عند الإشارة



يقول القساوسة القدماء:  على المرء أن يتعلم كيف يقرأ ما بين السطور. ولذلك عليه بحسن طالع، أو نور من الله لمن وهبه.. إنما عليه حسن إدراك هذا النور، ليلقاه في اللحظة التي تستدعي حضوره.. إن الإنسان ليس (روبوتًا) تمت برمجته وفق مهمة؛ بل مشاعر ومكنونات تنفلت منه رغم ظنه بإحكام السيطرة عليها، والاتيان بالمسحوق الذي يفشل في الأخير عن حجب كل بُقع المشاعر الحقيقية وإن هي باهتة لا تدركها عينًا كانت، ولو أثبت المسحوق فعاليّته عند مرات كثيرة، فصلاحيته مرهونة تنتهي عند التقاط أول إشارة خارجة عن النسق، ومنها الانصراف إلى تزكيّة الإشارة أو تجاوزها لا نسيانها، فقد دُوّنت تنتظر ما هو قادم، فتبدو كغمامة مُتموجة، بحاجة للتمحيص للإراحة النظر. عليك تعلم كيف تستخرج من الكلام ما لم يُنطق، من الرسالة ما لم يُكتب، من الصمت ما حُجم، حتى تتوّسع مساحة الرؤية  والتصرف أمامك، إنما عليك آنِفًا التيّقن أن المشاعر الحقيقية عويصة في ردعها، مثل ماء تحمله بكفّيْك، وكل ما طال الوقت، إلا وأوْجد الماء ما ينفذ منه، ولو قطرة واحدة تسربت، تكفي لمعرفة أن المياه هنا.. قد يتعذر على التعيس حسن الطالع باعتبار المنجمين، واستغلال نور رباني يهديه، فلا يُحسن القراءة بين السطور ويخيب آمال القساوسة القدماء، فيكون الأمر - على الأرجح - مُكلفًا، لكن ذلك يستحق منه المحاولة. 

تعليقات

  1. تستحق الكثير من التأمل والتفكير ، فيها ما هو مخيف وغامض وصادق ، أنت تطرقت عن الحاسة السادسة بطريقة مختلفة تماما ، التي أرى فيها أن من يجيد إلتقاط الإشارات وجمعها سيخرج بصفحة فصيحة لا شك فيها ومختلفة عن مجلدات الذي قرأها عليك محاورك ، وسؤال لحضرتك : ماذا تقصد تحديدا بالنور الرباني ؟

    ردحذف
  2. أعرف أشخاصًا وهبهم الله نورًا يهتدون به، أو هكذا أصفه (نورًا) عمتي لديها قدرة عجيبة في كشف كذب أحفادها! والدي يستطيع كشف تارك صلاة الفجر! والعبد لله صغيرًا كان أكبر الضحايا ^^ أما التقاط الإشارات، فهذه فطنة عالية، وكذا قابلة لتُكتسب مع تعداد التجارب.. وكما أشرت، فإن صفحة واحدة جمعها (الردار) البشري الذي يشتغل جيدا، غنية عن مجلدات ملؤها البلا بلا بلا ^^

    لقبك ذكرني بالطفولة وزمن مضى، قبل أزيد من عقد ونصف (بوطيّب).

    ردحذف
  3. وصف النور الرباني أجده مناسب جدا ، مجرد تخيله فيه شيء من الروحانيات المريحة للنفس ، ومثال والدك وعمتك لطالما نسمع بهم هنا وهناك ، وأتذكر عجوز قال لي إن الكذب يراه في الجبهة !! ويتبقى لنا معرفة كيف يعرف والدك الشخص الذي فاتته صلاة الفجر ؟

    سؤال آخر لو استحملتني هههه : ما رأيك في حديث الساعة "بيجاسوس" وكيف ترى موقف المغرب ؟

    أتمنى بأن تكون ذكرى سعيدة يا بنصالح

    ردحذف
  4. سألته عن ذلك فأجاب، بأنه يستطيع تمييز بين من قام صلاة الفجر ومن تركها من ملامحه، لأن من توضأ وأقام صلاة الفجر، يختفي أثر النوم من وجهه، ومن تركها - حتى لو غسل وجهه - فسِماه ناعس ^^ كذا ببساطة.

    مرحبا، ومسموح لك السؤال وغيره، حتى أن شهيّتي مفتوحة للنقاش. حسنٌ لنرى ماذا هنا؟ قلتَ بيغاسوس. يا سيد بوطيّب، حتى الآن ليس هناك تأكيد ما إذا وقع هذا التجسس الضخم وربما الأكبر في العصر الحديث، كل ما هنالك، زوبعة صحافية، مصدرها الأول الإعلام الفرنسي، وأنا لا أثق أبدًا في هؤلاء القوم الذين لا يستحمون إلى مرة كل سنة، حتى أوْجدوا العطور لتغطية على نتانتهم ^^ هم وإعلامهم سيان، كلاهما بحاجة للعطر. بالأمس فقط قرأت في جريدة (لوموند) بقدر جلالها في فرنسا، مقالاً آخر تتهتم فيه المغرب بالتجسس، وكتب صحفيها عن رئيس المخابرات المغربية، الذي كتب بأن اسمه هو عبد اللطيف الحموشي! والحقيقة أن الحموشي مكلف بجهاز أمني آخر، بينما رئيس المخابرات هو ياسين المنصوري، وكنت سأرسل لهم بريدًا للتصحيح والاستغراب، لكني تراجعت.. أترى لماذا لا أثق في هؤلاء الناس.. المهم أنا لا أبريئ المخابرات المغربية، فهؤلاء يستطعون توظيف الجن الأزرق وليس فقط برنامج بيغاسوس، لكن لنتريّث وننتظر، لأن حتى الآن الاتهامات جُزافًا، والمغرب رده واضح، كل من يتهمني؛ فليقدم برهانه إن كان صادقًا.

