أسطورة تسليت أونزار (زوجة المطر)



في ليالٍ سادها صوت المطر المنهمر الصافع للأرض، ودوي الرعد كأنه مُهددٌ، والرياح ترد بصيحات مهيبة؛ يجتمع الأطفال محلقين حول جدتهم، التي استحضرت لهم حكاية مسقية مما حلّ بقريتهم هذه الليلة:

يا أبنائي، صلوا على النبي: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كان ذات زمان في قريتنا، فتاة نالت من الجمال ما لم تنله واحدة من أقرانها في باقي الأصقاع. أحبت الفتاة المياه، فدأبت على زيارة النهر كل يوم، هناك تغتسل وتلعب بالماء، بينما يراقبها الشاب "أنزار" وهو إله المطر، الذي سقط صريع عشقها، فدفعه العشق ليغدق على محبوبته بالأمطار، فكان ذلك منفعة على القرية التي تعيش على ربيع دائم، فلا تجف ينابيع مياهها. فتساءل أهل قبائل الجوار، كيف أن أحبّت السماء تلك القرية ولا تنفك على سقياها، كما لم يحدث مع باقي القرى؟

قرر الشاب "أنزار" الظهور لفتاة النهر، وطلب يدها للزواج، فارتدى أحلى ثيابه وانتظر جنب النهر قدوم فتاته، حتى أجاءها حبها لمياه النهر، إنما هذه المرة لم يكن النهر وحيدًا؛ ففيه الشاب الذي عرف على نفسه وغايته، وكيف عصفت بقلبه بعد أن كان هو الآمر للعواصف. بوح "أنزار" إله المطر بالعشق وطلب الزواج؛ قوبل بالرفض من الفتاة، التي رحلت تاركة "أنزار" جنب النهر ينزف قلبه بلا جروح، وقد نال منه العشق وكاد يُفقده ربوبة المطر، فرحل في حزن عظيم، واعتكف مع خيبته محاولاً استقدام النسيان، وقرر أن لا يزور سماء تلك القرية في الآتي، وأثناء ذلك، كان المطر قد هاجر القرية بغياب "أنزار"، فجفت الأنهر وعطش الناس والدواب. وتوّسل أهل القرية للفتاة أن تقبل بالزواج من "أنزار" حتى لا يقضون عطشًا. حتى جمال الفتاة بدأ يخفت بعد أن طال غياب المطر، وأدركت أن جمالها يُسقى من المياه وهو آخذٌ الآن في الانصراف، ولأجل ذلك أحبها إله المطر، فجار عليها الندم من صنيعها مع "أنزار" وأتت إلى النهر اليابس ترغب "أنزار" أن يظهر لها. كل يوم تناشده على الظهور، إلى أن استشعر "أنزار" أن هناك من يطلب قدومه، فكانت عشيقته فتاة النهر. انفك الحزن بغتة على "أنزار" ونسيّ الوعد الذي قطعه على نفسه أن لا يزور تلك القرية، فانطلق إلى النهر، هناك سألته الفتاة الغفران، فغفر لها، وتزوجا جنب النهر. فتلبدت السماء بالغيوم وتدفقت بالمياه، بعد أن عاد "أنزار" إلى السماء مع فتاته، فكان مطرًا وصواعق ورعد، أما زوجته، فكانت، قوس قزح.


تعليقات

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

بوتفوناست (صاحب البقرة)

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -