤﻪ ﻣﺜﻞ ﻗﻄﺎﺭ ﻗﺎﺩﻡ ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻮﺅﻭﻩ ﺍﻟﻮﺣﺸﻲ ﻋﻦ ﺇﻗﻼﻋﻪ .. ﺗﺒﺪﻭ ﻟﻴﻠﺔ ﻗﺎﺗﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺍﺩﻫﺎ ، ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻫﺪﺃ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﺟﻦ ﺍﻟﺰﻣﻬﺮﻳﺮ ، ﺛﻢ ﻣﺎ ﻟﺒﺚ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻳﺼﻔﻊ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻼ ﺭﺣﻤﺔ ﻣﻤﺰﻭﺝ ﺑﻌﻮﻳﻞ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ : ﺃﺧﺸﻰ ﺃﻥ ﻳﺤﻠﻖ ﺍﻟﻜﻮﺥ ﻟﻴﺨﻠﻔﻨﺎ ﻭﺭﺍﺋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﺀ .. ﻧﻈﺮﺕ ﻣﻦ ﺷﺒﻪ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺗﻌﻠﻮ ﺍﻟﻜﻮﺥ ﻓـ ﻫﻠﻨﻲ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ! : ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺗﺘﺮﺍﻗﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﻗﻮﺩﻫﺎ .. ﺃﻏﻠﻘﺖ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﻣﺬﻋﻮﺭﺍ ﻋﺎﺋﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﺍﻟﻠﺰﺝ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﻋﻴﻨﺎﻱ ، ﻧﻴﺮﺍﻥ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻄﺮ !
ﺭﺷﻴﺪ ﻳﺘﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﺑﺄﻧﻔﺎﺱ ﻣﺨﻨﻮﻗﺔ ﺗﺼﺎﺭﻉ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﺘﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺟﺴﺪﻩ ، ﻟﻘﺪ ﺯﺍﺩ ﺗﻮﺗﺮﻱ ﺑﺸﺨﻴﺮﻩ .. ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﻹﻟﻘﺎﺀ ﻧﻈﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻷتأكد ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ : ﻓﺼﺪﺗﻨﻲ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ! ﻓﻼ ﺁﺛﺮ ﻟﻨﺴﻤﺔ ﺿﻴﺎﺀ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺎﻫﻴﻞ ﺍﻟﻈﻼﻡ
ﺃﻳﻦ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺇﺫﻥ ؟! ﻫﻞ ﺟﻨﻨﺖ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﺫﻟﻚ ؟
ﺣﻞ ﺻﻤﺖ ﻗﺎﺗﻞ ، ﻓﺄدﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﻧﺲ ﻭﺣﺸﺘﻲ ، ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻻﺫﺍ ﺑﺎﻟﻬﺪﻭﺀ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻫﻮﺟﺎﺀ .. ﺣﺘﻰ ﺻﻔﻴﺮ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﺗﻼﺷﻰ ، ﻭ ﺃﺻﺒﺢ ﻛﻮﺧﻨﺎ ﻏﺎﺭﻗﺎ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻛﺄﻥ ﻳﺪ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﺍﻧﺸﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻟﺘﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﻭﺟﻮﺩ
ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﺑﺮﺃﺱ ﺛﻘﻴﻞ ﺷﺎﺗﻤﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺖ ﺑﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺮﻑ ﺍﻟﻬﺎﺭ .. ﻓﻜﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺇﺫﺍ ﻧﺠﺤﻨﺎ ، ﻓﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺫﺍﻙ ﻳﻬﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻣﻄﺮﻭﺣﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﻛﻮﺥ ﻣﺪﺳﻮﺱ ﻓﻲ ﻓﻲ ﺃﺣﺸﺎﺀ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻰ، ﺑﻞ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻌﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻲ !

***

ﻛﻨﺰ ﻣﺪﻓﻮﻥ ﺟﻨﺐ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻋﺘﻴﻘﺔ ، ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺟﻪ ﻟﻴﺮﺛﻮﺍ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻔﻪ ﺳﺎﺑﻘﻬﻢ ، ﻭتكاثرت ﺍﻷﻗﺎﻭﻳﻞ ﻋﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺟﻦ ﺗﺤﺮﺱ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﺑﻨﻮﺍﺟﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻘﺖ ﺑﺎﻟﻤﻨﻘﺒﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﻳﻼﺕ .. ﺇﻻ ﺍﻥ ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻧﺎ ﻭﺭﺷﻴﺪ ﺃﻥ ﻧﺮﻣﻲ  ﺑـ ﺷﺒﺎﻙ ﺣﻈﻨﺎ ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺪﻓﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ﻳﻄﺮﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﺩﻫﻠﻴﺰ ﺍﻟﺒﻮﺱ ﻟﻴﻄﺮﺡ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﺍﺋﻖ ﺍﻟﺮﺛﺎﺀ .. ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻴﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻗﺪ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺇﺳﺘﺸﺮﻧﺎ ﺷﻴﺨﺎ ﻳﺼﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﻴﻬﺎ ﺑـ ﻋﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﻜﻨﻮﺯ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﺣﻠﻮﻝ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺑﺪﺭﺍ : ﺁﻧﺌﺬ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻤﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻷﻥ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻗﻞ ﺑﺌﺴﺎ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻘﺮاﺀﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺪﺍﺕ ﻭﻧﺜﺮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺭﻭﺍﻕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ، ﻟﻜﻦ ﺇﻳﺎﻛﻤﺎ ﻭﺗﻔﺤﺼﻬﺎ ﻭﺇﻻ.. ؟ ﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ! ﻭﻓﻲ ﺍﻻﺧﻴﺮ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﺪﻳﻜﻤﺎ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﻘيﻤﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻭﻻ ﺗﻔﻜﺮﻭ ﺣﺘﻰ ﺑﻬﺪﻡ ﺍﻟﻌﻬﺪ ، ﻭﺇﻻ.. ؟ ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﻻ ﺃﻗﻮﻝ ..! ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻑ ﻭﺃﺧﺮ ﺁﻣﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻨﻴﻞ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﻭﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ ﻫﻮ ﺑﻜﺎﺀ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺑﺠﻨﻮﻥ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻤﺮ ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﺄﺧﺮ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻳﻮﻡ ﺁﺧﺮ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻏﺬﺍ ﺳﻴﺘﻘﻠﺺ عرضه ولو بالقليل  ؛ ﻭﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺍﻑ ﻳﻮﺻﻲ ﻭﻳﻌﺎﻭﺩ ﺑﺎﻟﻠﻴﻠﺔ ﺇﻛﺘﻤﺎﻝ ﻣﺪﺍﺩﻩ ، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﺘﺨﺎﻟﻔﻪ ﻗﺴﺮﺍ ﻭﻟﻮ ﺑـ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺇﻻ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺳﻨﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺘﻲ ﻳﺘﺼﺎﺩﻑ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻣﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﺰ ﺻﻘﻴﻊ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻥ .

***

ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ.. ! ﺍﻟﺮﺗﺎﺑﺔ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ ﺗﻌﺎﻭﺩ ﻛﺮﺗﻬﺎ ، ﺇﻧﻲ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﺎﻡ ﻓﻲ ﻣﺮﻣﻰ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﺟﺎﻫﻠﺔ ﺃﻫﻮﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﺕ ﺗﺒﻘﺒﻖ ﻭﺗدﻋﻮﻧﻲ ﻟﻠﺠﻨﻮﻥ .. ﺭﺷﻴﺪ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺷﺨﺸﺮﺗﻪ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺑﺊ ﺑﻤﺎ ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﺂﺑﺔ ﻭﺟﻮ ﻏﺮﻳﺐ في ليلة ليست كأيتها ليلة.. ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻤﺤﺘﻬﺎ ﻋﻴﻨﻲ ﺗﺘﺮﺍﻗﺺ ﺗﺤﺖ ﺍﻷﻣﻄﺎﺭ ﺗﺄﺑﻰ ﺃﻥ ﺗﻔﺎﺭﻕ ﺗﻔﻜﺮﻱ ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻭﺍﻫﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺃﻧﺎ مدﺭﻙ ﺃﺷﺪ ﺍﻹدﺭﺍﻙ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﺣﻮﻟﻲ ، حاوﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﻣﺤﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻣﻦ ﺗﻔﻜﻴﺮﻱ ، ﻓﻼ ﺣﻞ ﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﻃﺮﺩﻩ ﺑﻌﻴﺪﺍ .
ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﺕ ﻛﻔﺖ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﺧﻴﺮﺍ ، ﺍﻵﻥ ﺳﺄﻧﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺁﻣﻞ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﻏﺪ ﺍﻟﻤﻠﻐﻮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻛﻞ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺳﺎﺑﻘﻨﺎ ﺗﺸﺎﻛﺲ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ .. ﺃﻏﻤﻀﺖ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻷﺭﻯ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻳﻠﻤﻊ ﻣﻌﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﻴﺲ ﻣﻌﺪﻧﻪ .. ﺇﻧﻲ ﺃﺅﻣﻞ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻴﻦ ﺃﻥ ﺃﻋﻴﺶ ﻋﻴﺸﺔ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ، ﻟﻴﺲ ﺫﺍﻙ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﻄﻦ ﺍﻟﻤﻨﻔﻮﺧﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺘﺮﻫﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺰﺍﻣﻪ ﻭﻫﻲ ﺗﺄﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ، ﺑﻞ ﻋﻴﺸﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﺃﻗﺪﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻻ ﺃﻓﻜﺮ ﻳﻮﻣﺎ ﻓﻲ ﻏﺪ ﻭﻛﻞ ﺧﻮﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻣﺴﻲ ﻓﻴﻪ ﺟﺎﺋﻌﺎ .. ﻟﻮﻻ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻄﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺘﻠﻊ ﻭﻳﻨﺴﻰ ﻭﻳﻄﻠﺐ ﺑﺎﻟﻤﺰﻳﺪ، ﻟﻜﻨﺎ ﺳﻌﺪﺍﺀ ﺟﻤﻴﻌﺎ ..
‏« ﺁﻩ ﻣﻦ ﻳﺪ ﻏﺪﺍ ﺗﺘﺤﺴﺲ ﻧﺼﺎﻋﺘﻚ ﺍﻟﺒﺮﺍﻗﺔ ﻳﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ‏
ﺑﺪﺃ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻳﺴﻜﻮﻧﻨﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻤﺰﻕ ﻋﻠﻰ ﻓﺠﺄﺓ ﺑﺼﻮﺕ ﻃﺮﻗﺎﺕ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻜﻮﺥ ، ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻣﺬﻋﻮﺍﺭ ﻭﻗﻠﺒﻲ ﻳﻘﻔﺰ ﻓﻲ ﺻﺪﺭﻱ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺎﺩﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﻠﻘﻲ ! .. ﺣﻞ ﺻﻤﺖ ﺭﻫﻴﺐ ﻭﻋﻴﻨﺎﻱ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺮﻣﺸﺎﻥ ! ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ !... ﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺭﻳﺎﺡ .. ﺍﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﺣﻮﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﻗﻨﻊ ﺗﻔﻜﻴﺮﻱ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ .. حاولت ﺗﺠﺎﻫﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﺘﻰ ﻭﺍﻥ ﺗﻮﺍﺻﻠﺖ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﻜﻮﺥ ﻓﺎﺭﻍ ، ﻭﻣﺎ ﻟﺒﺜﺖ ﺃﻧﻔﺬ ﺧﻄﺘﻲ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗﺎ ﺭﻗﻴﻘﺎ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺮﻳﺮ ﻳﻘﻮﻝ : ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺪ ﻫﻨﺎ ؟ ﺃﻧﺎ ﻣﺠﺮﺩ ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ ﺃﺣﺘﺎﺝ ﻗﻀﺎﺀ ﻟﻴﻠﺘﻲ .
ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺷﺨﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺪ ، ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻧﻪ ﻣﺠﺮﺩ ﻋﺎﺑﺮ ﺑﺌﻴﺲ ، ﻻ ﺧﻮﻑ ﻣﻨﻪ
ﺍﻵﺧﺮ ﻳﻘﻮﻝ : ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻗﺼﺔ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻄﺮ
ﺻﺪﻗﺖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻟﻌﻨﺖ ﺟﺒﻨﻲ ، ﻓﺄﻧﺎ ﺭﺟﻞ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻮﺷﺢ ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﻃﺮﺩ ﺍﻟﻤﺨﺎﻭﻑ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻳﻘﻈﺖ ﺭﺷﻴﺪ ﺳﻴﻠﺤﻖ ﺑﻲ ﺍﻟﺠﺒﻦ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻱ ..
ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﻄﻠﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻷﺛﺒﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺃﻧﻲ ﺷﺠﺎﻉ ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻓﺮﺻﺘﻲ .. ﺗﻮﺟﻬﺖ ﻧﺤﻮﻯ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺣﺎﻣﻼ ﻣﺼﺒﺎﺣﻲ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺼﺎﺭﻉ ﻣﻊ ﻣﺨﺎﻭﻓﻲ .. ﻓﺘﺤﺖ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻲ ﺃﺟﺪ ﺭﺟﻞ ﻫﺰﻳﻞ، ﻛﻌﻮﺩ ﺑﺎﺳﻖ ﻳﻠﺒﺲ ﺩﺭﺍﻋﺔ ﺑﺎﻫﺘﺔ ﻭﻳﺤﻤﻞ ﻛﻴﺴﺎ ﺑﻼﺳﻜﻴﺎ ﻣﺤﺸﻮ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺑﺄﺳﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ .. ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻏﺎﺋﺮﺗﺎﻥ ﻧﺎﻃﻘﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ ! .. ﺃﻱ ﺑﺆﺱ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺮﻳﻦ ؟ !
ﻗﺎﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﺭﺍﻋﻲ ﻏﻨﻢ ﻃﺮﺣﺖ ﺑﻪ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ !..
ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻲ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ، ﻓﻬﻮ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﻧﻔﺨﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺑﻌﺪ ﺳﺒﺎﺕ ﻃﻮﻳﻞ .. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻲ ﺧﻴﺎﺭ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺃﺩﻋﻪ ﻳﻘﻀﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻣﻌﻨﺎ.. ﻓﺎﻟﻜﻮﺥ ﻫﺬﺍ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ . ﺍﺳﺘﻠﻘﻰ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻧﺎﺋﻢ ، ﻭﺑﻌﺪ..؟ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ! ﻻ ﺃﻓﻬﻢ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻔﻮﻩ ﺑﻪ.. ﺛﻢ ﻋﺎﺩ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻳﺆﻧﺲ ﻭﺣﺸﺘﻲ.. ﻓﻲ الأﺛﻨﺎﺀ ﺻﺮﺕ ﻧﺼﻒ ﻧﺎﺋﻢ ، ﺃﺭﻯ ﺻﻮﺭﺍ ﻣﺸﻮﻫﺔ : ﺭﻫﻂ ﺃﻧﺎﺱ ﻳﺴﻴﺮﻭﻥ ﺻﺎﻣﺘﻴﻦ ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﻛﺐ ﺟﻨﺎﺋﺰﻱ.. ﻗﻄﻂ ﺗﺘﺨﺎﺻﻢ ﺑﻴﻨﻬﺎ ، ﺃﺻﻮﺍﺕ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺗﺪﻕ ﻣﺴﻤﻌﻲ.. ﻛﻨﺖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻭﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ، ﺃﻓﻴﻖ ﺛﻢ ﺃﻧﺎﻡ ﺃﺗﺼﺒﺐ ﻋﺮﻗﺎ .

***

ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺻﺎﺭ ﻃﻲ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﺍﺕ .. ﻓﻲ ﻣﺪﺭﺝ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ، ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻠﺘﺤﻲ :

‏-  ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ! ﻓﻤﺎ ﻗﻮﻟﻜﻢ ؟
" ﺃﻱ ﻗﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﺳﺘﺎﺫ ؟ " ﻛﻴﻒ ﻟﻤﻠﺘﺤﻲ ﻳﻨﻄﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ! .. ﻫﻜﺬﺍ ﺗﺴﺄﻟﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﻋﺴﺮ ﺟﻮﺍﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺍﺑﻎ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ
ﻋﺎﺩ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻠﺘﺤﻲ ﻭﻗﺎﻝ :
‏- ﻓﻤﺎ ﻗﻮﻟﻜﻢ ؟
ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻄﻼﺏ :
-‏ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﺠﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ، ﻓﺒﺄﻱ ﺣﻖ ﻧﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩﻩ ؟ !
ﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﺇﻥ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻟﻢ ﻳﻄﺮﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﺒﺜﺎ .

ﺻﻤﺖ ﺍﻟﻤﺪﺭﺝ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﺭﺗﺴﻤﺖ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺛﻐﺮ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ، ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ :

‏-  ﻳﺎ ﺃﺑﻨﺎﺋﻲ ، ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ، ﻭ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻲ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﺍ ، ﻓﻼ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺩﺟﺎﻝ ﻧﺼﺎﺏ ﺗﺎﺟﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ .. ﻓﻼ ﺳﻠﻄﺔ ﻟﻠﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ، ﻭﻻ ﺳﻠﻄﺔ ﻟﻺﻧﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻦ.. ﻭﺑﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮ ، ﺍﻟﺠﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻭﺟﻮﺩ ، ﺇﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﺪﺭﺱ .

***

ﺗﺬﻛﺮﺕ ﻛﻼﻡ ﺃﺳﺘﺎﺫﻱ .. ﺃﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﻏﺎﺋﺐ ﻋﻨﻲ ﺇﻻ ﺍﻵﻥ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺣﺘﺎﺟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﻜﺌﻴﺒﺔ ، ﺛﻢ ﻧﻤﺖ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎ ﻗﺮﻳﺮ ﺍﻟﻌﻴﻦ.. ﺣﺘﻰ ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻨﻲ ﻷﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻏﺮﻳﺐ ! ﻣﺬﻋﻮﺭﺍ ﺍﻧﺘﻔﻀﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ ، ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﻫﻨﻴﻬﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺬﻛﺮﺕ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺑﻲ ﻓﺎﻋﻞ ﻫﻨﺎ ، ﻟﻜـ.. ﻟﻜﻦ.. ﺃﻳﻦ ﺭﺷﻴﺪ ؟! ﺃﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻣﺲ ﻧﺎﺋﻢ ﺟﻨﺒﻲ ! ﺃﻳﻦ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ؟
ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺃﺣﻠﻢ ، ﻟﻄﻤﺖ ﻭﺟﻬﻲ .. ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺷﻲﺀ ، ﻓﺘﺤﺖ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻜﻮﺥ ، ﻓﺼﺪﻣﺖ ! ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﻤﻸ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ، ﻭﻻ ﺃﺛﺮ ﻟﻨﻘﻄﺔ ﻣﺎﺀ ، ﻭﻻ ﻧﺴﻤﺘﻪ ﺣﺘﻰ.. ﺃﻭﻟﻢ ﺗﺠﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺑﺎﻟﻤﻄﺮ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ !
ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻀﺠﺮﺍ ، ﺃﺣﻤﻞ ﺍﺳﺌﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺮﻯ.. ﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺭﺷﻴﺪ ﻷﻋﺮﻑ ﻣﻨﻪ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ، ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻲ ﺃﻣﺲ ، ﺃﻭ ﺃﻳﻨﻪ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ﻛﺎﻥ ؟
ﻟﻢ ﺃﺟﺪ ﺭﺷﻴﺪ ﺑﻌﺪ .. ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﺎﺭﻉ ، اﻛﺘﺸﻔﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺗﻮﺗﺮﻱ ، ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑـ ﻟﺒﺎﺱ ﺧﻔﻴﻒ .. ﻭﺃﻧﺎ ؟ ﺃﻋﻴﺶ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻓﻲ ﻋﺰ ﺍﻟﺸﻤﺲ .! ﻭقفت ﺃﻣﺎﻡ لوﺣﺔ إﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﻟﻺﺣﺪﻯ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻴﺎﺕ ، ﺛﻢ..؟ ﺍﻧﻔﻐﺮ ﻓﻤﻲ ! ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺷﻬﺮ - ﺃﻏﺴﻄﺲ - ﺇﻧﻪ ﺁﺏ ! ﺃﻭﻟﻴﺲ ﺍﻷﻣﺲ بـ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ؟! ﻻ !.. ﺃﻧﺎ ﺃﺣﻠﻢ ، ﺇﻧﻪ ﺣﻠﻢ ﻏﺮﻳﺐ ، ﻟﻜﻦ.. ﻣﻦ ﻳﻮﻗﻈﻨﻲ ﻣﻨﻪ ﺃﺭﺟﻮﻛﻢ .

***

ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻲ ، ﻭﺟﺪﺗﻪ ﻟﻜﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻔﺎﺕ ﺣﺮﺏ ، ﻟﻢ ﺃﻫﺘﻢ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ، ﺛﻢ.. ﻏﻴﺮﺕ ﻣﻼﺑﺴﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ ﺻﻴﻔﻴﺔ ، ﺛﻢ.. ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﺣﻴﺚ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﺍﻧﺎ ﻭﺭﺷﻴﺪ.. ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ ، ﻭﻗﻒ ﻣﻨﺪﻫﺸﺎ ﻳﺤﻤﻠﻖ ﻓﻲ ﻛﺄﻧﻲ ﺑﻌﺚ ﻣﻦ ﻗﺒﺮ ! ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﺎﺗﺮﻯ ؟! ﻛﺮﺭﺕ ﺳﺆﺍﻟﻲ ، ﺛﻢ.. ﺍﺗﺴﻌﺖ ﺣﺪﻗﺔ ﻋﻴﻨﺎﻩ ! ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺘﺮﺩﺩﺍ :

- ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﺟﺎﺩ ﺑﺴﺆﺍﻟﻚ ﻫﺬﺍ ؟!
- ﻃﺒﻌﺎ !