    وعلي ماذا يرى؟

    ردحذف
  5. ياسين الرامي23 يوليو 2021 في 11:31 م

    كنت أعرف أنك ستظهر مع إجازة العيد ههههه وعيدك مبارك سعيد ,, لقد راسلتك على الفايسبوك سابقا ولم تجب

    هذه الخاطرة مختلفة تماما عن كتاباتك السابقة ,, "القساوسة القدماء وحسن طالع باعتبار المنجمين ونور رباني" لكن أعجبني أسلوبها ومغزاها ,, الإنسان بحاجة لقراءة مثل هذه النصوص التي أصنفها ضمن أعالي التعبير الكتابي

    ردحذف
  6. شكرا على التهنئة أستاذنا المبجل ^^ وتقبل اعتذارنا عن عدم الرد.. وإن حدسكم في محله، فبلكاد بدأت إجازتي، فهذا الفقير الحقير كان يشتغل نهار ليل، كأن البئيس ستُشترى له كسرة من السماء! ^^
    سعيد أن ما أنتجته راق للسيد ياسين، وأعطى له تصنيفًا.

    ردحذف
  7. صدقني لقد فكرت في نفس الشيء ، أن الذي ترك صلاة الفجر يظهر في ملامحه النائمة ، فقط نحتاج شخص مثل والدك لتمييزها

    أتفق معك بشكل كبير ، أن غالبية الإعلام الفرنسي يحتاج للعطر هههه خصوصا تلك القناة الناطقة بالعربية ، ويكفي هذا الخطأ الكارثي الذي ذكرته بخصوص رئيس المخابرات المغربية ، حتى أني شككت بأهدافهم فهذه الحملة على المغرب ليست عادية ، كنا سنتفهم هجومهم الإعلامي لو تم إثبات تجسس المغرب على رئيسهم ووزرائهم طيلة أربع سنوات ، لأن هذا يدخل في نطاق حقوق الإنسان ولو أن العالم كله يتجسس لكن هذه القضية المستجدة ضخمة جدا ، المهم الرئيس ماكرون غير رقم هاتفه وأنصحه أيضا بتغيير رمز ip ههههه

    سعدت بهذا الحديث الشيق معك أخي محمد

    ردحذف
  8. وأنا أسعد بمرورك أخي علي.

    ردحذف
  9. عيد مبارك سعيد عيك أخي محمد وعلى جميع إخواننا المغاربة والمسلمين وإجازة سعيدة

    بدون مجاملة والله هذه من أروع النصوص التي قرأتها فقد لمست مشاعر وأحاسيس مدفونة وأعجبني قولك أن الإنسان ليس روبوتا تمت برمجته وفق مهمة .. لأنه مهما حول إخفاء مشاعرها الحقيقة ولعب دور مغاير عنه فلن يستطيع الصمود طويلا وقد تنطلي الصباغة على الكثيرين لكن ليس على الكل

    ردحذف
  10. بارك الله فيك أخي العزيز على التبركة، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

    أشكرك جزيلاً على حسن القراءة والرد، وإلهي يُقدرنا بالبقاء على حسن ظنكم.

    ردحذف
  11. تعليقك مسيء للدولة والشعب (...) هم دولة متقدمة ومتطورة أفضل مائة مرة من الدول (...) والتجسس فضيحة (...) وعليك انتقاده أولا وليس الهجوم على (...)

    ردحذف
  12. لست متأكدًا حتى لمَ نشرت تعليقك حتى وإن اقتطعت منه؟ الأرجح لتقرأ مني ردًا.. وهو عليك أن تتعلم (ي) كيف تُوّجه نقدًا لأحدهم دون كيل الاتهامات وهذا الرعاع.. فأنت هنا تُحدّد لي ما يجب القيام به! فمن تحسب نفسك لتخاطبني هكذا، كأنك تمارس الوصاية؟ أقول، من حقك الشعور بالانتماء والغيرة على الفرنسيين وتشرس في الدفاع عنهم، فلن أبخس كرم وفكر (ديغول) عن الذين؛ إنما، وللأسف، لستُ مؤهلاً لتّحمل أصحاب العقد النفسية.

    ردحذف

إرسال تعليق

الأكثر قراءة في آخر أسبوع

بوتفوناست (صاحب البقرة)

عصفور المغاربة المقدس : تبيبط

أباطرة المخدرات المغاربة .. منير الرماش -1-

حمو أونامير .. حكاية خالدة من الفلكلور الأمازيغي

حمو أو نامير .. من الأسطورة إلى السينما

أباطرة المخدرات المغاربة : حميدو الديب - 2 -