ﺗﺮﻛﻨﻲ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺣﻤﻖ ﺩﻭﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ، ﻋﺎﺩ ﻹستئناف ﻋﻤﻠﻪ.. ﻓﻘﺪﺕ ﺃﻋﺼﺎﺑﻲ ﻭﺻﺮﺧﺖ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ ، ﻣﻜﺮﺭﺍ ﺳﻮﺍﻟﻲ ﻋﻦ ﺭﺷﻴﺪ ، ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺨﻞ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ ؟!

- ﻣﺎﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺰﺍﺡ ﺍﻟﺜﻘﻴﻞ ﻭﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ؟!
- ﺃﻱ ﻣﺰﺍﺡ ﺗﻘﺼﺪ ؟
ﻧﺎﺩﻯ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻘﻬﻰ :
- ﺇﻧﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺭﺷﻴﺪ ؟ !
ﺗﺤﺴﺴﻨﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻨﻈﺮﺍﺕ ﻣﻮﺭﻳﺒﺔ
- ﺻﺪﻳﻘﻚ ﺭﺷﻴﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﻧﺼﻒ ﻋﺎﻡ ﺑﺤﺎﺩﺛﺔ ﺳﻴﺮ ! ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻋﺎﻗﻞ ؟ !

***

ﺃﺣﻀﺮ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺭﺷﻴﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻄﻮﻝ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻗﺎﻋﻬﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻴﻘﺎﺑﻞ ﺑﻬﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﺕ
ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼق.. ﺑﻼﻕ.. ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺇﺫﺍ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺗﺎﺑﺔ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ ؟! ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺻﻤﺖ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﻟﻢ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﻟﺒﻘﺒﻘﺔ ! ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ.. ﺑﻼﻕ..

***

ﺇﻧﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻤﻌﺘﻪ ، ﺟﻌﻠﻨﻲ ﺃﺷﻚ ﺃﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﺃﻧﺎ ، ﻛﻴﻒ ! .. ﺣﻘﺎ ﺭﺷﻴﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺃﺷﻬﺮ ! ﺃﻭ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻨﺎ
ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻲ ﺳﻮﻯ ﺧﻴﺎﺭﺍﻥ ، ﻭﻫﻤﺎ : ﺃﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮﻥ .. ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮﻥ .!
ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻲ ، ﺩﺧﻠﺖ ﻷﺳﺘﺤﻢ ﻟﻌﻠﻲ ﺃﻓﻴﻖ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﻪ ، ﻓﺘﺤﺖ ﺷﻼﻝ ﻣﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻲ ﺣﺘﻰ.. ﺛﻢ.. ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻜﻮﺥ ! ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﻤﺘﺎﻫﺎﺕ ؛ ﻭ ﻛﻒ ﺑﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ، ﺍﻵﻥ ﺃﻋﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ، ﻫﻨﺎ لتنقيب ﻋﻦ ﻛﻨﺰ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺭﺷﻴﺪ ، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺃﺟﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﻤﻄﺮ.. ﺻﺮﻓﺖ ﻭﺟﻪ ﻷﺭﻯ ﺭﺷﻴﺪ ﻫﻞ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻏﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ، ﺛﻢ.. ﻟﻢ ﺃﺟﺪﻩ ! ﻭﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻛﺬﻟﻚ ! ﻫﺮﻭﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ، ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﻤﻸ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻻ ﺃﺛﺮ ﻟﻘﻄﺮﺓ ﻣﺎﺀ ، ﻟﻘﺪ ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ !  أصبح رأسي محموما ، أعصره ، ألطمه ، لعله يفيق لأستعب وأفهم أي شيء.. لكن..!  صدت كل سبل الفهم ، و ﺻﺮﺧﺖ ﻭﺳﻂ ﺍﺣﺸﺎﺀ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ :
‏« ﺃﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮﻥ ، ﺃﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮﻥ !
ﺛﻢ.. ؟! .




" ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ! "
ﺑﻨﺼﺎﻟﺢ - مارس 2016

تعليقات

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

بوتفوناست (صاحب البقرة)

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما